أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4545
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
مهما قيل عن الثورة التونسية و مهما سعى البعض إلى محاولة البحث البائسة عن نسبها و حسبها فهي تبقى أم الثورات العربية و الثورة الوحيدة الناجحة رغم الكبوة الاقتصادية التي تعيشها تونس بسبب قلة خبرة من تسلموا الحكم و حكموا البلد بعد 14 جانفى 2011 ، بطبيعة الحال من صنع الثورة هو هذا الشعب المتسامح الذكي الذي أخذ من كل الثقافات الغربية و رفض سلوك طريق الشرق العربي المليء بالمغامرات الخاطئة و التصورات المفلسة، بالمقابل واجه التيار التكفيري المشرقي هذه الثورة المتحضرة التي جاءت لتؤسس لعهد من الديمقراطية و تثبيت مؤسسات الدولة القادرة على حماية المكتسبات الديمقراطية كغيرنا من الشعوب و الدول المتقدمة بما يختزن فكر المشارقة من جرى وراء الأفكار المنغلقة و النوايا التكفيرية المبيتة و لذلك شاهدنا داعش التي تمثل عصارة الفكر السعودي الذي ظل البعض يتهمون الرئيس السابق الحبيب بورقيبة بكونه لم يلتفت إليه و خير الاتجاه صوب الغرب الاستعماري .
في حين تحاول الثورة التونسية أن تجذر في النفوس هذه الديمقراطية الناشئة، تحاول السعودية المفلسة ثقافيا و الممثلة لدول المشرق تجذير ثقافة الإفلاس الديني التكفيري المزيف لمواجهة المد الثوري السلمي الرافض مطلقا للإسلام السياسي الخارج عن سياق الزمن و للكهنوت الديني البائس و للغة و ثقافة التكفير الوهابية الحقيرة ، و لعل نظام آل سعود الفاسد يلتقي في هذه المرحلة مع نظام حزب العدالة و التنمية التركي الذي يحاول مجابهة المد الثوري بالادعاء زيفا أن ‘هذا الإسلام السياسي المشبوه ‘ هو الحل لكل مشاكل الدول العربية و لعل التقاء الفكر الوهابي المتزمت مع فكر العثمانيين و أوهام الخلافة يثير المتابعين و يثير سخرية الكثيرين ممن كانوا يعتقدون أن الوهابية لا يمكنها آن تجتمع يوما مع الإسلام السياسي، ليبقى السؤال المطروح : هل أن سقوط الإسلام السياسي المشبوه في مصر و تركيا و تونس سيكون بداية النهاية للفكر الوهابي المترنح و ستكون معركة الموصل و حلب هي عنوان سقوط الوهابية التكفيرية إلى الأبد و فشل السياسة السعودية القائمة على نشر الفكر الارهابى .
لعل أكثر المنتفعين اليوم من انتشار الفكر التكفيري و مشروع الإسلام السياسي في الفترة الماضية هو الغرب بصورة عامة و إسرائيل الصهيونية بصورة خاصة، في هذا السياق لا بد اليوم من أن ننتبه بجدية كاملة إلى آن دموع التماسيح التي تذرفها الأنظمة الغربية و العربية للتعبير عن رغبتها الصادقة في إعانة و مساندة الثورة التونسية هي مجرد خطب فارغة من المضمون بل لنقل بمنتهى الصراحة أن تونس لا تنتظر كثيرا من المؤتمرات الاقتصادية القادمة أو من النيات الحسنة الغربية و الخليجية لان رسالة الكراهية للثورة التونسية واضحة المعالم و عليه فان الأمل معقود اليوم في نجاح حكومة يوسف الشاهد في تمرير قانون المالية لسنة 2017 بالحوار و بالعقلانية المطلوبة تجنبا للصدام و لانتكاسة المسار الديمقراطي الناشئ و هذا النجاح ستكون له انعكاسات ايجابية كثيرة لأنه يجنب البلد مذلة السؤال و إهانة بعض الدول التي تريد امتهان السيادة التونسية .
من الواضح من سياق الأحداث أن داعش التي تمثل مشروع النظام السعودي الخليجي لإسقاط الأنظمة العربية الرافضة للتعاون مع الكيان السعودي العنصري المتعاون مع الصهيونية العالمية قد ‘أينعت ‘ و حان قطافها، و في هذا الصدد فالتحضيرات الجارية في العراق و سوريا و انخراط روسيا بصورة جدية فاعلة إضافة إلى إيران و حزب الله تؤكد للمتابعين أن الفكر الوهابي قد فشل تماما في تنفيذ المؤامرة السعودية الصهيونية لإسقاط المقاومة العربية بل زاد من كراهية كل الشعوب العربية للسعودية و لنظام الوهابيين الفاشل و العميل و بفشل هذا المشروع تكون هناك فرص مهمة في كل البلدان العربية لتحقيق الثورات الشعبية السلمية الهادئة المطالبة بالمناخ الديمقراطي و بالتداول السلمي على السلطة، و لذلك نقول أن هذا الربيع العربي سيتواصل تحت عناوين و مسميات مختلفة لكن من الثابت للجميع أن عصر الكهنوت و الظلام السعودي قد بدأ رحلة الفناء غير مأسوف عليه و في هذا عبر كثيرة لكل معتبر .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: