البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

ردًّا على القيل والقال

كاتب المقال أنس الشابي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4951


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


عاد السيد ضيف الله مرة أخرى إلى اللجاج والمماحكة في محاولة منه لاستدرار عطف القراء بعد أن عجز عن الرد على ما ذكرت من مؤيدات تفند ما جاء في كتابه وفي مقاله الذي نحن بصدده، منذ البداية قلت إنني أستهدف من قراءتي هذه إظهار تهافت ما استمات في تأكيده من اختلاق نسب بين الزيتونيين والإخوان المسلمين غير أن صاحبنا بقي مصرا على أن أي تناول لهذه المسألة يجب أن يشمل كتابه كله وهو ما يحتاج إلى كتاب آخر لتقويم ما اعوج من أفهام، وطوال الأوراق التي سوّدها تحاشى مناقشة ما كتبت بل بقي يطوف حول الرقابة والكتب الممنوعة من الرواج معتقدا أن في ذلك ما يشين أو يمنعني من مواصلة كشف هدفه الخفي المتمثل في افتعال نسب لحزبه ولو كان ذلك بِلَيِّ عنق الأحداث، فيما يلي تعليقي بالتفصيل على ما جاء في ردّه:

1) ذهب في ظنّ السيد ضيف الله أن نقدي له في كتابه هذا لا يستقيم لأنه سبق لي أن أشدت بكتابه عن الحركة الطالبية التونسية والحال أن قولي في كلا الكتابين لا يخرج عن الوصف فلا هو بالمدح ولا هو بالذم حتى تنطبق عليه المقولة التي استشهد بها من مدح وذم فقد كذب مرتين بل هو وصف لواقع فقد تجد الموصوف مصيبا في أحيان ومخطئا في أحيان أخرى، أنا مسؤول فقط عما أكتب ولست مسؤولا عن سوء الفهم واعوجاجه كما هو الوضع في حالتنا هذه.

2) قوله بأني منعت "عيال الله" للطالبي مكذوب تماما لأن الكتاب وُزِّع في شهر أكتوبر 1992 ولم يُمنع بتاتا، في تلك الفترة كتبت عنه مقالا نقديا مطوّلا نشر في جريدة الصحافة في ثلاث حلقات أيام 3 و10 و19 جانفي 1993، فهل يعقل أن يُمنع كتاب وفي نفس الوقت تنشر جريدة حكومية نقدا له؟ ألا يعدّ ذلك غباء منقطع النظير إن حصل؟ لم يحجز الكتاب وبقي رائجا لكن الذي حدث أنه بعد نشر الجزء الأول من مقالي عزل رئيس الدولة الأسبق السيد محمد الطالبي من رئاسة اللجنة الثقافية القومية بفاكس نزل في مكتب المنجي بوسنينة وزير الثقافة أيامها، وهو ما أثار حنق المستفيدين ماديا من وجوده في اللجنة فشنوها حملة لا تبقي ولا تذر ضدّي، لمّا نُشرت الترجمة الفرنسية للكتاب معدلة أخذ فيها المؤلف بنصائحي وكنت أيامها مشرفا على الرقابة لم أمنع الكتاب بل سمحت بترويجه رغم أن عبد المجيد الشرفي في ص8 من مقدمته شتمني.

3) أورد السيد ضيف الله مجموعة من العناوين التي تم منعها غير أن استهدافه أنس الشابي دفعه إلى أن ينسب إليه ما هو منه براء ، وبيان ذلك أن الرقابة في شكلها الجديد تأسّست سنة 1992 بعد أن عثر الأمن على كتاب عنوانه المخابرات والعالم به اتهام للرئيس الأسبق بأنه عميل مخابرات وقد كانت هذه اللجنة تابعة لوزارة الثقافة برئاسة مدير إدارة الآداب وعضوية جهات أخرى أما كاتب هذه السطور فقد اختير بصفته الشخصية، لما عُين صالح البكاري المنتمي لجماعة قسم الحضارة في منوبة وزيرا للثقافة استهدفني بالإساءة والتضييق لأنه في حديث سابق لي معه بعد نقاش طويل حول عيال الله دار في القصر الرئاسي قال لي إذن نعتبر أن موقف الطالبي يندرج ضمن الاجتهادات الإسلامية فكان جوابي لا إنه وجهة نظر إخوانية طالما أنه يبرّر لهم جرائمهم وهو ما لم يستسغه، قلت استهدفني البكاري فلم يكن أمامي إلا أن اشتكيته للرئيس الأسبق الذي أذن بنقل الرقابة جميعها إلى وزارة الداخلية وتكليفي بإدارتها حدث ذلك في 1 جويلية 1995 وبقيت في خطتي هذه إلى حدود شهر ماي 1999 ففيما بين هذين التاريخين مارست دوري في الرقابة كاملا دون تدخل من أي جهة، بالنظر في قائمة الأسماء والكتب التي ذكر السيد ضيف الله أنني منعتها يمكن تصنيفها إلى:

أ- كتب هي من أنظار رئاسة الجمهورية لا دخل فيها لأي جهة لأنها تمسّ رئيس الدولة مباشرة ومن هذا النوع كتابات المرزوقي وبن بريك ومحمد الشرفي لمّا أصبح معارضا.

ب- كتب منعت قبل تكليفي بالمهمة من ذلك كتاب الفاضل ساسي وقد خاطبني في شأنه السيد عبيد البريكي وقابلته في مكتبه وشرحت له أن الجهة التي منعته هي الأمن لأنه يحمل اتهاما لها، كما ذكر ضيف الله كتاب الخبز المرّ لإبراهيم الدرغوثي وهو كتاب مُنع في الفترة السابقة لتكليفي بالرقابة.

ج- كتب منعت بعد مغادرتي وزارة الداخلية والتحاقي بالمجلس الإسلامي الأعلى من بين ما ذكر السيد ضيف الله بعض الدواوين والكتب المحجوزة سنوات 2000 و2001 و2004 وهو أمر لا دخل لي فيه ولا أتحمل مسؤوليته لأني غادرت وزارة الداخلية والرقابة سنة 1999.

د- بالنسبة للأستاذ عبد الجليل التميمي وحجز الندوة الأولى عن الزعيم بورقيبة فقد كان الموضوع من مشمولات الرئاسة، روى سي عبد الجليل ما دار بينه وبين المرحوم عبد العزيز بن ضياء في شهادته التي استغلها عادل بن يوسف في مقاله عن الرقابة، علما بأن سي عبد الجليل نشر مقالا في جريدة الصباح لم أعثر عليه في وثائقي يشتكي فيه من التضييقات التي مورست ضده ويهدّد بنقل المسألة بما فيها حجز كتابه عن بورقيبة إلى وسائل الإعلام في الخارج.

هـ - امرأتنا في فتاوينا لتوفيق البشروش هو عبارة عن مجموعة من الفتاوى والأحكام المنتقاة من بعض الكتب الفقهية وقد اعترضَتْ على ترويجه وزارة الشؤون الدينية لأنه في تقديرها يقدّم صورة شائهة عن المرأة في الإسلام ولو عرض علي هذا الكتاب لما منعته لأنه استنساخ لما هو موجود في المطوّلات الفقهية.

و- ذكر السيد ضيف الله أن رجاء بن سلامة حُجز لها كتاب وهو افتراء إذ ليس للمذكورة ما يستحقّ الحجز أو منع الرواج.

ز- السيد جلول عزونة معارض ويمارس العمل السياسي وهو مراقب من طرف الأجهزة الأمنية المختصة ولا علاقة لرقابة الكتاب به ولا بما ينشر فدور الرقابة لمّا كنت مكلفا بها ينحصر في إبداء الرأي في المنشور فقط أما الذين يتسع نشاطهم إلى الجمعيات والأحزاب المحظورة فالرأي فيهم وفيما ينشرون من اختصاص جهات أخرى ولأن السيد جلول عزونة يعلم جيدا كيف تدار الأمور من الداخل فإنه في كتابه "الحرية أولا الحرية دائما، ضد الرقابة على الإبداع" كان يتوجه بالخطاب والرسائل مباشرة إلى رئيس الدولة.

ح- قبل تكليفي بالرقابة نشر الأستاذ الهادي خليل كتابه "العين الشغوف" إلا أن وزارة الإعلام اعترضت على ترويجه لأنه لامس بالدرس مسائل هي من اختصاص عبد الوهاب عبد الله ولما حادثني في الأمر بعد تكليفي بالرقابة وبعد أن قرأت الكتاب وجدت أن الحجز في غير محله فدافعت عنه إلى أن تمكنت من إقناع صاحب القرار بذلك عندها سُمح له بالرواج، ولأن سي الهادي ذو خلق ويحفظ المعروف لأهله أهداني كتابه "من مدوّنة السينما التونسية" سنة 2009 وأنا أيامها مُقصى في الوزارة الأولى ممهورا بإهداء لطيف جاء فيه "إلى العزيز أخونا وصديقنا الأستاذ أنس الشابي ودًّا ومعزة وتقديرا، سوسة 17 جانفي 2009، أخوك الهادي خليل" هذه شهادة واحد من مظاليم أنس الشابي وفق ما ادعى سي ضيف الله.

خ- ذكر ضيف الله اسم السيد خميس الخياطي مدّعيا أنني منعت له كتابا وهو ما لا أذكره فالذي أعلمه أن السيّد خميس الخياطي كتب مقالات في جريدة القدس عن الوضع الإعلامي في تونس في شهر ديسمبر 1997 أثارت غضب عبد الوهاب عبد الله ولا أدري ما الذي حدث بعد ذلك.

4) طوال السنوات التي أشرفت فيها على الرقابة منعت كتبا عديدة فمن الخارج منعت كتب قادة التطرف والإرهاب من نوع القرضاوي والغزالي والمودودي وغيرهم ممّن لهم تأثير كبير على العامة لطلاوة المبنى وفساد المعنى غير أني سمحت برواج بعض كتب المتطرفين الموجّهة إلى الخاصة ككتب طه عبد الرحمان أو حسن حنفي باستثناء كتابه عن الحركات الإسلامية أما محليا فقد منعت:

أ- لبنات لعبد المجيد الشرفي وقد نشرت مقاطع مطوّلة من تقريري حوله في كتابي أهل التخليط يمكن العودة إليه لمن يرغب في التوسع ومن النوادر أن الوحيد الذي لم يخاطبي في منع هذا الكتاب هو الرئيس الأسبق.

ب- كتاب عن الردّة لآمال القرامي وسبب منعه أنه في تلك الفترة أثيرت قضية نصر حامد أبو زيد ولم يكن من المحبّذ أن يثار لدينا الموضوع لأنه في نهاية الأمر يحمل إشهارا للتكفير وعرضا لمسائل مضرّة من الناحية السياسية، وقد حاولت المؤلفة تسريبه في دورة من دورات معرض الكتاب بطبعه في المغرب وإبدال عنوانه ب "حرية المعتقد في الإسلام" ولكني تفطنت للأمر ومنعته.

ت- صفحات من أطروحة المنصف بن عبد الجليل عن الفرق الهامشية حيث طالبت في تقريري بحذف فقرات لأنها تحمل تهجما مجانيا على الطائفة العلوية ومن الجدير بالملاحظة أن الوزير سيء الذكر علي الشاويش تدخل لفائدة صديقه المنصف ولكنني رفضت قائلا: "أنا مستشار أُبْدي رأيا وأنت الوزير صاحب القرار النهائي تستطيع السماح برواجه" وفي نهاية الأمر حُذفت الصفحات التي رأيت أن منعها أفضل من الإبقاء عليها.

ث- الجزء الأول من موسوعة كتب مدرسية حول مواضيع مختلفة بلغ عدد أجزائها 22، ألفها مجموعة من أساتذة قسم الحضارة في منوبة بتكليف من جلول الجريبي رئيس الجامعة الزيتونية وسبب المنع يعود إلى إيراد نصوص لسيد قطب أخذت من تفسيره بجانب التشكيك في مجلة الأحوال الشخصية وقد حاول علي الشاويش مرة أخرى التدخل ولكنني رفضت ذلك وبقيت مصرا على موقفي.

غير أنه هنالك كتبا أخرى منعتها لكنها لم تجد حظها من الإشهار والتشهير من بينها:

أ-"بن علي وخطاب المستقبل" ليوسف رزوقة في 120 صفحة، دار الطائر للنشر تونس 1997، ويبدو أن صاحبه أعده في إطار دراسة جامعية في معهد الصحافة وقد رأيت أن منعه أفضل من السماح برواجه وذلك لأنه يحمل قدرا كبيرا من الإسفاف في مدح رئيس الدولة السابق وفعلا منع من الرواج رغم الاعتراضات التي وصلتني من هذه الجهة أو تلك، علما بأن منشورات الوكالة التونسية للاتصال الخارجي لم تكن تخضع لرقابة وزارة الداخلية وإلا لكان لي معها شأن آخر.

ب- "تونس منذ الاستقلال، من وقائع الساحة النقابية والسياسية 1956/1997" لمحمد علي الحباشي في 480 صفحة، طبع وتوزيع دار ابن خلدون تونس 1998، وهو كتاب غاية في التدليس بحيث حجب عن الزعيم بورقيبة أي فضل له على البلاد ونسب كل ما تحقق في الوطن من منجزات للرئيس السابق وقد رأيت أن إصلاح ما ورد في الكتاب ضروري قبل السماح بترويجه وهو ما تم فعلا.

لم يتوقف السيد ضيف الله عن الحديث عن العقل الرقابي وخطابه دون أن يقدم إضافة تساعد على تحديد ماهيته وضوابطه وآلياته بل اكتفى باللف والدوران وإعادة المكرّر في الحلقتين وقد حاولت أن أجد له خارج هذا اللغو إضافة أو فكرة تستحق النقد فلم أجد سوى اللجاج والمماحكة التي لا تضيف شيئا.

لما ذكرت في مقالي السابق أن السيد ضيف الله تعمد عدم ذكر اسم صالح بن يوسف الذي كان وراء إخراج الشيخين محمد الفاضل ابن عاشور ومحمد الشاذلي بن القاضي من الديوان السياسي بنية المحافظة على الصورة التي روّجها حزب حركة النهضة لصالح بن يوسف العروبي والإسلامي اتهمني بأنني لا أعلم أنه نشر خطب ووثائق بن يوسف والحال أنني استشهدت بالكتاب منذ صدوره في مقال لي عنوانه "صالح بن يوسف الزعيم الدستوري" نشر في جريدة الصريح بتاريخ 3 فيفري 2016 فيما يخص صحة الادعاء بعروبة وإسلام الرجل، وفي إطار إطراء نفسه والتبجح ذهب ضيف الله إلى القول بأنه "قدم مقاربة جديدة عن صالح بن يوسف تختلف عن الصورة التي تعارف عليها الناس" وهو كلام في غير محله ذلك أن العارفين يعلمون جيدا أن المذكور لم يستعمل في خطابه ألفاظا كالإسلام أو العروبة إلا بعد خلافه مع بورقيبة وهو الموضوع الذي شرحته وكتبت فيه مقالا مطولا عنوانه "الزيتونة وبورقيبة وابن يوسف، العلاقة الملتبسة" نشر في كتاب "بورقيبة يعود، نشر دار نيرفانا تونس جوان 2015، وذلك قبل أن ينشر سي ضيف الله ما اعتبره فتحا في الدراسات اليوسفية.

في ردي على قول ضيف الله بأن الزيتونيين في كتاباتهم لم يلامسوا قضايا العصر ذكرت بعض المؤلفات التي تمثل جماع الشخصية التونسية وصلتها بالعصر من بينها كتاب الشيخ الفاضل "الحركة الأدبية والفكرية في تونس" غير أن السيد ضيف الله لم يفهم الأمر على حقيقته فسارع إلى القول بأنني لم أقرأ الكتاب وبأنه كتب فصلا معمقا عنه وهو ما يندرج في إطار مادح نفسه يقرئكم السلام والحال أن هذا الفصل لحمته الأخطاء وسداه سوء الفهم وبيان ذلك:

1) في الصفحتان 60 و61 من "أواخر الزيتونيين" ورد ما يلي: "الملفت للانتباه ... أن المصطلح الأقل استعمالا هو الأمة العربية...... وهل يمكن تفسير ذلك بمحاولة الكاتب (الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور) اتخاذ مسافة من النظام السياسي في مصر؟... قد يكون ذلك حيث أن الساحة الوطنية كانت عند صدور الكتاب عام 1956 منقسمة بين صالح بن يوسف والحبيب بورقيبة وكان الأوّل مدعوما من القيادة المصرية في حين كان الثاني يستعد للمسك بكل مقاليد البلاد" مثل هذا الكلام يحتاج إلى شيء من التدقيق فمحاضرات الشيخ في معهد الدراسات العربية العالية ألقيت سنة 1955 وهي السنة التي ظهر فيها الخلاف بين بورقيبة وابن يوسف واحتدم في آخرها حتى غادر بن يوسف تونس متجها إلى القاهرة في شهر جانفي 1956 الأمر الذي يعني أن الخلاف بين الزعيمين لم يكن له أي أثر في محاضرات الشيخ فمن الخفة أن نعتمد سنة النشر لإثبات تأثر هذا بذاك ونغفل سنة الكتابة؟، هذا المنطق العجائبي يظهر كذلك في قول السيد ضيف الله بأن عدم استعمال الشيخ لمصطلح الأمة العربية يعود إلى محاولته اتخاذ مسافة من النظام السياسي في مصر، ففي دراسة لمارلين نصر عنوانها "التصور القومي العربي في فكرر جمال عبد الناصر 1952/1970" نشر مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 1981، ورد في الصفحة 107 ما يلي: "فمفهوم الأمة العربية مثلا لم يظهر في الخطاب الناصري إلا سنة 1956" الأمر الذي يعني حسب التسلسل الذي يقتضيه أسلوب ضيف الله في الدرس أن يأخذ الشيخ سنة 1955 مسافة من مصطلح لم يتداول إلا سنة 1956.

2) ولأن حركات الإخوان المسلمين لا تؤمن بالوطن الثابت الذي تصاغ فيه وتنشأ معاني الوطنية بل تؤمن بالأمة التي تتسع باتساع الإيمان وتضيق بضيقه ذهب السيد ضيف الله في الصفحة 63 إلى الاستناد إلى عبد الباقي الهرماسي في نفيه وجود الأمة التونسية بداية من الثمانينات أي منذ ظهرت حركة الاتجاه الإسلامي، قد يكون لهذا الموقف مبرّراته السياسية إلا أنه لا يستقيم بالنظر إلى تاريخ الوطن فالشعور بالانتماء إلى إفريقية وتميزها عن غيرها من البقاع الإسلامية ظهرت بواكيره منذ القرن الرابع للهجرة/العاشر ميلادي عندما خصّ أبو العرب القيرواني إفريقية القطر وتونس المدينة بالتأريخ لعلمائها في كتابه "طبقات علماء إفريقية وتونس" على غير عادة المؤرخين الذين يؤرّخون للدول الإسلامية ككل مثل الطبري والمسعودي وغيرهما، ليظهر هذا الإحساس مؤشرا على بداية الشعور بذاتية متميزة آخذة في التشكل والتطور وبالانتماء إلى رقعة جغرافية معينة ومجموعة بشرية محدّدة في أجلى صوره في القرن السابع عشر عندما يخصّص ابن أبي دينار في كتابه " المؤنس في أخبار إفريقية وتونس" أبوابا للحديث عن إفريقية الأرض وحدودها ومدنها... أو للحديث عمّا "تميزت به الديار التونسية وما تفتخر به بين أحبابها" من عادات وتقاليد ليصل الأمر به إلى حدود التمييز بين التونسي والجزائري، أليس في هذا ما يثير الانتباه ويدفع إلى الملاحظة والتقصي خصوصا إذا ما وجدنا بعد ذلك ما يؤكد هذا الذي ذهبنا إليه، ألا يدلّ وجود مؤلفات كالحلل السندسية في الأخبار التونسية للوزير السراج أو نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأمصار لمحمود مقديش الذي خصّص ثلث كتابه للحديث عن تونس المدينة هذا فضلا عن اتحاف ابن أبي الضياف على أن الذاتية التونسية آخذة في التبلور بعد أن بذرت بذورها على امتداد تاريخ الوطن وإلا فما معنى الحديث عما لا وجود له أصلا؟ الذاتيات الوطنية عطاء ظروف تاريخية معقدة المضامين ومتشابكة الأحداث لا يكفي نفيها لإلغائها.
قديما قال الشاعر:
وكم من عائب قولا صحيحا***وآفته في الفهم السقيم


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، محمد ضيف الله، الإخوان المسلمون، جامع الزيتونة، حركة الإتجاه الإسلامي، سجالات فكرية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 24-09-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  تهديدات معلنة ومبطنة لمجلة الأحوال الشخصيّة التونسيّة
  أدعو الدولة إلى تأجيل أداء فريضة الحج هذا العام رعاية لله في هذا الوطن
  عن منع كتاب وإغلاق جناح في معرض الكتاب أنس الشابي الرّقيب الأسبق للكتاب في وزارتي الثقافة والداخليّة
  القُرعة
  الخلافة مطمح مشترك بين النهضة وقيس سعيد وحزب التحرير...
  في أوجه التشابه بين الرئيسين زين العابدين بن علي وقيس سعيد
  المسكوت عنه في كتاب "دولة الغنيمة" للطيب اليوسفي
  خرق الدستور
  عن أزمة اليسار في تونس
  عن قيس سعيد والزيتونة
  الغنوشي وعائلته من قصور الحكم إلى أروقة المحاكم: الأسباب والمسبّبات
  شيء من تاريخ مصطفى بن جعفر
  الخاسر الأكبر من 25 جويلية هو صانعها
  في دور احميدة النيفر حليف نوفل سعيّد ماضيا وحاضرا ومستقبلا
  ماذا تبقى من قرارات 25 جويلية 2021؟
  أوّل خرق لدستور 2022
  رسالة إلى عناية السيّد رئيس الجمهورية
  حزب النهضة ومجلة الأحوال الشخصية
  قيس سعيد، محمد الشرفي، احميدة النيفر جدلية سياسية تاريخية لفهم الحاضر
  في عدميّة توظيف عبد الباري عطوان
  حصيلة مسيرة الغنوشي
  عن الفصل الخامس مجدّدا
  مصريّون في تونس وتونسيّون في مصر
  عن الدين في دستور قيس سعيد
  خطاب قيس سعيد الإسلامي في ميزان النقد
  تعدّدت الألسنة والخطاب واحد
  حول كتاب الأستاذ نجيب الشابي: "المسيرة والمسار ما جرى وما أرى" مواقف وآراء تحتاج إلى تصويب
  ماذا وراء تهكم واستهزاء الغنوشي بقيس سعيد؟
  الغنوشي يتهم قيس سعيد بالتشيع
  في وجوه الشبه بين قيس سعيد وراشد الغنوشي

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د- جابر قميحة، أنس الشابي، كريم فارق، د - عادل رضا، يزيد بن الحسين، أبو سمية، صلاح الحريري، سعود السبعاني، د. عبد الآله المالكي، صالح النعامي ، أحمد بوادي، ماهر عدنان قنديل، جاسم الرصيف، د - الضاوي خوالدية، أشرف إبراهيم حجاج، محمد أحمد عزوز، فتحـي قاره بيبـان، عمر غازي، إيمى الأشقر، عبد الله زيدان، نادية سعد، عبد الله الفقير، مصطفى منيغ، حاتم الصولي، محمد يحي، سفيان عبد الكافي، د- هاني ابوالفتوح، د. مصطفى يوسف اللداوي، د- محمود علي عريقات، المولدي الفرجاني، سيد السباعي، رحاب اسعد بيوض التميمي، الناصر الرقيق، سليمان أحمد أبو ستة، خالد الجاف ، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد الياسين، محمد علي العقربي، رافد العزاوي، محمد العيادي، فتحي العابد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - شاكر الحوكي ، د. صلاح عودة الله ، د. خالد الطراولي ، حميدة الطيلوش، محمود سلطان، طلال قسومي، د. طارق عبد الحليم، طارق خفاجي، فوزي مسعود ، يحيي البوليني، د. أحمد محمد سليمان، خبَّاب بن مروان الحمد، بيلسان قيصر، محمود فاروق سيد شعبان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، ياسين أحمد، عزيز العرباوي، صفاء العربي، رشيد السيد أحمد، د - مصطفى فهمي، إياد محمود حسين ، المولدي اليوسفي، فهمي شراب، د. كاظم عبد الحسين عباس ، كريم السليتي، عمار غيلوفي، عواطف منصور، سامح لطف الله، العادل السمعلي، الهيثم زعفان، أحمد النعيمي، منجي باكير، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، علي عبد العال، د.محمد فتحي عبد العال، محمد الطرابلسي، د- محمد رحال، د. أحمد بشير، صلاح المختار، مجدى داود، علي الكاش، مصطفي زهران، حسن الطرابلسي، سلام الشماع، د - المنجي الكعبي، عبد الغني مزوز، سامر أبو رمان ، أ.د. مصطفى رجب، د - محمد بن موسى الشريف ، د - صالح المازقي، أحمد الحباسي، صفاء العراقي، د. عادل محمد عايش الأسطل، وائل بنجدو، مراد قميزة، صباح الموسوي ، محمود طرشوبي، أحمد ملحم، عبد الرزاق قيراط ، د - محمد بنيعيش، إسراء أبو رمان، ضحى عبد الرحمن، رضا الدبّابي، عبد العزيز كحيل، محمد شمام ، تونسي، حسني إبراهيم عبد العظيم، رافع القارصي، محرر "بوابتي"، الهادي المثلوثي، عراق المطيري، محمد عمر غرس الله، سلوى المغربي، فتحي الزغل، رمضان حينوني، حسن عثمان، د. ضرغام عبد الله الدباغ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة