أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4789
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ما حدث منذ ساعات من تصنيف وزراء الداخلية’ العرب ‘ المجتمعين بتونس تحت رعاية رئيس الدولة السيد الباجى قائد السبسى حزب الله اللبناني منظمة إرهابية هو جريمة ووصمة عار في جبين الثورة التونسية، و معرة في حق الشعوب العربية الحرة المساندة للمقاومة العربية بكل عناوينها ، و ضربة حقيرة لكل القيم و المبادئ الإنسانية و منها حق الشعوب في مقاومة و مواجهة الاستعمار ، و حين تصر السعودية في نطاق مجهودها المعلن لضرب الوحدة العربية و الانحياز إلى المؤامرة الصهيونية الأمريكية الرامية لتفتيت و تقسيم الدول العربية على عقد هذا الاجتماع السخيف في الدولة العربية الوحيدة التي تتطلع إلى إرساء قيم الديمقراطية في المنطقة العربية بمفعول الثورة المباركة و الخروج منه بقرار وحيد يتيم يتهم حزب الله بالإرهاب فمن المؤكد أن هذا القرار قد جاء لضرب هذه الثورة و التأكيد أن هذا النظام لا يختلف في توجهاته الخارجية عن النظام السابق .
بعد أن استقبل البعض برنار هنري ليفي و عبد الحكيم بلحاج و بعض القيادات الغربية المنتمية للفكر الصهيوني مثل نيكولاي ساركوزى جاء الدور على الرئيس السبسى ليرتكب الجريمة النكراء في حق الشعب التونسي و في حق السياسة الخارجية التونسية و في حق الثورة التي يزعم أنه يسعى لانتشالها من الكورينتى و ذلك بالرضوخ إلى ضغوط النظام السعودي المعروف بعلاقاته المشبوهة مع اللوبي الصهيوني ، و بعد أن سخر الجميع من قرار الرئيس المؤقت السابق محمد المرزوقي بقطع العلاقات السياسية مع سوريا خدمة للصهيونية العالمية جاء الدور على رئيس الصدفة ‘المختار’ ليسقط في بئر الوحل السعودي الصهيوني و يسجل على الشعب التونسي الحر معرة لن تمحى مهما بذلنا من قناطير أدوات التنظيف، و لعل الجميع بما فيهم الذين تلهوا بما يحدث في الجنوب قد تملكهم القرف و الاشمئزاز و الخيبة من مثل هذا الموقف السياسي الأرعن الذي تم اتخاذه من رئاسة الدولة دون مراعاة لوجدان الشعب التونسي و دون مراعاة للمصالح العليا للدولة.
لقد كان متوقعا أن يقوم النظام السعودي بمثل هذا التصرف العبثي المثير لمشاعر الشعوب العربية المتعاطفة مع كل عناوين المقاومة العربية و أولها حزب الله الذي تمكن في حرب تموز 2006 من محو خيبات الجيش العربية مجتمعة و مرغ أنف القوة العسكرية الصهيونية في الوحل كما أثبته تقرير فينوغراد الشهير ، لنتذكر بالمناسبة أن النظام السعودي قد فرض على الجامعة العربية الاجتماع في بيروت إلا بعد أن تبين أنه ليس بمقدور القوة العسكرية الصهيونية إسقاط المقاومة، لنتذكر أن وزير الخارجية الراحل سعود الفيصل قد طلب من إسرائيل عبر القنوات ‘ المعتادة’ عدم التوقف عن الغارات قبل كسر عظام المقاومة و إلقاء القبض على السيد حسن نصر الله، و لنتذكر أن وثائق ويكيليكس قد طفحت بمعلومات تثير القيء و الاشمئزاز تتعلق بما فعلته القيادة السعودية ليسقط حزب الله في تلك المعركة التاريخية، و لنتذكر كيف عانق رئيس الحكومة اللبناني فؤاد السنيورة كوندليزا رايس في عز الهجمات الصهيونية على لبنان و تلك الدموع الكئيبة التي واجه بها الشعب اللبناني، لنتذكر تلك الحملة الإعلامية السعودية التي حملت حزب الله مسؤولية الحرب، و لنتذكر بالمناسبة أن إسرائيل نفسها قد أقرت أنها قد اختلقت الذرائع لضرب حزب الله .
لقد كان متوقعا أن يضغط النظام السعودي على الدول العربية المرتخية ضد حزب الله لوصمه بالإرهاب ، و هذا لم يحصل منذ ساعات بل كان أمرا مبرمجا منذ فترة، لنتذكر أن النظام السعودي قد مول حملة سعد الحريري الإعلامية لاتهام الحزب بالتجارة في المخدرات، و لنتذكر أن المنظومة الإعلامية الصهيونية قد شاركت بكل قوتها في مساندة هذه الحملة الكاذبة دون جدوى، و في هذا السياق فوجئ المتابعون للشأن السعودي بفضيحة الأمير المنتمى للعائلة المالكة هو يسقط بأطنان المخدرات في مطار بيروت فيما سمي بفضيحة ‘ أمير الكابتاغون ‘، و فوجئ المتابعون بالضغوط السعودية الهائلة على الرئيس تمام سلام ليفرح عن الأمير و يتم التعتيم على نتيجة الأبحاث تحت طائلة تعريض لبنان للعقوبات و إيقاف الدعم المالي السعودي، و لعل فرع المعلومات اللبناني كما عدة أجهزة أمنية عربية لديه من المعلومات حول تجارة المخدرات في السعودية و من أطراف قريبة من العائلة المالكة ما يدعو فعلا لتوصيف النظام بأوصاف مشينة نترفع عنها احتراما للشعب السعودي الشقيق .
لقد كان متوقعا أن يعمد النظام في سياق رقصة الديك المذبوح بعد أن خسرت الجماعات الإرهابية الوهابية كل شيء في سوريا رغم المليارات النفطية التي أنفقها النظام في تمويل الإرهاب لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد تحت ذريعة مساندة ما سمي نفاقا ب’الثورة’ السورية ، أن يعمد إلى ‘معاقبة’ حزب الله الذي أصرت قيادته المقاومة على أن تكون إلى جانب الجيش العربي السوري لمواجهة فيالق الجماعات التكفيرية الوهابية السعودية القطرية تنفيذا لمقولة السيد حسن نصر الله ‘ سنكون دائما أن يجب أن نكون ‘، و لان النظام السعودي قد خسر ’عاصفة الحزم’ التي أثبتت فشل القوات السعودية في مواجهة بعض القبائل اليمنية المتسلحة بدائيا، و فشل في سوريا بعد أن تدخلت القوات الروسية لضرب الجماعات الإرهابية بما شكل مناسبة تاريخية لعودة الدب الروسي إلى المنطقة فقد فعل كل شيء لإشعال الفتنة الشيعية السنية بإعدام الشيخ النمر باقر النمر ثم انتقل بعد الفشل إلى فرض هذا القرار المثير للاستهزاء لتوجيه الرأي العام السعودي عن الخيبات الإستراتيجية السعودية المتتالية ولحفظ ماء الوجه بعد أن بذر المليارات في مهب الريح.
لعل ما يحدث في المنطقة العربية منذ غزو العراق يؤكد للمتابعين أن التسريبات الإعلامية ووثائق ويكيليكس لم تتضمن إلا الشيء القليل جدا من مساوئ السياسة السعودية منذ عقدين من الزمن، و نحن لا نفضح سرا عندما نتحدث عن حالة من اشتباك المصالح بين النظام السعودي و بين اللوبي الصهيوني الخدوم للمصالح الإسرائيلية، و هذا لم يعد سرا و تحدثت عنه عديد الصحف العبرية باستمرار، غير أنه من المهين للوجدان العربي أن يسقط النظام السعودي المرات العديدة دون أن يتعلم الدروس، و في هذا السياق فان هذا ‘ القرار’ السعودي سيرتد على النظام لان حزب الله لا يعير اهتماما لمثل هذه المواقف الخارجة عن السياق المنطقي، و بسؤال بسيط لهؤلاء الذين يتحدثون عن مواجهة سعودية إيرانية، ألا يملكون بعض الخجل ؟ هل حقق النظام السعودي الانتصار في اليمن حتى يحلم بالانتصار على إيران ؟ هل يملك النظام قرار الحرب على إيران أو سيكون مجرد أداة تنفيذ فاشلة كالعادة ؟ لنتذكر أن اللعب في الملعب الإيراني ليس سهلا، ليس سهلا بالمرة، و على نفسها ستجنى براقش.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: