أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4097
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الذين انتخبوا حزب النداء و أنا من بينهم يجدون أنفسهم اليوم في ورطة،فلا هم نالوا بلح اليمن و لا عنب الشام ، فبين ‘نداء’ أصبح غريبا عنهم و بين جماعات إرهابية متفرقة في كل مكان، بين حركة النهضة التي زرعت الرعب و الفتنة و القتل طيلة أكثر من أربعة سنوات و بين معارضة موالية للسفارات الأجنبية و المال النفطي الفاسد يجد الناخب و المواطن التونسي نفسه أمام تلك المقولة الشهيرة للقائد طارق ابن زياد حين قال ‘ البحر أمامكم و العدو و راءكم فما انتم فاعلون ‘، تشققت بناية الحزب بشكل مريب و بانت عورات ‘البناء’ الفاسد و الاعتماد على الزعامة الواحدة، و لا أحد اليوم في النداء قادر على وصفة الشفاء أو تجرع سم الانقسام بسهولة، و لان الحزب قد ولد من رحم معاناة الشعب جراء اضطهاد حكومة النهضة و أتباعها في حزبي المؤتمر و التكتل فقد نشأ أعرجا و دون أسس واضحة تماما كما يحدث في البناء الفوضوي الذي يحيط بالعاصمة من كل جهة، في هذه الحالة، لا يمكن الحديث عن مثال بناء أو رخصة أو تامين أو مسؤولية مقاول، فالأولى اليوم البحث عن الاختفاء لحين مرور العاصفة .
تخرج ‘ المعارضة’ يوميا في المنابر لتصويب سهامها المريضة ضد حكومة النداء الفاشلة، و كما فعلت الترويكا طيلة أربعة سنوات الدم و الجمر فعلت حكومة النداء ، ففي كل مرة تنتقد الحكومة على فشلها الواضح ينبري أحد أعضاءها الفاشلين للدفاع عنها و عن ‘ منجزاتها’ الغير مرئية متعللا بأن فساد الحكومة السابقة لا يمكن تجاوزه و حله بين عشية و ضحاها، و هات من الحديث عن ‘ الإرث الثقيل ‘ و عن ‘ التركة’ و عن الخزائن الفارغة، مع أن الذين يتحدثون من الحكومة على هذه التركة هم أول من كان يعلم حجمها و ثقلها و من كانوا يطالبون النهضة بإخلاء ساحة القصبة حتى يصنعوا ما عجز عنه الأوائل، فإذا بهم يتنصلون اليوم من وعودهم بكل سهولة بل يتنصلون أصلا من ناخبيهم و من كل الذي يذكرهم بتلك الوعود الزائفة و ببكاء الرئيس المنتخب في منطقة الحلفاوين فترة الانتخابات الرئاسية على حال تلك المرأة الفقيرة التي ‘ تخاصمت’ مع اللحوم الحمراء منذ سنوات،الأسوأ و المعيب أن يتم التحوير في بعض الوزارات بدون أحم و لا دستور، دون أن نفهم ما حدث، لماذا ، من هؤلاء، أين سيذهب الفاشلون أو المنسحبون أو المقالون أو المستقيلون
يبقى السؤال، ملحا و بلا جواب، لماذا يبرر البعض فشل حكومة النداء و حكومة السيد الحبيب الصيد ؟... ألم يكن السادة الطيب البكوش و محسن مرزوق و الأزهر العكرمى و خالد شوكات و غيرهم في حركة النداء على علم بفساد ‘ البضاعة ‘ ؟ بفساد التركة الثقيلة ؟ بأن النهضة قد استحوذت على كل شيء ثمين مقابل سنوات غربتها عن الهوية و الوطن و المواطن و الراية الوطنية ؟.... هل كانت ‘حالة’ تونس تحتاج إلى فطنة خارقة أو احتراف في العقلية ليفهم حزب النداء أن هؤلاء الذين حكموا مدة أربعة سنوات قد أتوا على الأخضر و اليابس و زادوا الطين بلة لما سمحوا للإرهاب بان يتغلغل و بالمال النفطي المشبوه بان ينتشر في ‘الجمعيات الخيرية’ التي بلغ تعدادها أرقاما قياسية، فهل ما يأتي على لسان هؤلاء هو وقع المفاجأة و الصدمة أم نتاج البلاهة السياسية أم خليط من الاثنين ؟ فهؤلاء قد قبلوا بشروط المباراة السياسية للوصول للسلطة و ‘دفعوا’ للناخبين ملايين الوعود الكاذبة لكنهم اليوم يرفضون الاعتراف بالهزيمة و يلحقونها ب’التركة الثقيلة’ .
تقف حكومة السيد الحبيب الصيد في مكانها عاجزة عن التقدم خطوة واحدة للأمام، يصف المحللون هذه الحالة بالأيادي المرتعشة، فهل هذه الرعشة ناتجة عن انعدام الخبرة السياسية أم عند التقدم في السن أم لوجود ضبابية في الرؤية الإستراتيجية للحكومة أم لعوارض خارجية غير معلومة ، فلا الشرق تقدم لنجدة الاقتصاد التونسي و لا الغرب أوفى بوعوده المقطوعة بعد الأيام الأولى لنجاح ‘الثورة’، فالمملكة السعودية تريد زواج المتعة مقابل بعض الريالات، فهي لا تريد لهذه الثورة الزلزال أن تنجح و ‘ضيافتها’ الدائمة للرئيس السابق إشارة واضحة للعموم، الإمارات تتذرع بكراهية الإخوان مع أنها تتعامل مع إسرائيل نفسها بدون قفازات، فرنسا ، أمريكا، ألمانيا، كلها تريد الزبدة و صاحب الزبدة، العقل الاستعماري لا يزال حاضرا في مخيلة المطابخ السياسية الغربية، عجبي أن البعض في هذه الحكومة يعدون الناس بما هو آت من الغرب و الشرق مع أنها مجرد أحلام ميئوس منها، عجبي أن هناك من يصدق دول الخليج و من يصدق صندوق النقد الدولي، عجبي أن هناك من يصدقا أن الثورة تلد كتاكيت كما يقول الإخوة في الشرق، عجبي من كل الذين يقفون اليوم ليتحدثون عن العروبة و المفاهيم المشتركة و يدعون في المنابر إلى عدم ‘التعرض’ للمملكة و للإمارات حتى لا نقطع شعرة معاوية و نضمن فتح خزائن الخليج بمفتاح الثورة.
عندما تفشل حكومة ‘ثورة’ في التخفيض فى أداءات معاليم استهلاك الماء، الكهرباء، فهي حكومة لا تستحق أن ‘تعيش’ أصلا و هي حكومة تستحق محاكمة شعبية،فالمواطن البسيط كان يكفيه أن تخفض حكومة الرعشة و الرعاش كلفة بعض المعاليم التي تستغلها دولة النداء لنهب جيوب المواطنين الفارغة بعد أربعة سنوات عجاف من حكومة الإخوان المرعبة، عندما يفشل السيد الحبيب الصيد في هذا الجانب البسيط من حياة المواطن فهو لا يستحق الثقة و لا الاستمرار و من واجبه الأخلاقي أن يستقيل، لكنه لن يستقيل، و سيبقى، لان هناك من يدير قواعد اللعبة و من يريد للوضع أن يتعفن بالشكل المطلوب حتى تعود الفوضى و الاضطراب و حالة الانقسام من جديد و يعود جماعة ‘ الثورة’ ليصنعوا ‘ثورة’ أخرى، ‘ثورة الماء ‘ أو ‘ثورة الكهرباء ‘ بعد ثورة ‘الخبز’ الشهيرة سنة 1984، حينها سنسمع مجددا كل عبارات الثناء على هذه الثورة العاهرة و سنتلقى وعود الدعم و شهادات التقدير من الكونغرس، لك الله يا تونس .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: