د. أحمد يوسف محمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 13752
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أمـــا بعد :
حديثنا اليوم عن أول من كتب القرآن الكريم بيده بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو أمر تعددت فيه الروايات واختلفت فيه الآراء ، ولكن ترى من هو أول من كتب الوحي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وثمة مجموعة من الاعتبارات نود بداية إثباتها للإجابة على هذا السؤال ، تلك الاعتبارات تتمثل في :
- بدأت كتابة القرآن الكريم في المرحلة المكية حين اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم بعضا من أصحابه الكرام لتولي هذه المهمة ، واستمر ذلك بعدما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة ،
- ولقد اختلف أهل السير في تحديد عدد كتاب الوحي ، فمنهم من جعلهم ثلاثة عشر، ومنهم من جاوز بهم العشرين ، وجعلهم ابن كثير ثلاثة وعشرين كما في البداية والنهاية ، وهذه أسماؤهم كما أوردها ، قال : أما كتاب الوحي وغيره بين يديه صلوات الله وسلامه عليه ورضي عنهم أجمعين فمنهم الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم.... ثم ذكر: أبان بن سعيد بن العاص، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأرقم بن أبي الأرقم واسمه عبد مناف، وثابت بن قيس بن شماس، وحنظلة بن الربيع، وخالد بن سعيد بن العاص، وخالد بن الوليد، والزبير بن العوام، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وعامر بن فهيرة، وعبد الله بن أرقم، وعبد الله بن زيد بن عبد ربه، والعلاء بن الحضرمي، ومحمد بن مسلمة بن جريس، ومعاوية بن أبي سفيان، والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم أجمعين (1) ،
- قيل أن عدد الذين كانوا يكتبون للنبي صلى الله عليه وسلم ( بوجه عام ) بلغ ثلاثة وأربعين كاتباً ، وكان بعضهم منقطعاً لكتابة القرآن الكريم خاصة ، أي كانت مهمتهم مقتصرة على كتابة ما ينزل من الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان من أشهرهم : ( عثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح ، وحنظلة بن الربيع رضي الله عنهم جميعاً ) ،
- يجب التفريق بين كتابة القرآن الكريم وتدوينه كله في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وبين جمعه في مصحف واحد بعد وفاته ، أما عن التدوين فلقد ثبت – بما لا يدع مجالا للشك – أن القرآن كله كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم ينتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى إلا وكان القرآن الكريم كله مكتوبا ومسجلا ،
- أن عدم تدوين القرآن الكريم وجمعه في مصحف جامع ، في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يرجعه العلماء إلى عدم الحاجة إليه في ذلك العصر لوجود النبي صلى الله عليه وسلم مرجعا للناس في هذا الصدد ، إضافة إلى نزول القرآن مفرقاً منجماً بحسب الوقائع والأحداث ، وما قد يعتريه من النسخ ،
- ولذلك ففي عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن للصحابة رضي الله عنهم القراء مرجع سوى المحفوظ في صدر النبي عليه الصلاة والسلام ، وهو الأصل الذي يُرجع إليه عند التنازع ، أما ما كان مكتوبًا في الرقاع وغيرها فلم يكن مما يرجع إليه الناس ، مع وفرته وصحته وصوابه ،
ونأتي للإجابة على السؤال الذي بدأنا به : من أول من كتب القرآن الكريم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
* أول من كتب القرآن من قريش :
بالنسبة للمرحلة المكية كان أول من كتب القرآن بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم من قريش هو : عبد الله بن سعد بن أبي سرح رضي الله عنه (2) ،
* أول من كتب القرآن من الأنصار :
وبعدما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة ، كان أول من كتب القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم ( في المدينة ) من الأنصار أبي بن كعب (3) رضي الله عنه ،
وقال بعض أهل العلم عن كتاب النبي صلى الله عليه وسلم : " كان ألزمهم له في كتابة القرآن وأخصهم بذلك من بين الكتاب : زيد بن ثابت ، ومعاوية بن أبي سفيان ، كما كان أول من كتب له القرآن عليه الصلاة والسلام بمكه من قريش هو : عبد الله بن أبي سرح ، وأن أول من كتب له القرآن حين قدم المدينة كان : زيد بن ثابت ، وأبي بن كعب ، وهؤلاء جميعا : كانوا ممن برعوا في الكتابة يومئذ وممن وضع فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ثقته لأنهم مع حذقهم في الكتابة جمعوا فضائل الكتاب (4) ،
الهوامش والإحالات :
===========
(1) - الإمام الحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي ( 701 ، 774 هـــ ) : " البداية والنهاية " ، تحقيق : عبد الله بن عبد المحسن التركي ، بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات العربية والإسلامية بدار هجر ، الرياض ، (د.ت) ، ج5 ، ص ص 361 – 362 ،
(2) - هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي العامري ، أخو عثمان لأمه من الرضاعة أرضعته أم عثمان ، أسلم وكتب الوحي ثم ارتد عن الإسلام ، ولحق بالمشركين بمكة ، فلما فتحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهدر دمه فيمن أهدر من الدماء ، فجاء إلى عثمان بن عفان فاستأمن له ، ثم أتى به النبي صلى الله عليه وسلم بعدما اطمأن أهل مكة ، استأمن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فصمت طويلا ثم قال : نعم ، فلما انصرف عثمان قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن حوله : ما صمت إلا لتقتلوه ، فقال رجل : هلا أومأت إلينا يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما كان لنبي أن تكون له خائنة الاعين " ، ثم أسلم ذلك اليوم وحسن إسلامه ، ولم يظهر منه بعد ذلك ما ينكر ، وهو أحد العقلاء الكرماء من قريش ، ثم ولاه عثمان مصر سنة خمس وعشرين ، ففتح الله على يديه إفريقيا وكان فتحا عظيما ، بلغ سهم الفارس منه ثلاثة آلاف مثقال وكان معه عبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عمرو ، وعبد الله بن الزبير، وغزا بعد أفريقيا الأساود من أرض النوبة سنة إحدى وثلاثين ، ثم غزا غزوة الصواري في البحر إلى الروم ، واعتزل الفتنة حين قتل عثمان ، فأقام بعسقلان ، وقيل : بالرملة وكان دعا أن يختم عمره بالصلاة ، فسلم من صلاة الصبح التسليمة الاولى ، ثم هم بالتسليمة الثانية عن يساره فتوفي وذلك سنة ست وثلاثين وهو الصحيح ، وقيل : سنة سبع ، وقيل : سنة تسع وخمسين ، أنظر : - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (ت : 748هـ) : " سير أعلام النبلاء " ، تحقيق : مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط ، مؤسسة الرسالة ، الطبعة : الثالثة ، 1405 هـ / 1985 م ج3 ، ص ص 22-24
(3) – هو الصحابي الجليل أبي بن كعب بن قيس بن زيد بن معاوية ، صحابي من بني النجار من الخزرج ، كنّاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا المنذر، ، وكان عمر رضي الله عنه يسميه سيد المسلمين ، وكان يقرأ و يكتب ، ولما أسلم صار من كتّاب الوحي ، وهو الذي كتب كتاب الصلح بين عمر بن الخطاب وأهل بيت المقدس ، شهد العقبة الثانية وبدرًا والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وفي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " إن الله أمرني أن أقرأ عليك ? لم يكن الذين كفروا? " قال : وسماني لك ؟ قال : نعم ، فجعل أبيّ يبكي ، وقال له الرسول " ذات يوم : ليهنك العلم أبا المنذر " ( رواه أحمد ) ، كان من المقدمين في الفُتْيا من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، مات بالمدينة ، واختُلِف في سنة وفاته اختلافًا كثيرًا ،
(4) - موسوعة علوم القرآن : تدوين القرآن الكريم ، المصدر : http://ahmadkelhy.blogspot.com/2012/04/blog-post_2961.html
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: