رشيد السيد احمد
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 9264
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يقول مايكل مور في كتابه - STUPID WHITE MEN - مجيبا عن تساؤل :
" ما الفرق بين الديمقراطيين و الجمهوريين " : الديمقراطيّون يقولون شيئا ( أنقذوا كوكب الأرض ) ثم يفعلون عكسه متضامنين بالخفاء مع هؤلاء السفلة الذين يجعلون من العالم مكانا بائسا ... أما الجمهوريون فإنّهم ، و بكل بساطة يوظفون هؤلاء السفلة في البيت الأبيض .
و لعل هذه العبارة البسيطة تلخّص الفرق الكبير بين جماعة الحمار ، و جماعة الفيل .. و لا أدري كيف اخترع مؤسسوا الحزبين الأمريكيين هذين الشعارين .. لانتفاء وجود الفيل في تلك المنطقة من العالم و المسماة " الولايات المتحدة الأمريكية " ، و للاختلاف على الحمار .. لأنّ المؤسسين الأوائل كانوا يعتمدون البغال في عمليات التنقيب عن الذهب التي مهدت لإبادة هنود أمريكا الأصليين إبادة كاملة ونشوء هذه الإمبراطورية الدمويّة .
و أظن أن الشعب العربي لم يعد يهمهم من يصل إلى سدة الحكم في أمريكا .. نتيجة التجربة الطويلة مع سياسة هذه الدولة بؤريّة القطبيّة .. و التي استفردت بالعالم .. حتى من قبل سقوط الاتحاد السوفييتي .. الذي أظهرت التجارب أنّه كان " دبّا من ورق " تم احتراقه بمجرد سقوطه المدوّي في أفغانستان ، و الذي كشف خدعة الحرب الباردة ، التي استفادت منها أمريكا ، و ظهرت روسيا على أنّها فعلا دبّ .. كما أنّ الزعماء العرب .. و بطبيعتهم العشائريّة .. كانوا يعتمدون السياسة مع أمريكا على أنها حفلة علاقات عامّة ، يصبح الآخر فيها ( أخا مجاب الدعوة ، و الطلب ) لمجرد تناول كأس من الشمبانيا معه .. فيخلعون العقال .. أو البنطال .. و يدخلون هذا الحفل مطبلين ، مزمّرين .. دون أن يستفيدوا إلاّ من !!!!!!!!! كمثل الرجل الذي باع نفسه ليبني مسجدا ، و سأل الشيخ عن الأجر ، و الثواب....... وفي الواقع هذا لبّ ، و أصل المشكلة مع أمريكا .. بحيث كانت جماعة الحكام العربان تقدّم الخدمات إلى أمريكا دون أن تعرف كيف تستفيد من مقابل هذه الخدمات ..
بين عامي " 1939 – 1945 " أدرك المخططون الإستراتيجيون الأمريكيون بأنّهم سيحتلّون موقعا يؤهلهم لتنظيم معظم العالم فتمّ تشكيل مجلس العلاقات الخارجيّة الذي يجمع بين الاتحادات ذات التوجه الدولي ، و الدوائر الماليّة بالإضافة الى أرفع مخططي وزارة الخارجيّة ، و وضع الخطوط الأساسيّة لما سمي " المنطقة الكبرى " للاقتصاد العالمي المتكامل الذي يشبع حاجات " الاقتصاد الأمريكي " ، و كان " الأمن القومي " هو غاية المخططين ، و هو الأمن بالمعنى المطّاط الذي قلّما يتعلّق بأمن الأمّة ....*
إن مصالح أمريكا تأتي في مقدمة كل شيء ، فيتم شنّ الحروب ، و إثارة الفتن فتدفع الشعوب الأخرى أثمانا عالية ثم تأتي مصالح شركات النفط ، و السلاح قبل مصلحة أمريكا فيدفع الشعب الأمريكي أثمان رفاهيته .. من دماء أبناءه خارج الحدود ، أو خساراته الاقتصاديّة هنا أو هناك ، و تتفاوت نسبة خسارة هذا الشعب هنا بين مخطط استراتيجيّ ، و آخر.
و كون ما يهمّنا في سياسة أمريكا طبيعة علاقتها مع العرب كشعب ، و العربان كحاكمين ، وهذه المنطقة كمخزن لأهمّ مصادر الطاقة .. و لسنوات قد تكون غير منظورة فمصطلح " المخزون الاحتياطي " في هذه الدولة أو تلك .. هو كذبة كبيرة يتم تضليلنا بها ، و يجب ألاّ نركن لها .
لذلك فإنّني بهذا المقال سأتحدث عن تصرف واحد فقط لرئيس ديمقراطي .. كان في بداياته لا يقل جاذبيّة عن باراك اوباما و هو كلينتون ، ثم أثبتت التجارب أنّه لا يقل دمويّة عن أيّ رئيس أمريكي ، و لكّن دون أن يتصرف ، و كأنّه إمبراطور العالم كما فعل بوش فيما بعد.. و قد يختلف اللونان .. لكن ستثبت الأيام أنّ اوباما هو رئيس " خلاسي اللون " يملك قلب رئيس ابيض قد لا يقلّ شراسة عن أي رئيس أمريكي حلّ ساكنا على البيت الأبيض ، فلن تفيد أصوله السوداء أفريقيا التي ستظل تنزف في أي مكان تجد أمريكا لها فيه مصالح ، و لن تفيد خلفيته الإسلامية أهل كابول ، طالما بقيت ممرالنفط الرئيسي ، و لن يفيد تشديده على مسيحيته مسيحيوا العراق الذين يقتلون ، و يهجّرون ، و سيكون المستفيد الوحيد هو إسرائيل التي وقف على حائط مبكاها ، و أتمّ صلاة الدمّ عليه.. انّه مفهوم الشركة ، و الشركة فقط ، و لن يكون اوباما فيها أكثر من مدير عام ، و بالتفويض !!!!
في كانون الثاني من عام 1993 كان آخر أمر لبوش الأب إطلاق 45 صاروخ كروز توماهوك على بغداد ، أصاب 37 منها الهدف ، و واحد منها أصاب فندق الرشيد ، و قتل مواطنين ، و في حزيران 1993 كان كلينتون يعطي نفس الأمر فأُطلق 23 صاروخ أصابت 7 منها مناطق مدنيّة قتل فيها 8 مواطنين أبرياء ، و جرح العشرات ، و قد أفعم كلينتون بالسرور *، و قال في اليوم التالي ، و هو في طريقه الى الكنيسة " اشعر بالرضا تماما بخصوص ما حدث و اعتقد أنّ الشعب الأمريكي يجب أن يشعر بذلك ايضا " ثم تم تبرير هذا الهجوم أمام الأمم المتحدة بأنّه تمّ بالاستناد الى المادة 51 ( أي استخدام القوّة في الدفاع عن النفس ضد الهجوم المسلّح ) ثم قام الإعلام الأمريكي بالباقي .
- * نعوم تشومسكي ( World Orders Old And New )