أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 2784
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
فى العالم العربى هناك أمور متلازمة و من بينها العلاقة الاثمة بين الاعلام و بين المخابرات اضافة الى السيد الرقيب بسلامته، الاعلام العربى تحكمه المخابرات و يقف على رقابته مقص الرقيب و لذلك عشنا و نعيش ما يعبر عنه بإعلام السلطة و هو إعلام أرادت هذه السلطة أن يكون ‘ بطعم ‘ معين حتى لا يتغير مزاج المواطن فينتقل من حالة اليأس الى حالة رد الفعل و هى الحالة التى يعبر عنها البعض بالثورة على السائد و المطالبة بالتغيير، هناك جهاز نراه دائما فى أذن منشطى الحصص التلفزيونية و هو جهاز يتابع كلامهم و يصوبه كما يقوم هذا الجهاز بدور الرقابة و التوجيه و احيانا بمطالبة هؤلاء المنشطين برفع ‘ نسق ‘ الحوار أو تنزيله كل ذلك من أجل مضايقة الضيف و انتزاع بعض التصريحات المثيرة التى تزيد من كوتا البرنامج فى ميزان المستشهرين و المعلنين، مخابرات الدول العربية تقوم بنفس دور هذا الجهاز بالضبط أو أكثر و يقال أن كثيرا من الوجبات الاعلامية التى يتغذى منها الوجدان العربى تحتوى على كميات معينة من جرعات ما ينتجه عقل المخابرات، يقال أيضا أن المخابرات العربية تنقل ما يسمى بالتسريبات الى الاعلام من باب الاشاعات المغرضة الموجهة ضد شخصيات سياسية معارضة أو بلدان ‘شقيقة ‘ بنية بث الفوضى فيها و يقال فى النهاية أن هناك تسريبات مقصودة للتضليل او اختبار رد فعل المواطن .
منذ أيام أمر المستشار نبيل صادق النائب العام المصرى بإجراء تحقيق عاجل فيما نشر فى صحيفة أمريكية معروفة حول تسريبات تخص ضابطا مصريا يقوم بإعطاء تعليمات و توجيهات لعدد من الاعلاميين المصريين تحدد لهم طريقة التناول لبعض القضايا الخارجية و الداخلية الشائكة حتى تتماشى مع الرؤية و الموقف الرسمى، طبعا كان لهذا وقع و صدى كبير فى الاعلام المصرى و العربى خاصة بعد أن تولت قناة الجزيرة القطرية بث بعض التسجيلات الصوتية ذات العلاقة بهذه الاوامر الصادرة لوسائل الاعلام المصرية، مجرد ذكر قناة الجزيرة يؤكد بالطبع أن هناك طبخة اعلامية غير صحية يراد منها مزيد تشويه النظام المصرى سواء بسبب مواجهته الدموية للإخوان أو بسبب ما يراه البعض من انحياز للسعودية فى عداءها المعلن للإمارة القطرية المتهمة بالإرهاب و بمحاولات زعزعة الاستقرار فى المنطقة الخليجية اضافة الى تهم أخرى تطلبت من دول مجلس التعاون مقاطعة قطر على كل الاصعدة، بطبيعة الحال من المؤكد أن ما يتابعه المواطن العربى من مقالات و تصريحات و برامج فى هذه الفترة بالذات هو اعلام مخابرات بامتياز و هناك توجيهات و ضغوط لتمرير خطاب اعلامى موجه لخدمة النزاعات بين الدول العربية فى هذه الفترة التى تشهد تنفيذ مؤامرة صهيونية أمريكية لإنهاك الدول العربية على كل المستويات .
قناة الجزيرة التى هللت لهذه الفضيحة بمقولة و أنها تؤكد تعرض قطر الى حملة اعلامية مصرية ظالمة تريد من المتابع أن يتغافل على كونها من القنوات التى تعتمد سياسة تضليل اعلامية متواصلة منذ انبعاثها و أنه تعتبر من أكبر القنوات العالمية فى فن التضليل بل أنها من أكثر القنوات العربية تعرضا للاتهام بصداقتها المتقدمة مع المخابرات الصهيونية و بكونها القناة الاولى عربيا فى الدعوة الى التطبيع و الانسحاب من لغة المقاومة الى لغة الحوار مع الكيان الغاصب، ما تقدمه القناة القطرية مشبوه الى حد كبير و هذا ما تناولت عديد الاقلام المتزنة بالنقد و ربما بعبارات قاسية فى بعض الاحيان بعد أن تعدى هذا الخطاب كل الخطوط المهنية الحمراء و سقط فى باب التطبيع المعلن و خدمة الاجندات الخارجية الهادفة لتقسيم الدول العربية، تحولت القناة الى ذراع قوية و اداة طيعة فى يد قوات دولية خارجية و مخابرات اجنبية لا تريد خيرا للدول العربية و بات خطابها الاعلامى مدسوسا و يحمل كثيرا من علامات تدخل يد المخابرات و إذا نقلنا الاتهامات المتكررة بكون القناة قد كانت السبب الرئيسى فى اعتقال عديد من القادة فى التنظيمات الارهابية بمجرد قيامهم بتقديم مقابلات مع القناة بما يعنى انها تتعامل مع جهات استخبارات خارجية و ما أفصح عنه الصحفى السابق فى نفس القناة يسري فودة في كتابه «في طريق الأذى من معاقل القاعدة إلى حواضن داعش»، عن خلفيات برنامج «سري للغاية » بقناة الجزيرة آنذاك الذى اتهم القناة بكونها قد تحولت إلى سلاح سياسي يدار من أعلى قمة في هرم القيادة القطرية مؤكدا ان هذه القناة لها ادوار مشبوهة و السلطة القطرية تستخدمها كسلاح سياسي و هى تدار من أعلى سلطة بقطر و رصدت لها الأموال لتنفيذ أغراضها و تم تسخيرها لتكون صوتا للقاعدة فمن الثابت ان المهنية الاعلامية غائبة فى قناة الجزيرة بشكل مطلق .
ان تدخل المخابرات و عين الرقيب فى محتوى المواد الاعلامية مدان بشتى الطرق و نحن لا ننكر أن الاعلام الاجنبى معرض لنفس هذه الضغوط ولو بأشكال مختلفة بدليل ما حصل من هجوم اعلامى مشبوه ضد الرئيس الامريكى الحالى فى الحملة الانتخابية الرئاسية و هى حملات مغرضة استعملت فيها كل الوسائل المتدنية و كان من الواضح أن وراءها أياد مخابرات سارع الرئيس بمجرد انتخابه الى ابعاد بعض القيادات فيها لكن الاعلام العربى يعانى من تدخل مستمر بحيث أصبحت المجاهرة بالرأى المخالف و البحث عن التنوع هو خيانة وطن الامر الذى ادى الى ارباك الاقلام و الافكار و تدجينها و لذلك نشاهد اليوم مثلا ان كل البرامج السياسية التى تتناول العداء بين قطر و مصر تتشابه و نفس الامر فى وسائل الاعلام الخليجية فى علاقة بالخلاف بين دول مجلس التعاون و قطر و التى خرج فيها الخطاب الاعلامى فى صورة متدنية و حقيرة و مضرة بالعلاقات بين الشعوب العربية و هذه الطبخات المقدمة للمتلقى العربى مسمومة لأنها مخلوطة بدسائس مخابرات و إلهام عقول شيطانية أجنبية تقف وراء الستار .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: