احمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3449
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
اتهموه بقتل صالح بن يوسف، تهمة يعلم مطلقوها أنفسهم أنها تهمة كيدية سياسية زائفة، لأنه لم يكن يوما من هؤلاء الذين صفقوا و انبطحوا و مدحوا الزعيم جمال عبد الناصر و لأنه لم يكن أبدا من بين هؤلاء الذين كانوا يؤمنون مجرد دقيقة بزعامة ‘ الريس ‘ و لا بشعارات و خطب المناسبات التى اثبتت حرب الايام الستة أنها سبب من اسباب الهزيمة التى حاول هؤلاء المنافقين انفسهم تحويلها الى نكسة عرضية عابرة رغم أنها كانت هزيمة عسكرية و سياسية و اجتماعية مدمرة نتيجة ما سبق تلك الهزيمة من استبداد مخابرات صلاح نصر و زوار الليل و نرجسية وزير الدفاع عبد الحكيم عامر و ترهل قيادات الثورة المصرية التى حولها النظام من ثورة على فساد الملك فاروق الى ثورة ماجنة تأكل ابناءها و لكم فى فيلم ‘ احنا بتوع الاوتوبيس ‘ عبرة و درس، هذه هى الحقيقة التى حاولوا اخفاءها طيلة عقود من الزمن و هذا هو السر الذى عتموا عليه لغاية فى نفس يعقوب لان الرئيس عبد الناصر هو من دفع بون يوسف الى حتفه و من اوغل صدره مع بعض القيادات السياسية الخليجية التى كانت تكره و تعادى الرئيس بورقيبة فى تلك الفترة لما يمثله من فكر تنويرى حداثى فى مواجهة نفس المنظومة القائمة على الفكر المظلم و التوجه نحو الجاهلية بدل الطريق السالكة نحو القيم الانسانية المستقرة .
كذبوا على بورقيبة و على التاريخ و هذه عادتهم عندما يستأسدون على الحقيقة لمحاولة اخفاءها و احلال بدلها سياسة او رؤية او خطابا مخالفا للدين و العقيدة ، فبن يوسف كغيره لم يكن آلها منزها من الخطايا و الخطيئة لذلك ارتكب الخيانة الكبرى تجاه القضية و تجاه رفاق السلاح و تجاه الراية الوطنية و تجاه ارادة الشعب و لعل غدره بأبناء ما سمى ‘ فلاقة زرمدين ‘ هو خير دليل على الخيانة العظمى التى يعلم الجميع أنها ترتب عقوبة الاعدام فى زمن السلم فما بالك فى زمن الحرب و مواجهة الاستعمار، بن يوسف أيضا غدر بالمقاومين و دعا علانية الى وقف المقاومة و المواجهة السلمية فى حين كانت اليد الحمراء و فيالق الجيش الاستعمارى تفتك بكبار المقاومين المناضلين و بكبار القادة المؤسسين للمنظمات القومية مثل الشهيد الكبير فرحات حشاد ، ين يوسف الذى كان يدعو الى المقاومة السياسية و ينبذ الكفاح المسلح و يعتذر عن ذلك احيانا بندرة المال هو بن يوسف نفسه الذى اشترى السلام ليوفره لجيش ميليشيا قذر اراد به قلب نظام الحكم بالقوة ، يعنى خروف ضد الاستعمار و أسد على سيادة الدولة المستقلة كل ذلك من اجل نرجسية زعاماتية موروثة من جمال عبد الناصر، بن يوسف هو من اراد تدمير الاستقلال و اعطاء الفرصة مجددا لفرنسا الاستعمارية التى كانت جيوشها قابعة على الحدود الجزائرية لإعادة فرض الوصاية و الحماية على شعب معدم جعل منه الزعيم بورقيبة رافدا أساسيا يطالب بالاســتقلال و بالبرلمان التونسى و بنبذ السلطة المزدوجة .
لعل البعض يحاول أن يتجاهل ما تضمنه الخطاب العنيف الذى ارسله بن يوسف فى اجتماع جامع الزيتونة قبل ساعات من مؤتمر صفاقس و الذى اعلن فيه معاداته و تنصله و رفضه لكل ما تم الاتفاق عليه رغم أنه كان أحد الممضين عليه و الموافقين على كل بنوده مثلما جاء فى شهادة المناضل الطيب المهيرى اثناء محاكمة الانقلابيين اما محكمة امن الدولة، لعل البعض ايضا يتجاهلون كل المحاولات الفردية و الجماعية التى بذلها الزعيم بورقيبة لإرجاع بن يوسف الى الجادة و نبذ الخلاف و هناك شهادات كثيرة موثقة حول رفض الرجل لكل هذه المحاولات بل انه رفض الحضور لمؤتمر صفاقس للاحتكام الى لغة و قرار المناضلين لأنه شعر شعورا واضحا بكونه يمثل اقلية لا تكاد تذكر فى وجه اجماع وطنى يتهمه بالتخابر مع العدو و الخيانة العظمى ، هذه بعض الحقائق الموثقة الثابتة و هذه هى الاسباب المخفية التى حاول البعض القفز عليها و الحال انه كان عليهم من باب نصرة مفهوم الدولة فى تلك الفترة العصيبة ان ينبذوا توجه بن يوسف نحو الحل العسكرى فى مواجهة السلطة السياسية الشرعية مهما كان المأخذ عليها، لماذا لم يتساءل البعض عن حقيقة ما حصل لشهداء ما سماها بن يوسف عصابة زرمدين و لماذا يتعامى البعض على كل الاتهامات الموثقة التى يوجهها اهالى المغدورين للامين العام للحزب صالح بن يوسف ؟ .
يتفق المؤرخون و العارفون و المناضلون أن بورقيبة لم يعط أمرا صريحا واضحا مؤكدا لاغتيال بن يوسف، هذه حقيقة واقعية و قانونية يعتد بها لإثبات عدم صدقية الاتهام الصادر عن بعض ألسنة العفن و السوء التى تعمل لفائدة جهات مشرقية باتت حديث القاصى و الدانى ، يشهد المؤرخون أيضا أن ين يوسف قد قام فى وجه الدولة بالسلاح معلنا رغبته الواضحة فى القضاء المباشر على الزعيم بورقيبة و استلام الحكم، يشهد الحاضرون و المتابعون لمحاكمة الانقلابيين ان هناك من اعترف بذنبه و تفهم حقيقة خطأه و يعلم أهل القانون ان الحكم الصادر فى القضية قد راعى عدة مسائل جانبية تتعلق بماضى هؤلاء المناضلين و مدى اسهامهم فى الحركة الوطنية و تدخل بعض الاطراف حتى تكون الاحكام مخففة من باب الرأفة و ليس من باب عدم الاعتراف بخطورة الافعال الارهابية التى اقترفها بن يوسف و جماعته، لذلك نتساءل لماذا يتنطع البعض لان هناك من قتل هذا المجرم الهارب من العدالة و الحال أنه لم يكن بمقدور سلطة الدولة أن تقتص منه بالوسائل العادية و نتساءل مع بعض الالسنة الهابطة المضللة على مدى اعتراضهم على مبدأ القصاص و هل ان دماء شهداء زرمدين و ربما اخرين من الذين وشى بهم بن يوسف لا تستحق هذا القصاص الشعبى و لماذا يكيل البعض بسياسة المكيالين للحكم على اوضاع ساخنة كانت تعيشها تونس تجمع فيها كل المتآمرين و كل الخونة و الصائدين فى الماء العكر، فى النهاية هذه بعض حقائق التاريخ لا يمكن لبعض سماسرة الخداع الوجدانى من رفضها أو مواجهتها و يبقى بورقيبة زعيما و لو كره المنافقون .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: