أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4440
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
المعلوم في فن الكتابة و التعبير أن توضع النقطة في نهاية السطر لكن في السياسة يمكن وضع النقطة في أية مرحلة و في أي زمان أو مكان دون انتظار نهاية السطر بحيث نرى اليوم التغيير تلو التغيير في الحكومات العربية مما يؤشر على وجود ارتباك ظاهر في كيفية التعامل مع المتغيرات الداخلية و الخارجية و هذه الحالة المتعثرة ليست صحية بالمرة لان الحكومات و الوزراء لا يمكنهم النجاح في خططهم في لمح البصر و في أوقات قصيرة و تغييرهم بتلك الكيفية المتسرعة هي عملية فوضوية لا تؤدى إلى مكان، هكذا حصل مع حكومة السيد الحبيب الصيد و من الممكن أن يحدث مع حكومة السيد يوسف الشاهد التي تتعالى بعض الأصوات المثيرة للغثيان إلى تجديدها و هي لم تقض إلا بعض الساعات في الحكم، هناك هستيريا و حالة فوضى غير مسبوقة داخل المشهد السياسي التونسي تؤكد للمتابعين أن هناك من يحرك هذه الفوضى و هذه المناكفات القذرة و أن هناك دولا عربية و غربية ليس من مصلحتها استقرار تونس و هي تسعى جهدها لإسقاط التجربة التونسية بعد أن حجبت عن هذه الثورة الإعانات الموعودة .
لا يظن أحد أن هناك في الغرب أو في الأنظمة العربية من هو مسرور بالتجربة التونسية، كل ما نسمعه و سمعناه مرارا و تكرارا تبين بالكاشف أنها مجرد كلمات معسولة لا أكثر و لا أقل، فالدول الغربية لا تريد من هذه التجربة أن تنجح لأنها تود أن تبقى الشعوب العربية على جهلها و تأخرها العلمي تحكمها أنظمة استبدادية مستعدة لإعطاء بطاقة بيضاء تخول لهذه الدول التصرف في خيرات الأمة العربية دون استئذان مقابل حماية أنظمتها و عروشها و الصمت على المجازر و انتهاك حقوق الإنسان و التعذيب، بالمقابل تعمل الدول الخليجية النفطية على إبعاد هذا الشبح المخيف عن مناخها و محيطها حتى لا تتلوث بيئتها بسماع أصوات المظاهرات المطالبة بالحرية و الديمقراطية و التبادل الشفاف للسلطة، لذلك تسعى الإمارات العربية المتحدة و السعودية و قطر بكل جهدها إلى إسقاط الثورة التونسية بتمويل الجماعات الإرهابية التي تتكفل بنشر ثقافة التكفير و القتل باسم الدين و تعطى لأعوان مخابرات هذه الدول فرصا كثيرة للاستيلاء على الأرشيف الوطني تماما كما حصل إبان ‘غزوة’ الشاحنات التي قامت بها السيد سهام بن سدرين بالتواطىء مع القطري محمد المرزوقي لسرقة الأرشيف الرئاسي، عزوة قذرة تلت غزوة بن سدرين و فرحات الراجحى لإحراق مقر امن الدولة لحرق الأرشيف و الاستيلاء على بعض الملفات المهمة التي تخص قيادات تحكم تونس بعد الثورة منتمية إلى حزب ديني و إلى شخصيات من أحزاب اليسار .
لقد شكل المجلس التأسيسي و الإرهاب العمود الفقري الذي حاولت به حركة النهضة و بعض الدول على رأسها قطر و تركيا و فرنسا ضرب مؤسسات الدولة في العمق لكسرها باعتبارها الخطر الوحيد الذي يواجه طموحاتها المسمومة و لعل دخول محمد المرزوقي و مصطفى بن جعفر في هذا التحالف الثلاثي فيما يشبه تحالف ‘ أصدقاء سوريا’ الذي ينفذ مشروع إسقاط النظام السوري قد شكل صدمة للرأي العام الذي تفطن متأخرا لخطورة هذا المشروع الجهنمي و سعى لإجهاضه بتقديم كثير من التضحيات سواء في واقعة 9 أفريل بشارع بورقيبة أو بواقعة حرب الرش التي شنها وزير الداخلية على العريض على الشعب في مدينة سليانة أو في واقعة قصر العبدلية حين تم الدوس على الثقافة أو في واقعة الاعتداء على المرافقين لجنازة الشهيد شكري بلعيد إلى غير ذلك من المحطات المؤلمة التي تولت فيها ميليشيات الحركة بقيادة عماد دغيج و ريكوبا عملية تخويف الشعب و ترويعه، اليوم تدفع تونس الثمن الباهظ لهذه السياسة العدوانية لحركة النهضة و مرتزقتها من حزب المؤتمر و التكتل واليوم يستمر المخطط بلغة و أعوان آخرين مثلما حصل في مدينة جمنة حين تحول احد صقور الحركة عبد اللطيف المكي لاستثارة الأهالي و ضرب مؤسسات الدولة و إعطاء الذريعة للفوضى بهدف إعطاء الفرصة للمهربين و الإرهابيين لاستغلال الهشاشة الأمنية لإدخال ما لديهم من أموال و أسلحة و سلع مهربة .
تمثل السيدة سامية عبو حالة مستعصية على الفهم في المشهد السياسي التونسي لأنها تقف دائما في المكان و في المحطة الخطأ و لعل مساندتها المطلقة كنائبة للشعب لتحركات أهالي جمنة بتلك الكيفية القبيحة في حركة شعبوية قد أسال كثيرا من الحبر على اعتبار آن تغيير القوانين هي مهمة النواب و كان على هذه النائبة بدل الاتجاه إلى مثل هذه الحركات الصبيانية المضحكة السعي إلى تغيير القوانين لفض مثل هذه المشاكل و هذا ما يحدث في كل دول العالم لكن يظهر آن شعورها بالعزلة السياسية و الشعبية المتدنية المتزايدة قد دفعها إلى هذه الحركة الانتهازية لاستعادة بريق خفت منذ مدة، بل من المؤسف أن تنزل الجبهة الشعبية إلى الحضيض بالسعي لاستثمار الحدث لتلميع صورتها الممزقة المترهلة نتيجة سوداوية خطاب السيد حمة الهمامى و نمطيته السقيمة التي انتقدها رفيقه المنجى الرحوى بقوة و دعاه صراحة إلى اعتزال العمل السياسي مع بقية الشلة المتكلسة مثل زياد الأخضر و احمد الصديق و عمار عمروسية منعا لمزيد الإضرار بالحركة اليسارية في عنوانها العام .
لقد أثبتت التجربة التونسية أن الفساد حالة عامة كما أثبتت التحريات أن هناك علاقة بين المال الفاسد المتأتي من التهريب و الرشوة و تجارة السلاح و الدعارة و بين كل الأحزاب و النواب و بغض القيادات الأمنية و أجهزة القضاء و رجال الإعلام، هذه سمة من سمات الوضع الجماعي الفاسد و هذا الأمر يجعل من مقاومة الفساد و إرجاع هيبة الدولة عملا عسيرا إن لم نقل مستحيلا و هنا يبرز السؤال هل ستكتفي حكومة السيد يوسف الشاهد بضرب بعض صغار المهربين أم ستكون لها الشجاعة الكافية لمحاسبة الأحزاب و النواب و القضاة و الأمنيين و الإعلاميين و الوزراء و رؤساء الشركات الحكومية الكبرى، هناك حلل واضح في خط السير الحكومي و ما وضعته وثيقة قرطاج من عناوين براقة يظهر انه من باب رؤوس الأقلام التي ستبقى حبرا على ورق لذلك نؤكد بمنتهى الصراحة أن الحرب على الإرهاب و على الفساد تتطلب خططا واضحة ليست جاهزة رغم كل النيات الحسنة .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: