أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4351
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الكثير منا لا يعرف المذيع و الباحث على قناة ‘ القاهرة و الناس ‘ إسلام بحيرى، لا يهم، ما يهم في هذا المقال أن نندد باعتقال السلطات المصرية لهذا الرجل على خلفية بائسة و شائنة مسماة ‘ بازدراء الأديان ‘، الرجل معتقل منذ 28/12/2015 لكنه و رغم انقضاء العقوبة لم يتم الإفراج عنه لأسباب بقيت مجهولة، يظهر أن النظام الحاكم يريد تبليغ البعض رسائل معينة بالاستمرار في حبس هذا المفكر من باب اضرب القطوسة تخاف العروسة كما يقال بلهجتنا التونسية، فالتهمة من الأساس ملفقة و مثير ة للسخرية و الازدراء و كل الذين تعاطفوا مع الرجل حتى من أكثر منتقديه يعتبرون أن النظام بتلفيقه هذه التهمة لهذا الباحث و المفكر قد سقط في المحظور و بات لا يقل عنفا و ازدراء لحقوق التعبير و حقوق الإنسان من أكثر الأنظمة الاستبدادية في المنطقة، ما لا يعرفه البعض عن السيد إسلام بحيرى أنه يسعى بالحجة العلمية و الدينية إلى فضح عديد المفاهيم الشائعة التي تريد الجماعات الإسلامية التكفيرية أن تجعل منها الحقيقة الثابتة في عقول بعض المغفلين الذين نراهم اليوم يقتلون على الهوية و يكفرون الناس و يستمرون في المجازر المروعة في حق الإنسانية في سوريا و العراق و بقية الدول العربية دون استثناء.
هذا مربط الفرس، هناك داخل النظام المصري و داخل القضاء فلول مرتبطة بأجندات تركية صهيونية قطرية، و هناك حالة من الرعب و الخوف داخل بعض الأدمغة التكفيرية في قطر و في مصر التي جعلت من التكفير و نشر الثقافة الإسلامية الخاطئة بين المواطنين البسطاء الوسيلة النشيطة لتكوين مؤسسة تكفيرية إرهابية قادرة على تنفيذ المخططات الصهيونية في حالة اشتباك مصالح بين الإسلام السياسي و بين المخطط الصهيوني الرامي لتفتيت المنطقة العربية باستعمال لغة التكفير و الطائفية لإثارة المشاعر و تغليب لغة العنف على لغة الحوار و التسامح ،و الذين يصرون على تواصل اعتقال السيد بحيرى هم أنفسهم الذين قتلوا الكاتب و المفكر الكبير ناهض حتر منذ أيام في العاصمة الأردنية عمان و هم أنفسهم الذين اغتالوا المفكر العلماني الكبير فرج فودة و هم أنفسهم الذين قتلوا العلامة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطى في سوريا ، فالرجل لم يتعدى على الذات الإلهية و لا على المقدسات كما يخيل للبعض بل اكتفى بمناقشة الشيخ أبو عبد الله البخاري، و البخاري كما نعلم بشر يجوز مناقشة أفكاره و كتبه و آراءه كغيره من البشر و لكن الأزهر هو من افتعل هذه ‘الجريمة’ و هو الذي صمت صمت المتخاذلين العاجزين على اغتيال الشعب السوري و اليمنى و العراقي و هو الذي صمت على سيلان الدماء في تونس، في ليبيا و في كثير من الدول العربية .
لعل هناك ما هو مستراب في قضية محاكمة السيد بحيرى و لعل من يعلم ‘الهوية’ الكاملة للمحامين الذين رفعوا هذه القضية المهزلة للقضاء يدرك اليوم أن الإسلام السياسي لن تقوم له قائمة ما دام لا يقبل النقد و الحجة المعاكسة، أيضا يمكن القول أن هؤلاء الذين تخفوا وراء الأزهر الشريف لرفع هذه التهمة الجوفاء إلى القضاء هم هؤلاء الذين يسعون جهدهم لإرباك الوضع الذهني للشعوب العربية مستغلين الهجمة الصهيونية الغربية على الإسلام و هي حالة تشابك مصالح غير مسبوقة في تاريخ البشرية و في تاريخ المنطقة العربية، أيضا لا يمكن اليوم القبول بأن تكون المؤسسة الدينية مهما علا شأنها الوصية المفروضة على الفكر و على حرية التعبير بل من العار أن يكون الأزهر هو الخصم و الحكم في نفس الوقت و هو ما يؤكد للجميع أن هذه المؤسسة كغيرها من المؤسسات الدينية في العالم العربي قد أصبحت منطقة خطر ضد الفكر لأنها لم تقاوم و لم تقم بأي تصرف ناجز لإسقاط الفكر التكفيري و معالجة أثاره في المجتمع و لم تترك للمثقفين و المتنورين فرصة مواجهة هذه الفئة السعودية التكفيرية الإرهابية التي أصبحت تمثل خطرا مرعبا على مصير الأمة و الوطن العربي، و لان السيد بحيرى لم يهن الدين لأنه كان يقوم بتفنيد ما جاء في المذاهب الأربعة دون المساس بالدين ذاته فالظاهر أن القاضي قد تأثر بالإعلام المشبوه و بالضغوط التي مارستها بعض الفضائيات الخليجية المأجورة لنشر ثقافة التكفير لتوجيه الرأي العام لوجهة معينة و هي الوجهة التي تبيح سجنه و إهدار دمه مثلما جاء في عديد المقالات و البرامج .
لعل الأزهر الشريف اليوم لم يعد الأزهر زمان و لعل الأزهر يكتفي اليوم بدور صوري رغم خطورة ما تعيشه الأمة العربية من مؤامرات و مخططات تكفيرية و إرهابية بدليل ما جاء في بلاغه للنائب العام المصري حين يقول ‘ إن إسلام ( يعنى الرجل ) استفحل خطره ‘ مما دفع بأحد كبار المفكرين المصريين بالقول ‘ إسلام الحيرى استفحل ؟ و داعش ما استفحلتش، عشان كده رفضتو تكفيرها ؟ ‘، هل إسلام قتل أو حرق أو وضع قنابل أو دمر كنائس ؟، لذلك من المؤسف أن يرتفع صوت الأزهر ضد حرية التعبير و يخفت أمام الهجوم الوحشي البربري السعودي ضد الشعب اليمنى فهل أن الدماء البريئة لا تحرك ضمائر شيوخ الأزهر و شيوخ كبار علماء المسلمين بل هل بات تقديم البلاغات ضد المثقفين هو التجارة الرابحة لبعض المشايخ، فالاستعمار و الفكر الصليبي البريطاني الذي قاومه الأزهر أيام الانتداب البريطاني هو نفس الاستعمار الذي تقوده الولايات المتحدة للإطاحة بالدول العربية و نفس الاستعمار الديني التكفيري الذي تقوده المؤسسة الدينية و النظام السعودي لخدمة المشروع الصهيوني في المنطقة، لكن من الواضح أن السلطات المصرية لا ترى في فكر السيد بحيرى إلا العدو المتربص و في الرجل إلا مجرد نشال و ليس قيمة فكرية حقيقية تنشر ثقافة التنوير ضد كل دعاة الظلام ، و تلك المصيبة .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: