أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3819
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من اللؤم ما قتل، في السياسة كل شيء قذر مباح و لذلك لم يكن غريبا أن تخرج الإشاعات المتواصلة حول مرض و موت الرئيس الباجى قائد السبسى، لكن هذه الإشاعة وراءها خبثاء انتهازيون بالطبع و التطبع و من ‘يبث’ هذه الإشاعة باستمرار يستغل سن الرئيس و ربما حالته المرضية ليخلق جوا قابلا للتغيير و ليقدم نفسه كمنقذ للوطن ، المهم أن الإشاعة قد فعلت فعلها و فرضت التساؤل بحيث لم يجد رئيس الدولة من ملاذ لإسكات هذه الإشاعة المسمومة إلا الظهور علنا في استقبال السفير الفرنسي بمناسبة نهاية مهامه الدبلوماسية بتونس، الإشاعة أيضا كشفت أنها قادرة على فرض حالة من البلبلة داخل القصر الرئاسي نفسه بحيث لم يتمكن طاقم العلاقات العامة للرئيس من مواجهة هذه القنبلة الانشطارية التي انفجرت على طول و عرض الساحة السياسية المتوترة أصلا بحكم حملات التقسيم و التشكيك في مؤسسات الدولة التي يديرها الرئيس السابق و طاقمه و بالذات السيد عدنان منصر المكلف بالهجوم المتواصل على الحكومة و على الرئاسة .
يتهم مستشار الرئاسة السيد منذر قفراش علنا و بكامل الدقة و الوضوح من اعتبره الرئيس ابنه الروحي ليحتضنه و يخرجه من العالم الموازى إلى واجهة الأحداث السياسية، لكنه قابل ذلك المعروف السياسي بالخيانة و الغدر، طبعا يجب البحث عن الشخص المعنى بالأمر لان الرئيس بحكم قيادته و إنشاءه لحزب النداء قد أخرج كثيرا من ‘ القيادات’ من الحدائق الخلفية السياسية المظلمة ليضعها في واجهة الأحداث السياسية التي تلت انهيار حركة النهضة بعد اعتصام باردو و سقوط حكومة على العريض، لكن مجرد إشارة مستشار الرئيس إلى أن هذا اللئيم هو رئيس حزب سياسي فقد رأى عديد المتابعين في السيد محسن مرزوق الشخص المقصود بهذا الاتهام و كونه من قطع إلى الأبد شعرة معاوية مع الرئيس مع أن المفترض أن يشير بأصابع الاتهام إلى الرئيس المؤقت السابق محمد المرزوقي، فالرجل كان موضع اتهام مباشر منذ أشهر فقط من طرف الناشط في حزب النداء الأستاذ عبد الستار المسعودي تعليقا على ما نشرته صحيفة الكترونية في سويسرا منسوبة لحزب ‘حراك تونس الإرادة ‘ و هو الحزب الهلامي الذي أنشأه الرئيس المؤقت السابق من كون الرئيس السبسى يعالج في إحدى المصحات السويسرية، خبر سرعان ما تناقلته عديد وسائل الإعلام من بينها صحيفة ‘ الن جويس’ السويسرية مما أثار حفيظة الرئيس السبسى و سخريته اللاذعة.
طبعا لا ينكر المتابعون وجود حالة من العداء المتبادلة بين الرئيسين، فالرئيس محمد المرزوقي لم يهضم لحد الآن انسحابه المذل أمام الرئيس الحالي في الانتخابات الرئاسية خاصة و انه ‘استعمل’ كل أسلحته الهجومية اللفظية و كل أدواته العضلية على الميدان مستغلا تقدم سن البجبوج، و الرئيس المؤقت السابق هو المتهم بالوقوف وراء الأحداث الدموية العنيفة في الجنوب بسبب تصريحاته التحريضية على الرئيس و على رئاسة الحكومة، و هنا لا يمكن المرور دون ذكر تصريح السيد سليم الرياحى حين أشار بشيء من الغموض إلى المرزوقي معتبرا إياه من ‘ الأطراف التي عودتنا بأنها لا تستطيع العيش إلا في الفوضى و العنف و الفراغ و لا تستطيع السباحة إلا في الوحل ‘ في إشارة إلى الاتهامات المتعلقة بإثارته للفوضى و الاضطرابات في بعض مدن الجنوب، في هذا السياق، يعتبر المتابعون أن تصريحات الرئيس السابق تدخل في حرية التعبير لكن هناك من يرى أن إشاعة خبر وفاة الرئيس لا يمكن أن تدخل في هذا الباب بل أنها يمكن أن تزيد من هشاشة الوضع الأمني الهش في البلاد فضلا عن كون الرئيس السابق لم يراع في تصريحاته واجبه الوطني في المساهمة في خروج البلاد من هذا الوضع و التدرج الحذر لحين استكمال المرحلة السياسية الانتقالية بسلام، و رغم نفى السيد محمد المرزوقي كل الاتهامات الموجهة إليه فالثابت اليوم أن الرئيس الحالي ما كان ليتحرج و يشير بأصبع الاتهام لو لم تتوفر لديه معلومات مؤكدة من كثير من المصادر، و لعل الأيام القادمة ستكشف كثيرا من الحقائق و منها أن الرئيس المرزوقي قد بدأ حملته الرئاسية القادمة مبكرا جدا الأمر الذي يعتبره بعض المراقبين خطأ تكتيكيا كبيرا خاصة و أنه لا يمكن تصور ترشح السيد السبسى مجددا .
لكن المثير أن يخرج السيد محسن مرزوق منذ لحظات عن الصمت ليكشف أنه الشخص المستهدف مباشرة بالاتهام من مستشار الرئيس مستعملا بعض الأكليشيهات اللفظية التي يحاول بها الرجل إثبات براعته اللغوية و قوة ردوده السياسية دون أن ينتبه أن مجرد كشف نفسه يحمل في طياته أكثر من سؤال أوله لماذا شعر بكونه الطرف المستهدف و ثانيه أنه وقع في الفخ المنصوب إليه بإحكام من مستشار الرئيس الذي يصفه السيد مرزوق بكونه من البارعين في بث الإشاعات المزعجة و بكونه أدنى من الحضيض، بطبيعة الحال، كان من المفروض أن يصمت الرجل لان الإشاعات و الأراجيف تموت بالصمت لكنه أظهر رعونة سياسية كبرى كشفتها عديد الأحداث منذ صعود حزب نداء تونس إلى العلن و فوزه بالانتخابات التشريعية و الرئاسية، المهم، أن هناك حربا باردة قد تحولت إلى حرب مفتوحة على كل الاحتمالات و أن هناك قيادات سياسية لا تريد للسلم الاجتماعية أن تتواصل رغم هشاشة الوضع على كل المستويات، فهل تحتاج تونس اليوم إلى مثل هذه الصراعات الطفولية المثيرة للسخرية .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: