أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4030
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بعد لحم الحمير و الغلال و المشروبات و الحلويات و اللحوم المختلفة الفاسدة يظهر أن مافيا الفساد قد اقتنعت أخيرا أن آخر ‘ الدواء’ هو الكي و أن معدة التونسي قادرة على ابتلاع و هضم ‘الزلط’ كما يقول الإخوة المصريون فتم الالتجاء إلى الأدوية المتعفنة الفاسدة و منها مواد التخدير و هذه اللوالب المنتهية الصلاحية للقضاء علينا مرة واحدة و إلقاء أشلاء جثثنا في مصبات الفضلات المنتشرة في كامل تراب الجمهورية خاصة بعد أن رفضت بلدياتنا القيام بواجبها بعد أن تلقى أعوانها الزيادات المطلوبة ، طبعا ، نحن لا نثق في السيد يوسف الشاهد و لا في وعوده بالقضاء على منظومة الفساد و نعتقد أنها مجرد هفوة شباب لان عملية القضاء على الفساد ليست بالسهولة التي يراها رئيس الحكومة و رئيس هيئة مكافحة الفساد العميد السابق الأستاذ شوقي الطبيب، الفساد اليوم مؤسسة متكاملة الأركان تتداخل فيها عدة أطراف فاعلة ليست مستعدة للمحاسبة .
الذين يقدمون الدواء الفاسد لا يمثلون حالة منعزلة كما يظن البعض، فهناك من الأطباء من يحمل كميات من الأدوية لعيادته الخاصة و هناك تغطية على الفساد في المستشفيات و هناك ملفات حارقة تنتظر الكشف عنها و هناك منظومة فاسدة تعتم على الفساد حتى لا يكشف المستور و تخرج الحقائق المتعلقة بسرقة الأعضاء أو بسرقة الأدوية أو بالعمليات المشبوهة أو بمسؤولية بعض الأطباء في بعض العمليات الفاشلة نتيجة تقاعسهم و تأخر عمليات التدخل و سوء التقييم ، هذه المنظومة مترابطة مع بعض القضاة و المحامين و الإعلاميين الفاسدين و هو ما يفسر حالة التعتيم و عدم المحاسبة رغم عدد كبير من العمليات التي أثارت كثيرا من التساؤلات حول المسؤولية المهنية لبعض الأطباء و رغم شبهة الأخطاء الطبية التي تثار في المحاكم لكن القضاء سرعان ما يهمشها و يقضى بترك السبيل و رفض القيام بالحق بالشخصي، في نهاية الأمر يأتي الكشف عن مواد التخدير و اللوالب الفاسدة ليؤكد أن وزارة الصحة قد تقاعست في اتخاذ التدابير الرادعة و كانت مسئولة أخلاقيا و قانونيا على تنامي الفساد في مستشفياتها و في مؤسسات الصحة الخاصة .
عندما يكون هناك فساد فالدولة مسئولة و عندما تصمت الوزارة على الفساد فهي شريكة فاعلة في ظاهرة الفساد، و عندما يتم القبض على بعض الأعوان في المطار بنهمة سرقة أمتعة المسافرين فمن المؤكد أن كبار القوم في المطار قد أفلتوا و لو مؤقتا من المحاسبة، فرئيس المطار يعلم و أجهزة المراقبة تعلم و كبار المسئولين يعلمون و ضباط الجمارك يعلمون لان الفساد في المطارات و الموانئ ليس حالة معزولة بل هو مؤسسة قائمة بذاتها و لان الدولة في نهاية الأمر هي من انتدبت هذه العصابات الفاسدة فهي تتحمل مسؤولية هذه الانتدابات و مسؤولية تشويه سمعة السياحة و سمعة المواطن التونسي الشريف ، و حين نعلم أن ضباط الجمارك يقسمون على الشرف ندرك الحضيض الذي وصل إليه البعض من أجل نهم المال، ليبقى السؤال في نهاية الأمر كيف سيقضى رئيس الحكومة على منظومة الفساد في المطارات و الموانئ، هل تكفى الإرادة السياسية للقضاء على منظومة الفساد التي تشغل الآلاف و تتحكم في كثير من مفاصل الاقتصاد الموازى .
مليارات صرفت في التعويض لكثير من ‘ المتضررين’ الموهومين نتيجة وجود منظومة كاملة من الأمنيين و الأطباء و موظفي شركات التامين و المحامين و القضاة تدير شبكة لتحرير محاضر بحث وهمية تتعلق بحوادث مرور مزعومة، هذه هي طبعا منظومة الفساد ‘ المثالية’ و هكذا يتم ممارسة الفساد و التغطية عليه بمساعدة بعض السياسيين و الأحزاب ، أيضا من المهم الإشارة أن القوانين المرعية لا تساعد على محاسبة الفاسدين و تنخرها عديد الفجوات بحيث يصعب محاكمة الفساد و الفاسدين بالشكل الرادع المطلوب ، بالنتيجة ستخرج المصحات المتورطة في قضية اللوالب المنتهية الصلاحية وهى مصحة مونبليزير و مصحة البحيرة و مصحة ابن زهر و المركز الطبي قرطاجنة كما ذكر موقع ‘أرابيسك’ من هذه القضية المرعبة كالشعرة من العجين و يبقى الخاسر الوحيد من هذه اللعبة الدموية هو المواطن الشقي الذي لا يملك دولة تحميه و تدافع عنه، وبرحيل وزير الصحة السابق السيد سعيد العايدى الذي هدد باتخاذ إجراءات لتحديد المسؤوليات جاء الدور على السيدة سميرة مرعى الوزيرة الجديدة لتقدم لهذا الشعب نتائج التحقيق و تكشف عن كل القتلة و كل الفاسدين و الخونة الذين باعوا الضمير مقابل تضخم حساباتهم البنكية، فهل ستقف الوزيرة موقفا تاريخيا يذكره التاريخ .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: