أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4113
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
سقطت رهانات الجبهة الشعبية و لم تحض بالقبول، رهانات خاسرة من البداية لان ما تقدمه هذه الجبهة من أطروحات و حلول لا يرى فيها هذا الشعب أي حل و أي منطق لان مسألة حل المشاكل الاقتصادية هي مشكلة مستعصية في كل البلدان و تونس لن تكون الاستثناء مهما قدم السيد حمة الهمامى من خطب رنانة و تصريحات واهية، اليوم تجد الجبهة نفسها معزولة و منبوذة خاصة بعد أن انفرط عقد التحالف الديمقراطي و سقط البعض في باب الانتهازية السياسية بالقبول بالجلوس مع حركة النهضة التي اتهمها هؤلاء أنفسهم بالاغتيالات و بالضلوع في الإرهاب و بالعلاقة الآثمة مع ‘ أصدقاء سوريا’ فضلا عن شبهة التمويل الفاسد و تفخيخ المؤسسة القضائية زمن الوزير نورالدين البحيرى و الأمنية زمن الوزير على العريض أو من يسمى ‘بعلي الرش’، هذه العزلة ستؤكد للمتابعين مرة أخرى عدمية خطاب الجبهة و عدم تناسقه مع الواقع و التحولات الدراماتيكية السريعة التي يعيشها الشعب التونسي منذ خمسة سنوات .
لقد شنت الجبهة الشعبية حرب استنزاف على حكومة النداء الرباعية، استعملت الجبهة في هذه الحرب اللعينة كل الأسلحة الخبيثة و من أهمها طبعا النفاق السياسي حين وقفت وراء حملة مغرضة تنادى رئيس الدولة بالاعتذار لأهل الجنوب بمقولة و أنه تعمد المس من كرامتهم و هي دعوة لئيمة تريد صب النار على هشيم الوضع المتكدر في الجنوب بفعل حملات التجييش و التوتير التي ‘أثثها’ المنصف المرزوقي بمعية جماعة حزب المؤتمر الفاشلين يقودهم ‘المدون’ عدنان منصر صاحب مسرحية البكاء الشهيرة في برنامج ‘لمن يجرؤ فقط ‘، وقفت الجبهة أيضا ضد قانون المصالحة و استنزفت كل طاقات ‘نوابها’ في مجلس الشعب لإطلاق النار على هذه المبادرة مع سيل مقرف من الاتهامات الجوفاء تولى النائب المنجى الرحوى تسويقها إعلاميا متجاهلا أن حق الاعتراض لا يمكن أن يتحول إلى حطب و زيت تحترق به ثياب الشعب الذي فقد الثقة في كل هذه الطبقة السياسية الفاشلة، أيضا كانت الجبهة تستفز المنطق في كل تدخلاتها النيابية و في كل حواراتها الإعلامية منم باب خالف تعرف و فيل و لو طار .
لقد تعاملت الجبهة من موقعها المعارض مع كل من يعارضها بكيفية متعجرفة و بأدوات لفظية تدل على غباء سياسي مفرط، لقد كان هم الجبهة هو الاعتراض و تسجيل الاعتراض تلو الاعتراض دون تقديم مصلحة البلاد على مصلحتها السياسوية الضيقة بل أنها لم تر أبعد من أنفها حين صبت جام غضبها على كل المبادرات التشريعية بتسليط اتهام مكرر بوجود نية حكومية و سياسية لبيع و رهن البلاد في حين أن كل دول العالم تقوم دائما بالاقتراض و التداين لسد بعض العجز في ظل ما يعانيه الاقتصاد العالمي من توتر متواصل، لم تطور الجبهة خطابها و لم تطور نفسها مع الزمن كما تفعل جميع الكائنات السياسية في العالم و ظلت حبيسة أفكارها ‘ الزمنية’ القديمة التي تخلص منها أصحابها أنفسهم خاصة بعد انهيار المنظومة الشيوعية بأكملها في عهد ميخاييل قوربتشاف، و لعل المتأمل في ‘ وجوه’ الطبقة السياسية التي تتحكم في الجبهة يلاحظ هذا الغياب المتواصل عن الوعي بما يحدث داخل البلاد و بعدمية الخطاب الذي تكرره الحركة مع إطلالة شمس كل يوم سياسي .
لقد صدت الجبهة أذنها عن حركة التاريخ ووقفت قيادتها الخارجة عن الزمن أمام أبواب التشبيب و المراجعة و الإبداع السياسي الذي تمثله الأجيال الصاعدة بما يؤكد أن هذه القيادة قد وجدت نفسها في مأزق نتيجة تكلسها و عدم رغبتها في مسايرة الواقع و ما حدث في تونس من تغيير دراماتيكي بعد الثورة، و حين ننظر مثلا لنوعية الخطاب السياسي الذي يرجع به الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزى للشعب الفرنسى و ما طرأ عليه من تطوير سواء على مستوى اختيار المفردات و الألفاظ أو على مستوى التوقيت المناسب للظهور في الإعلام أو على مستوى الرؤية السياسية الجديدة لحل مشاكل الاقتصاد الفرنسي و نقارن هذا المنتج السياسي بالمنتج الذي يلوكه السيد حمة الهمامى منذ سنوات دون تغيير نفهم لماذا وقفت عقارب الساعة السياسية لحزب الجبهة الشعبية في الساحة الحمراء دون أن تشعر برياح التغيير التي هبت لتقتلع النظريات ‘ الشيوعية’ و ترميها في زبالة التاريخ، فهل سيستيقظ السيد حمة الهمامى هذا إن استيقظ .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: