أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4871
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من ‘ حق ‘ حركة النهضة أن ترفض فتح دفاترها للمراقبة و التمحيص ، من حقها أن تخفى مصادر تمويلها المشبوهة و من حقها أن تقول أن ما كشفته وثائق بنما من شبهات فساد مالي و ما كشفته أسبوعية ‘ الثورة نيوز ‘ من تصاعد ثروات ‘جماعتها’ الوزراء السابقين و النواب الحاليين و القدامى هو افتراء ، من حقنا كمواطنين درجة عاشرة أن نكشف الحقائق و نتساءل و نعيد السؤال لنقول بكامل الجهر و الوضوح لكل هؤلاء الذين فقعوا مرارتنا بالحديث عن المروءة و نظافة اليد و الفضيلة إلى غير ذلك من الدعابات السخيفة : من أين لكم هذا و من أين تأتون بهذه الأموال الخيالية من يمولكم و لماذا و هل أن ‘سيرتكم ‘ المالية لا تحتاج إلى مساءلة ثم إلى محاسبة ثم إلى محاكمة ، ثم هناك سؤال يحتاج إلى إجابة صادقة رغم أن الصدق ليس مـــن مزايا و صفات قيادات النهضة إن لم نقل اغلبهم من باب الابتعاد عن التعميم : كيف لا تخجل حركة النهضة من المطالبة بوزارة مقاومة الفساد ؟ .
في عهد بن على صمت الجميع عن مواجهة الفساد إلا بعض الأصوات النشاز ، صمت الإعلام صمت القبور و صمتت ‘ الأحزاب’ الكرتونية التي كشف أمرها لاحقا بكونها كانت ترضع أموال وكالة الاتصال الخارجي و لكنها تخفى عن العيون علب الحليب التي يخصصها النظام لهؤلاء ‘ الصغار’ الذين تحولوا كبارا بعض الثورة يصمون الأسماع يوميا بالحديث عن ‘مقاومة الفساد ‘ و يؤثثون حملات ‘ وينو البترول ؟ ‘ مع أنه كان من الأجدر أن يمسحوا أدرانهم حتى لا يخرج عليهم من القوم من يرفع شعار ‘ويني أموال وكالة الاتصال الخارجي ؟ ‘ أو ‘ ردوا فلوس الشعب يا سراق ‘ ، لكن من بركات هذه الثورة الملعونة أنها فتحت الأفواه على مصراعيها و أطلقت اللسان المعارض بحيث يحق اليوم أن نتساءل أين وصلت ‘مشكلة’ السيد بلقاسم الفرشيشى مستشار رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالى و أحد الكوادر المهمة في حركة النهضة ؟ .. تقول التحريات أن الرجل كان ينقل كميات هائلة من الأموال ‘ الخليجية ‘ لفائدة حركة النهضة مستغلا صفته الدبلوماسية لكن السلطات التونسية ، حركة النهضة طبعا ، تدخلت لدى السلطات الفرنسية لإطلاق سراحه و لا يزال البحث عن مصير تلك الأموال الخيالية مجهولا .
حين سألوا مرشد الجماعة السيد راشد الغنوشى عن مصادر تمويل النهضة أجاب بكثير من الخبث و عدم احترام ذكاء الآخرين بأن ‘ الإخوان’ هم من يتولون تقديم التبرعات من ‘ مالهم ‘ الخاص لفائدة صندوق الحركة ، كثير من الناس الذين سمعوا هذا الجواب الفارغ و يعرفون كيف عاش الشيخ في منفاه الاختياري ‘ الملكي ‘بلندن مع بقية ‘ الشلة’ التي نراها اليوم تركب السيارات الغالية الثمن و كيف كانت الأموال الخليجية تغطى مصاريفهم و مصاريف تعليم أبناءهم يستلقون على الأرض من فرط الضحك ، أيضا لا ندرى صراحة كم لهف ‘ الجماعة’ من خزائن الدولة بفعل قانون التعويض الذي سنه هؤلاء تحت جنح الظلام و في إحدى ليالي السهر في المجلس التأسيسي ذميم الصيت و هل حولت بعض هذه المبالغ الخيالية أو كلها لخزينة الشيخ راشد أو لأحد الخزائن في إحدى الدول التي يطلق عليها اسم جنان ‘ الأموال المهربة ‘ ، كم أدخل الجماعة من أموال خليجية مشبوهة في فترة تحكم زلمتهم عبد الكريم العبيدى في مطار تونس قرطاج و ما سمي بشبكة الأمن الموازى الذي زرعه السيد على العريض رئيس الحكومة ووزير الداخلية سيء الصيت زمن حكم الترويكا الفاسد ، من يدير شبكة المال الفاسد الذي يؤمن ‘ ترف’ هذه الميليشيات التي استعملتها الحركة في أيام ‘ الضيق’ و زرعتها اليوم في ‘ الهواء’ بعدما حاولت ارتداء لباس الطهر خوفا من المحاسبة بعد انتصار حزب نداء تونس و صعود هذا الرئيس المثير لكثير من علامات الاستفهام إلى سلطة الحكم .
جاء المؤتمر العاشر للحركة ليكشف للجميع حالة الترف الخيالية التي يعيشها رئيس الحزب و من ينتمون لقيادات الصف الأول بالذات ، و كما اكتشف الجميع بكثير من الاستغراب المشوب بالقرف شبهات المال الفاسد الذي مول و حرك ‘قافلة’ زعماء النداء و بالذات ذلك ‘الاحتفال’ الذي صرف فيه الحزب دم قلبه قبل بداية الصمت الانتخابي الرئاسي بقليل فقد كشفت الاحتفالية العاشرة أن وراء الستار ما وراءه و أن الحزب قد تحول إلى وكر للفاسدين و المنتفعين بالأموال الخارجية و أن قوانين الأحزاب لم تطبق و لن تطبق و أن كل هذه المزاعم و الشعارات التي رفعت لمحاربة الفساد بمزيد الشفافية هي مجرد خرافات و دعايات انتخابية ، و حتى نعطى لقيصر ما لقيصر فقد ارتفعت أصوات حرة من دائرة الحركة نفسها نريد أن نكبرها و ننحني أمامها تنتقد علنا مثل هذا البذخ في وقت تعيش فيه تونس ظروفا قاسية و تتصاعد فيه نسبة البطالة إلى أرقام فلكية مجنونة ، و لقد كان للسيد فوزى مسعود نفسه مواقف على غاية من الاحترام عرت مواطن خلل كثيرة في تصرفات الحركة و شكلت لبعض الملاحظين نقطة الضوء الوحيدة التي تؤكد أن تعارض الأفكار مع الرجل لا تنفى تقديرنا لكل موقف يراعى مصلحة الوطن قبل الأحزاب .
نحن ليس من عادتنا و شيمنا إطلاق النار على عربات الإسعاف أو الرجم بالغيب أو ادعاء ملكية الحقيقة الكاملة ، نحن نعلم أيضا أن الحركة قد تعرضت إلى حملات مغرضة غير نبيلة المقاصد ، لكن الحركة نفسها تتحدث عن أخطاءها السابقة و من بينها بالذات هذا الغموض التام و المريب الذي يلف مصادر أموالها في وقت تتسرب الوثائق يوميا حول علاقة الحركة بالمال الفاسد و بأموال المخدرات و بيع الضمائر كما حصل في قضية البغدادي المحمودى ، و في مؤتمرها العاشر الأخير وعدت الحركة على لسان مرشدها العام الشيخ راشد الغنوشى عن كونها في طريق إصلاح الأخطاء السابقة بحيث كشفت تخليها عن العنف و فصل نفسها عن الدعوى إلى السياسي لتتحول إلى حزب مدني كغيره من الأحزاب مكبرة أن الثورة قد أتت بالديمقراطية و حرية التعبير لكنها لم تدرك أن الديمقراطية أساسها الشفافية و أن الأحزاب المدنية الديمقراطية تكشف للعموم مصادر تمويلها و تترك للشعب حق مراقبة تلك الحسابات بوسائل المراقبة القانونية ، لذلك سيظل الجميع ينتظرون فتح الأبواب نهائيا أمام مؤسسات الدولة لإجراء المراجعة و المحاسبة و بدون ذلك ستظل الحركة في عيون الناخبين مشبوهة و لو إلى حين .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: