أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4646
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لعل أجمل ما في هذه الشبكة العنكبوتية التي ملأت الفضاء و شغلت الناس أنها تحمل على ظهرها مواقع اجتماعية و سياسية يعتقد البعض أنها ملك مشاع للجميع و فضاء مفتوح للسياحة الفكرية في المطلق، و بعد الثورة نمت هذه المواقع و خرجت للعلن لتقدم نفسها للمتابعين كنافذة من نوافذ الرأي و الرأي الأخر كما تزعم، و مع أن أغلب هذه المواقع لا يستحق حتى مجرد هذه التسمية بعد أن تبنت ثقافة جديدة قوامها الكذب و تزوير الحقائق بحيث أصبحت تسابق موسوعة قينس الشهيرة حتى تقدم نفسها كراعية للفاحشة اللفظية و المنكر الإعلامي فان هذه الدكاكين الصفراء التي تعمل بالمال الخليجي و بالمال المشبوه استمرت في نقل الباطل و أهملت الموضوعية و المهنية لتكون مجرد أبواق مسعورة تخدم أجندات داخلية و خارجية قريبة من المخابرات الصهيونية الغربية و ليست بعيدة عن أبواب السفارات الأجنبية المعروفة ببحثها الدائم على تواصل العلاقة بين الغرب ككائن مستعمر و الدول العربية ككائن فاقد للمناعة الفكرية .
بعض المواقع التونسية إن لم نقل أغلبها تروج للكبائر و التضليل على عينك يا تاجر كما يقال، و هي تعانى من الابتذال و كراهية المتابعين الذين تفطنوا ‘لأصلها و فصلها’بما أنها لا تقدم من وجبات إعلامية سوى إشاعة الفاحشة و البحث عن الإثارة مهما كان الثمن، المثير في أغلب هذه المواقع أنها تحولت إلى أبواق للأحزاب السياسية بحيث أنها ترفض رفضا قاطعا مشاركة كل صاحب رأى مخالف و هي لا تخجل طبعا من ممارسة حالة صنصرة قبيحة للآراء المعروضة عليها للنشر بحجة أنها مخالفة لقواعد النشر بل تتعدى ذلك لرفض الأفكار المعارضة مباشرة و ترك العنان إن نشرت تلك المقالات لبعض ‘المعلقين’ الموهومين لنعت صاحبها بكل ما لذ و طاب من سافل القول و فاحشة اللسان دون أن تحرك ساكنا لرفض هذه ‘ التعليقات’ المدفوعة الأجر، و لأنها مواقع مشبوهة يمولها المال الفاسد فقد قامت بخدمات تشويه للحقائق بمناسبة الانتخابات التشريعية و الرئاسية السابقة على حساب المهنية الصحفية المطلوبة .
لا وجود لدى هذه المواقع الهابطة لموانع أو حواجز أو ضوابط أو خطوط حمراء، فكل المواقع التي تنتمي لحركة النهضة مثلا فعلت كل شيء غير مهني على الإطلاق لتفوز الحركة في الانتخابات التشريعية الأولى و من يرجع لما نشر في تلك الفترة بالذات فسيقف على كم هائل من التجاوزات المهنية لأبسط قواعد النشر و الإعلام بل لنقل بمنتهى الصراحة أن تلك المواقع قد تحولت بقدرة المال السياسي و هيمنة العقول التكفيرية التي تولت أمر الناس في تلك الفترة بالحديد و النار و الغلو المفرط فيه في الخطاب الديني إلى محرقة للرأي المخالف و أشاعت الترهيب المعنوي على كل الذين نبسوا ببنت شفة ضد تيار الإسلام السياسي سواء عن حق أم باطل، و إلى اليوم ما تزال تلك المواقع متربصة بالرأي المعارض كأنها ولدت مع الحقيقة و ولد الآخرون مع الباطل ، و إلى اليوم ما زالت تلك الدكاكين البائسة ترفض تغيير ما بنفسها رغم أنها فشلت و كشفت عنها الأقنعة و باتت مسخرة مضحكة لكل المتابعين .
لقد تعرت تلك المواقع من لباس التقوى و الهدى و الفضيلة و تحولت إلى شيطان مدمر يغوى المتابعين بمشروع الحركة التي جاء المؤتمر الأخير لها ليصلح كما صرح مرشدها نفسه و بعظمة لسانه ما اعتراها من خطأ و ابتعاد عن الطريق القويم طيلة سنوات مباشرتها ‘للدعوة’ و المتاجرة بالدين على حساب مصلحة الناس و الوطن، هذه الشياطين الإعلامية أو منصات الصواريخ الإعلامية الفاسدة و المشبوهة لم تراجع نفسها و لم تتق الله في هذا الوطن الذي تنهشه كل الذئاب الخارجية لتفتيته و إنهاكه في نطاق مشروع الفوضى الخلاقة الذي ينفذ للأسف بأيادي عربية كما يحدث في سوريا، و إلى اليوم و رغم سقوط مشروع الإخوان في مصر لا تزال هذه المنصات الفاسدة ترفع شعار ‘ رابعة’ و تبحث عن مزيد الفوضى و بث الكراهية في حين أن الوطن يستغيث و لا من مجيب، و إلى اليوم أيضا لا تزال هناك أقلام و أصوات تؤثث للفتنة و الانقسام و بث الفوضى الفكرية لدى بعض النفوس الفاقدة للحصانة الذهنية بحيث يبحث هؤلاء عن خرم إبرة للنفاذ لبعض العقول الهشة لتحويلها إلى قنابل انشطارية تنفجر في الساحات العربية المشتعلة منذ سقوط بغداد سنة 2003، في النهاية تحول الفضاء الافتراضي إلى محطات نووية تبث السموم و تحولت الأقطار العربية إلى مدافن لهذه النفايات، فمتى يفهم بعض القائمين على دكاكين الموت أن البقاء سيكون للأصلح و أن حبل الكذب قصير .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: