أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4225
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
‘صديقنا’ حزب التحرير يبشرنا بالجنة، حصلنا على ‘ الواسطة’ الذي سيقودنا للجنة دون تعب أو خوف، حصلنا على بوليصة التأمين للجنة و سندخلها فرادى و جماعات بشرط أو بشروط معينة إن صح التعبير، أولها نبذ الديمقراطية ثم نبذ حرية التعبير ثم نبد الانتخابات ثم نبذ الزواج بواحدة فقط، هذه بعض الشروط المطلوبة لكي ندخل الجنة، طبعا، مطلوب منا أيضا أن نترك كل الأحزاب و كل ‘ التجمعات’ الفكرية مهما كانت أهدافها، فقط لا تحالف و لا حلف إلا مع حزب التحرير و رئيسه الشيخ رضا بلحاج، بشرى لهذا الشعب لأنه سوف يدخل الجنة بأقل التكاليف الممكنة و بالسرعة الخامسة الموعودة، لا أحد من هذا الشعب سيبقى خارج الجنة بعد أن دخل في عداد حزب التحرير و أستمع جيدا إلى خطب الشيخ بلحاج و نزع عنه تركة الأحزاب الفاشلة و مبادئ الديمقراطية المزعومة و ‘أغلق ‘ أذنيه عن كل الأغاني المائعة لكوكب الشرق و العندليب الأسمر و فنان الملوك و قيثارة الوادي .
قرأت لواعظ مغفل أن قال إن الله سيغفر لكل الأردنيين ليدخلهم الجنة دون حساب نظرا لما عانوه من ضيق و حاجة على يد النظام الفاسد ، يبدو و الله اعلم و حسب نبوءة هذا الشيخ أن الموعودين بالجنة لم يعودوا عشرة فقط كما نعلم بل تحولوا بقدرة هذا الرجل إلى ما يناهز السبعة ملايين من شعب الأردن الشقيق،و قس على هذه النبوءة المثيرة للاستهزاء الكثير في عالمنا العربي الذي تحول إلى مخبر تجارب لهؤلاء المشعوذين باسم الدين و هؤلاء المشتغلين في القنوات الفضائية لجلب الحظ و جلب الرزق و هم يعلمون أن كل تلك الطلاسم لن تفك عقدة البطالة المستفحلة في كل الدول العربية، و في تونس تكاثر المشعوذون باسم الدين و تناسلوا و بعد أن كانت حركة النهضة تجمع الجميع تحت نفس خيمة المرشد الشيخ راشد الغنوشى تفرق الجماعة لا ندرى لماذا و تحت أي ظروف ليفتح كل منهم دكانا يصطاد فيه في الماء العكر و يدعى أنه يملك الحكمة في حل المستعصي و يعرف الطريق المؤدية حتما للجنة .
السيد رضا بلحاج مرشد حزب التحرير ليس مقتنعا بالدولة و لا يعترف بها أصلا، لا يعترف بالديمقراطية و بالانتخابات و بمجلس الشعب و لا بهذه الحكومة المنبثقة عن الانتخابات التشريعية الأخيرة، لا ندرى لماذا لا يخلع الرجل الجنسية التونسية و يريح العباد منه و من شطحاته و فلتاته الخطابية المثيرة للاستهزاء، و لعل الرجل يظن نفسه نابغة عصره أو النبي الذي سهت عنه الكتب الأولى لمجرد أن جمع وراءه بعض الأتباع من ‘فضلات’ شظى حركة النهضة خاصة بعد أن استفرد المرشد الغنوشى بكل السلطات المهمة في هذه الحركة المشبوهة و بمفاتيح ‘الخزينة’ و بمفاتيح السلطة و ببركات حزب العدالة و التنمية التركي و حزب المال النفطي القطري، من الظاهر أن الرجل قد جمع بعض الأتباع مثله مثل البحري الجلاصى و عادل العلمي، حتى هتلر جمع وراءه الملايين لينتهي تلك النهاية المفزعة مع عشيقته ايفا براون في مشهد سوريالى بقى في مخيال الشعوب ، و حتى الهاشمي الحامدى له أتباع لكنه انتهى إلى نهاية بائسة يتندر بها المتابعون على صفحات التواصل الاجتماعي .
مع احترامي للرجل و لحقه في نشر أفكاره و طرحها للعموم لكن مجرد عدم اعترافه بكل القواسم المشتركة التي تجمعنا كشعب مسلم متحرر و كأغلبية نعيش في هذا البلد الذي ضحت الأجيال ليكتسب قليلا من الحرية النسبية و راية وطنية تزف بين الدول لتعلن للعالم عن هويتنا و تاريخنا، قلت مجرد عدم اعترافه بالأغلبية و بحق الأغلبية يجعلنا نستغني عن رؤيته و عن أفكاره و نطالب السلطة الحاكمة بمنعه من إفساد الذوق العام بتلك الفقاقيع المنتصبة في الشوارع تماما كما يحصل مع البناء الفوضوي الذي تناسل بعد الثورة مستغلا هشاشة الوضع الأمني، و نطالب بمصادرة حقه في التعبير لأنه ينقل عدوى خطاب تخريب للمؤسسات و خطاب عدم اعتراف بالدولة و الحث على ضربها حتى معنويا ، و نطالب بنزع الجنسية عنه و عن كل المنتسبين إليه، نطالب أيضا بمصادرة مقالاته و كتبه و عدم تمكينه من اعتلاء منصات بيوت الله و تصنيف حزبه التصنيف المناسب و لما لا نزع رخصة ‘ الانتصاب’ الفوضوي حتى يتراجع عن ملامسة الخطوط الحمراء التي تجمع هذا الشعب بكل مشاربه الفكرية، و في نهاية الأمر، فالدين هو تعبير عن القبول بالآخر و ليس دعوة للفتنة بين المسلمين .
تبقى كلمة لهؤلاء الذين ينازلون المنطق بحق هذا الحزب في التعبير و يتساءلون بخبث كبير عن صمت ‘جماعة حقوق الإنسان’ من مختلف الشرائح الاجتماعية و الفكرية إزاء رفض الدولة تطبيق قرار المحكمة الإدارية القاضي استعجاليا بالسماح للحزب بعقد مؤتمره بقصر المؤتمرات، فمن الوجيه الإشارة إلى أن هذا الصمت العام هو تعبير صريح عن رفض هذا الحزب و رفض حقه في ممارسة لعبته الدينية و عدم خضوعه التام المسبق لكل القواسم المشتركة التي تجمع كل التونسيين، فهذا الحزب قد اختار العزلة و الابتعاد الاختياري عن هذه القواسم المشتركة و من بينها حرية التعبير و حرية الإنسان و الديمقراطية و الانتخابات و بالتالي فلا يمكنه اليوم أن يجد على الساحة من يدافع عن حقه في ‘ المواطنة المدنية’ما دامت أطروحات الحزب ترفض القواسم المشتركة للتونسيين، و لعل الذين يمنحون هذا الحزب المشبوه بعض العطف سيستفيقون يوما على كارثة و عندها سيكونون أول المتنصلين من البحث عن حرية التعبير و ....حقوق الإنسان .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: