أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3690
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لا تصدقوا حركة النهضة و لا تصدقوا الإخوان و لا هذه ‘الجماعة’، لا تصدقوهم مهما تقلبوا و تنكروا و تظاهروا و أعلنوا و نطقوا و جاهروا و صرحوا، لا تصدقوهم، حركة النهضة سليلة الإخوان لا يمكن أن نصدقها مهما تلونت و مهما لبست من رداء أو حاولت أن تتزين بزينة و أدوات الحضارة من ديمقراطية و مساحة حرة للتعبير، الإخوان هم الإخوان، عجين من النفاق و المغالطة و كثير من الزئبقية و المخاتلة، في عرفهم التمكين و التقية هما الأساس و بقية المبادئ الإنسانية هي الاستثناء، فشلوا في حكم تونس و حرجوا من الشباك الضيق، لا يهم، عادوا من شباك آخر و بنفس الطريقة الهادئة التي دخلوا بها الانتخابات بداية سنة 2011 ليتحولوا في لحظات إلى نمرود و فرعون مختلطين، فجاءوا للبلاد بجحافل الإرهابيين و بكميات السلاح و بلغة التكفير و جهاد النكاح و ختان البنات و تعدد الزوجات و تقطيع أوصال العلم الوطني المفدى و تعويضه بخرقة سوداء، حكموا البلاد فأفسدوا و اؤتمنوا فخانوا و نطقوا فما صدقوا، لا تصدقوهم .
‘صديقي شمعون بيريز ‘ ...هكذا بدأ محمد مرسى خطابه إلى رئيس دولة الكيان الصهيوني، هكذا من البداية بدون أحم و لا دستور، طبعا، كشفت الرسالة فتنكرت الرئاسة لإمضاء و خط الرئيس المعزول، لكن ظهر مع الوقت أنه سفيه كاذب ليعترف مجبرا ‘بالصداقة’ و بالرسالة و بالبداية السيئة، هكذا هم الإخوان، طبعوا آلاف الكتب التي هاجموا فيها إسرائيل و توعدوا فيها الكيان بالويل و الثبور، خطبوا و أزبدوا و أرعدوا ضد كل ما هو صهيوني و توعدوا بالرد القاسي، ‘خيبر، خيبر، يا يهود جيش محمد سيعود ‘، هذا هو الشعار الذي رفعوه في حملاتهم الانتخابية بعد سقوط الرئيس حسنى مبارك ، ظن الجميع أنهم سيعزون الإسلام و ينصرون فلسطين، تبين أنهم كاذبون منافقون، شعارهم كان كاذبا و نياتهم لم تكن صادقة و عزمهم كان فاترا، لم ينتبه أحد إلى سؤتهم إلا بعد أن خطب المعزول خطاب النكسة و النكبة مهددا سوريا بقطع العلاقات معلنا وقوفه إلى جانب المؤامرة الصهيونية على الشام و على رئيس المقاومة العربية، عندها فهم الجميع هوية ‘جيش محمد’ و إلى أين سيعود جيش محمد عفوا جيش ‘ النصرة ‘ .
في أدبيات حركة النهضة لا وجود لكيان اسمه فلسطين و لا لقضية اسمها فلسطين، هناك فقط شعارات رنانة تدر الأموال الخليجية ورضا بعض الكهنوت في السعودية أو في تركيا، و حين حكمت النهضة طيلة ما يزيد عن الثلاثة سنوات فأنها لم تتذكر القضية الفلسطينية بل تذكرت علاقتها بالإخوان في حماس على حساب أكثر من نصف الشعب الفلسطيني الموجود في الجانب الأخر، فحركة النهضة تنظر لفلسطين من خلال نافذة و بعين الإخوان و ليس بعين الوجدان العربي الذي يعتبر القضية أم القضايا العربية و تحرير فلسطين من العدوان هو أم المعارك العسكرية و السياسية العربية ، و لعل ‘ الثورة’ السورية قد جاءت في وقتها إن صح التعبير ليكشف الإخوان عن كراهيتهم المعلنة للقومية العربية و للمقاومة و للشعب السوري الذي طالما شكل حاضنا لهذه المقاومة المتواصلة، ففي حين خرج مرسى قاطعا للعلاقات التاريخية المصرية السورية في موقف هجين سافل مذل أثار استهجان العرب خرج مرشد الإخوان في تونس ليستقبل الصهاينة و مجموعة ما يسمى ‘ بأصدقاء سوريا’ صحبة أحد المشبوهين الذين دفعتهم الأقدار لحكم تونس ‘مؤقتا’ محمد المنصف المرزوقي في موقف سافل مماثل سيبقى عالقا بالمخيال الشعبي ووصمة عار في وجه الدبلوماسية التونسية التي كان يقودها أحد دعاة التطبيع مع العدو صهر المرشد رفيق بوشلاكة .
اليوم تنازل الجميع في حركة النهضة عن القضية الفلسطينية و عن الوقوف المبدئي مع الشعب السوري ضد الجماعات الإرهابية التكفيرية السعودية، و بعد أن فشلت هذه الجماعات التي ينتمي جزء منها إلى حركة النهضة باعتبارها المشرفة على استقطابها و تدريبها و تسليحها و تمويلها و ‘إلقاءها’ في البؤرة الدموية السورية بات من المتعين على الحركة إعادة ترتيب أولوياتها و هي المهددة في مصيرها داخليا نتيجة نهبها للمال العام و سوء استغلال السلطة و الاستبداد و التعذيب و انتهاك حقوق الإنسان ( قضية الرش في سليانة على سبيل المثال لا الحصر )، و شبهة ضلوعها في الاغتيالات السياسية و التساهل ‘ القضائي ‘ مع الإرهابيين و تبييض الأموال ( قضية بنما بايبرس الشهيرة )، وجود علاقات مشبوهة مع تركيا، قطر، حماس، تلقى أموال خارجية ( بذخ المؤتمر العاشر للحركة أسال كثيرا من الحبر داخليا و خارجيا )، بحيث تشتغل آلة النهضة اليوم على تلميع صورتها و استغلال هشاشة الوضع الأمني لمحاولة الإيحاء بتغيير ملموس في أدبياتها و في خط سيرها المليء بالعثرات الدموية و بالأسئلة الحارقة و بالغموض المثير للشبهات .
عرفت الحركة على مدى سنوات من نشأتها حالة من الريبة و التشكيك و الخوف من الجمهور ‘ الآخر ‘ داخليا و خارجيا، و على مدى سنوات من التمكين و التقية اللئيمة ‘كسبت’ الحركة كثيرا من الأعداء بسبب تقلبها السلوكي و مزاجها الفكري المتعكر، و حين دخلت الحركة الحكم في لحظة غفلة من الزمن لكونها لم تشارك كما تقول بعظمة لسانها في صنع أو في مسيرة هذه الثورة و بقيت على الحياد تماما كما حصل في مصر لاستغلال الفرصة مهما كان الطرف الرابح و المنهزم، فقد أفرغت صدرها من الحقد و الغل و الكراهية على هذا الشعب و سارعت إلى نهب خيراته لمعاقبته على شبهة جريمة صمته على ما حصل زمن معاركها المشبوهة لإسقاط النظام السابق، لذلك خرجت النهضة من الحكم تحت حالة من الشتم و السباب و البصاق لأنها كشفت عورتها و سوء نيتها، ‘كسبت’ النهضة من الحكم كثيرا من الأعداء، و بسقوط الإخوان في مصر و تركيا زاد أعداد الكارهين و غير المرحبين بالحركة و بأعوانها الزئبقيين، يضاف إليهم طبعا صديق آخر تحول إلى عدو ممثلا في المنصف المرزوقي أكبر تاجر شعارات فضفاضة في المنطقة العربية، في النهاية يشك الكثيرون اليوم في أن الحركة التي تخلصت من القضايا العربية في خطاب مرشدها العام قد تخلصت أيضا من ‘اخوانيتها’ بل يزعمون بان محاولتها استبدال كلمة إسلام سياسي بإسلام ديمقراطي هي مجرد كذبة جديدة لن تحل المشكل باعتباره مجرد استبدال في المصطلحات لا في المضامين .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: