أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4192
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لقد استطاع الإخوان المنتصبون في حزب العدالة و التنمية التركي الوصول إلى الحكم بعد مقايضة مع الأمريكان و مع إسرائيل، تماما كما حدث في مصر مع الإخوان بقيادة الرئيس المعزول محمد مرسى و في تونس مع حركة النهضة الموصومة بممارسة الارهاب بقيادة الشيخ راشد الغنوشى، المهم في هذه المقايضة هم العسكر الأتراك على اعتبار أن المؤسسة العسكرية كانت تعلم خبث و نذالة الإخوان و استعدادهم الفطري للتعاون مع إسرائيل و مع الغرب لمجرد إسقاط هيبة هذه المؤسسة و قوة سطوتها على مقاليد الحكم في تركيا، و لعل التاريخ سيزيح الستار يوما حول كل الأحداث المشبوهة التي سبقت و لحقت انتصار حزب العدالة و التنمية و صعوده المباغت لزعامة المشهد السياسي في بلاد بحر البوسفور الشهير لكن من الواضح أن أوردغان قد نفذ خطوات مشبوهة ضد هذه المؤسسة التاريخية و قامت حكومته المشبوهة و جهاز استخباراته بقيادة المجرم خاقان فيدان بعمليات’ نوعية’ لإسقاط القيادات العسكرية المهمة و دفعها إلى أروقة المحاكم العسكرية و المدنية في ما يشبه ‘ ليلة السكاكين الطويلة ‘ في عهد الزعيم الألماني أدولف هتلر .
الرئيس التركي ‘رجب’ ديكتاتوري بامتياز، و هو يكن عداء مقيتا للإعلام خلافا لما تحاول البروباغندا الحزبية الحاكمة الإيحاء به منذ صعود نجم الرجل و نجم حزبه سنة 2000، و الحالة المعنوية لرئيس الدولة التركية في أدنى مستوياتها خاصة و أن التفجيرات الإرهابية قد أصبحت الخبز اليومي للشعب و المخابرات التركية على حد سواء، و لعل الكثيرين يجدون اليوم شبها بين الشيخ رجب أوردغان و الشيخ راشد الغنوشى في حالة كراهيتهما و عدائيهما المفرطة للصحافة، فكما سخرت حركة النهضة خوارجها في بداية تسلمها للحكم سنة 2011 لمحاولة ضرب الإعلام و تركيعه بعد أن تقوم بحملة شرسة لتشويهه فقد بات السيد رجب يتهم إعلام تركيا بالتجسس و محاولة الانقلاب على نظامه، لعل الانقلاب سيتم بالأقلام الجافة كما يردد بعض الساخرين، و هو يعلم أن هذه التهم بصرف النظر عن كونها غير صحيحة و ملفقة فهي تهم على غاية من الخطورة تستوجب أحكاما سالبة للحرية لا سيما بعد هيمنة حكومة السيد داوود أغلو على القضاء و ضرب من تبقى من المعارضين أو المشكوك في ولائهم لحكم الإخوان .
لا يختلف الرئيس التركي في كل توجهاته السياسية عن كبار قادة الإخوان، فالغاية تبرر الوسيلة و لذلك يسعى الرجل إلى اتهام المعارضة و الإعلام بكونهما السبب في تدحرج نسبة ‘ المشاهدة’ الشعبية لحزب الرئيس المهزوز، و حتى تفهم أكثر يجب أن لا ننسى أن أوروبا قد رفضت دخول تركيا النادي المسيحي بسبب الانتهاكات المرعبة التي يقوم بها النظام التركي و بالذات في مجال حقوق الإنسان و احترام حرية التعبير و هي معايير دولية متقدمة ترفضها الحكومة التركية مما يقيم الدليل الصريح على أن الأنموذج التركي المسوق بعد انهيار النظام ‘ العلماني’ المصري هو أنموذج تايواني مشوه غايته الوحيدة جلب انتباه الشعوب العربية و خداعها حتى يمكن للسلطان العثماني التمدد عموديا و أفقيا داخل الوطن العربي و المساهمة الفعالة في تنفيذ مؤامرة مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي أسقطته المقاومة العراقية و انتصار حزب الله صيف 2006 و تولت مجموعة ‘أصدقاء سوريا’ محاولة تنفيذ الجزء الخاص منه بسوريا منذ سنة 2011 إلى الآن دون جدوى .
‘ من أنتم ؟ ماذا تفعلون هنا ؟ ‘، هذه ليست إعادة لتلك العبارات التي أطلقها قائد ليبيا السابق معمر القذافى و التي بقي صداها يتردد في أذهان كل الذين عايشوا سقوط ليبيا في يد الإرهاب التكفيري و المخابرات الأجنبية بقيادة الصهيوني المتعجرف برنار هنري ليفي و بعض الخونة الليبيين المتصارعين اليوم على الكعكة الليبية في مشهد يثير الغثيان ،قائل هذه العبارات القبيحة هو رجب طيب أوردغان متوجها للصحافة التركية بعد كشفها لعلاقة الدولة التركية بالجماعات الإرهابية التي تدمر الحياة في سوريا ... يواصل أوردغان متهجما على وسائل الإعلام التركية ‘ إن من نشر هذه المعلومات سيدفع ثمنا غاليا، لن أدعه يفلت ‘، و حين يوجه الرئيس التركي انتقادات لاذعة للقضاء لمجرد أنه أطلق هؤلاء الصحفيين منتقدا شرعية المحكمة الدستورية معتبرا أنه لا يكن لها أي احترام و هي أعلى هيئة دستورية في البلاد فهذا دليل فاضح على أن الأنموذج التركي الذي طالما خدع بعض الشعوب العربية هو مجرد نكتة سخيفة لا يقدر عليها إلا الأتراك .
لقد قيل الكثير حول الدور التركي القذر في محاولة إسقاط سوريا كقوة إقليمية أخيرة ضد التطبيع و الوجود الصهيوني الامبريالي في المنطقة، و مجرد التحالف مع إسرائيل هو خطيئة تركية كبرى ضد المصالح العربية، بل أن تواطؤ السعودية مع تركيا لمحاولة انتزاع انتصار صغير في سوريا هو علامة مظلمة في تاريخ الدول العربية لان سوريا ستبقى رغم كل شيء رائدة المقاومة العربية و الحضن الدافئ لكل الأصوات العربية القومية الرافضة للصهيونية و لما يسمى بسياسة الاعتدال الخليجية المشبوهة، المهم في كل هذا سقوط ‘التجربة’ العربية مع القيادة العثمانية الفاشية و كشف الوجه الحقيقى ‘لهذا المهند ‘ القبيح الذي يحكم الدولة العثمانية الاستعمارية التي لم ينس العالم مذبحتها التاريخية للأرمن، و لعل ما يحدث اليوم من تردى الوضع الأمني و الاقتصادي التركي هو إعلان إفلاس الأنموذج التركي و نهاية اللعبة التمويهية التركية التي بدأت في منتدى دافوس حين تطاوس رجب أوردغان على شمعون بيريز بحضور الخائن العميل عمرو موسى أمين الجامعة العربية أو جامعة النعاج العربية كما سماها وزير خارجية قطر المحال على التقاعد بأمر المخابرات الأمريكية و كبرت في حادثة السفينة مرمرة التي أعطت بعدا و حجما عربيا لهذا العميل التركي الذي أفل نجمه الملوث بدماء السوريين .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: