أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4374
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
هناك من يهاجم إيران و هناك من يكره إيران و هناك من هو مدفوع الأجر ليهاجم إيران و يكره الناس في إيران، قليل من هؤلاء الكتاب بالقطعة الذين يهاجمون الجمهورية الإسلامية من باب الاقتناع، و حتى الذين يهاجمون إيران من هؤلاء الكتاب المدفوعة الأجر و المقتنعين معا يعيدون دائما و بإلحاح ركيك و يركزون دائما على نفس المنهجية السقيمة و العبارات المكررة، و يبقى السؤال، ماذا يحب هؤلاء الكتاب الميامين الذين يكتبون قصائد الهجاء في إيران، تركيا مثلا، قطر مثلا، السعودية مثلا، طبعا يجب أن لا يخرج حب هؤلاء و عشقهم عن هذا الثلاثي و بالكاد دولة أو دولتين من دول الخليج النفطية الأخرى، فلا أظن أن هناك كاتبا عاشقا للمقاومة العربية يحب هذا الثلاثي العميل و أشك أن هناك كاتبا يكتب عن هذا الثلاثي دون أن يقبض الثمن خاصة إن تفوه ببعض العبارات المعلومة ضد الفرس و ضد إيران و ضد الشيعة و ضد نظام الملالى وولاية الفقيه .
اليوم يقف هؤلاء الكتاب في حالة دفاع و في حالة ارتباك و في حالة عدم توازن، حزب العدالة و التنمية التركي الذي طالما تغنى بصولاته و جولاته هؤلاء الكتاب يتهاوى مع كل دقيقة و الأنموذج التركي برمته يتهاوى و الاقتصاد التركي برمته يتهاوى و الديمقراطية التركية الموهومة برمتها تتهاوى و حق حرية التعبير ينتهك و الدولة البوليسية و التعذيب و تهديد الإعلام و تكميمه و إرسال بعض المعارضين و الكتاب المعارضين ‘ وراء الشمس ‘ صار وجبة الشعب التركي، النمر التركي الكرتوني فقد أنيابه خاصة بعد التفجيرات الأخيرة المتواصلة في كل أنحاء تركيا و باتت المخابرات التركية التي طالما حكمت الشعب التركي بالحديد و النار لا تعلم على أي ساق ترقص خاصة بعد أن انتشر الإرهاب و تنوعت مصادره و أهدافه و منفذيه، لا أحد يقف اليوم مع حزب العدالة و لا مع نظرية ‘ الصفر مشاكل ‘ التي تحولت إلى نظرية كل المشاكل مع كل الجوار التركي، اختفى صوت أوردغان و صوت عبد الله قول و صوت احمد داوود أوقلو، هزيمة فادحة في سوريا و سقوط اقتصادي و سياسي و بوادر انفجار اجتماعي و عودة العصا العسكرية الغليظة و حكم الدولة العميقة، هذه نهاية الحلم التركي و حلم من كتب و مجد و تغنى بالأنموذج التركي المشبوه .
لعل حركة النهضة هي أحد الخاسرين في سقوط الحليف التركي المشبوه، لعل الحركة لا تقدر على ضربتين موجعتين في نفس السنة، الأولى سقوط الإخوان الإرهابيين في مصر و الثاني سقوط الإخوان في تركيا أو ما سمي بحكم الإسلام السياسي و ما سوق للعالم باسم الأنموذج التركي، بقيت قطر هي الممول الوحيد لحركة النهضة و حتى الذين كانوا ينتظرون نهاية التحقيق مع عبد الكريم العبيدى المسئول السابق عن إدخال حقائب المال النفطي في المطار للجماعة لمعرفة قنوات التمويل الخليجية خرجوا بخفي حنين بعد أن فعل قاضى التحقيق 13 ما أراد بملف التحقيق و فعلت الضغوط السياسية و تحالف المثليين النهضة و النداء فعلها في أوراق الملف، لكن و على الرغم من ذلك فهناك من لا يزال يحج إلى تركيا لتشمله السلطات العثمانية ببركات الخلافة و حتى يستنير بالتعليمات السلطانية ليعود إلى تونس متفائلا بقرب إنشاء دولة الخلافة.
إن الحلم السلجوقي للعثمانيين الجدد قد بدأ بالاندثار و الاضمحلال، ولقب السلطان الذي كان أردوغان يحلم به منذ صعود حزب العدالة إلى السلطة كان سحابة صيف عابرة.. فبعد أن تدثّر العثمانيون الجدد بعباءة (الإسلام الناعم) موهمين الغرب بقدرتهم على تقويض الحضارة العربية والقضاء على رسالة العرب الإنسانية، وتعطيل قدرة العرب على الدفاع عن حقوقهم المشروعة ومصالحهم الحيوية ضد الذئب الصهيوني الذي يرتع في سهولنا وجبالنا، بانت نواياهم الخبيثة عندما كشّروا عن أنيابهم، واستعدوا لتقاسم الغنيمة مع شريكهم الإسرائيلي.. لكن حساب البيدر لم يطابق حساب الحقل، لأن صمود سورية في وجه الغزوة الهمجية التي شُنت عليها قد حطّم الحلم العثماني بالصلاة في المسجد الأموي، وتبعثرت شظاياه في أحداث ساحة (تقسيم) و في كل ساحات تركيا، قاسمة المجتمع التركي الغاضب و المرتبك إلى تيار علماني وجماعة دينية قد يرسم صراعهما على السلطة مستقبل تركيا الغامض في قادم الأيام خاصة أن الجيش التركي لن يرضى بمزيد سقوط الجمهورية التركية باعتباره وريث وصية مصطفى كمال أتاتورك .
لقد تغير المزاج العام في تركيا تغيرا ملحوظا و تحولت أصوات الإشادة المنافقة إلى أصوات الانتقاد الحاد لسياسة الحكومة و حكم الإخوان، و مع الوقت ظهرت تراكمات من الانتقادات خاصة بعد أن ظهر الوجه القبيح للإخوان و للأنموذج التركي و لرئيس الدولة التركية بالذات،الذي بات يعيش الأوهام و على الأوهام و مع كل انتقاد لمسار حكومته الفاشلة يعتبر أن ذلك دليلا على وجود مؤامرة كونية ضد تركيا، بات تركيا تعيش الأوهام و الفشل و العزلة إلا أن المسئولين مستمرون في إصرارهم العجيب على أن التاريخ يقف إلى جانبهم و أن تعطل المسار ما هو إلا حالة مؤقتة ـ تركيا اوردغان تخاف اليوم ما يكتب على تويتر و على النت و على الفيسبوك، أوردغان يتحث في اليوم أربعة مرات عن ‘المؤامرة’ و عن النفوس الكريهة في إشارة واضحة مقصودة إلى وسائل و رجال الإعلام، تحولت تركيا إلى سجن كبير و تحولت الوعود الزائفة إلى حبل يقطع أنفاس الحكومة و تحولت الحريات الموعودة إلى خبر كان، و يبقى السؤال، ماذا سيكتبون غدا عن تركيا، ماذا سيرتجل كتاب الدولار المضللون لغسل وجه تركيا من الأدران و الخيانات و الخطايا ؟ .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: