أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4452
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يتبادل الظرفاء هذه الأيام نكتة تثير الضحك و الاستهزاء تقول أن مجرد تكليف ‘مجموعة’ من النواب في هذا البرلمان الكاسد مهمة ‘ التنقيب’ وراء وثائق بنما هو إعلان مسبق بالفشل و إرادة سياسية عليا تمت بالتوافق بين كل الأحزاب أو على الأقل من تمثل الثقل السياسي في البلاد على قبر هذه الزوبعة في المهد حتى لا تكشف الحقائق المرعبة و المزعجة لدولة الفساد و بارونات تهريب و تبييض أموال المخدرات و تجارة السلاح و بيع الرقيق الأبيض، ‘ يا عزيزي كلنا لصوص ‘ كلنا يتذكر ذلك الفيلم بطولة الفنان محمود عبد العزيز و الفنان الراحل صلاح قابيل، هذا ما ينطبق على الحالة التونسية و بالذات على بعض رموز هذه الطبقة السياسية التي يكتشف الشعب يوميا ‘ خنارها’ المسكوت عنه و التي جاءت هذه الوثائق لتكشفه على عينك يا تاجر .
أيضا، هناك نكتة أخرى، و ما أكثر النكات بعد هذه الثورة المشئومة الفاقدة للطعم، تقول النكتة أنه إذا أردت أن تصل إلى حقيقة جريمة تهم الرأي العام فعليك بسيادة التحقيق 13 بالمحكمة الابتدائية بتونس، و حين طلع على المتابعين المنشط معز بن غربية بذلك الوجه الخائف المرعوب ذات ليلة ليهمس في آذانهم بأنه يملك سر اغتيال الشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمى و حقيقة محاولة اغتيال نائب حركة نداء تونس و رئيس جمعية النجم الرياضي الساحلي رضا شرف الدين هناك من أخذه الفضول و هناك من ضحك مليء شدقيه و هناك من تشوق لمعرفة الحقيقة لكن هناك من كان يعلم أن بن غربية كان يكذب على ذقون الشعب و أن ما حصل في المباشر هو مسرحية قذرة تألمت منها مشاعر عائلة الضحيتان و بعض الذين لا يزالون يبحثون عن الحقيقة من أحرار هذا البلد، فحقيقة الاغتيال لم تعد مصلحة وطنية كما جاء على لسان رئيس الدولة لان فضح المستور سيضر النداء و النهضة على حد سواء، المستفيد هي الجبهة مع أن هناك خيوطا تذهب إلى أنها من المشتبهين المحتملين أيضا، و الرئيس لن يخدم الجبهة على حساب مصلحة استمرار الدولة .
من اللافت للنظر أن الجبهة الشعبية لم تسلط الأضواء كالعادة و بنفس الإصرار على تصريحات معز بن غربية و لم تتابع الملف قضائيا رغم أهمية ‘وعود’ المنشط بكونه يملك ما يهز الحكومة و يهز حزبا معينا تتهمه الجبهة دون سواه بكونه الوحيد الذي ارتكب هذه الخطيئة الكبرى في حق الشعب و الدولة، و من الغريب و المثير أن ملف التحقيق قد تم التعتيم عليه بعد أن تبين مرض بن غربية بالجنون و السفه و العطل العقلي المفاجئ، و اليوم، يعيش بن غربية بلا خوف و بلا حراسة و بلا تهديدات كأن الأمر يتعلق بكذبة أفريل، لم يعد هناك من يهدد بن غربية و لا من يتبعه و لا من يسكن معه في نفس العمارة و لا من يراقبه، الجميع انصرف لحاله لمجرد أن دخل الرجل عتبة المكتب 13 الشهير، كأن هذا المكتب قد سلمه تأشيرة الحياة بعد أن كان مهددا بالقتل حسب زعمه، كأن مكتب التحقيق 13 قد أصبح لغزا محيرا في قلب أكبر محكمة تونسية عبر التاريخ، كأن القضاء قد اختزل في المكتب 13 .
يقال أن المنشط برهان بسيس قد استقال من قناة ‘ نسمة’ ليصاحب المنشط معز بن غربية على قناة ‘ التاسعة’، هكذا يقال في الكواليس هذه الأيام، يظهر أن بن غربية قد استعاد ذهنه السليب و قدرته الفكرية المعطبة بعد فترة نقاهة قضاها في الحصول على التطمينات اللازمة من بعض من يهمهم عدم كشف حقيقة اغتيال الشهيدين بلعيد و البراهمى، و يبدو أن غربية قد أصبح لا يخبش لا يدبش على رأى ‘الفنانة’ نجلاء صاحبة الحصان بحيث سيعود سالما غانما إلى قناة التاسعة بعد أن فهم من ‘ الجماعة’ أنهم لا يسخرون في مثل هذه المسائل المهمة، ليبقى السؤال المهم قائما إلى يوم الساعة : من قتل الشهيدين بلعيد و البراهمى ؟ من غطى على الحقيقة و من يملكها اليوم ؟ هل ستقيد هذه الجريمة السياسية النكراء ضد مجهول تماما كما حصل مع جون كينيدي و رفيق الحريري ؟ هل كان بن غربية صادقا في ملكه لجزء أو كامل الحقيقة ؟ ماذا يخفى مكتب التحقيق 13 عن العدالة و عن الوطن و عن الشعب ؟ هل ستخرج الحقيقة لينتهي السؤال المكرر : من قتل الشهيدين، من قتلهما ؟ .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: