أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4012
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لا أدرى فعلا لماذا يقف البعض في محاكمتهم لتاريخ تونس عند عهد بورقيبة دون سواه، و لا أدرى لماذا لا يسلط بعض الناقدين الذين ظهروا بعد الثورة و كانوا في الماضي يمجدون الزعيم بورقيبة و يقفون في الصفوف لمجرد رؤية موكبه، قلت لا يسلطوا سهام نقدهم المشبوه على فترة حالكة هي فترة حكم البايات بما فيها من بيع ذممهم و انخراطهم في مشروع فرنسا لفرنسة الشعب التونسي و بيعهم لأرض تونس مقابل حماية عروشهم، لا أدرى حقيقة لماذا يصمت هؤلاء المتاجرون بالإرث البورقيبى من منتقدين و موالين عن حقبة معاهدة الاستعمار الفرنسي أو معاهدة المرسى الموقعة سنة 1883 التي تبعت معاهدة باردو الموقعة سنة 1881 من طرف محمد الصادق باى و التي جردت تونس من سيادتها الخارجية بحيث أصبحت السلطة الفرنسية هي الحاكم الفعلي في تونس و بات الملك مجرد خادم مطيع للأوامر الفرنسية آلاتية من وراء البحار .
طبعا، هناك هجوم موتور على الزعيم بورقيبة بالحق و بالباطل، و هناك محاولات قبيحة تهدف إلى قبر الإرث البورقيبى لأنه يزعج هؤلاء الذين يوالون الوهابية و الإخوان بفكرهم المتخلف المستعبد للمرأة و الرافض للحضارة و الديمقراطية و حقوق الإنسان حتى في معناها البسيط المتمثل في الحق في التعليم و الحق في الرعاية الصحية، أيضا يرفض هؤلاء ‘ المعارضون’ الأوفياء للمخابرات الخليجية و لبعض الدكاكين التركية الاخوانية و هؤلاء الذين انحازوا في وقت من الأوقات لخيار صالح بن يوسف الموالى لخيارات الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الاعتراف بأن هذه المعاهدة التي قدمت تونس على صحن من ذهب للاستعمار الفرنسي قد كانت نتاجا لسياسة استعمارية خاطئة للحكم العثماني السليط في تونس أدت ‘بالايالة’ التونسية إلى حالة الإفلاس العام و سهلت لفرنسا الاستعمارية بسط نفوذها و إملاء شروطها على هذا الباى العميل للسلطات العثمانية في أنقرة .
من العبث الجدلي أن يركز البعض من باب النفاق و الكراهية و الحمق على فترة حكم بورقيبة التي للم تتجاوز 30 سنة في حين أن الجميع يتناسون حكم البايات العثمانيين الذي تجاوز ما لا يقل عن 252 سنة بالتمام و الكمال، قرنان و نصف من حكم عثماني فاشل و عصر كامل من الهزائم المنكرة و الانتصارات اليتيمة و الارتدادات و الإرهاصات التي جعلت تونس مجرد محمية فرنسية، و لان تركيا صاحبة مجزرة الأرمن و تاريخ الاستعمار و الدماء عشيقة فكر الإخوان اليوم فكيف يتجرأ هؤلاء المتذاكون على التاريخ على نقد أفندينا السلطان رجب اوردغان، و رغم أن الوهابية متعارضة مع فكر الإخوان على الأقل في الظاهر فقد رأت تفعيل تلك المقولة البائسة، عدو عدوى فهو صديقي و عليه فقد ساندت حرب بعض الفاشلين على بورقيبة و على كل ما يمثله بورقيبة في التاريخ البشرى من فعل تغيير في العقول و بحث عن المعرفة و طلب للخروج من العتمة الوهابية و الفكر الشمولي الفاسد و كلفت زمرتها المسمومة بتصويب السهام على بورقيبة كزعيم و كحداثى و كرقم صعب في تاريخ مكافحة الاستعمار .
اليوم يخرج علينا أزلام البايات العثمانيين دون حمرة خجل يتهمون بورقيبة بتهم كاذبة مدعين أن لديهم حقوق لدى هذا الشعب مسنودين ببعض النفايات البشرية التي سئمتها الضباع و تحاشتها الذئاب من فرط نفاقها و تلونها، آخرهم حفيد الأمين باى، الذي كشف عن معدن رخيص و عن ‘محتوى’ ضحل من المنطق بحيث أشاح بوجهه الكئيب عن السيدة ابنة الزعيم الراحل بعلة أن هذه السيدة ليست ...من صلب بورقيبة ...هكذا بكل وقاحة و قلة احترام، للموتى و لإرادة الراحل و لهذه المرأة التونسية الحرة و للقوانين التي تبيح التبني و لهذا الشعب الذي كره تركيا و تاريخ تركيا الاستعماري، و بعد أن ناقضت ليليا باى ابنة الأمين باى آخر السفاحين الأتراك في تونس شهادة سلوى باى أو سلوى الحسيني مثبتة أن كل ما تروجه هذه العائلة التركية العثمانية الاستعمارية حول سلوك بورقيبة نحو أخر العائلات العثمانية الحاكمة هو محض افتراء و كذب على الحقيقة و أن أقصى ما يمكن أن يتهم به الزعيم الراحل هو نزع كل العقارات و الأملاك و الأموال و المخصصات و الثروات عن هذه العائلة لإرجاعها للشعب التونسي كجزء من ثرواته التي بددتها العائلة الحسينية الاستعمارية في ملذاتها الخاصة تاركة الشعب في خصاصة تحدثت عنها كتب تلك الفترة بكثير من التفاصيل المفزعة .
لقد جاء بالأمس حفيد الأمين باى ليذكرنا بالاستعمار التركي و بالاستعمار الفرنسي الذي فرضته العائلة العثمانية على تونس بسبب سوء إدارتها و إمعانها في الفساد، ظن هذا الرجل أن لديه حقوق و امتيازات لا تزال عالقة في رقاب هذا الشعب الذي داسه حكم الأتراك طيلة قرنين و نصف مع بعض الاستثناءات القليلة التي تكاد لا تذكر في مسيرة فساد هذه العائلات التركية الحاكمة، تجاهل الرجل العثماني في غمرة غروره و نرجسيته الفضة أن هذا الشعب لم ينس التاريخ و أن هذه الثورة لم تأت لإرجاع البايات أو أحفاد البايات أو إعادة كتابة تاريخ نتمنى أن ينسى في يوم من الأيام، تجاهل الرجل أن تركيا الاستعمارية قد أفل سلطانها القذر و أن حزب العدالة و التنمية الذي يبشر بالأنموذج التركي قد نالته التفجيرات الأخيرة ليصبح مجرد فقاقيع هواء تعودت عليها الشعوب العربية، بالنهاية نحن نحمل كراهية لتركيا و لتاريخ تركيا، هذا مؤكد لكن نحن لا نبغي أن نرى وجوه تركيا من جديد في مشهد الثورة، لا نريد رابعة جديدة و لا إخوان جدد و لا من يذكرنا بالصلاة و هو يحمل سكين الغدر .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
11-04-2016 / 19:56:05 فوزي
اجل البايات هم أول الخونة
أوافقك في كل ما قلته حول خيانة البايات وانهم اول من باع تونس وانهم يجب ان ينظر اليهم هكذا كخونة، وان التحكم العثماني في تونس طيلة قرون هو احتلال اجنبي وان اتخذ ظاهرا شرعيا بزعم الخلافة
غير ذلك لا اوافقك عليه، فان يكون البايانات خونة لا يعني ان سيئ الذكر ليس خائنا، والناس تركز على الاخير، نظر لانه هو من يؤثر في واقعنا وليس البايات
11-04-2016 / 19:56:05 فوزي