أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4692
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ليعذرني البعض و ليفهم البعض أن عصر مصادرة الرأي قد ولى و انتهى، و ليعذرني البعض هذه المرة لان هناك من تجاوز كل الخطوط الحمراء و من تعدى على الموضوعية بكل وقاحة و قلة ذوق، و من أراد أن ينصب نفسه وصيا على التاريخ، بل هناك وقحون يتهمون و يحاكمون في نفس الوقت، مع أن المنطق يقول من كان منكم بلا خطيئة فليرمني بحجر، فأغلب الذين يحاكمون اليوم بورقيبة، الزعيم الحبيب بورقيبة، المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة هم سلالة مقيتة من تجار الظن الآثم الذين كلفهم البعض في الخليج بتنفيذ مخطط قذر يهدف إلى ضرب الإرث البورقيبى بعلل واهية و افتراءات مفضوحة و قراءات انتقائية للماضي بقلب معبأ بالكراهية لكل ما أنجزه الزعيم الفذ الحبيب بورقيبة، و حتى نفهم من هم أعداء بورقيبة فيجب أن نسأل لماذا يعادون بورقيبة ؟ .
بالأمس خرج علينا نفر يدعى شكيب درويش، كان نسيا منسيا و نكرة أخرى مثل هؤلاء النكرات الذين رمت بهم الثورة سامحها الله في الساحة الإعلامية، و لان هؤلاء النكرات الأقزام يشعرون بالنقص أمام كل الذين تقدموا صفوف الثورة و كل الذين زرعوا الخير في هذا الوطن عبر تاريخ تونس المليء بالعبر و السير و البطولات و الانكسارات فقد ركب هذا الرجل الغامض ركب هؤلاء الذين يقصفون تاريخ بورقيبة خاصة بعد هذه الثورة و صال و جال دون ذرة حياء أو موضوعية أو خجل من نبش تاريخ رجل أصبح من الماضي و لم يكن هناك من يدافع عنه من باب الرأي و الرأي الآخر على الأقل، فهؤلاء قدرهم الهابط أنهم لا يقدرون على الحاضر فيسيئون للماضي و لا يقدرون على الحقيقة فيستعملون التضليل و لا يقدرون على بورقيبة فيسوقون للناس أنهم ظلموا في عهده، و حين تساءل خائب الرجاء هذا لماذا تسامح المثقف الكبير السيد رجاء فرحات مع نفسه و مع دينه و مع خطأ الحبيب بورقيبة فهم المتابعون المعدن السوء لهذا ‘ الدرويش’ و إلى أي غاية دنيئة يريد لسانه المسموم أن يصل .
لم ينتظر المثقف المناضل السيد رجاء فرحات طويلا ليلقن هذا ‘ المثقف الدرويش’ درسا بليغا في السياسة و فن السياسة و ضرورات السياسة، و كان منتظرا أن يقف السيد رجاء فرحات هذا الموقف النبيل حتى يفهم من بعقله خور و صمم أن التاريخ لا يأخذ انتقاء و تزويرا و تحريفا بل آن التاريخ يقرأ برمته خيرا و شرا، سلبا و إيجابا، لذلك لا يمكن أن نقرأ تاريخ و سيرة الزعيم بورقيبة في معزل عن اللحظة التي عاش فيها أو ساس فيها البلاد، لا يمكن أن نفصل التاريخ عن الجغرافيا و عن الواقع الحينى الذي عايشه الرجل ، فالمتفرج فارس و الذين يقفون على الربوة من السهل عليهم إصدار الأحكام و تنويع الفتاوى، و حين يكذب هذا ‘ الدرويش ‘ كذبته القبيحة الكبرى بأن يزاوج بين الخيال اللفظي و الواقع التاريخي بالقول الهابط انه صحيح أن بورقيبة لم يسجل أي ملك خاص باسمه لكنه ‘سجل’ تونس كاملة باسمه في دفتر خانة للأملاك العقارية فالظاهر أن الهوس و الضغينة اليوسفية أو الوهابية أو المشرقية الصهيونية قد تغلبت على الموضوعية التاريخية و أصبح هذا الدرويش مجرد سفيه لا يعتد بقوله بين الأحياء .
يعلم التاريخ المنصف أن بورقيبة قد كان أكثر إسلاما و أكثر تسامحا و أكثر حرصا على الإسلام من هؤلاء المنافقين الذين تاجروا إلى اليوم بلا هوادة بالإسلام و لطخوه بالتكفير و الرجعية و الإرهاب، و يعلم التاريخ أن بورقيبة قد أنصف المرأة و أن هذا الإنصاف التاريخي هو من ألب عليه كل دعاة الانغلاق و الظلام من أحفاد الوهابية الزائفة و بعض التفاهات الفكرية التي طالما تأرجحت بين المال النفطي و السفارات الخليجية، و يعلم التاريخ أن بورقيبة هو رائد الإصلاح في تونس بعد الاستقلال و أن الاستعمار قد ترك بلدا معدما في كل المجالات فصار مضرب الأمثال في التعليم و في القابلية للتطور، و يعلم التاريخ أنه بحساب المدة الزمنية أن ما حققه بورقيبة لتونس من قفزة عملاقة لم يحققه المشارقة منذ أكثر من 80 سنة و هذا ما زاد في غيظهم أو عدائهم لبورقيبة، و لان لكل تطور أعداء و لكل إصلاح أعداء و لكل تطوير في المفاهيم التقليدية المقيتة أعداء فقد استل البعض سكاكين البؤس الجدلي من جرابهم المسمومة ليسقطوا كل التفاهات و الدجل و الافتراء على سيرة الرجل متناسين أن الأغلبية الشعبية مع بورقيبة و أن الذين صوتوا للنداء مثلا هم أبناء بورقيبة .
لقد كانت تونس و لا تزال رغم كيد الكائدين و نفاق المتزلفين الأفاقين البلد الوحيد في العالم العربي الذي يعتمد النظام الجمهوري قلبا و قالبا، في حين أن بقية الأقطار العربية قد راوحت بين الحكم الشمولي للملوك و الأمراء و بين الأنظمة العسكرية التي لم تقدم شيئا يذكر لشعوبها سوى الخطب العنترية التي أضاعت فلسطين و جاءت بالقوات الأجنبية إلى نفط الخليج ، و لقد كان بورقيبة زعيما يملك قدرة على فهم المستقبل و اختصار الطريق إليه و هذه خصلة من الخصال النادرة عند الزعماء العرب، و بورقيبة عالج العروشية و القبلية في حين لا تزال الدول الخليجية و بعض الدول العربية الأخرى مللا و نحلا متنافرة متصارعة إلى اليوم، و مع ذلك و رغم كل ذلك و أكثر فقد وهب البعض نفسها و نذرها للتصويب الجارح على بورقيبة من باب الكراهية السوداء و البغض الأحمق، و هذا ‘ الدرويش’ المريض بالحمى الوهابية اللقيطة سيبقى مريضا و لن يتعافى، فاللؤم مرض نفسي يصعب علاجه و لا عزاء لكل من مرضوا بهذا المرض .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: