أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3893
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
رأينا كل شيء بعد الثورة، استنزف الجميع كل أدوات التعبير المخجلة و الخارجة عن السياق، تظاهر ‘ الشعب’ بكل الطرق و على كل الطرقات، احتدم الخلاف بين ساسة الثورة المزعومين و بين إعلام العار المزعوم ، شاهدنا حمالو حطب كثر يشعلون النار و يتساءلون عن مصدر الدخان، منذ رحيل الرئيس السابق و هذا الشعب المظلوم يرى يوميا العجب العجاب، لا أحد من هذه الطبقة السياسية الانتهازية العفنة خجل من نفسه و توارى على الأنظار حتى بعدما لفظه الشعب و خسر الانتخابات، لا أحد استقال حتى بعدما تم اغتيال الشهداء، و لذلك هانت البلاد و سامها كل مفلس جاحد مهووس مريض بالأنا، من بين هؤلاء المرضى بالجحود و الطامحين إلى فتح دكان لممارسة نشاط قذر مسموم يتمثل في الدعوة المباشرة للتكفير و رفض مفهوم الدولة شيخ يدعو الشيخ الإدريسي .
منذ سقوط نظام بن على، يظهر أن هذا الشيخ المشبوه قد كسب عقول كثير من المتابعين المنتمين للتيار التكفيري السلفي الذين كانوا يختبئون تحت الأرض زمن النظام السابق و يمارسون نشاطهم التكفيري بكل سرية، و يظهر أن ‘أفكاره’ قد نالت رضا القائمين على ترويج الفكر الوهابي الإرهابي في المشرق العربي إذ تم نشرها على منبر ‘ التوحيد و الجهاد’ و هي مكتبة الكترونية تعتبر أحد المصادر المهتمة بالسلفية الجهادية، و بشيء من المتابعة ندرك العلاقة الوطيدة بين هذا الشيخ المشبوه و بين كثير من التيارات و المنابع المتطرفة التي تحث على الغلو في الدين و تكفير الغير و إشاعة الفوضى الدينية و بث منطق الكراهية و الفتنة رغم كل المجهود الظاهر لإخفاء هذا التوجه الكريه في خطبه التي يتابعها كثير من الناس دون انتباه و تمحيص ، و لعل الكثيرون لا يعرفون العلاقة الوطيدة بين هذا الشيخ و بين زعيم ‘أنصار الشريعة’ المدعو أبو عياض أحد كبار المنظرين و المباشرين للإرهاب الدموي في تونس.
يعتبر الشيخ الإدريسي المرجعية الشرعية العليا للتيار الجهادي التكفيري في تونس بحيث تخرجت على يده العديد من هؤلاء الذين حملوا السلاح لممارسة الإرهاب، تم سجنه في أحداث سليمان الشهيرة و كان محل شبهة في عديد مراحل تصاعد الإرهاب في تونس قبل و بعد الثورة، و بين مدع أن هذا الشيخ المشبوه قد أصدر فتاويه المنكرة لهؤلاء القتلة في سوريا و العراق و تونس بما سمي ب’الجهاد’ و بين قائل بان صمته في مثل هذا الأمر الجلل هو إعلان صريح بالموافقة و تشريع قذر لقتل الأبرياء و استهداف المدنيين العزل كما يحصل في عديد من الدول العربية و الغربية هناك قناعة راسخة لدى الجهات الأمنية و بعض المتابعين لسيرة هذا الرجل بأن هذا العقل يدير الإرهاب من وراء الستار، و لعل الجميع يربطون اليوم بين مقر خطب هذا الشيخ في مسجد ‘ الأمة ‘ بمنطقة سيدي على بن عون و بين حادثة اغتيال 6 من ضباط الحرس الوطني و عدة إيقافات بين صفوف الإرهابيين الذين ثبت تلقيهم الدروس التكفيرية على لسان هذا الشيخ المشبوه، و في علاقة تؤكد كثير من التحقيقات الأمنية و الصحفية اجتماع هذا الشيخ بكثير من القيادات الإرهابية في تونس و ليبيا للمطالبة بالنفير العام لمواجهة صعود حركة النداء للحكم .
يعتبر هذا الشيخ المشبوه نفسه عصيا على سلطة الدولة خاصة بعد أن دعمته عدة جهات تكفيرية وهابية بالمال و السلاح لضرب الاستقرار في تونس، و يعتبر هذا الشيخ أن صعود حكومة علمانية هو مؤشر شؤم على مشروع الخلافة المنتظرة بل أنه أصبح يرى في حركة النهضة عدوا لدودا خان ‘ القضية’ و باع مبادئ الحركة في مزاد السياسة الداخلية و الخارجية التونسية، و في قراءات سياسية أمنية متابعة يتحدث البعض على أن الأمن التونسي يملك معلومات مرعبة حول نشاط و تعاون الشيخ الإدريسي مع عدة جهات أجنبية يهمها عدم الاستقرار في تونس، و هناك قراءة تقول أن هناك دولة خليجية بعينها تضغط لعدم المس بنشاط هذا الشيخ تحت طائلة قطع المعونات المالية للخزانة التونسية، لكن هناك معلومات مسربة تفيد أيضا أن إبقاء مسجد الأمة خارج السيطرة الأمنية للدولة ستكون له تداعيات خطيرة على الوضع الأمني لان هناك شكوك حارقة حول سر تمسك الشيخ بهذا المنبر و عدم الخضوع لسلطة وزارة الشؤون الدينية و هل تم تسريب كميات من السلاح و المناشير داخل هذا المسجد و هل هناك علاقة باختفاء بعض المجموعات الإرهابية و بين هذا المسجد.
ترجع السلطات المحلية السبب الرئيسي لبقاء مسجد ‘ الأمة’ بوسط معتمدية سيدي على بن عون خارج السيطرة الأمنية للدولة بكونه مقام بالقرب من منزل هذا الشيخ المشبوه الذي يشرف عليه بنفسه، و لعل أقرب مثال يتبادر للذهن هو مثال تاجر المخدرات الكولومبي المعروف بابلو اسكوبار الذي بنى ‘سلطة’ ذاتية تحرس قصره الفخم في تحد كامل للدولة، فهذا الشيخ يقوم بالفعل الشائن نفسه ليجمع حوله الإرهاب و يمارسه و يحض عليه كل ذلك تحت ستار ممارسة الشعائر الدينية، لكن الواجب يدعو الجميع اليوم إلى رفض هذه الممارسات الذميمة و معارضة هذا الشيخ المشبوه بأن سلطة الدولة هي الحد الفاصل بين حق الفرد و حق المجموعة و أن العيش في أي دولة ما يفرض على المواطن الخضوع إلى واجب المواطنة و التقيد بضوابط الدولة، فتونس التي نبغيها لا نريدها خاضعة لا للغرب و لا للشرق بل خاضعة لسلطة الشعب، فيكفى ما عانت تونس من ثقافة الغرب و ما عانت من فكر الشرق المتخلف .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: