أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4769
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
دعوات مقاطعة و اتهامات و بكاء و نواح و هرج و مرج، اتهامات بالتخوين، تهديد باللجوء إلى الجامعة العربية و مجلس الأمن و محكمة لاهاي، هذا أهم ما جاء على لسان كاتب كلمات ‘ لا يخبش، لا يدبش ‘ السيد مصطفى الدلاجى، أغنية أو جزء من فيلم بورنقرافى ‘ مصور بأحد الأستديوهات و ملون برقص المتبرجة نجلاء صاحبة ‘أغنية’ الحصان الشهيرة، طبعا، الأخ الدلاجى تراجع في نهاية الأمر و قدم بعض الاعتذارات ‘ للمشاهد ‘ التونسي متمنيا أن تلك المشاهد الجنسية الفاضحة و تلك الكلمات المثيرة للغرائز و مجرد تأمين تلك المشاهد و الكلمات من السيدة نجلاء بتلك الطريقة الهابطة و السوقية لم تمس من علاقة المتابع و المشاهد بالفن الأصيل أو بالآداب العامة، لكن و كما يقال جاء الاعتذار بعد خراب مالطة و بعد أن حقق ‘ الكليب’ مبتغاه الدعائي و صار مطلوبا من بعض المهووسين باللذة الحرام .
منذ فترة قصيرة خرج إلى العلن فيلم مغربي بعنوان ‘ الزين اللي فيك’، لمخرجه نبيل علوش، فيلم أسال كثيرا من الحبر داخل المغرب و خارجه، الذين شاهدوا و انتقدوا الفيلم من النقاد المحترفين يؤكدون أن المخرج و الكاتب قد تغلفا برداء تناول المسكوت عنه ليصنعا فيلما تجاريا يحتوى على مشاهد جنسية فاضحة تتجاوز السبب المعلن بما يمس من سمعة النساء المغربيات و يجعل من المغرب منتجعا لممارسة الجنس يفوق ما يحدث في بعض بلدان آسيا المعروفة بممارسة و تجارة الجنس، طبعا لا يزال الفيلم يثير جدالا واسعا في كل الأوساط العربية و هناك من يتعاطى معه كحالة من حالات الإبداع السينمائي و حرية التعبير و الرأي و هناك من يتعاطى معه من جهة التقاليد و العادات و ضرورة التعقل و الرصانة عند التعاطي مع الظواهر السلبية في المجتمعات العربية حتى نؤسس للغة راقية و فن راق بإمكانه أن يتعاطى مع مثل هذه الظواهر السلبية الشاذة بكثير من العمق و عدم البحث عن الإثارة على حساب المضمون.
وسط كل هذا الهرج و المرج تفاجأ المتابعون لمهرجان قرطاج للأيام السينمائية بإعلان مشاركة هذا الفيلم في المسابقة الرسمية، طبعا، كثر الحديث عن دوافع إدراج هذا المنتج السينمائي في القاعات التونسية و في أكبر مهرجان له علاقة بالفن السابع، لذلك انتقلت الخصومة الجدلية مؤقتا من المغرب إلى تونس و بلغت الإشاعات حول تهديدات وصلت إدارة المهرجان إذا ما تم عرض الفيلم ‘ الخادش للحياء’، لكن السيد خميس الخياطى رئيس لجنة اختيار الأفلام له رأى محدد بان دور الاحتفالات السينمائية هو المباغتة المتواصلة و إلقاء الحجارة في المياه الجدلية و الفكرية الراكدة لتتحرك و تساهم في نشر الأفكار التحررية و إقناع المجتمع بضرورة تقبل الفنون بأشكالها، هذا الموقف له مؤيدون و معارضون، و فى كلتا الحالتين يمكن القول أن الفيلم قد حقق جميع أغراضه حتى لو أدى الأمر إلى تعرض بطلة الفيلم إلى اعتداء جسيم بالعنف من طرف أحد الذين لا يؤمنون بحرية الإبداع أو بدور السينما في فضح المسكوت عنه .
أنا أنافق، إذن أنا موجود، فكل الذين تحدثوا و تناولوا أغنية ‘ لا يخبش، لا يدبش ‘ مقصرون في فهم الواقع و في فم التحولات التي طرأت على المجتمعات العربية منذ سنوات عديدة و بالذات منذ انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، نحن نعلم أن كل هذه الظواهر السلبية موجودة و نحن نشارك في صنعها أحيانا و في السكوت عنها أحيانا أخرى، و الذين يحاولون التنصل من هذه العاهات التي مست كل المجتمعات العربية بداعي الفضيلة الخادعة أو رفض السينما كوسيلة تعبير و فضخ للمستور يعلمون أنهم يمارسون الدعارة بكل أشكالها و لكن على طريقتهم ‘ افعل ما شئت لكن تمسك بالتقية حتى التمكين ‘، فالسينما التي تتناول المستور القبيح لا يمكنها أن تخجل من طرح الواقع لان هؤلاء الذين يقفون عثرة في هذا الاتجاه يمارسون الخطيئة الكبرى لكن تحت يافطة الدعوات للجهاد و للخروج على الحكام و لترسيم حدود دولة الخلافة، فجهاد النكاح مثلا ، و الزواج العرفي، و زواج المتعة، و كل زيجات الفكر الاخوانى هي حالات من المكر ‘ الديني ‘ باسم الإسلام ، و يكفى أن نقف على حقيقة هؤلاء الفتيات اللاتي تداول عليهم شيوخ الإرهاب و ‘أمراء الجنة’ لنفهم كم هي قبيحة تلك اللغة الغاضبة لإخوان المغرب المنادية بنصب المشانق لأصحاب هذا الفيلم .
إن ما حصل في المجتمعات العربية منذ سنوات و منذ كامب ديفيد بالذات يؤكد أن هذه المجتمعات قد تعرضت إلى حالات اغتصاب كثيرة في كل الميادين، و لان فقاقيع نشر ثقافة الكراهية و البحث عن الفوضى الدينية الخلاقة قد نصبوا خيامهم في بعض الفضائيات المسمومة فقد انقسمت المجتمعات و تشظت و أصبح الإنسان العربي أسير توجهات متعارضة أدت به إلى الإرهاب و تجارة الجنس و تناول المخدرات إلى غير ذلك من علامات السقوط الأخلاقي البشع، و بالنتيجة أصبح هذا المواطن التعيس لا يخبش و لا يدبش و نالت المخدرات من بقية الزين اللي فيه و صار مجرد أشلاء تعبث بها عصابات الإرهاب الديني و بعض تجار السموم و المهربين لكل ما يضر بهذا الأوطان العربية الآيلة أخلاقيا للسقوط، و حيت تتمايل السيدة نجلاء و يسقط الجسد في بؤرة البحث عن المتعة الحرام بكل أشكالها فمن حقنا أن نتساءل أين ذهبت القيم العربية الأصيلة و متى تستفيق الأمة ؟ .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: