أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4915
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لطالما تساءل المتابعون بكثير من الاستغراب و الدهشة هذا السؤال العفوي البسيط عن الهوية السياسية للنائبة بمجلس نواب الشعب الحالي السيدة سامية عبو، فالاشتغال في السياسة كما يعلم الجميع يتطلب هوية سياسية، يساري، إسلامي، قومي، فرنكفونى، إلى آخر التوصيفات السياسية المتداولة، و الاشتغال في السياسة يتطلب من النائب بالذات أن يكون نائبا لكل الشعب، كما يتطلب أن يكون الوطن هو العنصر الجامع و المبادئ الإنسانية المستقرة هي الحاضنة التي لا يخرج عنها نائب الشعب، و لقد تساءلنا دائما و من البداية في ظل هذه المعطيات السالفة و الثابتة من تكون السيدة سامية ؟ و أين بوصلتها و من يقف وراءها و لماذا لا تعلن هذه السيدة عن هويتها بمنتهى الوضوح و بقيت أسيرة بعض القوالب الخطابية الجاهزة الفضفاضة التي تؤكد الشيء و نقيضه في نفس الوقت .
هناك من يتصور أن المعارضة هي أن تعارض كل شيء و أن تعارض نفسك إن تطلب الأمر و لم تجد ما تعارضه، هذا ينطبق على الجبهة الشعبية بكل مكوناتها و روافدها، الجميع في الجبهة و روافدها يعارضون و يرفعون الفيتو ضد كل من ‘ يتحرك’ من لسان أو حكومة أو أحزاب، أنا أعترض إذا أنا موجود، هذا هو أمر العمليات اليومي للجبهة الشعبية و كل روافدها و منتجاتها، و لان السيد سامية تجلس دائما قريبا من مقاعد الجبهة بمجلس نواب الشعب فقد تسرب فيروس المعارضة الآلية إلى عقلها المشوش الفاقد للهوية السياسية و صارت ترفع صوتها كلما رفع نواب الجبهة أصواتهم أو أياديهم معترضة على كل كلمة أو فاصل أو استدراك أو ملاحظة من هذا النائب أو ذاك و لم يسلم من هذه ‘ المعارضة ‘ البائسة حتى من هم أكبر منها سنا مثل رئيس المجلس الذي أشبعته ذات يوم تجريحا و لطما بما ‘تملكه’ من ساقط الأقوال و هجين العبارات، و إذا كان القول السديد للرسول صلى الله عليه و سلم معروفا أن المسلم من سلم الناس من لسانه فان الأسلم في حال السيد عبو أن نجاهر بأن حسن الطالع أن تسلم من لسان هذه ‘النائبة ‘ .
قلنا أن هناك من يتساءل ، من يقف وراء السيدة النائبة ‘ المعترضة’؟ ، فالحزب العائلي الكرتوني الذي تنتمي إليه أو ينتمي إليها هو صفر مكعب و لا يمثل أي شيء في المشهد السياسي المتلاطم في تونس، و رغم حضور ‘مؤسس’ الحزب الوزير الفاشل السابق في حكومة الترويكا السيد محمد عبو في كل وسائل الإعلام بالتناوب مع السيد النائبة حرمه لمحاولة الإيحاء بوجود هذا الحزب و بعدم موته السريرى المتواصل منذ سقوط حكومة الغير مأسوف عليه السيد على العريض، وزيـر ‘ الرش ‘ السابق، فلا شيء يوحى بأن هذا ‘ الحزيب’ سيكتب له النجاح أو الخروج من دائرة الصفر فاصل خاصة بعد أن فقد ‘ مؤسسه’ كل صلة بالواقع السياسي للبلاد بل بكل الطبقة السياسية الناشطة في الموالاة و المعارضة على حد سواء، و عليه يحد السؤال نفسه في وجه سؤال ملح آخر، من تمثل السيدة النائبة في البرلمان ؟ بمعنى أدق، ما هي المصالح المعلنة أو الخفية التي تمثلها السيدة النائبة في مجلس نواب الشعب ؟ .
بطبيعة الحال، هناك قوى دفعت إلى نجاح السيدة النائبة في مجلس الشعب، فهي لا تملك ما يؤهلها إلى هذا المنصب، و ما نعرفه عن ‘ ماضيها’ السياسي في عهد الرئيس السابق ضحل جدا و لا يصنع منها وجها سياسيا يدير الأعناق،و ‘ التيار الديمقراطي ‘ هو مجرد دكان أو فرع شركة مقاولات سياسية كبيرة تنشط تحت يافطة الدفاع عن حقوق الإنسان و ما جاورها و ما يليها، و هي شركات مقاولات سياسية دولية تعمل تحت سلطة المخابرات و السفارات الأمريكية و التي باتت معروفة للجميع بالاسم و ‘ بالسجل التجاري’، و لان السيدة النائبة تصر إلى حد الآن و تنكر وجود الإرهاب في تونس أصلا بل تنكر وجود الإرهابيين و صحة التحقيقات الجارية و تتمسك بحالة من الإنكار الهجينة في هذا السياق فهي تؤكد أمورا ثابتة كثيرة أولها أن هذا الموقف هو الخيط الرابط بينها و بين من يقف وراءها، ثانيها، أن السيدة النائبة تقف في الخندق الخطأ ضد مصلحة الوطن و سلامة أبناءه من الإرهاب، ثالثها، أن الإرهاب هو حقيقة ثابتة و سيتم القضاء عليه رغم أنف السيدة النائبة و طول لسانها .
تقف السيدة النائبة في المكان و الموقع الخطأ، هذا ثابت، فهي من وقعت عريضة زيادة الرواتب للنواب في ظل ما تعانيه البلاد من سقوط اقتصادي و بطالة و انخرام في ميزانية الدولة نتيجة المطالب الاجتماعية المجحفة، هذا ‘ التوقيع’ هو الدليل المادي الملموس على زيف الشعارات الرنانة التي ترفعها النائبة بعلة دفاعها عن الزواولة كما تقول الجبهة الشعبية و بالذات السيد حمة الهمامى الذي يتمتع ب’حصانة’ أمنية تتكلف المليارات من خزينة ‘الزواولة’ إياهم، و هي من اعتبرت أن قانون زجر الاعتداء على الأمنيين أخطر من الإرهاب نفسه بما يمثله هذا الموقف من استخفاف حقير بالحرمة الجسدية لهؤلاء الذين يقدمون أنفسهم يوميا قرابين لهذا الإرهاب الأعمى الذي تنكره السيدة النائبة و تسعى إلى تبييض جرائمه مع بقية ‘الشلة’ المسخرة من دكاكين حقوق الإنسان و بيت المال النفطي الخليجي الذي يستعمل هذه المجموعات الإرهابية التكفيرية في خدمة مشروع الفوضى الخلاقة الصهيونية الأمريكية، و السيدة النائبة ‘ المعترضة’ لا تستحي اليوم أن تخرق عمدا و عن سوء نية مسبقة القواعد الإجرائية المنظمة للتصويت داخل المجلس ب’تفويضها’ حق التصويت لزميلها النائب نعمان العش .
فضيحة مدوية بكل المقاييس، فالسيدة النائبة تعد من أكثر النواب المطالبة بما يسمى ‘بنقاط النظام ‘ لتطالب باحترام نواميس المجلس و إجراءات سير العمل داخله، و هي من أقامت الدنيا و لم تقعدها حول موضوع القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء مطلقة سهام النقد ضد كل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة، و هي التي طالما تحدثت عن سلطة القضاء و عن هيبة القضاء و عن استقلالية المجلس الأعلى للقضاء إلى عير ذلك من الشعارات الرنانة المنافقة، لكن من الواضح أن حبل الكذب قصير و أن الشعارات الرنانة الكاذبة لا تنفع و تذهب جفاء في البحر لان ارتكابها لجريمة ‘ التصويت بالواسطة’ في أهم قانون من القوانين التي طالما ضحى من أجله بعض الشرفاء في القضاء بما يمثله من دعم قوى للديمقراطية الناشئة و كمطلب من مطالب الثورة يعد خيانة للقسم و خيانة لثقة الشعب و خيانة للقضاء و خيانة للواجب الأخلاقي المطلوب في نائب الشعب، و حين تؤكد ممثلة ‘ يوصلة’ أن هذه النائبة ‘المعترضة’ قد عمدت أكثر من مرة إلى التصويت نيابة عن زميليها في حزب ‘ التيار الديمقراطي ‘ نعمان العش و غازي الشواشى مما يعد عشا في التصويت فلا شك أن المتابع يجد نفسه أمام ظاهرة جديرة بدراستها من علم النفس و غطيني يا صفية .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: