أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4026
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تزعم حركة النهضة وبعض أتباعها من أحزاب تحالف الترويكا السابق بأن ‘تعليم’ بورقيبة و سياسة بن على هما أسباب تنامي ظاهرة الإرهاب، يقولون أن الزعيم بورقيبة قد ‘ أغلق ‘ الفكر الديني و جاء بالتعليم ‘ العلماني’ و أن بن على قد جاء بالاستبداد ليفرض على الغاضبين و المعارضين ‘الهجرة’ للإرهاب و الفكر الوهابي المتطرف، يقولون أيضا أن سياسة التهميش و عدم المساواة التنموية بين الولايات هي سبب من أسباب تصاعد التطرف و الإرهاب، يقولون في الاخارة أن الإرهاب هو صناعة بورقيبة و بن على و أن حركة الإخوان النهضوية بقيادة المتطرف راشد الغنوشى براء من الإرهاب براءة الذئب من دم يعقوب، طبعا، هذا كله مجرد تلفيق تعود عليه الإخوان، و بالذات حركة النهضة التي تلتجئ دائما للاختباء وراء اللغة لتوظيف مرونتها و ممارسة لعبة المصطلحات و المفاهيم مع تعــــمد عـــدم الانضباط و الدقة بما يؤدى دائما إلى التشويش الفكري و ما يسمى بزغللة الرؤية (يراجع مقال المفكر الدكتور حيدر إبراهيم على بعنوان ‘ الغنوشى مفكر إسلامي أم سياسي حركي حديث ‘ ) بتاريخ 29/12/2014 بموقع حريات السوداني .
يشهد العالم منذ سنوات تصاعد الفكر الإرهابي التكفيري المتطرف، هذا الأمر لا يحتاج تبيانا أو سرد بعض الأرقام المفزعة التي تتداولها وسائل الإعلام العالمية و بالذات بعد حصول أي عملية إرهابية في الدول الغربية، منذ فترة قليلة قامت محطة ‘سكاى’ اللندنية بإعداد وثائقي كشفت فيه بعض الحقائق الخطيرة من بينها كراهية الشبان البريطانيين لأسلوب حياتهم و بحثهم على وسيلة للانتقام من النظام البريطاني، كشف التحقيق أيضا سهولة تجنيد هؤلاء الشبان عبر الانترنت و استعدادهم المباشر لإعلان البيعة ‘للتنظيم’ ( داعش بالمناسبة ) و أن هؤلاء مستعدون للقيام بعمليات تفجير داخل الدول الأوروبية، طبعا، لا يمكن نعت تعليم بريطانيا بتعليم بورقيبة و لا النظام البريطاني الديمقراطي بنظام الاستبداد فترة بن على،نشير أيضا أن أغلب قيادات الإخوان قد عاشت سنوات طويلة في الغرب لكنها رغم ذلك لم تتشبع بقيم الديمقراطية و حرية التعبير و الشفافية الانتخابية و بقيت بنفس خطابها التكفيري الذي مارسنه قبل و بعد رجوعها إلى بلدانها ‘ الأصلية ‘ .
من ناحية أخرى تعتبر السعودية منبع نزول الوحي و انتشار الإسلام و نشر الدعوة الإسلامية المتسامحة، هكذا يقولون طبعا، و في هذا الإطار وقف شيوخ السعودية التابعين للمؤسسة الدينية السعودية مواقف رافضة ل’تعليم ‘ الزعيم بورقيبة و تم وصفه بالخائن للإسلام و للعربية و للمفاهيم الدينية في علاقة بالمرأة و حقوقها الشرعية و بالتبني و بالإرث و بتعليم المرأة خروجها لمباشرة العمل، لكن اليوم يشهد العالم أن السعودية و تعليمها و مناهجها هي محل انتقاد من الدول الغربية و على رأسها طبعا الولايات المتحدة الأمريكية، و بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 و ثبوت ضلوع العائلة المالكة في تمويل الإرهاب ( تقرير الكونغرس تضمن ما يناهز 28 صفحة فيما شكل لائحة اتهام ضد النظام السعودي )، فرضت الإدارة الأمريكية على نظام آل سعود مراجعة كل مناهج التعليم ذات العلاقة بالتحريض على الإرهاب و الجهاد و نشر ثقافة الكراهية ضد الغرب، فلماذا يصر البعض على اتهام بورقيبة و بن على ؟ .
يعتقد البعض عن سوء أو حسن نية أن الفقر و البطالة سببان مهمان من أسباب تنامي ظاهرة الإرهاب، يتناسى هؤلاء عمدا و عن سوء نية فاضحة أن تونس قد عاشت تحت الاحتلال الفرنسي طيلة عقود من الزمن و بقيت الحالة الاجتماعية المتردية سنوات كثيرة بعد الاستقلال و رغم ذلك لم تشهد تونس ولادة هذه الظاهرة المحمومة إلا بعد اكتشاف النفط في الخليج و بداية تسويقه للدول الغربية في بداية الستينيات ، و يعتبر انتشار هذه الظاهرة الدموية على يد عبد الله عزام سنة 1978 بداية نمو التطرف و التكفير و الإرهاب السعودي الذي انتشر في باكستان و أفغانستان تحت رعاية المخابرات الأمريكية لمحاربة المد الشيوعي، في المقابل جاء فكر الإخوان المتطرف في مصر لمناصرة فكر القاعدة و نشر الإرهاب في العالم تحت يافطات مختلفة و من هنا نشأت حركة النهضة على يد زعيمها راشد الغنوشى و اتجهت بمعتقداتها و فكرها المتطرف إلى نشر هذه الثقافة الحزينة المريضة في قلوب التونسيين لمحاولة قلب نظام الحكم و فرض دولة الخلافة الموعودة، و كان على النظام الذي يمثل الفكر الوسطى للإسلام أن يحارب هذا الفكر ‘الشرقي’ الغارق في التطرف و المنحاز للفكر الوهابي الرافض للإسلام المتسامح .
رغم كل البحوث و الدراسات لم يثبت أن تعليم بورقيبة و سياسة بن على هما أسباب نمو ظاهرة التطرف و التكفير، بالعكس تشير التحريات و الدراسات و التحاليل العلمية الجادة أن الفكر الوهابي و الفكر الإخوانى هما نتاج للمناهج التعليمية السعودية المتطرفة و أن المؤسسة الدينية السعودية و بعض العمائم الشيطانية المفلسة مثل الشيخ القرضاوى و بعض المشايخ السعوديين و بعض شيوخ الفضائيات هم سبب انتشار الفكر الإرهابي المتطرف، و تشهد الجامعات العالمية أن كل الذين التحقوا بهذه الجامعات من ‘تعليم ‘ بورقيبة قد استطاعوا نيل الشهائد العليا و أن التعليم البورقيبى لم يكن ضحلا إلا في عهد حكم حركة النهضة و ما نشأ عن تسيبها من تنامي ظاهرة المخدرات و الإرهاب يضاف إليه ما يتجرعه بعض الشباب من جرعات ‘دينية’ مسمومة داخل بيوت الله و بعض دور العبادة، و عندما نتحدث عن 4500 مدرسة قرآنية بعد الثورة بعثتها حركة النهضة بتعاون مع المال القطري النفطي الفاسد ندرك أن اتهام الزعيم بورقيبة و نظام بن على هي مغالطة كبرى و تزوير للواقع و التاريخ.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
21-03-2016 / 07:30:26 فوزي مسعود
حول الحركات الرافضة للغرب والارهاب
بورقيبة هو فعلا اهم سبب للارهاب، وتواصل حكم تونس من طرف بقاياه سيواصل الارهاب، و ذلك بالمعاني التالية:
- بورقيبة وبقاياه الذين يحكموننا يمثلون مشاريع الحاق بالغرب، اي عمليا فان تونس لم تستقل بعد، وهي طيلة عقود تعتبر محتلة بعض المعاني
- كل احتلال يولد اليا قوى رافضة له، وكل عمليات استهداف الهوية تولد اليا قوى رافضة للالحاق القسري بالغير
- لذلك كنت استغرب كيف لم تنشأ الحركات المسلحة ضد النظام التابع بتونس الا في آخر التسعينات، كان يفترض ان تقع عمليات مسلحة واسعة رافضة للتحكم البورقيبي في تونس منذ الستينات
- علما انه وقعت محاولة انقلاب فعلا في الستينات قادها الازهر الشرايطي، ولكن بعد ذلك خبى الامر واستقر الحال لفرنسا، وهذا حقيقة امر مسيئ لصورة تونس تاريخيا ان يحكمها الخونة التابعين للغرب ويسخروا اجهزة الدولة لفرض مشاريعهم ثم لا تجد من يقاوم ذلك
اذن نحن ازاء نوع من تواصل الاحتلال من طرف الغرب واتباعه محليا ولذلك تتوقع كل شيئ للتصدي لهم
في الجانب الاخر، هناك خلط منهجي مقصود يدخل في باب التشويه، بين الحركات الاسلامية والارهاب، وان كان هذا الخلط يردده البعض بفعل تشويش ذهني لديهم لفهم الحقائق
الحركات الاسلامية كالاخوان المسلمين وحزب التحرير والجماعة الاسلامية بالباكستان هي تمظهرات لحالة رفض تحكم الغرب و وبقاياه في بلداننا وهي حالة طبيعيىة ودليل على حيوية في جسم وقع اخضاعه بالقوة من طرف الغرب وممثليه المحليين
الوضع غير الطبيعي هو ان لاتوجد عمليات رفض لتحكم الغرب و بقاياه فينا، اما وقد وجدت عمليت رفض ذات بعد اسلامي فهذا امر جيد في ذاته، بقطع النظر ان كانت حركات الاحياء الاسلامي هذه قد ارتكبت اخطاء، فذلك تفصيل
بالنسبة للوهابية أمر مغاير، هي في الاصل حركة احيائية ذات نزعة دينية عقدية صرفة لا علاقة لها بالتهديد الخارجي ولا بالاعتبارات السياسية –عكس الاخوان والجماعة الاسلامية وحزب التحرير-، ثم وقع استغلالها من طرف زعيم سياسي لتوسيع النفوذ وهو راس ال سعود
يعني ان البعد السياسي للوهابية غائب عنها ابتداء، لذلك اغرقت وتغرق لحد الان في ما اسميه التدين الوظيفي المستورد من التاريخ الفاسد، ولذلك نرى الوهابية –لعجز مفاهيمي هيكلي فيها منذ البداية- تعطي التبرير لتحكم ال سعود الذين يمثلون اكبر خونة واكبر اعداء الاسلام حاليا، ورغم ذلك لاينتبه فقهاء ال سعود لكل ذلك ولايمكنهم غير خدمة ال سعود بفعل فقه وظيفي نشا اساسا لخدمة الحكام زمن بني امية ثم تطور زمن بني العباس
لان الوهابية نظرت للواقع ان مشكلته عقدية اساسا في معاني التوحيد والشعائر والاصنام وهي مشاكل كانت سائدة زمن محمد عبد الوهاب، والحال أن مشاكلنا الان ليست في وجود من يعبد الاصنام بشكلها الساذج كما يعتقده البعض، بل هناك اصنام مستحدثة أخطر من الاصنام التقليدية وهي عبادة الاشخاص كما يقع مع حكام ال سعود ومشايخهم، وهناك اصنام من نوع القدوات السيئة كما الفنانين ورموز الافساد التي يروج لها اعلام ال سعود الهابط، كل هذه اصنام اخطر من عجوز تعتقد ولي صالح في منطقة نائية
اذن نرى ان العجز التصوري لدى الوهابية هو الذي جعلها معزولة عن الواقع، وصيرها اداة وظيفية في يد حكام ال سعود لتكريس وجودهم واعطائه شرعية دينية زائفة
21-03-2016 / 07:30:26 فوزي مسعود