أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3398
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
منذ نشأة النظام الهاشمي في الأردن، كانت هناك علامات استفهام كثيرة حول الدور الذي لعبته هذه الأسرة في خدمة المصالح الصهيونية البريطانية الأمريكية، يقول الملك حسين أنه ذهب عشية حرب 1973 بطائرته إلى تل أبيب لمقابلة رئيسة الوزراء الصهيونية قولدا مايير ، طبعا، هذا التصريح لم يكن مفاجأة لكثير من المتابعين العرب و بالذات الكاتب المصري الراحل محمد حسنين هيكل حين تحدث بكثير من التفاصيل الخطيرة حول حقيقة هذه العائلة المنخرطة في الخيانة و العمالة، فالملك حسين لم يخن العرب و بالذات دول المواجهة فحسب فقد خان القضية الفلسطينية في أكثر اللحظات التاريخية أهمية و نذكر هنا تدخل الجامعة العربية سنة 1970 بثقلها و ثقل الزعيم جمال عبد الناصر لإيقاف مذبحة الفلسطينيين في الأردن على يد هذا النظام العميل للصهاينة، هذا الجهد الكبير الذي بذله الزعيم المصري كان أحد الأسباب المهمة في وفاته بعد أن ودع ملك الكويت في المطار .
يتحامى النظام الأردني في إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية و يعيش على بعض الصدقات المالية الخليجية، و منذ الأزمة السورية يعيش النظام في حالة ارتباك ملحوظة نتيجة مشاركته الخفية في مؤامرة إسقاط النظام السوري، و في حين يسعى وزير الخارجية الأردني إلى نفى مشاركة بلاده في الحملة الرامية لإسقاط النظام السوري تعمل المخابرات الأردنية بإيعاز مباشر من الملك عبد الله الثاني على تقديم كل المساعدات الممكنة لتحالف الشر المتكون من إسرائيل، السعودية، الولايات المتحدة الأمريكية، من بين هذه المساعدات طبعا تخصيص قواعد تدريب الإرهابيين و تمريرهم داخل التراب السوري، تغذية بنك المعلومات الصهيوني بمفاتيح حل بعض الألغاز الأمنية السورية، مشاركة عملاء المخابرات الأردنيين في عمليات تجسس و مساعدة للموساد و للمخابرات السعودية التركية داخل التراب السوري، بطبيعة الحال، لا تكشف المخابرات السورية كل شيء نتيجة عوامل متعددة لكنها تشير إلى هذه المساعدة الأردنية في كثير من التصريحات الرسمية .
لعله من أهم الجوانب المجهولة في حرب جوان 1967 الدور المشبوه للملك حسين بداعي حماية عرشه من المقاومة الفلسطينية، و اليوم يأتي الحديث على الدور المشبوه للملك عبد الله الثاني في المساهمة في تمزيق سوريا خدمة للمشروع الصهيوني ، و الملك الحالي كمن سبقوه في الحكم يكره حد العمى المقاومة العربية في كل عناوينها بداية من المقاومة الفلسطينية إلى المقاومة العراقية إلى المقاومة اللبنانية ، فإمضاء اتفاقية وأدى عربة بين النظام و الصهاينة كان لإيقاف كل نفس أردني يسعى إلى استرجاع الأرض الأردنية المغتصبة و تعويض الأردن عن جميع الخسائر التي تسبب فيها الاحتلال للشعب الأردني منذ سنة 1948، فالنظام الهاشمي يكره المقاومة و من يدعم المقاومة مثل سوريا و إيران، لهذا وقف في صيف جويلية 2006 إلى جانب إسرائيل ضد حزب الله مسقطا مسؤولية تلك الحرب الدموية التي دامت أكثر من 33 يوما كاملة على هذا الحزب تماما كما فعل نظام آل سعود و نظام حسنى مبارك المخلوع و فريق ما يسمى ب 14 آذار بقيادة سعد الحريري أحد الداعمين للتوجهات الاستعمارية السعودية في المنطقة العربية منذ اغتيال والده رفيق الحريري سنة 2004 .
لعل هناك من تنبأ بسقوط العرش الهاشمي اثر بداية الربيع العربي، لكن النظام استطاع أن يقرأ المتغيرات المحلية و الإقليمية بمنطق سليم و تمكن من استغلال المزاج الشعبي الذي وضع علامات استفهام كثيرة خاصة بعدما حصل في ليبيا من تحول الثورة الليبية إلى بؤرة توتر عالمية و مسار داعشى إرهابي يقض مضاجع دول الجوار الليبي، لذلك نلاحظ تراجعا واضحا في زخم الحراك الشعبي باختفاء صوت الجبهة الوطنية للإصلاح و غيرها من المنظمات و الأحزاب التي سئمت تراجع الاقتصاد الأردني إلى درجات مخيفة رغم بعض القرارات الخلافية التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة بعد الربيع العربي، و رغم النفور الخليجي من حكم المملكة و من سياستها فلا يزال الملك يراهن على المعونات الخليجية الشحيحة لانتشال الاقتصاد الأردني من السقوط خاصة بعد أن رفضت دول الخليج محاولات النظام الانضمام إلى نادى البترول الخليجي، لذلك يمكن القول أن النظام قد وجد نفسه مجبرا هذه المرة على المشاركة في مؤامرة إسقاط النظام السوري رغم مخاطرها الكثيرة كل ذلك من أجل لقمة عيش الشعب الأردني، و يمكن الحديث اليوم على أن النظام قد انخرط في لعبة الدم السوري مقابل الغذاء لشعب الأردن، و لعل هناك في الأردن من أدرك حجم المأساة و سبب تغير طعم رغيف الخبز الملطخ بالدم السوري .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: