أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4124
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بهذا المقال نحن نتجه مباشرة إلى رحابة صدر الدكتور المنجى الكعبى، و نحن بهذا المقال لا نفتعل مشاحنة جدلية بل هي مجرد عملية تفاعل بين رؤى مختلفة نتمنى على الدكتور أن لا ينزعج من طرحها في هذا الموقع، في هذا السياق نحن نؤكد من البداية أننا نتفهم قليلا طرح الدكتور و حاولنا كثيرا أن نتجنب هذه المناقشة من باب تقديرنا الكبير لتاريخ و مواقف و نزاهة الأستاذ المنجى المعروف بالجرأة و الفكر المباشر ، ولان الدكتور العزيز قد دخل في المنطقة ‘ الحرام’ هذه المرة مقحما الدستور و الوطن في مسألة لا علاقة لها لا بالدستور و لا بالوطن فقد كان لزاما أن نبدى الرأي حتى لا يكون التحجج بالدستور و الوطن مطية لهدر الدم ‘ الحلال’ بعلة الحفاظ على الدم الحرام و حتى لا يتهم أحد هؤلاء المتاجرين بعقوق الإنسان الدكتور نفسه بتبييض الدم الحرام و هي التهمة الجاهزة اليوم لكل من يدخل هذه المنطقة المحرمة المتعلقة بالإرهاب .
لقد حز في نفس الدكتور أن يبتهج البعض بالغارة الأمريكية على ذلك المستودع الذي تبين أنه يأوي مجموعة إرهابية أغلب أفرادها من ‘ التونسيين ‘، و ذهب في ظن الدكتور أن هؤلاء المبتهجين قد باركوا العملية دون مبرر و أن هذا الفعل الخادش للدستور و للوطن لا يليق أبدا تجاه من اعتبرهم الدكتور ‘بخصومنا السياسيين’ - هكذا و الله -، و الظاهر أن الحكيم قد عابت عنه الحكمة هذه المرة، و هذه ليست من عاداته ، لان المسألة و ما فيها أبسط و أتفه باعتبار أن هؤلاء القوم الذين يزرعون الموت و لا يؤمنون لا بالدولة و لا بالوطن و لا بالقيم الإنسانية و لا بالدين المتسامح لا يمكن أن يصنفوا أبدا في خانة ‘ الخصوم السياسيين ‘، فهذا التصنيف مقتصر على كل الذين يؤمنون بالحوار و بالرأي المخالف و بنبذ العنف و بقداسة الراية الوطنية إلى غير ذلك من القيم الحضارية المستقرة، هؤلاء مصنفون في خانة الإرهاب و الإرهاب لا دين له فكيف نقف في حوار شخص لا دين له و لا قيم له و لا نقاش معه ؟.
الذين اجتمعوا بربطة المعلم كما يقال في المشرق في ذلك المستودع قد اجتمعوا على قلب واحد هو الخليفة أبو بكر البغدادي و على قسم واحـــد هو المـــــوت للكفار و على ضغينة واحدة هي إسقاط الحكومة المدنية، فهؤلاء تنكروا لحقوق الوالدين كما تنكروا لحقوق الوطن و حقوق الدين الذين ارتدوا عنه بقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق ، و هؤلاء لم يجتمعوا على التسامح و رفع راية الوطن بل اجتمعوا للتخطيط للقتل و زرع الرعب و بث الفوضى فعن أي خصوم سياسيين يتحدث الأخ الدكتور، و الذين جاؤوا بالأمس إلى مدن الجنوب لم يأتوا للمشاركة في ندوة حوار سياسية ينظمها الدكتور التميمي بل للغدر و الفتك و القتل و انتهاك الحرمات، فعن أي خصومة سياسية يتحدث الدكتور الكعبى ؟ و الذين اختبئوا بذلك المكان الذي هدمته الطائرات الأمريكية بمن فيه على من فيه ليسوا دعاة فكر أو حوار بل هم فئة انشقت عن الحضارة و عن المبادئ الإنسانية و تشبعت بثقافة الكراهية و الرغبة الجامحة في الفتك بالمسلمين و بالإنسان أينما كان، فكيف نجلس مع القتلة و بأي لغة سنتحاور ؟ .
عن أي تكافل و تآخى يتحدث الصديق الدكتور ؟ فالكفالة كما لا يخفى عليه لها شروط و تأتى في سياق ديني معين، فكيف نكفل هؤلاء الذين ينامون على ملايين الدولارات النفطية و كيف نكفل قتلة و كيف نعطى الثقة لمن يعتنقون ديــــــن الإرهاب و عن أي علاقة إخاء يمكن أن تجمع الضحية و الجلاد، القاتل و المقتول، المواطن المتسامح و الإرهابي التكفيري المتزمت نحن نتحدث، ثم كيف يصل الاتهام و الخلط لدى الدكتور بالقول أن هذا الشعب هو من سلم هؤلاء للموت خارج الحدود لمجرد مخالفة في الرأي و الفكر السياسي ، فهل الإرهاب و التكفير و القتل على الهوية و اغتصاب النساء و جهاد النكاح و الدعوة الصريحة للقتل هو الفكر السياسي المقصود ؟ و هل أن هناك ما يمكن أن يجمع بين رافع السلاح و رافع الرأي ؟ و هل يمكن لعاقل أن يقبل كلام الدكتور بأن هؤلاء الذين يتسللون بالليل و النهار إلى خارج الحدود نحن من دفعناهم إلى محرقة سبراطة ؟ و هل ذهب هؤلاء إلى ذلك المعسكر في نطاق زيارة كشفية أو من باب تبادل الخبرات الأمنــــية أم لتعلم فنـــون القتــــل و الرماية و القنص و الذبح و أكل و شي اللحم الآدمي لهؤلاء الأبرياء في سوريا أو في العراق أو في تونس ، و هل أن هؤلاء يعلمون معنى الوحدة الوطنية و هل يدخل فعلهم المشين في باب هذه الوحدة ؟ .
عفوا صديقي الدكتور، لقد أخطأت جسيم الخطأ في حق الشهداء دون قصد، في حق هذا الوطن و في حق الراية الوطنية التي دافعت عنها تلك البنت البطلة في كلية العلوم الإنسانية بمنوبة، لقد أخطأت يا صديقي في حق أبناء و عائلات الشهداء الذين غدر بهم هؤلاء ‘ الخصوم السياسيين دون سابق معرفة، لقد أخطأت يا دكتور في حق كل الذين سكبوا الدموع الحارة نحيبا على أعزاء فارقوا الحياة بدون ذنب بسبب ذئاب رضعت حليب الكراهية حتى الثمالة، لقد أخطأت سيدي العزيز في حق كل الذين امنوا بان تونس تتسع للجميع بشرط نبذ العنف، لقد قصرت يا دكتور في حق الدستور الذي طالما تلحفت بردائه أيام الجمر في عهد النظام السابق، ثم، لماذا تعمدت إلقاء مسؤولية هذه الأرواح على كتف هذا الوطن البريء و لم ترمها على كاهل المجرمين الحقيقتين من دول الخليج ؟ و هل تتحمل الدولة وزر من ذهب إلى ممارسة الإرهاب فتلقفته العصا الأمريكية الإرهابية من باب اهلك الظالمين بالظالمين ؟ بالنهاية بحثنا عن الصمت و آثرنا الصمت لكن القلم رفض الصمت .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: