أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4075
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لنعترف أننا خدعنا و أنهم خدعونا، و لنعترف لأول مرة أن بن على لم يكن المخدوع الوحيد، مع أنه كان يعلم و بإمكانه أن يعلم ، و حتى نفهم يجب أن نتعلم و أن نبـحث و أن نقرأ، و اليوم بالإمكان أن نطالع ما نشر و ما كتب في وسائل الإعلام العالمية لنفهم ما حدث قبل 14 جانفى 2011، فكثير مما حدث منشور اليوم في الصحافة العالمية و لا يحتاج إلا لقليل من الفرز الفكري و التمحيص و الموضوعية في الفهم أو التعامل مع كل هذه الوثائق المبعثرة في الفضاء الافتراضي و في كثير من الصحف العالمية، و لو رجعنا بالذاكرة إلى أحداث الثورة لتبين اليوم أن هناك مناطـق ظل كثيرة و أسرار معتم عليها كثيرة و مجالات للبحث و ‘ التنقيب’ كثيرة، و للفهم يجب أن نتساءل هل ‘شاهدنا’ ثورة أم نصف ثورة و نصف مؤامرة ؟ .
لقد حدثت الثورة البرتقالية في رومانيا، ظن الجميع أنها ثورة و تبين بالنهاية أنها مخطط ثورة صنعتها المخابرات و بعض دكاكين الإدارة الأمريكية المهتمة بافتعال الثورات في عديد من دول العالم، في تضاريس الثورة التونسية كانت هناك مطالب و هناك حالة من الاحتقان و كثير من الغليان، خرج الناس للشارع تحت الضغط و حصلت الانتفاضة على النظام و سقط الشهداء و الجرحى، هذا صحيح، لكن لا تصدقوا أن المخابرات الفرنسية و الغربية و العربية قد فوجئت بهذه الثورة، هذا ليس صحيحا و هو مجرد خبر كاذب و إشاعة مغرضة، فكل الدلائل و البراهين تفيد أن هذه المخابرات بعينها كانت على علم مسبق بكثير و أنها حضرت و تحضرت للمشاركة فيها بكل الوسائل’المرئية و غير المرئية ‘، كان هناك من ‘ الثوار’ من ارتبط بتنظيمات و دول خارجية و كان مقدرا أن ينضموا لهذه المظاهرات و أن يفعلوا كل المستطاع حتــى تنتشــر’ النار الثورية ‘ في كل أرجاء البلاد و يتم السيطرة على كل مفاصل الدولة بقوة التدافع الاجتماعي و شرعية الثورة .
‘ مينا بوليس ‘ دكان دولي مشبوه مقره اسطنبول متخصص في ‘ تسهيل’ عمليات تغيير الأنظمة العربية ، يشرف على الدكان أشخاص مشبوهون في علاقة بالمخابرات الأمريكية و الصهيونية، هؤلاء مدربون تدريبا جيدا و مهمتهم إشعال فتيل الثورات، على راس هؤلاء الناشط اللبناني مروان معلوف أحد الذين أداروا بكثير من الدراية حملة ‘ طلعت ريحتكم’ ضد النفايات في لبنان، الرجل نجد صوره مع كثير من الرجال المنتمين لمنظومة مينا بوليس في الخطوط الأمامية للثورة التونسية و بالذات في شارع بورقيبة يوم سقوط النظام السابق في 14 جانفى 2010، أغلب هذه الشخصيات المنتمية لمينا بوليس منضوية تحت ستار منظمة فريدوم هاوس الغامضة التي يتحدث الكثيرون بكونها فرع من فروع المخابرات الأمريكية، المهم، أن الحديث عن ثورة ملوثة بالتهم و الإشاعات و الشبهات لم يعد حالة من الصيد في الماء العكر الجدلي بل هي حقيقة تثبتها التسريبات الإعلامية كل يوم، و على الذين يتمسكون بعذرية هذه الثورة أن يعودوا إلى ما ينشر في وسائل الإعلام العالمية .
تدخل المخابرات و الجهات الأجنبية في شؤون الدول العربية لم يعد أمرا مهما بالنسبة للأنظمة العربية ذات العلاقة بالإدارة الأمريكية، و قد سبق لهذه المخابرات أن أسقطت أكثر من حاكم عربي، و لعل محاولات اغتيال كاسترو في كوبا و جمال عبد الناصر في مصر و بومدين في الجزائر قد كشفت للعالم الوجه القبيج للإدارة الأمريكية، و بهذا المعنى فقد ثبت أن المخابرات القطرية قد فتحت خزائنها النفطية لتمويل عملية إسقاط الرئيس بن على مما يؤكد للمتابعين أن قطر قد تحولت إلى خادم مطيع للمشروع الصهيوني في المنطقة العربية، و بعملية جمع و طرح بسيطة يمكن التأكيد أن محطة الجزيرة قد دخلت في شراكة منافع و مصالح مع الموساد الصهيوني لفائدة الأسرة القطرية الحاكمة و هذا يعطى الدليل أن ما يحدث في الوطن العربي من سقوط أنظمة و تصاعد العنف التكفيري تقف وراءه جهات عالمية تعمل على تفتيت الدول العربية و تقسيمها تنفيذا لمشروع برنارد لويس الشهير أو ما سمي تجميلا بمشروع المحافظين الجدد، و اليوم تقف الشعوب العربية متسائلة حول حقيقة ما حدث في تونس و في ليبيا و مصر بالذات مما يؤكد وجود قناعات لدى البعض بأن ما حدث ليس ثورة بالمعنى المتعارف للثورات بل نصف ثورة و نصف مؤامرة .
من عيب هذه الثورة أنها سرعان ما كشفت كثيرا من عيوبها و عيوب من يقفون وراءها من المضللين، من بين هؤلاء المضللين كثير من العمائم البيض أو ما نسميهم بأصحاب الفضيلة و التقوى، هؤلاء المندسون المستترون بحب الوطن و الزهد في الدنيا هم من اعتلوا منابر بيوت الله للدعوة بإسقاط النظام السابق و لكن ذلك لم يكن لوجه الله كما ظن البعض بل لغاية دنيئة في نفس ‘ الإخوان’ و بمجرد أن تهاوى النظام تحول هؤلاء إلى ثعالب ماكرة نهشت جسد الوطن و استولت على ثرواته و دمرت مكتسباته و فسحت ‘ الطريق’ لدخول الإرهاب عدة و عددا كل ذلك بغاية أن تتحول تونس إلى تونستان و أن ترفع الرايات السوداء القبيحة مكان الراية الوطنية التي مات الشهداء الأبرار لتبقى خافقة عالية، شياطين و منافقون و خونة تناسوا في لحظة معينة أن هذه الأرض لن تنهزم أمام الخديعة و المكر و في التاريخ سير و عبر لمن يفقه، ليبقى السؤال موجها للجنرال رشيد عمار و الجنرال شابير و السادة أحمد فريعة، محمد الغنوشى، رضا قريرة ، ماذا حصل في تونس، ثورة أم مؤامرة ؟ نصف ثورة ؟ نصف مؤامرة ؟ .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: