أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4338
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يقول عقيد في الجمارك التونسية في علاقة بحاوية ‘ الأسلحة’ المهربة بواسطة أحد الأجانب من بلجيكيا أن قصة الأسلحة صحيحة و أن وراء الأكمة ما وراءها، يخرج علينا البعض بقصة أن ما تم حجزه هي أسلحة ‘ تايوانية ‘ للتسلية، في برنامج اليوم الثامن ليلة الجمعة على قناة الحوار التونسي تفنن السيد جوهر بن مبارك كالعادة في صنع قبة من الحبة و حرك يديه و جفنيه و لسانه في كل الاتجاهات ليقنع المتابعين بان ما حصل هي ...فضيحة جمركية...لا أكثر و لا اقل، على صفحات جريدة الشروق المعروفة بكثرة شطحاتها و تقلباتها و أخطاءها خرج علينا تعليق على لسان الصحفي سفيان الأسود فيه كثير من الإهانة لأعوان و مؤسسة الجمارك و سيل من الاتهامات الجزافية المعتادة .
يقول ‘ الزميل’ الأسود، لا فض فوه، أنه كان يعلم من البداية أن قصة الحاوية ليست حقيقة و أنها ذكرته بقصة ‘ كنز بن على ‘ أو ما سمي في حينه بمغارة على بابا، على فكرة رحل وزير الحكم الرشيد السيد عبد الوهاب الادغم نسل الوزير الأول التونسي السابق لباهى الادغم دون أن يرشد هذا الشعب العاطل عن العمل عن مكان هذا الكنز الذي نهبته حركة النهضة في التعويضات الخيالية إياها لجميع من قالت أنهم يستحقون التعويض، و السيد الأسود كغيره من هذا الإعلام الراكب على الثورة دون جواز سياقة لم ينتبه أن الجريدة التي كتب فيها هذا ‘ العمود’ قد شاركت في حفلة الردح و الشطيح الإعلامية كغيرها من كل المواقع الإعلامية الأرضية و الفضائية التي تؤثث المشهد الإعلامي السمعي البصري ، طبعا السيد الأسود يريد أن يرمى كرة المغالطة للآخرين مع أن صحيفته معروفة بفن المغالطة و النفاق و يكفى مطالعة ما قدمته هذه الصحيفة للقارئ طيلة 23 سنة من عهد بن على .
هناك مشكلة في هذا الإعلام التونسي المريض تتمثل ببساطة شديدة في حمى التسرع للتخلص من حمل الماضي أو بصفة إعلام العار التي لطخت سمعته طيلة عقود من الزمن، و المتابعون يشاهدون كما نطق السيد برهان بسيس كيف تحول هؤلاء ‘ الأزلام’ كما يسعد البعض بتسميتهم إلى ‘ثوار صحافة’ و إلى فرسان في التحليل لا يشق لهم غبار بعد أن كانوا مجرد كومبارس في بطانة الحكم السابق طيلة 23 سنة من عهد بن على، و بالرجوع إلى هذه الحاوية فالظاهر أن وراء الأكمة ما وراءها كما نطق العقيد و أن هناك جهات ‘عليا’ من الخارج و الداخل قد تدخلت هذه المرة بقوة المصالح و النفوذ ‘لتحبط’ نتائج هذه العملية و تجعل الجمارك محل سخرية تماما كما يحصل هذه الأيام لبعض الفرق الأمنية ذات العلاقة بالأبحاث في الجرائم الإرهابية على يد بعض المشبوهين في القضاء و في ما وراء جهاز القضاء .
لا يمكن أن نصدق، و ليشرب هؤلاء المتذاكون من البحر لو أرادوا، أن أعوان الجمارك بمثل هذه السفه و البلاهة و قلة العلم و المعرفة، و لا يمكن أن لا نصدق أن وراء تلك الحاوية ما وراءها ، و لا يمكن أن نصدق أن وزارة الداخلية و كما اخفت لحد الآن القصة الكاملة لاغتيال الشهداء بلعيد و البراهمى و غيرهم لا تتكتم على كثير من الأسرار المرعبة حيال هذه القضية المشبوهة من الألف إلى الياء، بل لنقل بمنتهى الصراحة أن رئيس الدولة الذي يدعى استقلال القرار التونسي و رفض تونس كل الضغوط هو الذي يحمل اليوم على مسؤوليته و عاتقه واجب دحض كل الافتراء المقصود على هذا الجهاز الذي قدم للوطن خدمات جليلة رغم كل الهنات و الشبهات، فقصة الأسلحة الفوشيك لا تنطلي على أحد و الإسراع ‘ القضائي ‘بإطلاق سراح المضنون فيه الأجنبي و مسارعته ‘للهروب ‘ تقود المتابع إلى كثير من الشكوك في هيبة الدولة بالذات و في قدرة هذا القضاء على ملامسة أهداف الثورة بعد أن بقى طيلة 23 سنة خادما مطيعا لأهواء النافذين على حساب القسم القضائي و مصالح المجموعة الوطنية التي ترى فيه أخد المعوقات للثورة و أحد المتربصين بأهدافها .
قصة حاوية السلاح ليست كذبة، و نحن نتذكر كذبة الإرهابيين حين نقل لسان السيد خالد طروش أن من نراهم في سفوح جبال الشعانبى هم مجرد رياضيين يمارسون الرياضة لحرق الكولسترول، و لعله من المثير اليوم للانتباه أن ‘فضيحة’ بهذا الحجم لم تحرك لجنة الأمن و الدفاع بمجلس الشعب و لم تتطلب استدعاء الوزير أو مجرد سؤال في نشرات الأخبار، فهل تحول مجلس الشعب إلى مجرد شاهد زور في قضية تهم أمن الدولة ؟ ثم أين وزير الداخلية ؟ و أين جماعة حقوق الإنسان ؟ أليست الاتهامات الموجهة للجمارك نوعا من أنواع الاعتداء على حقوق الإنسان ؟ و هل أن إخفاء الحقيقة كما حصل بعد الثورة في مسالة الأسلحة المهربة يضر بالمجموعة الوطنية و بالسلم الاجتماعية ؟ و هل تطلبت مصلحة الدولة العليا التضحية بالحقـــيقة و بكامل جهاز الجمارك ؟ .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: