أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4353
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يعتقد كثير من السياسيين الحاليين أن الكلام المتواصل في كل شيء و التشكيك في كل شيء أمر صحي مطلوب في السياسة، هم هكذا يتصورون، و عليه فتحت منابر الإعلام لهؤلاء النائحين أمكنة لممارسة هواية النواح السياسية على مدار الأسبوع، و عليه لم يبق نائح من نائحى الأحزاب التونسية إلا و أفرغ قلبه و جعبته من كل ما عجز عن قوله زمن النظام السابق تحت وطأة الخوف أو التعامل الموضوعي مع الواقع أو من باب من خاف سلم ، و طبعا، شاهدنا و تابعنا كوارث سياسية متنقلة تجتر مفردات نمطية كالحة فقدت نظارتها مع الوقت بفعل تطور الخطاب السياسي منذ نهاية الاتحاد السوفيتي و قدوم رياح البريستيروكا و هدم جدار برلين و صعود ما يسمى بسياسة القطب الواحد في العالم .
هؤلاء النائحين يقدمون للعموم ‘دروسا’ في القدرة على النواح لساعات طويلة دون كلل أو ملل، و إذا كان هناك شيء اسمه القص و اللصق في الكتابة الالكترونية فان خطب السادة كوادر الجبهة الشعبية لا تعدو مجرد حالة من القص و اللصق المستمرة منذ نجاح الثورة إلى ما اعتراها أخيرا من ضيق النفس و الهزال و الميل إلى السقوط بفعل الهزات الاجتماعية و تداخل العامل الداخلي بالعامل الخارجي المشوب بكثير من علامات الاستفهام ، فالمواطن التونسي و رغم ما يقال فيه من الإطراء و المديح المقصود هو من أغبى الشعوب العربية سياسيا، و الأمية السياسية التونسية حالة معلومة و لا تحتاج إلى اكتشاف لذلك يكفى بعض الخطب و العبارات المنمقة ليعبث السياسي المبتدى بعقل هذا المواطن و ليتحول إلى مجرد ناقل للخبر بغثه و سمينه دون تمحيص أو تفكير ، و مع ذلك لا تفلح الجبهة في استمالة هذه العقول الأمية مما يؤكد أن العيب ليس في هذه الكائنات البسيطة بل في هذه الفئة السياسية النائحة التي لم تقدر على تطويع و تلوين و تزيين خطبها السياسية ببهارات معينة تجلب الناظرين و المستمعين .
منذ ساعات قليلة فتح السيد الطاهر بن حسين المدير السابق لقناة الحوار التونسي النار على السيد محسن مرزوق، ناسبا إليه حب الزعامة المفرطة و الطفولة السياسية المبكرة، و لان ما جاء على لسان الرجل مهم باعتباره نوعا من أنواع النيران الصديقة فقد بهت المتابعون لان السياسة في بعدها الشامل هي وسيلة للزعامة و للنرجسية و الغرور، و الزعماء عادة تتملكهم هذه الصفات بمجرد ممارسة السياسة، من هتلر إلى كيندي إلى تيتو إلى عبد الناصر إلى بورقيبة و الحسن الثاني إلى غير ذلك من الزعماء التاريخيين، طبعا عم الطاهر ما زال على إيمانه بان السياسة يمكن أن تكون ‘ نظيفة’ ، و بهذا المعنى فهو لن ينتبه إلى أن السيد محسن مرزوق تلميذ شاطر و بعد أسابيع سيتخلص من طفولته السياسية المبكرة لينتفض على ‘ الرفاق’ و يكنس أصدقاء الأمس و يعود فكر التجمع في تأليه الفرد الواحد و الزعامة المستنيرة و في عبادة الفرد .
منذ أيام شاهدت السيد مصطفى بن جعفر و اليوم نسمع عن النواح بالصوت العالي في بيت المؤتمر، و قبل قليل جاءت البشارة و ارتفع الدخان الأبيض من بيت السيد محمد المرزوقي معلنا عن تحقيق نبوءة سيادته حين بشر و هو يتجرع مرارة الهزيمة في الانتخابات الرئاسية تلك الجموع المسروقة من حركة النهضة و هو يطل عليهم من علو شاهق بقرب مجيء المولود الجديد الذي سماه تيمنا و على بركة الله بحزب حراك المواطنين في تشبيه و تسمية أثارت كثيرا من التساؤلات خاصة و أن النهضة قد بدأت تتململ مطالبة باسترجاع ناخبيها و حزب المؤتمر لم يكن بمقدوره أن يجمع حوله بعد انهياره المدوي في الانتخابات إلا بعض المتقاعدين السياسيين و بعض الذي عرفوا بحلهم و ترحالهم بين السفارات و موائد الإفطار المناسباتية التي تنظمها بعض الجمعيات التي تثير القيل و القال، ليبقى السؤال، هل لا يزال في جعبة هؤلاء ما يقدم حلولا عاجلة لهذا الوطن و يقصى على مأساة البطالة، و إذا كانت حكومة النداء التي جاءت بالطبل و المزمار واعدة بالحل ليتحول رئيسها إلى مجرد نائح يستجدى الصبر و السلوان لهذه الفئات العاطلة عن العمل فكيف للسيد بن جعفر الذي كلف خزينة البلد مليارات و مليارات لانجاز ‘دستور’ معطب يثير استهزاء أهل القانون الدستوري أن يكون لديه الكسير الشفاء لهذا الوطن و أوجاعه المختلفة، ربما يفكر هؤلاء الساسة بعقل ديكارت ‘ أنا أشارك إذا أنا موجود ‘و في انتظار الفرج يبقى الشعب على موعد يومي مع الهرج .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: