أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4073
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ليتنا لم نفتح على أنفسنا باب جهنم بأن صدقنا بأن ما حدث يوم 14 جانفى 2011 كان ثورة مكتملة الأركان، فالثورات عادة لا تبدأ بالانتحار حتى لا تنتهي في برك الدماء كما يحدث اليوم، و الثورات لا تنشأ من رحم النفاق و الصراع حول البنوة و الأبوة كما حدث لهذه الثورة التي تقاسمتها جماعة تزعم أنها ثورة 17 ديسمبر و جماعة تدعى أنها ثورة 14 جانفى، و الثورات لا تنشأ من رحم الشبهات و القيل و القال كما حدث لهذه الثورة التي يقال أنها ثــورة مخابرات و ثــورة سفارات و ثورة بائع ضمير للسفارات و المخابرات، و حتى الذين زعموا أنهم كانوا جزءا من هذه الثورة العرجاء يتنصلون منها بعد أن وطئها المفسدون و المنافقون و كل من أفلس في السياسة و في فهم التاريخ و الجغرافيا من هؤلاء السياسيين درجة عاشرة الذين اقتحموا المجلس التأسيسي في أول انتخابات بعد رحيل الرئيس السابق .
تونس الثورة مساحة مليئة بالحجارة الناتئة الضارة التي تقف عنوة في طريق الانفراج، و الشعب الذي يقف حائرا بين الأمس و اليوم عليه أن يتحمل وزر حمل هذه الحجارة خارج طريق المستقبل لفتح الطريق أمام من تبقى من الشرفاء و المؤمنين بأن الحل ليس في الثورات المبهمة و المعدومة بل في الصبر على أوجاع الوطن و لملمة الجراح، و لعله مع الوقت سننسى هذه ‘ الثورة’ و هذه الأوجاع الإرهابية الدموية التي تقبض على ما تبقى من كرامة هذا الوطن لتعطيه لقمة سائغة للصهاينة و للخليجيين و لبعض الضمائر الميتــــة من مدمني القمار السياسي، فهذا الوطن رغـــم ضعفـــه و هوانه كفيل بان ينهض مجددا لو تعلقت همة البعض بترك وساوس الشيطان الإخوانى و أراجيف الفكر الوهابي المتطرف المتداخل مع بعض الأفكار اليسارية الغارقة في السوداوية .
تونس اليوم تحتاج لشخوص كفئة لها تاريخ نزيه و رؤية متبصرة للواقع و لكيفية الخروج من المأزق، فهي تواجه عدوا رسم لنفسه خط سير معين أعد في أكبر مكاتب السمسرة السياسية العالمية، و هذه الخطة المدمرة التي تنفذ في تونس هي جزء من خطة الفوضى الخلاقة، فالذين جاؤوا بالإرهابي برنار هنري ليفي إلى تونس ثم تخفوا بعد أن كشف بعض المستور هم جزء من المؤامرة و من التنفيذ، و الذين لاقوا رئيس الجمهورية التركية مرارا و تكرارا هم جزء من المؤامرة و التنفيذ، و الذين جلسوا على طاولة السفير الأمريكي هم جزء من المؤامرة و من تنفيذها، و الذي تلاقوا مع مجموعة ‘ أصدقاء سوريا’ في إحدى نزل العاصمة و على رأسهم ‘الرئيس المؤقت’ المخلوع هم جزء من المؤامرة و من تنفيذهــا، و الذي هدد هذه ‘الثورة’ الوليدة بنصب المشانق إن رفعت عينها في وجه المحمية القطرية هو جزء من المؤامرة و من تنفيذها، و الذي دعا لعبادة فكر الإخوان و رفع الرايات السوداء في جامعة منوبة هم جزء من المؤامرة و من تنفيذها .
لا ندرى هل نصدقهم أم ننام بنصف العين أو نترك الحبل على الغارب حتى نستيقظ على الحلم المزعج، فالإخوان في حركة النهضة يقولون أنهم تغيروا و غيروا جلدتهم بعد أن مزقوا كل كتبهم و أدبياتهم و مواثيقــهم و ‘ التزاماتهم’ تجاه الشيخ حسن البنا و يوسف القرضاوى، و اليوم نراهم في ‘ثوب ‘ متجدد يثير شهية الناظرين المغفلين يبشرون بالتغيير و يدعون أنفسهم إلى ولائم و مسامرات ‘العلمانيين’ في مشهد غير مسبوق تنقله قناة الجزيرة الاخوانية و بعض الدكاكين الإعلامية الصغيرة التابعة للإخوان، فالظاهر أن هناك ما يدبر في الخفاء لهذا الوطن، و هناك اعتصام رحيل جديد بمواصفات الإخوان يدبر لهذا ‘ النداء’ المنقسم على نفسه و على الآخرين، فهم دبروا التحالف مع النداء حتى ‘يتطهر’ من رفاق النضال الجبهة و المسار بالذات و يبتعد عن الجميع طمعا في الوفرة داخل مجلس الشعب ثم باتوا اليوم يخططون حتى يتفتت النداء و يصبح إرثا للماضي فيلتئم شمل الذئاب المنفردة و يتداعون لدى السلطان التركي لأخذ التوصيات الأخيرة، ثم يخرجون إلى عزوتهم الموعودة لتحرير افريقية من الطاغوت و تركيز أسس دولة الخلافة، هذا في كتبهم و في عيونهم، هم لم يتغيروا فهل من مذكر .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: