البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

خمس نصائح ذهبية غفل عنها أصحاب المال والأعمال في قصة قارون

كاتب المقال د. أحمد يوسف محمد بشير - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7710


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لقد أرشدنا الإسلام إلى مكانة المال من حياة الأمم، وكيف أنه نظام أمرها، وكونها لا تقوم إلا به، فهوم قوام الحياة الانسانية،
ويشكل " المال " – في التصور الإسلامي - جانبا هاما من جوانب زينة الحياة الدنيا، وهو ما عبر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى : {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً }الكهف46 )،
والمال بالنسبة للإنسان – كما قال العلماء – هو شقيق الروح، وهو أحد المصالح الضرورية الخمس التي تمثل مقاصد الشريعة الغراء، وأصبح الاقتصاد عصب الحياة، وقـامت على أساسـه الدول اليوم، وظهرت التكتلات، والهيئات، والحكومات، والأنظمة على ميزانه، وتدور حوله معظم اللقاءات العالمية والدولية، والندوات والمؤتمرات، قال بعض أهل العلم ومعنى أن المال شقيق الروح : أن الإنسان المكون من مادة وروح لا بد من هذا التوازن والتمازج بين المادتين، بين العملين، بين المكونين حتى تستقيم الحياة؛ لأن من يغلب جانب الروح ويترك المال فإنه لا يعيش، والذي يغلب جانب المادة وينسى جانب الروح، فإنه يطغى فالقرآن الكريم يقول: {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى، أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} ( العلق : 6-7 )،

والانسان بطبعة محب للمال يقول الحق تعالى : {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً }الفجر20 )، أي : وتحبون المال حبًا مفرطًا.( التفسير الميسر )، ذلك لأن الإنسان مركب فيه حب المال والتملُّك،


وفي زمن تكاثرت فيه الفتن وأحاطت بالإنسان من كل جانب، وأصبحت كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها والآخرة شر من الأولى، حتى غدا الحليم حيرانا، نقف أمام واحدة من القصص القرآني التي نحاول أن نستلهم منها بعض الدروس والعبر فيما يتعلق بنظرة الانسان إلى المال وكيفية التعامل معه، إنها وقفة مع قصة قارون التي وردت في القرآن الكريم في " سورة القصص "، نحاول من خلال تدبرها أن نستنبط خمسة نصائح ذهبية لأصحاب الاموال، تضمنتها آيات القصة، حيث قال تعالى : { إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ{76} وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ{77}( القصص )،

إنها قصة ساقها القرآن الكريم لتكون عبرة لمن اعتبر، ودرسا لمن أراد أن يتعرف على المنهج الأمثل في النظر إلى المال، وموقف الانسان مما أفاء الله عليه من نعمة المال، وكيفية التصرف فيه تصرفا ينطلق من الرؤية الاسلامية، وينضبط بضوابط الشرع الحنيف،
- فها هو " قارون " كان من قوم موسى عليه الصلاة والسلام، ( قيل أنه كان ابن عمه )، يقول " الحويني " مجرد واحد تائه في الزحام. {مِن}، واحد من ضمن الناس، ليس له نباهة، وليس لديه أُسرة عريقة، وليس لديه أي شيء. {مِن قَوْمِ مُوسَى}، ذلك ليعرفك أصله فهناك إنسان يولد نبيلاً، وإنسان يولد خسيساً، وهذا من الجنس الثاني.(1)

فبغى قارون على قومه وطغى وتجبر، لكثرة ما آتاه الله وأنعم عليه به من المال، حتى قيل أن قارون فتن بكثرة ما لديه من أموال فما كان منه إلا أن زاد في ثيابه شبرا طولا ترفعا على قومه وتكبرا وتعاليا،

ولما رأى منه الصالحون من قومه ذلك أشفقوا عليه من سوء ما ينتظره لعلمهم بعاقبة البغي والكبر، والتجبر والطغيان، خاصة وأن الله تعالى علمنا أن البغي إنما يعود على صاحبه قال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }( يونس : 23 )، أي أن وبال بغيكم إنما راجع على أنفسكم،

فما كان من هؤلاء الصالحين من قومه إلا أن أقبلوا عليه ناحصحين واعظين، فقدموا له خمس نصائح ذهبية على سبيل النصح والإرشاد، تلك النصائح التي نحسب أنه لا يستغني عنها كل صاحب مال، فماذا كانت تلك النصائح الخمس :

الأولى : النهي عن الفرح المذموم ( لا تفرح ..) :

حيث قالوا له كما حكت الايات : { لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين }، أي : لا تفرح بما أنت فيه من المال والنعيم فرحا يطغيك، ويجعلك تذكر النعمة وتفرح بها وتنسى المنعم، فحذروه من الفرح المذموم الذي يؤدى بصاحبه إلى نسيان المنعم، وقال مجاهد : { إن الله لا يحب الفرحين ) يعني الأشرين البطرين، الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم .

ذلك أن الفرح في القرآن الكريم فرحان :

فرح مذموم نهى عنه الشارع : وهو الفرح بالباطل، والفرح بالنعمة ونسيان المنعم بما يؤدي إلى البطر والبغي، والفرح بشهوات الدنيا ولذاتها والإغراق فيها والافتتان بها والتعالي على الناس،

وفرح محمود : أمر به الشارع وحث عليه : وهو الفرح بالمنعم جل جلاله، والفرح بنعم الله وفضله علينا، والفرح بالتوفيق للطاعة والعبادة والامتثال لأوامر الله تعالى، قال تعالى : {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }( يونس : 58 )، والمعنى : قل -أيها الرسول- لجميع الناس: بفضل الله وبرحمته, وهو ما جاءهم من الله من الهدى ودين الحق وهو الإسلام, فبذلك فليفرحوا; فإن الإسلام الذي دعاهم الله إليه, والقرآن الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم, خير مما يجمعون من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية الذاهبة.( التفسير الميسر )،

ومن الفرح المحمود : فرحُ الصائم بما يَسُرُّه في العاجِل والآجِل، كما في الصحيحين عن النبي  قال : " للصائم فرحتان يفرَحُهما : إذا أَفطَر فرح بفطره، وإذا لقي ربَّه فرح بصومه " (2)

وهذا من الفرح المحمود؛ لأنَّه فرحٌ بفضل الله ورحمته، ولعلَّ فرَحَه بفطره لأنَّ الله مَنَّ عليه بالهداية إلى الصِّيام والإعانة عليه حتى أكمَلَه، وبما أحلَّه الله له من الطيِّبات التي يكسبها الصِّيام لذَّة وحَلاوَة لا تُوجَد في غيره، ويَفرَح عند لقاء ربِّه حين يلقى الله راضِيَا عنه، ويجد جَزاءَه عنده كامِلاً مُوفَّرًا.

فلما فرح قارون الفرح المذموم الذي ملأه اغترارا بالمال والصحة والدور والقصور والخدم والحشم كانت النتيجة كما علمنا من القصة : { فخسفنا به وبداره الأرض }،
وينبغي ألا يفهم من ذلك أن الإسلام يرفض الفرح وينهى عنه على الاطلاق، لأن كلمة " لا تفرح " هنا لابد أن نعود بها على، ﴿ فَبَغَى عَلَيْهِمْ ﴾ لكي نفهم المعنى فهمًا سليمًا وإلا كلمة: فرح أصلها هكذا فرح يفرح فرحًا، هذه لابد أن تكون عن غبطةٍ وسرور، هذا ككلمة مجردة من سياق، كلمة ومعناها،
لقد أذن الشارع بإعطاء النفوس حقها في الفرح، كما أنه أعطاها حقها في الحزن.
فالفرح في هذه الشريعة مأذون به، بل مأمور به إذا كان مما يقرب إلى الله تعالى، ويؤذن بالإقبال عليه، ويعين في السير إليه جل وعلا.
لكنه يكون ممنوعاً عندما يكون عائقاً بين العبد وبين تحقيق العبودية.
بين العبد والوصول إلى مرضاة الله تعالى، عند ذلك يكون الفرح مذموماً ممنوعاً.
ومن الفرح المذموم في الاسلام كما جاء في قوله تبارك وتعالى : {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ } ( هود : 10 )، أي : ولئن بسطنا للإنسان في دنياه ووسَّعنا عليه في رزقه بعد ضيق من العيش, ليقولَنَّ عند ذلك: ذهب الضيق عني وزالت الشدائد, إنه لبَطِر بالنعم, مبالغ في الفخر والتعالي على الناس ( التفسير الميسر )، وكما في قوله تبارك وتعالى : {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً } ( الإسراء : 37 )، أي : ولا تمش في الأرض مختالا متكبرا؛ فإنك لن تَخْرِق الأرض بالمشي عليها، ولن تبلغ الجبال طولا خيلاء وتكبرًا، وهذا الفرَح هو الذي يحمل صاحبه على الأشر والبطر والتعالي في الأرض.
ونختم هذه النصيحة بما جاء في "خواطر الشعراوي "، وكيف أنه يؤكد على قاعدة هامة في التعامل مع القرآن الكريم فيبين أن آيات القرآن تتكاتف معا، ويكمل بعضها بعضاً، ومن الخطأ أن نأخذ كل آية على حدة، ونفصلها عن غيرها في ذات الموضوع، فقوله تعالى : { إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ... } ( القصص : 76 )، يعني أن النهي هنا عن الفرح المحظور، فالفرح : انبساط النفس لأمر يسرُّ الإنسان، وفَرْق بين أمر يسرُّك ؛ لأنه يُمتعك، وأمر يسرُّك لأنه ينفعك، فالمتعة غير المنفعة، فمثلاً، مريض السكر قد يأكل المواد السكرية لأنها تُحدِث له متعة، مع أنها مضرة بالنسبة له، إذن : فالفرح ينبغي أن يكون بالشيء النافع، لأن الله تعالى لم يجعل المتعة إلا في النافع، فحينما يقولون له { لاَ تَفْرَحْ.. } ( القصص : 76 )، أي : فرح المتعة، وإنما الفرح بالشيء النافع، ولو لم تكن فيه متعة كالذي يتناول الدواء المر الذي يعود عليه بالشفاء، لذلك يقول تعالى : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ... }( يونس : 58 )، ويقول تعالى :{ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ... }( الروم : 4-5 )، فسماه الله فرحاً ؛ لأنه فرح بشيء نافع ؛ لأن انتصار الدعوة يعني أن مبدءك الذي آمنتَ به، وحاربت من أجله سيسيطر وسيعود عليك وعلى العالم بالنفع، ومن فرح المتعة المحظور ما حكاه القرآن :{ فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللَّهِ... }( التوبة : 81 )، هذا هو فرح المتعة ؛ لأنهم كارهون لرسول الله، رافضون للخروج معه، ويسرُّهم قعودهم، وتركه يخرج للقتال وحده، فقوله تعالى: { لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ { ( القصص : 76 )، أي : فرح المتعة الذي لا ينظر إلى مَغبّة الأشياء وعواقبها، فشارب الخمر يشربها لما لها من متعة مؤقتة، لكن يتبعها ضرر بالغ، ونسمع الآن مَنْ يقول عن الرقص مثلاً ؛ إنه فن جميل وفن رَاقٍ ؛ لأنه يجد فيه متعة ما، لكن شرط الفن الجميل الراقي أن يظل جميلاً، لكن أنْ ينقلب بعد ذلك إلى قُبْح ويُورِث قبحاً، كما يحدث في الرقص، فلا يُعَدُّ جميلاً.(3)،

الثانية : ابتغاء الدار الآخرة : وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة :

أن صاحب المال الذي أنعم الله عليه بتلك النعمة، عليه أن يحرص على أن يكون من الشاكرين لله تعالى على تلك النعمة، وإن يعمل على إنفاقه في طاعة الله تعالى وامتثال أوامره، والالتزام بمنهجه، فيطلب ويلتمس فيما آتاه الله من المال ثواب الدار الآخرة، فمادام المال هو مال الله تعالى، ومادام الله هو المنعم والمتفضل، وما دام الإنسان هو مستخلف في هذا المال، فعلى الانسان أن يلتزم فيه بطاعة المنعم وشكره على ما تفضل وأنعم، ومن الحقائق الهامة في التصور الاسلامي ذلك الربط الوثيق بين الدنيا والآخرة، فلا فصل بينهما في حس المؤمن ووعيه، وإنما يعيش الدنيا ويعمل فيها وعينه على الآخرة، يقول " الشعراوي " رحمه الله : " لأنك إن ابتغيت برزق الله لك الحياة الدنيا، فسوف يَفْنى معك في الدنيا، لكن إنْ نقلتَهُ للآخرة لأبقيتَ عليه نعيماً دائماً لا يزول، وحين تحب نعيم الدنيا وتحتضنه وتتشبث به، فاعلم أن دنياك لن تمهلك، فإما أنْ تفوت هذا النعيمَ بالموت، أو يفوتك هو حين تفتقر. إذن: إن كنت عاشقاً ومُحباً للمال ولبقائه في حَوْزتك، فانقله إلى الدار الباقية، ليظل في حضنك دائماً نعيماً باقياً لا يفارقك، فسارع إذن واجعله يسبقك إلى الآخرة، وفي الحديث الشريف لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عائشة عن الشاة التي أُهديَتْ له قالت بعد أن تصدقت بها : ذهبتْ إلا كتفها، فقال صلى الله عليه وسلم : " بل بقيتْ إلا كتفها " (4)

وفي الحديث عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ {ألهاكم التكاثر }قال : يقول ابن آدم مالي مالي وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت " (رواه مسلم والترمذي والنسائي، وصححه الألباني ) (5)

لذلك كان أولو العزم حين يدخل على أحدهم سائل يسأله، يقول له : مرحباً بمَنْ جاء يحمل زادي إلى الآخرة بغير أجرة، والإمام علي رضي الله عنه جاءه رجل يسأله : أأنا من أهل الدنيا، أم من أهل الآخرة ؟ فقال : جواب هذا السؤال ليس عندي، بل عندك أنت، وأنت الحكم في هذه المسألة، فإنْ دخل عليك مَنْ تعودت أنه يعطيك، ودخل عليك مَنْ تعودت أنْ يأخذ منك، فإنْ كنتَ تبشُّ لمن يعطي، فأنت من أهل الدنيا، وإنْ كنتَ تبشُّ لمَنْ يسألك ويأخذ منك، فأنت من أهل الآخرة، لأن الإنسان يحب من يعمر له ما يحب، فإنْ كنتَ محباً للدنيا فيسعدك مَنْ يعطيك، وإنْ كنتَ محباً للآخرة فيسعدك مَنْ يأخذ منك (6)،

والخلاصة : يا صاحب المال استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة، في شكر الله تعالى، وطاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات، التي يحصل لك بها الثواب في الدار الآخرة، فلا يجوز لك إنفاق المال في الحرام، ولا يجوز إمساكه عن الفقراء والمساكين والمعوزين والضعفاء الذين فرض الله لهم حقا في هذا المال، فعلى المؤمن أن يوظف حظوظه التي خصه الله بها وأسبغها عليه للآخرة، ولخدمة الخلق الذين هم عيال الله (7)،

الثالثة : التمتع بالحلال من طيبات الدنيا : ولا تنس نصيبك من الدنيا :

وهذا يعني أنه ليس المراد من ابتغاء الدار الآخرة والعمل لها فيما أنعم الله على العبد من المال والثروات أن يترك الدنيا بالكلية، أو أن يحرم نفسه من الطيبات التي أحلها الله لعباده، فالإسلام دين الوسطية، والتوازن، ولذلك فعلى صاحب المال ألا ينسى نصيبه من الدنيا مما أباح الله تعالى فيها لعباده من الطيبات من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح،
وجاء في " التفسير الميسر " : أن المعنى : " ولا تترك حظك من الدنيا, بأن تتمتع فيها بالحلال دون إسراف "، ولذلك جاء في الحديث : " .....فإن لجسدك عليك حقا وإن لعينك عليك حقا وإن لزورك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا...." (8)،
وفي القرآن الكريم نرى قول الله تعالى : {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }( الأعراف : 32 )، والمعنى : قل - أيها الرسول - لهؤلاء الجهلة من المشركين : مَن الذي حرم عليكم اللباس الحسن الذي جعله الله تعالى زينة لكم؟ ومَن الذي حرَّم عليكم التمتع بالحلال الطيب من رزق الله تعالى؟ قل - أيها الرسول - لهؤلاء المشركين : إنَّ ما أحله الله من الملابس والطيبات من المطاعم والمشارب حق للذين آمنوا في الحياة الدنيا يشاركهم فيها غيرهم , خالصة لهم يوم القيامة، مثل ذلك التفصيل يفصِّل الله الآيات لقوم يعلمون ما يبيِّن لهم, ويفقهون ما يميز لهم.( التفسير الميسر )،
إن من أبرز سمات هذا الدين الحنيف ذلك التوافق البديع بين متطلبات الدين من مفروض ومسنون وغيرهما، وبين فطرة الإنسان السوية وليس ذلك بعجيب , لأنه دين منزل من رب العباد لا من العباد أنفسهم , دين أخبر الله تعالى فيه أن حظ النفس فيما يوافق رضا الله تعالى لا يبعد الإنسان كونه طالبا للآخرة وثوابها، والقاعدة القرآنية فيما يتعلق بتصور الدنيا والآخرة تقول : {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ، وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }( البقرة : 200 – 201 )، والمعنى : فإذا أتممتم عبادتكم, وفرغتم من أعمال الحج, فأكثروا من ذكر الله والثناء عليه, مثل ذكركم مفاخر آبائكم وأعظم من ذلك. فمن الناس فريق يجعل همه الدنيا فقط, فيدعو قائلا ربنا آتنا في الدنيا صحة, ومالا وأولادًا, وهؤلاء ليس لهم في الآخرة حظ ولا نصيب; لرغبتهم عنها وقَصْرِ هَمِّهم على الدنيا، ومن الناس فريق مؤمن يقول في دعائه: ربنا آتنا في الدنيا عافية ورزقًا وعلمًا نافعًا, وعملا صالحًا, وغير ذلك من أمور الدين والدنيا, وفي الآخرة الجنة, واصرف عنَّا عذاب النار، وهذا الدعاء من أجمع الأدعية, ولهذا كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم, كما ثبت في الصحيحين ( التفسير الميسر )، وهذا هو التصور الإسلامي الفريد والمتميز لكل من الدنيا والآخرة في حس المؤمن ووعيه، فهو لا يقبل على الآخرة ويترك الدنيا، وهو لا ينكب على الدنيا وحظوظه منها وينسى الآخرة، وإنما هو يعيش الدنيا وعينه على الآخرة،

فالدنيا في وعي المؤمن لا تزاحم الآخرة مزاحمة شديدة كحالنا اليوم، حين استولت الدنيا على القلوب وتربعت على سويدائها فأنستنا الآخرة، ولننظر إلى حال الصحابة رضي الله عنهم كيف كانوا يطلبون الدنيا، ولكن الدنيا لم تزاحم الآخرة، ولذا يقول الذهبي رحمه الله كما في " سير أعلام النبلاء " يقول " إن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما إذا رأيته في تجارته قلت هذا لا يريد الآخرة طرفة عين، وإذا رأيته بالليل قلتَ هذا رجل لا يريد الدنيا طرفة عين " (9)،

إنه الاعتدال والتوازن في علاقة الدنيا بالآخرة، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما أُعطي خميصة أبي جهم رضي الله عنه، ( الخميصة : كساء من قطن لها أعلام، جمع علم وهو رسم الثوب ورقمه، على وجه البيان والتأكيد، وهي من لباس أشراف العرب )، فألهته عن صلاته، فقال : " اذهبوا بخميصتي إلى أبي جهم وائتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها ألهتني عن صلاتي آنفا " (10)، وهي يسيرة ألهت النبيَ عليه الصلاة والسلام عن صلاته، فكيف بحالنا ؟

ويلفت " الشعراوي " أنظارنا إلى ملمح آخر في الآية فيقول : " .....وإذا كان ربنا - عز وجل - يوصينا بأن نبتغي الآخرة، فهذا لا يعني أن نترك الدنيا: { وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا... } ( القصص : 77 )، لكن هذه الآية يأخذها البعض دليلاً على الانغماس في الدنيا ومتعها، وحين نتأمل { وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا... } ( القصص : 77 )، نفهم أن العاقل كان يجب عليه أنْ ينظر إلى الدنيا على أنها لا تستحق الاهتمام، لكن ربه لفته إليها ليأخذ بشيء منها تقتضيه حركة حياته، فالمعنى : كان ينبغي علىَّ أنْ أنساها فذكِّرني الله بها، ....ولأهل المعرفة في هذه المسألة مَلْمح دقيق : يقولون : نصيبك من الشيء ما ينالك منه، لا عن مفارقة إنما عن ملازمة ودوام، وعلى هذا فنصيبك من الدنيا هو الحسنة التي تبقى لك، وتظل معك، وتصحبك بعد الدنيا إلى الآخرة، فكأن نصيبك من الدنيا يصُبُّ في نصيبك من الآخرة، فتخدم دنياك آخرتك، أو: يكون المعنى موجهاً للبخيل الممسك على نفسه، فيُذكِّره ربه { وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا... }( القصص : 77 )، يعني : خُذْ منها القَدْر الذي يعينك على أمر الآخرة، لذلك قالوا عن الدنيا : هي أهم من أن تُنْسى - لأنها الوسيلة إلى الآخرة - وأتفه من أن تكون غاية ؛ لأن بعدها غاية أخرى وأبقى وأدوم.(11)

الرابعة : الإحسان إلى عباد الله تعالى وخلقه : وأحسن كما أحسن الله إليك :

وكانت النصيحة الرابعة لهؤلاء الخلص من قوم قارون أنهم ذكروه بقيمة " الإحسان " فقالوا له : {وأحسن كما أحسن الله إليك }، أي : أحسن إلى خلقه كما أحسن هو إليك، فاعمل على أن تحسن إلى الناس بالصدقة , كما أحسن الله إليك بهذه الأموال الكثيرة ,

إن الله جل جلاله، وعز نواله خلق الإنسان ليسعده في الدنيا والآخرة، وكان إحسانه سابقا للإنسان على خلقه ولاحقا له، خلق الانسان وأنعم عليه بنعمه الظاهرة والباطنة، فأنعم عليه بنعمه الايجاد من العدم، ونعمة الامداد من العدم، وأعطاه نعمة الهدى والرشاد، والانسان في التعريف المختصر هو من إحسان الله إلي، محض إحسان من الله، فما عساه أن يفعل؟.. عليه أن يحسن كما أحسن الله إليه،
إن الموقف الأساسي، والموقف المبدئي والثابت في حركتك في حياتك الدنيا أن تحسن إلى خلق الله عز وجل، كما أنك حسنة من حسنات الله عز وجل، كما أن وجودك إحسان، وإمدادك إحسان، وهدايتك إلى الله إحسان، {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ }( الرحمن : 60 )،
عليك يا صاحب المال أن تُقابِلَ هذا الإحْسان بإحْسانٍ مثله، لأنَّ الله تعالى سخَّر الكون تَسْخير تَعْريف تَكريم، فالتَّعْريف يقْتضي أن تُؤْمِن، و التَّكريم يقتضي أن تشْكُر، فإذا آمنْتَ وشَكَرْتَ انتهى العِلاج قال تعالى : ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا } ( النساء : 147 )،

وملمح آخر في هذه النصيحة وهو أن الحق سبحانه يريد أنْ يشيع الاحسان بين الخلق وبين العباد،
فكما أحسن الله إليك أيها الانسان أحسِنْ إلى الناس، وكما تحب أنْ يغفر الله لك، اغفر لغيرك إساءته { أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ... } ( النور: 22 )، وما دام ربك يعطيك، فعليك أنْ تعطي دون مخافة الفقر؛ لأن الله تعالى هو الذي استدعاك للوجود؛ لذلك تكفَّل بنفقتك وتربيتك ورعايتك. لذلك حين ترى العاجز عن الكسب - وقد جعله ربه على هذه الحال لحكمة - حين يمد يده إليك، فاعلم أنه يمدُّها لله، وأنك مناول عن الله تعالى، ونلحظ هذا المعنى في قوله تعالى:{ مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً.. }( الحديد : 11 )، فسمَّى الصدقة قرضاً لله، لماذا؟ لأن هذا العبد عبدي، مسئول مني أن أرزقه، وقد ابتليتُه لحكمة عندي - حتى لا يظنّ أحد أن المسألة ذاتية فيه، فيعتبر به غيره - فمَنْ إذن يقرضني لأسُدَّ حاجة أخيكم؟، وقال تعالى :{ يُقْرِضُ اللَّهَ... }( الحديد : 11 )، مع أنه سبحانه الواهب؛ لأنه أراد أن يحترم ملكيتك، وأن يحترم انتفاعك، وسَعْيك.. كما لو أراد والد أنْ يُجري لأحد أبنائه عملية جراحية مثلاً وهو فقير وإخوته أغنياء، فيقول لأولاده : اقرضوني من أموالكم لأجري الجراحة لأخيكم، وسوف أردُّ عليكم هذا القرض، وفي الحديث الشريف أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنته فاطمة - رضوان الله عليها - فوجدها تجلو درهماً فسألها : ماذا تصنعين به "؟ قالت : أجلوه، قال : " لِمَ "؟ قالت : لأني نويت أن أتصدق به، وأعلم أنه يقع في يد الله قبل أن يقع في يد الفقير "، إذن : فالمال مال الله، وأنت مناول عن الله تعالى، وقد وقف بعض المستشرقين عند هذه المسألة؛ لأنهم يقرأون الآيات والأحاديث مجرد قراءة سطحية غير واعية، فيتوهمون أنها متضاربة. فقالوا هنا: الله تعالى يقول:{ مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ... }( الحديد : 11 )، وقال في موضع آخر:{ مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا... }( الأنعام : 160 )، وفي الحديث الشريف : " مكتوب على باب الجنة: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر "، فظاهر الحديث يختلف مع الآية الكريمة - هذا في نظرهم - لأنهم لا يملكون المَلَكة العربية في استقبال البيان القرآني. وبتأمل الآيات والأحاديث نجد اتفاقهما على أن الحسنة أو الصدقة بعشر أمثالها، فالخلاف - ظاهراً - في قوله تعالى: { فَيُضَاعِفَهُ لَهُ... }( الحديد : 11)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " والقرض بثمانية عشر "، وليس بينهما اختلاف، فساعة تصدَّق الإنسان بدرهم مثلاً أعطاه الله عشرة منها بدرهم الذي تصدَّق به، فكأنه أعطاه تسعة، فحين تُضَاعف التسعة، تصبح ثمانية عشرة (12)،

وهكذا فقوله تعالى : { ....وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ... } ( القصص : 77 ) يعني: عَدِّ نعمتك إلى الغير، كما تعدَّت نعمة الله إليك.

الخامسة : اجتناب الفساد والإفساد في الإرض : ( ولا تبغ الفساد في الأرض ) :

أي : ولا تلتمس ما حرَّم الله عليك من البغي على قومك , إن الله لا يحب المفسدين، فإياك أن تكون همتك بما أنت فيه أن تفسد به الأرض، وتسيء إلى خلق الله، فلعل الغني البعيد عن معرفة الله تعالى، البعيد عن منهج الله، البعيد عن الرؤية الصحيحة من لوازمه الطغيان، الطغيان الفردي والطغيان الجماعي، الدول العظمى حينما تغتني تطغى، وتتحكم بالدول الصغرى، الإنسان حينما يغتني يتكبرويطغى، قال تعالى : {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى، أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى } ( العلق : 6 – 7 )،

يقول " الشعراوي " : " .....والفساد يأتي من الخروج عن منهج الله، فإنْ غيَّرت فيه فقد أفسدتَ، فالفساد كما يكون في المادة يكون في المنهج، وفي المعنويات، يقول سبحانه :{ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا... }( الأعراف : 56 )، أي : ولا تُفْسدوا في الأرض بأيِّ نوع من أنواع الفساد, بعد إصلاح الله إياها ببعثة الرسل -عليهم السلام - وعُمْرانها بطاعة الله, وادعوه – سبحانه - مخلصين له الدعاء; خوفًا من عقابه ورجاء لثوابه. إن رحمة الله قريب من المحسنين،
فالحق سبحانه خلق كل شيء على هيئة الصلاح لإسعاد خلقه، فلا تعمد إليه أنت فتفسده، ومن هذا الصلاح المنهج، بل المنهج وهو قوام الحياة المعنوية - أَوْلَى من قِوام الحياة المادية، إذن : فلتكُنْ مؤدباً مع الكون من حولك، فإذا لم تستطع أنْ تزيده حُسْناً فلا أقلَّ من أنْ تدعه كما هو دون أنْ تفسده، وضربنا لذلك مثلاً ببئر الماء قد تعمد إليه فتطمسه، وقد تبني حوله سوراً يحميه (13)،

قال " ابن عاشور " : " ......الإحسان داخل في عموم ابتغاء الدار الآخرة، ولكنه ذكر هنا ليبنى عليه الاحتجاج بقوله ( كما أحسن الله إليك )، والكاف للتشبيه، و ( ما ) مصدرية، أي كإحسان الله إليك، والمشبه هو الإحسان المأخوذ من ( أحسن )، أي إحساناً شبيهاً بإحسان الله إليك، ومعنى الشبه : أن يكون الشكر على كل نعمة من جنسها، وقد شاع بين النحاة تسمية هذه الكاف كاف التعليل، ومثلها قوله تعالى : { واذكروه كما هداكم } ( البقرة : 198 )، والتحقيق أن التعليل حاصل من معنى التشبيه وليس معنى مستقلاً من معاني الكاف، وحذف متعلق الإحسان لتعميم ما يُحسن إليه فيشمل نفسه وقومه ودوابه ومخلوقات الله الداخلة في دائرة التمكن من الإحسان إليها، وفي الحديث : ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء ) فالإحسان في كل شيء بحسبه، والإحسان لكل شيء بما يناسبه حتى الأذى المأذون فيه فبقدره ويكون بحسن القول وطلاقة الوجه وحسن اللقاء، وعطف { لا تبغ الفساد في الأرض } للتحذير من خلط الإحسان بالفساد فإن الفساد ضد الإحسان، فالأمر بالإحسان يقتضي النهي عن الفساد وإنما نص عليه لأنه لما تعددت موارد الإحسان والإساءة فقد يغيب عن الذهن أن الإساءة إلى شيء مع الإحسان إلى أشياء يعتبر غير إحسان (14)،

وبعــــد :
فهذه مسائل خمْس توجَّه بها قوم قارون لنصحه بها، منها الأمر، ومنها النهي، كما يقول " الشعراوي " : " ......ولا بُدَّ أنهم وجدوا منه ما يناقضها،
- لا بُدَّ أنهم وجدوه بَطِراً أَشِراً مغروراً بماله، فقالوا له :{ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ }( القصص : 76 )،
- ووجدوه قد نسي نصيبه من الدنيا فَلم يتزود منها للآخرة، فقالوا له : { وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا... } ( القصص : 77 )،
- ووجدوه يضنُّ على نفسه فلا ينفق في الخير، فقالوا له : { وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ... } ( القصص : 77 )، يعني : عَدِّ نعمتك إلى الغير، كما تعدَّت نعمة الله إليك..

وهكذا ما أمروه أمراً، ولا نهوْهُ نهياً إلا وهو مخالف له، وإلا لَمَا أمروه ولَمَا نهوْهُ.
ثم يقول قارون رداً على هذه المسائل الخمس التي توجَّه بها قومه إليه : { قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىا عِلْمٍ... }، لكن ما وجه هذا الردّ { إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىا عِلْمٍ عِندِي... } ( القصص : 78 ) على المطلوبات الخمسة التي طلبوها منه؟ كأنه يقول لهم : لا دخلَ لكم هذه الأمور؛ لأن الذي أعطاني المال علم أنني أهْلٌ له، وأنني استحقه؛ لذلك ائتمنني عليه، ولسْتُ في حاجة لنصيحتكم، أو يكون المعنى { إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىا عِلْمٍ عِندِي } ( القصص : 78 ) يعني: بمجهودي ومزاولة الأعمال التي تُغِل علىَّ هذا المال، وكان قارون مشهوراً بحُسْن الصوت في قراءة التوراة، وكان حافظاً لها. وكان حسن الصورة، وعلى درجة عالية بمعرفة أحكام التوراة، فعجيب أن يكون عنده كل هذا العلم ويقول { إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىا عِلْمٍ عِندِي... }، ولا يعلم أن الله قد أهلك من قبله قروناً كانوا أشدَّ منه قوة، وأكثر منه مالاً وعدداً، فماذا كانت النتيجة الحتمية والطبيعية لكل هذا : { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ } ( القصص : 81)،

وصفوة القول :

فإننا نعلم أن القرآن الكريم كتاب الله الخالد الذي وصفه الله تعالى بأجل وصف وأعظم وصف ينبغي أن ننتبه له حين قال الحق تعالى : {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }( الإسراء : 9 )، ورأينا كيف أن من هدي القرآن للتي هي أقوم : ذكر نصائح قوم قارون وصالحيهم له ؛ لما فيها من الفوائد والعبر والتذكير والإتعاظ :

فأولاً نهوه عن الفرح المذموم، فرح البطر والأشر والكبر والإعجاب والبغي والتعالي،

ثانيًا : قالوا له استعمل ما وهبك الله من المال الجزيل فيما يقرب إلى الله والدار الآخرة.

ثالثًا : لا تترك نصيبك من الدنيا، اجمع بينهما، واسلك الطريق الوسط تمتع بلا إسراف ولا تقتير.

رابعًا : أحسن إلى عباد الله كما أحسن الله إليك بهذا المال العظيم.

خامسًا: لا تبغ الفساد في الأرض،
ثم اتبعوا هذه المواعظ بعلتها، فقالوا: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ المُفْسِدِينَ)، فلم يقبل هذه النصائح الثمينة؛ لأنه لم يوفق، بل ردها وزاد في كفران النعمة، كما يعلم من الآيات.

فهل يتعظ أصحاب المال والأعمال بما جاء في تلك النصائح الغاليات التي من شأن من عمل بها أن يتقي فتنة المال، وما يترتب عليها من آثار مدمرة على الفرد وعلى الأسرة وعلى المجتمع وعلى الأمة بأسرها، وهذا هو ما نراه اليوم واقعا في حياة الناس !!
وختاما
فإننا نذكر كل من أفاء الله عليه بنعمة المال والثراء بحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، الذي قال فيه : بعث إلي النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني أن آخذ علي ثيابي وسلاحي، ثم آتيه، ففعلتْ، فأتيته وهو يتوضأ، فصعد إليّ البصر ثم طأطأ، ثم قال : " يا عمرو! إني أريد أن أبعثك على جيش، فيغنمُك الله وأرغب (1) لك رغبة من المال صالحة "، قلت : إني لم أُسلم رغبةً في المال، إنما أسلمتُ رغبة في الإسلام فأكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : " يا عمرو! نعم المال الصالح للمرء الصالح " ( صححه الألباني، أنظر : صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري، ج1، ص : 127 )،

هذا وبالله التوفيق،،،،،،


الهوامش والاحالات :
===========
(1) - أبو إسحاق الحويني : " قصة قارون " من سلسلة عطر الكلام، موقع طريق الاسلام، المصدر :
http://www.islamway.net/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=93460&scholar_id=32&series_id=5563
(2) - أخرجه البخاري برقم (1904) في الصوم، باب: (هل يقول إني صائم إذا شُتِم؟)، ومسلم برقم (1511) - 164، في الصيام، باب: (فضل الصيام)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه.
(3) - محمد متولي الشعراوي : " تفسير الشعراوي "، مطابع أخبار اليوم، القاهرة، ج 1، تفسير سورة القصص، الآية رقم : 76، ص : 3254،
(4) – الحديث عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنهم ذبحوا شاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما بقي منها ؟ قالت ما بقي منها إلا كتفها، قال بقي كلها غير كتفها " ( صححه الألباني، وقال : رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، ومعناه أنهم تصدقوا بها إلا كتفها، أنظر : - محمد ناصر الدين الألباني : " صحيح الترغيب والترهيب "، مكتبة المعارف – الرياض، ط3، ج1 – ص 210،
(5) – " نفس المرجع السابق "، ج3، ص : 142،
(6) – محمد متولي الشعراوي : " مرجع سبق ذكره "، ص 3255،
(7) – ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : " الخلق كلهم عيال الله وتحت كنفه، فأحب الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله، وأبغض الخلق إلى الله من ضن على عياله" ( قال الألباني : قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ أنظر : - أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني ( ت : 1420هـ) : " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة "، دار المعارف، الرياض، الممكلة العربية السعودية، ط1، 1412 هـ / 1992 م، ج 8، ص : 84،

(8) – الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : " دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار، قلت بلى قال فلا تفعل قم ونم وصم وأفطر، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا ( الحديث رواه البخاري واللفظ له ومسلم وغيرهما، وصححه الألباني، أنظر : - محمد ناصر الدين الألباني : " صحيح الترغيب والترهيب "، مكتبة المعارف – الرياض، ط3، ج2، ص : 351
(9) - زيد بن مسفر البحري : " اين نجد الكنز المفقود "، المصدر :
www.albahre.com/publish/uploads/al_knz_al_mfkood.doc
(10) - الحديث عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، قالت : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خميصة لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف، قال : " اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وائتوني بأنبجانية أبي جهم " ؛ أنظر : أبو الحسن عبيد الله بن محمد عبد السلام بن خان محمد بن أمان الله بن حسام الدين الرحماني المباركفوري (المتوفى: 1414هـ) : " مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح "، إدارة البحوث العلمية والدعوة والإفتاء، الجامعة السلفية، بنارس الهند، ط3، 1404 هـ، 1984 م، ج2، ص : 472،
(11) - محمد متولي الشعراوي : " تفسير الشعراوي "، مطابع أخبار اليوم، القاهرة، ج 1، تفسير سورة القصص، ص : 3255،
(12) – " نفس المرجع السابق "، تفسير سورة القصص،
(13) – مجمد متولي الشعراوي : " مرجع سبق ذكره "،
(14) - الشيخ محمد الطاهر بن عاشور : " التحرير والتنوير "، الطبعة التونسية، دار سحنون للنشر، والتوزيع - تونس - 1997 م، ج18، ص : 378،

-----------
أ.د / أحمد بشير – جامعة حلوان، القاهرة


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

المال، الأعمال، قارون، تأملات إقتصادية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 24-12-2015  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  محاضرة تمهيدية حول مقرر مجالات الخدمة الاجتماعية والرعاية الاجتماعية لمرحلة الدراسات العليا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -44- الميثاق الاخلاقي للخدمة الإجتماعية Social Work Code Of Ethics
  وقفات مع سورة يوسف - 5 - المشهد الأول - رؤيا يوسف – أحد عشر كوكبا
  من روائع مالك بن نبي -1- الهدف أن نعلم الناس كيف يتحضرون
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -43- خدمة الجماعة المجتمعية : Community Group Work
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -42- مفهوم البحث المقترن بالإصلاح والفعل Action Research
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -41- مفهوم التقويم Evaluation
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -40- مفهوم التجسيد – تجسيد المشاعر Acting out
  نفحات ودروس قرآنية (7) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 7 ثمان آيات في سورة النساء ....
  نفحات ودروس قرآنية (6) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 6 ثمان آيات في سورة النساء .... أ
  من عيون التراث -1- كيف تعصى الله تعالى وانت من أنت وهو من هو من نصائح ابراهيم ابن ادهم رحمه الله
  وقفات مع سورة يوسف - 4 - أحسن القصص
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 5 ثمان آيات في سورة النساء ....
  طريقتنا في التفكير تحتاج إلى مراجعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -39 - الانتقائية النظرية في الخدمة الاجتماعية Eclecticism
  قرأت لك - 1 - من روائع الإمام الشافعي
  نماذج من الرعاية الاجتماعية في الإسلام – إنصاف المظلوم
  وقفات مع سورة يوسف - 3 - قرآنا عربيا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -38- مفهوم التقدير في التدخل المهني للخدمة الاجتماعية Assessment
  الشبكات الاجتماعية Social Network
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 4 ثمان آيات في سورة النساء ....
  وقفات مع سورة يوسف - 2 - تلك آيات الكتاب المبين - فضل القرآن الكريم
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -36- مفهوم جماعة النشاط Activity Group
  رؤية تحليلية مختصرة حول الإطار النظري للخدمة الاجتماعية (9)
  وقفات مع سورة يوسف - 1 - مع مطلع سورة يوسف " الر " والحروف المقطعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -35- مفهوم الهندسة الاجتماعية Social Engineering
  نفحات قرآنية ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة المحمدية 3 ثمان آيات في سورة النساء ....
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -34- مفهوم التثاقف – او المثاقفة - التثقف Acculturation
  من عجائب القران – نماذج وضاءة لجماليات الأخلاق القرآنية
  من عجائب القرآن الكريم والقرآن كله عجائب –1- الأمر بالعدل والندب إلى الاحسان والفضل في مجال المعاملات

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عراق المطيري، حميدة الطيلوش، المولدي اليوسفي، وائل بنجدو، محمد شمام ، عبد الله زيدان، محمد عمر غرس الله، أحمد النعيمي، أحمد ملحم، سليمان أحمد أبو ستة، صلاح الحريري، سيد السباعي، علي عبد العال، صالح النعامي ، محمد أحمد عزوز، أحمد بوادي، طارق خفاجي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عمر غازي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، منجي باكير، ضحى عبد الرحمن، د - شاكر الحوكي ، رشيد السيد أحمد، كريم فارق، عزيز العرباوي، ياسين أحمد، د - المنجي الكعبي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، علي الكاش، خبَّاب بن مروان الحمد، محمود فاروق سيد شعبان، محمود سلطان، محمد اسعد بيوض التميمي، مصطفى منيغ، رافد العزاوي، نادية سعد، د - عادل رضا، الهيثم زعفان، عبد الله الفقير، حسني إبراهيم عبد العظيم، صفاء العراقي، محمد الطرابلسي، سامر أبو رمان ، الناصر الرقيق، محمود طرشوبي، د. خالد الطراولي ، أحمد الحباسي، حاتم الصولي، طلال قسومي، مراد قميزة، محمد الياسين، رافع القارصي، أبو سمية، فتحـي قاره بيبـان، د - الضاوي خوالدية، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد العيادي، فتحي الزغل، عمار غيلوفي، صلاح المختار، د. مصطفى يوسف اللداوي، مجدى داود، صباح الموسوي ، أنس الشابي، حسن عثمان، العادل السمعلي، بيلسان قيصر، كريم السليتي، سامح لطف الله، تونسي، د - محمد بن موسى الشريف ، إيمى الأشقر، د.محمد فتحي عبد العال، عبد الرزاق قيراط ، أشرف إبراهيم حجاج، سفيان عبد الكافي، رضا الدبّابي، فهمي شراب، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. صلاح عودة الله ، عبد العزيز كحيل، خالد الجاف ، يزيد بن الحسين، محمد يحي، د - صالح المازقي، د- جابر قميحة، صفاء العربي، المولدي الفرجاني، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سعود السبعاني، د- هاني ابوالفتوح، د. أحمد بشير، د - محمد بنيعيش، رمضان حينوني، عبد الغني مزوز، عواطف منصور، مصطفي زهران، إياد محمود حسين ، حسن الطرابلسي، ماهر عدنان قنديل، جاسم الرصيف، سلام الشماع، د. عبد الآله المالكي، إسراء أبو رمان، محمد علي العقربي، أ.د. مصطفى رجب، الهادي المثلوثي، يحيي البوليني، محرر "بوابتي"، فتحي العابد، سلوى المغربي، د. أحمد محمد سليمان، د. طارق عبد الحليم، د- محمود علي عريقات، د - مصطفى فهمي، د- محمد رحال، فوزي مسعود ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز