أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6321
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
وصفها البعض بالقنبلة و آخرون بالزلزال، أسالت كثيرا من الحبر و التعاليق المختلفة، لكن بالطبع و كالعادة هناك مشككون و هناك أسئلة كثيرة و هناك ردود فعل، المهم أن التصريحات الأخيرة للإعلامي معز بن غربية قد وصلت إلى مبتغياتها و حركت المياه السياسية الآسنة و الراكدة في تونس، هذا صحيح في المطلق لكن معز بن غربية لم يقدم الكثير و أبقى الكثير في جعبته لوقت الحاجة كما يقول، عدا ذلك لم يقتنع المتابعون بأن بن غربية قادر على تقديم ما يملك للعدالة، فالقاضي المباشر لقضايا الشهيدين بلعيد و البراهمى متهم مباشرة و بالصفة بالخيانة العظمى و التستر على مجرمين و تعطيل سير العدالة، اتهام صريح و عنيف من أحد المحامين عضو في لجنة متابعة قضية الشهيد شكري بلعيد، و هو أمر يحدث لأول مرة في تاريخ القضاء التونسي، و لكنه يعتبر أحد إفرازات القضاء الموازى الذي زرعه وزير العدل السابق التابع لحركة الإخوان نور الدين البحيرى لخدمة الأجندة الاخوانية على حساب طموحات الثورة التونسية
من يحرك بن غربية ؟ ...سؤال يصعب الإجابة عنه في الوقت الحاضر لما عرف به الرجل من زئبقية في العلاقات مع الأحزاب الحاكمة و رغبه في التفرد و صنع الحدث على حساب المهنية و الأخلاقية الصحفية، الرجل أيضا له أعداء كثيرون على كل المستويات في الداخل و الخارج على حد سواء و رأسه مطلوب لأكثر من طرف سياسي في تونس، لكن من المؤكد أن بن غربية ليس وحيدا في هذه ‘ المعركة’ الإعلامية و ليس شخصا يتحرك من تلقاء نفسه ، من المؤكد أيضا أن بن غربية لم يفتح النار على بعض الأطراف المتهمة باغتيال شهداء الوطن من شكري بلعيد إلى سقراط الشارنى مرورا بفوزي بن مراد دون سبب و دون أن يكون الطرف المستهدف قد حاول في الآونة الأخيرة الخروج عن الإجماع السياسي المتفق عليه بعد الانتخابات التشريعية و الرئاسية الأخيرة، و لعل التسريبات الأخيرة حول وجود قطيعة سياسية بين الرئاسة و بين الإمارات العربية المتحدة بسبب غضبها من التحالف بين النهضة و النداء قد تفسر أهداف الحملة الانتحارية الإعلامية الأخيرة التي تستهدف حزبا دينيا مشاركا في الحكم و متهما بالاغتيالات، و القصد واضح هو زعزعة الثقة في هذه الحكومة و إسقاطها لإعادة ترتيب العلاقات بين حزب نداء تونس و بقية الأحزاب العلمانية الرافضة لمجرد مشاركة حزب القتل في الحكومة
من يريد اغتيال بن غربية ؟ ... بطبيعة الحال لا أحد يريد اغتيال الرجل و كل ما قيل هو مجرد تخيلات مقصودة لمزيد الإثارة و حبك خيوط اللعبة، فحركة النهضة الإرهابية ليست في وضع يسمح لها اليوم بتحريك آلتها العسكرية لتنفيذ اغتيال سيخرجها من الحكم و من البلاد و لم لا يعرضها إلى فتح الملفات المعلقة و المستورة، و رغم أن هناك من يتحدث عن اتهام الحركة بإثارة المشاكل الأخيرة في الجنوب و ‘باستدعاء’ الجماعات الإرهابية الليبية على الحدود للضغط على الحكومة و منعها من فتح بعض ملفات الفساد في علاقة ببعض وزراء النهضة و المؤتمر الذين نهبوا البلاد طيلة 3 سنوات من حكم الترويكا، فان ما يثير الانتباه حقا هو هذا التواصل المستمر بين الحركة و بين أكبر دولة إقليمية داعمة للإرهاب في الخليج العربي و هي تركيا بما يعزز قناعة البعض بان هذه الزيارات الأخيرة لقيادة النهضة و رموزها المتشددة تخفى وراءها سيلا من التساؤلات الحارقة، و هنا، يقول البعض أن بن غربية قد تحرك بدفع من أطراف سياسية معينة لإشعال الضوء الأحمر أمام قيادة الإرهاب النهضوية لتفهم الرسالة الغير مشفرة و تلتزم بقواعد اللعبة.
هناك رابط مباشر بين استقالة السيد الأزهر العكرمى و بين التصريحات العنيفة لبعض رموز الإخوان في علاقة بمسألة تحييد المساجد و عزل الأئمة، و بين تصريح بن غربية و محاولات البعض إثارة القلاقل في نداء تونس تحت ذريعة رفض جواز الضرورة بين النداء و النهضة، فهناك أطراف تسعى اليوم لفك الارتباط بين النداء و حركة الإرهاب النهضوية، و هناك من يريد كشف مسؤولية حركة النهضة في الاغتيالات ‘لاغتيالها’ إعلاميا و سياسيا و قضائيا، و هناك من يصر إلحاحا بان استمرار حركة النهضة في الحكم فيه خطر قادم يهم السلم الاجتماعية خاصة أن قطر و تركيا و إسرائيل لهم مصلحة معلنة في تفتيت الجسم التونسي و هم مواصلون في تقديم الدعم المادي الخيالي لإخوان تونس على مختلف مشاربهم التكفيرية العنيفة حتى تتمكن بعض أجنحة النهضة المعروفة بدمويتها بتنفيذ هذا المخطط الجهنمي لإسقاط النظام و بث الرعب و العمل على إعلان دولة الخلافة .
من المؤكد أن صمت الحكومة حول هذه التصريحات الخطيرة هو صمت العاجز الخجول المتردد، و من المؤكد أن صمت حركة النهضة المتهمة صراحة بالاغتيالات السياسية هو أصدق تعبيرا من التصريح ، و من المؤكد أن الإعلام التونسي المعروف بانحيازه لهذا الطرف أو ذاك قد أدرك اليوم أن اللعبة القذرة التي تدار من وراء الكواليس أكبر من أن تفهم خيوطها العريضة أو أن تظهر تداعياتها في القريب، في حين يسعى البعض اليوم إلى عملية طرح و ضرب و قسمة ليتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، لكن من الظاهر أن هذه العملية الإعلامية قد أدت دورها قبل أن تبدأ و ستشهد الساحة السياسية بعد أيام قليلة كثيرا من المواقف المتباينة لتوضيح المشهد و لإعادة صياغة تعايش مسموم بين النداء و النهضة و بقية الأحزاب الكرتونية الأخرى التي فشلت في استقطاب الشارع في آخر التظاهرات بشارع بورقيبة بمناسبة رفض قانون المصالحة الاقتصادية، و هو ما يؤكد تماما أن اللعب بين القطبين الحاكمين قد أصبح على المكشوف و لو بالواسطة، و هذا مؤشر خطير يزيد من ضبابية المشهد الحكومي المتردد و الذي وصف فيه السيد الأزهر العكرمى في بيانه ‘ التأبيني ‘ الأخير الحكومة بكونها بلا أياد لترتعش.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: