أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6136
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لست متفائلا بعودة نذير القطارى و سفيان الشورابى الصحفيين التونسيين المختطفين فى ليبيا ، على الأقل على المدى القريب ، فالقضية في واقع الأمر لا تتعلق بالتفاؤل أو التشاؤم أو التشاؤل ، بل هناك ما يعيق عودة الصحفيين ، و هناك أيادي تونسية خفية تلعب في مسرح الأحداث الليبي ، و هناك وزارة خارجية خرج منها الملف و لكنها تصر على استعادته لتلمع صورة السياسة الخارجية التي تم السطو عليها في عهد الترويكا ، كما أشياء كثيرة في الواقع ، و هناك جمعية صحفيين يعلم الجميع أنها حاضرة بالغياب ، و هناك مرتزقة من بعض رجال الأعمال يعدون على الأصابع يمارسون السمسرة و بيع الضمير في هذا الملف دون مراعاة لمشاعر عائلة المخطوفين ، و هناك الجماعات الإرهابية التكفيرية ، بعضها في علاقة مع حركة النهضة ، و البعض الأخر في علاقة مع عبد الحكيم بلحاج ، الواجهة الإرهابية الليبية المعروف ، الكل يتصارع و الكل ينافق ، و الكل يتاجر .
يجمع الكثيرون أن السيد الطيب البكوش لا مكان له في وزارة الخارجية ، و ‘شهاداته’ النقابية لا تصلح في مثل هذه الوزارة السياسية بامتياز ، و كان بإمكان السيد الحبيب الصيد ترضية الرجل بتعيينه وزيرا معتمدا مكلفا بالعلاقات مع ...الاتحاد و المنظمات الدولية ذات العلاقة ، و رغم أن المقارنة لا تصـــح ، فشتان بين السيد الطيب البكوش و بين السيد المنجى سليم ، بين السيد البكوش و بين ساكن قرطاج الحالي السيد الباجى قائد السبسى ، و لعل الأيام قد كشفت الآن للجميع أن ‘مجهود’ وزارة السيد الطيب البكوش لم يثمر و أن عملية تقطيع الوقت قد باءت بالفشل و أن تطمينات الوزير ليست إلا فرقعة إعلامية للاستهلاك المحلى لا غير ، لنتساءل في نهاية الأمر ، إلى متى ستستمر هذه الجهود و إلى متى ستستمر معاناة العائلتين و المخطوفين على حد سواء .
لقد سقط القناع عن القناع ، لنبتين أن هناك من رجال الأعمال من هو قادر على التدخل بصورة ناجعة في ملف المخطوفين ، لكن من الواضح أن هناك أيادي خفية داخلية و خارجية تريد أن تطيل عمر معاناة المخطوفين ، و هؤلاء ‘ التجار’ السياسيون بالأساس لا تهمهم مشاعر العائلتين بل غايتهم الوحيدة هي الابتزاز و محاولة ربح نقاط معينة على حساب أطراف داخلية و خارجية مهتمة بالملف ، و لا شك أن لحركة النهضة خيوطا في هذه اللعبة ‘التجارية’ القذرة ، فالإخوان في ليبيا لا يمكنهم اعتقال صحفيين تحولت قضيتهم إلى قضية رأى عام تونسي و دولي دون حصولهم المسبق على غطاء الإخوان في تونس ، بل أكاد أجزم أن هناك أطرافا بعينها في حركة النهضة ‘تتحصن’ بهذا الملف الإنساني حتى تتجنب محاسبتها من القضاء على جملة من التهم الخطيرة خاصة بعد أن رفضت منظمات المجتمع المدني قانون المصالحة رفضا باتا ، بهذا المعنى ، لا نفهم كيف تعجز الحركة عن ‘ الحركة’ في هذا الملف لو لم تكن يدها في يد الجماعات الإرهابية الخاطفة .
منذ فترة توجه والد أحد المخطوفين طالبا مساعدة المخابرات الفرنسية ، و منح قصر الإيليزى للرجل هذه المساعدة ، و منذ تلك الحادثة لم نعد نسمع عن نتيجة تحركات المخابرات الفرنسية المعروفة بكثرة تسريباتها و كثرة إشاعاتها ، و لم نعد نجد بالإعلام الفرنسي المتعود على الانفراد الصحفي ما يسد الرمق و يعطى الأمل بل أنه من المثير للانتباه أن تحجم عائلة المتدخل عن الكلام المباح و هي المتعودة يوميا على إطلاق التصريحات و المؤاخذات و هو ما يعطى الانطباع للرأي العام بأن المخابرات الفرنسية ما زالت بصدد البحث عن موطئ قدم في الرمال الليبية المتحركة ، أو أنها فشلت في المهمة لأسباب سيتم تداولها بعد فترة أو أن هناك تهديدات إرهابية وصلت إلى مسامع المعنيين بالأمر في فرنسا لتحبط مساعيهم قبل أن تبدأ ، و لعل الحملة العنيفة التي واجهت زيارة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزى تعطى الدليل على رفض كثير من الطبقة السياسية المرتبطة بمصالح خارجية ‘ أخرى’ لهذه الزيارة المشبوهة و لأي دور لعبته أو ستلعبه فرنسا .
لا شك أن الجماعات الإرهابية الليبية تمولها أطراف خليجية معروفة ، هذا التمويل ليس محصورا في الجانب المادي فحسب ، بل هناك تمويل متمثل في تعاون استخباري يهم علاقة هذه الجماعات بالملف السوري و تسهيل خروج و دخول الجماعات التكفيرية إلى الشام و العراق ، وفى تعاون وثيق لم يعد سرا بين هذه الجماعات و بين تجار المخدرات و السلاح و الرقيق الأبيض ، و بهذا المعنى قلا شك أن الجميع يعلم كل شيء عن الجميع ، و هنا نتساءل من هي المخابرات الأجنبية ذات العلاقة بهذه الجماعات التكفيرية التي تعمل على ملف المخطوفين و ما هي أهدافها الخفية من إطالة أمد عملية الاختطاف ، و لماذا لا تعلن هذه الجهات الأجنبية عن مطالبها رغم مرور أكثر من سنة على هذه العملية الجبانة ، و هنا نتساءل بصورة صريحة هل ما زال المخطوفان نذير و سفيان على قيد الحياة كما يصر وزير الخارجية الطيب البكوش منذ أيام فقط .
لقد سبق أن شهدت مناطق مختلفة في العالم عمليات اختطاف أخذت وقتا طويلا لحين انتهاءها سواء بالإفراج عن الرهينة أو قتله ، لكن القاسم المشترك في كل عمليات الاختطاف كان مطالبة الخاطفين بمطالب معينة تتراوح بين السياسي أو المالي أو التبادل ، لكن عملية اختطاف نذير و سفيان لم تخضع لجملة هذه العوامل المذكورة و بالتالي فهي لا تعد عملية اختطاف بالمعنى ‘ التقليدي’ لنطبق عليها هذه المقاييس ، و من واجبنا الأخلاقي اليوم أن نصر على القول أن هناك أطراف تونسية قد دفعت بالصحفيين إلى داخل التراب الليبي في ‘ مهمة معينة’ و أن هذه المهمة المعينة لم تنته لحد الآن ، و عملية رجوع ‘ المخطوفين’ لن تتم إلا متى تحققت ‘ المهمة ‘ و نالت كل الأطراف المشاركة في هذه العملية ما تنتظره من بعض الأطراف السياسية في البلاد ، و في لعبة الأمم و المخابرات و الأحزاب الانتهازية لا يمكن للمتابع أن يفهم ما يحدث ، و هذا هو الحاصل حاليا بالفعل .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: