أ. د/ احمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5220
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
المحتويات :
* القرآن الكريم كتاب هداية ومنهج حياة :
* ضوابط قرآنية للسلوك الإنساني :
* الضابط السلوكي الأول : من آمن بالله تعالى هداه :
* ومن يؤمن بالله يهد قلبه :
*من هدايات الآية للمتخصصين في الخدمة الاجتماعية ومهن المساعدة الإنسانية :
* من ثمرات الإيمان : عشر كرامات لقلب المؤمن :
* جزاء الصبر على المصيبة ولأواء الحياة :
* الإيمان والصحة النفسية للمؤمن :
* الرضا بالقضاء يورث السعادة :
* الإيمان طريق النجاة وعلاج ناجع من الهموم والأزمات:
* المؤمن وحقيقة اليقين :
==============================
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،
أمــا بعد :
في هذه المرحلة الحرجة التي تعيشها الأمة الإسلامية اليوم ، حتى صدق عليها قول رسولنا الأعظم ، ونبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم إذ يقول : كما في حديث ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا " ، فَقَالَ قَائِلٌ : وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ : بَلْ أَنْتُم يَوْمئِذٍ كثير وَلَكِن غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ ، وَلَيَقْذِفَنَّ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ ، قَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ : حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ " ( رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الْإِيمَانِ " ، وصححه الألباني ) ، وفي خضم التحولات الهائلة التي تتعرض لها ، فإننا نلحظ أن كثيرا من المسلمين وخاصة جيل الشباب استولى عليهم اليأس ، وتمكَّن منهم الحزن ، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، وهم يرون سلاسل الشهداء ، وأنهار الدماء ، وتصاعد المكر والدهاء ، وتعثر مسيرة التحرر من مكائد الأعداء ، وقد سرت هذه الروح المعدية ، فتملَّك النفوس التشاؤم بدلا من التفاؤل ، وفاضت الروح من عزائم الكثيرين ، مما يستدعي تدخلا سريعا وحلا ناجعا ، لا نتصور أن يكون بعيدا عن منهج الله تعالى وعن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ،
- ومن هنا فإلى كل المعنيين ببناء الانسان المسلم ، وتنشئته وتعديل سلوكه ليصبح أكثر توافقا مع تعاليم الإسلام ، بوجه عام ، وإلى كل العاملين في مهن المساعدة الإنسانية التي تستهدف في المقام الأول مساعدة الانسان على إشباع احتياجاته الأساسية ، ومواجهة مشكلاته ، وتنمية قدراته وطاقاته ، وبالجملة تحسين نوعية الحياة للإنسان المعاصر ، بوجه خاص ، وإلى المنتمين إلى مهنة الخدمة الاجتماعية طلابا وأكاديميين وممارسين في الميدان بوجه أكثر خصوصية باعتبار إهتمامهم بقضايا السلوك الإنساني والاجتماعي وتفسيره ، ومحاولة صياغة البرامج والسياسات التي تكفل تعديله على مستوى الأنساق الصغرى والكبرى على حجد سواء ، نقدم هنا بعض القوانين القرآنية والضوابط السلوكية التي يمكن لهؤلاء جميعا أن يستفيدوا منها ، وأن يوظفوها في مجالات عملهم واهتمامهم ،
* القرآن الكريم كتاب هداية ومنهج حياة :
- إن من الحقائق الدامغة التي لا تغيب عن وعي المسلم وعقله - أو ينبغي لها أن لا تغيب - أن القرآن الكريم كتاب هداية ، ومنهج حياة ، وصفه منزله جل جلاله – ضمن ما وصفه - بثلاث صفات وخصائص على المسلم أن يتوقف عندها ، وأن يعملها في واقع حياته ، خصوصا وأن القرآن إنما نزل ليعمل به كما قال أسلافنا العظام رضوان الله عليهم (1) ، تلك الصفات الأساسية بنص القرآن إنما تتمثل في :
- الخاصية الأولى : أنه بشهادة الله تعالى له هو الكتاب الذي يدل ويهدي للسبيل والطريقة التي هي أصوب وأسد أعدل وأقوم في هذه الحياة ، قال تعالى : {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً } ( الإسراء : 9 ) ، فمن أراد سلوك أفضل الطرق وأسلمها وأحكمها ، وأصوبها وأعدلها وأقومها فعليه بالقرآن ، تلاوة وفهما وعملا وتطبيقا ، ولا شك أن في القمة من التي هي أقوم وهي الملة الحنيفية الساطعة ملة التوحيد ، التي بها سعادة الدنيا والآخرة ، قال بعض أهل العلم : " يهدي للتي هي أقوم " ، أي للحالة أو للملة أو للطريقة التي هي أقوم الحالات أو الملل أو الطرق (2) ،
- الخاصية الثانية : أنه بشهادة الجن الذين استمعوا له هو الكتاب الذي يهدي إلى الرشد ، قال تعالى : {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً، يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً } ( الجن : 1 - 2 ) ، أي يدل ويهدي إلى الحق والصواب والهدى والايمان والصواب
- الخاصية الثالثة : أنه الكتاب الذي هو في حقيقته موعظة وشفاء وهدى ورحمة ، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } ( يونس : 57 ) ، قال صاحب التفسير الميسر في معنى الأية (3) : " يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم تذكِّركم عقاب الله وتخوفكم وعيده ، وهي القرآن وما اشتمل عليه من الآيات والعظات لإصلاح أخلاقكم وأعمالكم ، وفيه دواء لما في القلوب من الجهل والشرك وسائر الأمراض ، ورشد لمن اتبعه من الخلق فينجيه من الهلاك ، جعله سبحانه وتعالى نعمة ورحمة للمؤمنين ، وخصَّهم بذلك ، لأنهم المنتفعون بالإيمان ، وأما الكافرون فهو عليهم عَمَى " ،
وإذا كان ذلك كذلك فعلى المسلم أن يعرض نفسه إزاء أي موقف من مواقف الحياة ، ويتطلب منه اتخاذ قرار ما ، أو أن يسلك سلوكا ما أن يعرض نفسه على القرآن الكريم ، فإذا كان هذا القرار المزمع اتخاذه يتفق وصريح القرآن مضى في اتخاذه وشرع في تنفيذه وإلا أمسك عنه ، فالمعيار الذي توزن به القرارات والتصرفات وألوان السلوك المختلفة بالنسبة للمؤمن هو كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ما وافق منها الكتاب والسنة مضى فيه ، وما خالفهما امتنع عنه ،
* ضوابط قرآنية للسلوك الإنساني :
ونعرض في هذه الحلقات لمجموعة من الضوابط والموجهات السلوكية التي حاولنا ان نستخلصها من كتاب الله تعالى لتكون نبراسا يضيئ للمؤمن طريق الحق والاستقامة في مواقف الحياة المختلفة ، وهي أيضا بمثابة معادلات رياضية وقوانين إلهية ماضية لا تتغير ولا تتخلف ،
فعن الربيع بْن أنس ، عن أبي العالية ، قال : (4)
- إن الله تعالى قضى عَلَى نفسه أن من آمن به هداه ، وتصديق ذلك في كتابه : { ومَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ } ( التغابن : 11 ) ،
- ومن توكل عليه كفاه ، وتصديق ذلك في كتاب الله : { ومَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } (الطلاق : 3 ) ،
- ومن أقرضه جازاه ، وتصديق ذلك في كتاب الله : { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ } ( البقرة : 245 ) ،
- ومن استجاره من عذابه أجاره ، وتصديق ذلك في كتاب الله : { واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا } (آل عمران : 103 ) ، والاعتصام الثقة بالله ،
- ومن دعاه أجابه وتصديق ذلك في كتاب الله : { وإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } ( البقرة : 186 ) ،
نحن إذا هنا أمام مجموعة من القوانين والقواعد القرآنية التي تحكم سلوك المؤمن ، وتوجهه الوجه التي يرضاها الله تعالى في المواقف المختلفة ، وفي العديد من مجالات الحياة :
* الضابط السلوكي الأول : من آمن بالله تعالى هداه :
* ففي مجال العقيدة وكيفية مواجهة المواقف المتأزمة في الحياة يأتي القانون الإلهي التالي : " أنه من آمن بالله تعالى هداه لخير العمل ولما يحبه ويرتضيه " ، قال تعالى : { ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إلاَّ بإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٍ }( التغابن : 11 ) ،
وبإعادة النظر في هذه الآية المباركة نجد أنها ( آية خبرية ) متضمنة لأخبار ثلاثة واجبة التصديق لأنها من لدن حكيم خبير ، تلك الأخبار هي :
الأول : أنه على المؤمن أن يكون على يقين بأنه لا تصيب الإنسان مصيبة من المصائب إلا بإذن الله تعالى ، أَيْ بِإِرَادَتِهِ وَقَضَائِهِ ، سبحانه ، وقيل : يُرِيدُ إِلَّا بِأَمْرِ اللَّهِ ، وَقِيلَ : إِلَّا بِعِلْمِ اللَّهِ تعالى ، تماما كما قال الحق تعالى : { مَا أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها ، لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } ( الحديد : 22 – 23 ) ، ففي قوله تعالى { في الأرض } قَالَ القرطبي : قال مُقَاتِلٌ : الْقَحْطُ وَقِلَّةُ النَّبَاتِ وَالثِّمَارِ، وَقِيلَ : الْجَوَائِحُ فِي الزَّرْعِ ، ( وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ ) بِالْأَوْصَابِ وَالْأَسْقَامِ ، قَالَهُ قَتَادَةُ ، وَقِيلَ : إِقَامَةُ الْحُدُودِ ، قَالَهُ ابْنُ حَيَّانَ ، وَقِيلَ : ضِيقُ الْمَعَاشِ ، وَهَذَا مَعْنًى رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ ، ( إِلَّا فِي كِتابٍ ) يَعْنِي فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ ، ( مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها ) الضَّمِيرُ فِي ( نَبْرَأَها ) عَائِدٌ عَلَى النُّفُوسِ أَوِ الْأَرْضِ أَوِ الْمَصَائِبِ أَوِ الْجَمِيعِ ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : مِنْ قَبْلِ أَنْ يَخْلُقَ الْمُصِيبَةَ ، وقال القرطبي في قوله تعالى : { لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ ..} : أَيْ كَيْ لَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ لَمْ يُقَدَّرْ لَكُمْ وَلَوْ قُدِّرَ لَكُمْ لَمْ يَفُتْكُمْ { وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ } أَيْ مِنَ الدُّنْيَا ، وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَهُوَ يَحْزَنُ وَيَفْرَحُ ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ يَجْعَلُ مُصِيبَتَهُ صَبْرًا ، وَغَنِيمَتَهُ شُكْرًا ، وَالْحُزْنُ وَالْفَرَحُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُمَا هُمَا اللَّذَانِ يُتَعَدَّى فِيهِمَا إلى مالا يجوز، قال الله تعالى : { وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ} أي متكبر بما أوتى من الدنيا ، فخور به على الناس " (5)
- أما الخبر الثاني : أن من يؤمن بالله تعالى يهد قلبه ، قال ابن مسعود رضي الله عنه : " هي المصائب تُصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيُسلّم لها ويرضى "(6) ، قال ابن القيم رحمه الله : " فَلهَذَا لم يحصل لَهُ هِدَايَة الْقلب وَالرِّضَا وَالتَّسْلِيم الا بيقينه قَالَ فِي الصِّحَاح الْيَقِين الْعلم وَزَوَال الشَّك " (7) ،
قال القرطبي : { يهد قلبه }أَيْ يُصَدِّقُ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ، (يَهْدِ قَلْبَهُ) لِلصَّبْرِ وَالرِّضَا ، وَقِيلَ : يُثَبِّتُهُ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ الْجِيزِيُّ : مَنْ صَحَّ إِيمَانُهُ يَهْدِ اللَّهُ قَلْبَهُ لِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ ، وَقِيلَ : وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ فيقول : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ( البقرة : 156 ) ، قَالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : هُوَ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ الْيَقِينَ لِيَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ : هُوَ إِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ، وَإِذَا أُنْعِمَ عَلَيْهِ شَكَرَ، وَإِذَا ظُلِمَ غَفَرَ ، وَقِيلَ : يَهْدِ قَلْبَهُ إِلَى نَيْلِ الثَّوَابِ فِي الْجَنَّةِ (8) ،
وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : ( يَهْدِ قَلْبَهُ ) قال : ( يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئهُ ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه " ( رواه ابن حريز وابن المنذر ) ، وعن رجل من بني سليم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " إن الله ليبتلي العبد فيما أعطاه فإن رضي بما قسم له بورك له ووسّعه ، وإن لم يرضَ لم يبارك له ولم يُزد على ما كُتِبَ لهُ " ( رواه أحمد والبيهقي ) ، وروى الترمذي وابن ماجه عنه صلى الله عليه وآله وسلم قال : " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ، ومن سخط فله السخطُ " (9) ،
- أما الخبر الثالث : أن على المؤمن أيضا أن يكون على يقين بأن الله تعالى بكل شيء عليم ، وأحاط بكل شيء علما ، يعلم السر وأخفى ، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، سبحانه يعلم دبيب أرجل النملة السمراء ، على الصخرة الصماء ، في الليلة الظلماء ، ويعلم ما كان ، وعلم ما يكون ، وعلم ما لا يكون لو كان كيف كان يكون ، فلا شيء في الكون كله إلا والله تعالى يعلمه ،
- وصفوة القول أن الآية الكريمة التي نحن بصددها تعلمنا ضابطا هاما من ضوابط السلوك الإنساني ليكون هذا السلوك وفق منهج الله تعالى ، وقاعدة أساسية ينبغي أن ينطلق منها الإنسان ( المؤمن ) في كل تصرفاته القولية والفعلية ، في كل جوانب حياته على تعددها وشمولها ، تعلمنا كيف يكون حال المؤمن عند حلول المصائب ونزول النوازل ، ووقوع الأزمات والكوارث ، وكيف ينبغي أن يقابل ذلك بالتسليم المطلق والرضا بقضاء الله وقدره ، فمن شأن الايمان أن الله تعالى يهدي صاحبه إلى ما يرضي الله تعالى قولا وعملا ،
- ولذلك يقول " عبد الله دراز " (10) : " ....فهاكم ذلكم المبدأ الفعال!! إن خالق الفطرة ذاته هو الذي أوجب على نفسه هنا أن يهدي هذه الفطرة إلى الغاية التي تتجه إليها ، فالله سبحانه سوف يرشد أولئك الذين يعملون له إلى الطرق التي تهدي إليه ( سبحانه ) : {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} ( العنكبوت : 69 ) ، وسوف يهدي قلوب الذين يؤمنون به : {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} ( التغابن : 11 ) ، وسوف يبدد ظلماتهم ، ويوصلهم إلى النور: {يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}( البقرة : 275 ، المائدة : 16 ) ، وسوف يرشدهم إلى الطريق المستقيمة : {وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} ( النساء : 68 ) ، والذين يلزمون الصدق والاستقامة في أقوالهم يصلح الله لهم نقائص أفعالهم : {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} ( الأحزاب : 71 ) ، والذين يراعون أوامره على تقوى سوف يمنحهم القوة على تمييز الحق من الباطل ، والخير من الشر: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} ( الأنفال : 29 ) ، وسوف يقدم إليهم نورًا هاديًا : {وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِه} ( الحديد : 28 ) ، وسوف يصلح نوايا الذين آمنوا وعملوا الصالحات : {وَأَصْلَحَ بَالَهُم} ( محمد : 2 ) ،
والذين اختاروا الاتجاه الحميد ( أو يعملون على أن يتجهوا وجهة الخير ) سوف يزيدهم الله نورًا ، ويهدي خطاهم على دروب مستقيمة : {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} ( مريم : 76 ) ، وهو ينزل في قلوبهم الطمأنينة التي لا قلق معها ، كيما يدعم إيمانهم : {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} ( الفتح : 4 ) ،
( هذا في حق المؤمنين ) ، أما الكافرون ، الظالمون ، المتكبرون ، المعتدون ، الجاحدون ، المرتابون ، المستبدون ، الكاذبون ، الحانثون ، المفرطون ، المنحرفون ، وكل أولئك الذين اختاروا نهائيًّا أن يكونوا ضد الشرع فإن الله سبحانه لا يقتصر على عدم هدايتهم ، وهو القائل سبحانه : {إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ( النحل : 104 ) ، بل إنه يبقي على ضلالهم ، ويزيده ( والعياذ بالله ) : {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِين} ( إبراهيم : 27 ) ، وهو يقسي قلوبهم : {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} ( المائدة : 13 ) ، ويختم على قلوبهم وآذانهم وأعينهم : {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} ( النساء : 155 ) ، وهو يصمهم ويعميهم : {فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} ( محمد : 23 ) ، ويزيد مرضهم : {فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} ( البقرة : 10 ) ، ويطيل زمن ضلالهم وعماهم : {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ} ( البقرة : 15 ) ، ويصيبهم بالنفاق : {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِم} ( التوبة : 77 ) ، وينسيهم أنفسهم حين نسوا ا لله : {فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} ( الحشر : 19 ) ، ويتركهم للشيطان : {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا} ( الزخرف : 36 ) ، ويقودهم في الظلمات : {يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} ( البقرة : 257 ) ،
ولكن الظالمين ليسوا وحدهم الذين يلقون هذا الإذلال ، فالمؤمنون أنفسهم يجب أن يذكروا أن نورهم وإلهامهم ليسا سوى هبة من فضل الله ، يمكن أن تسحب ، إذا ما غيروا موقفهم : {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} ( الإسراء : 86 ) ،
* ومن يؤمن بالله يهد قلبه :
وحول المعنى العام للآية يقول العلامة السعدي رحمه الله في تفسيره عند قوله تعالى : { ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم } ( التغابن : 11) ، هذا عام لجميع المصائب في النفس والمال والولد والأحباب ونحوهم ، فجميع ما أصاب العباد بقضاء الله وقدره قد سبق بذلك علم الله وجرى به قلمه ونفذت مشيئته واقتضته حكمته ، ولكن الشأن كل الشأن هل يقوم العبد بالوظيفة التي عليه في هذا المقام أم لا يقوم بها ؟ فإن قام بها فله الثواب الجزيل والأجر الجميل في الدنيا والآخرة ،
فإذا آمن أنها من عند الله فرضي بذلك ، وسلم لأمره هدى الله قلبه ، فاطمأن ولم ينزعج عند المصائب كما يجري ممن لم يهد الله قلبه ، بل يرزقه الثبات عند ورودها والقيام بموجب الصبر ، فيحصل له بذلك ثواب عاجل مع ما يدخر له يوم الجزاء من الأجر العظيم كما قال تعالى : { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } ( الزمر : 10 ) ، وعلم من ذلك أن من لم يؤمن بالله عند ورود المصائب بأن لم يلحظ قضاء الله وقدره بل وقف مع مجرد الأسباب أنه يخذل ويكله الله إلى نفسه ،
وإذا وكل العبد إلى نفسه فالنفس ليس عندها إلا الهلع والجزع الذي هو عقوبة عاجلة على العبد قبل عقوبة الآخرة على ما فرط في واجب الصبر ، هذا ما يتعلق بقوله : { ومن يؤمن بالله يهد قلبه } في مقام المصائب الخاص .
وأما ما يتعلق بها من حيث العموم اللفظي فإن الله أخبر أن كل من آمن أي : الإيمان المأمور به وهو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خير وشره ، وصدق إيمانه بما يقتضيه الإيمان من لوازمه وواجباته أن هذا السبب الذي قام به العبد أكبـر سبب لهداية الله له في أقواله وأفعاله وجميع أحواله وفي علمه وعمله .
وهذا أفضل جزاء يعطيه الله لأهل الإيمان كما قال تعالى - مخبراً - أنه يثبت المؤمنين في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، وأصل الثبات : ثبات القلب وصبره ويقينه عند ورود كل فتنة فقال : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } ( إبراهيم : 27 ) ، فأهل الإيمان أهدى الناس قلوباً وأثبتهم عند المزعجات والمقلقات وذلك لما معهم من الإيمان (11) ،
* وصفوة القول في معنى : " يهد قلبه " – أي هداية القلب المترتبة على الإيمان بالله تعالى - في أقوال العلماء والمفسرين ، فإننا نوجز تلك الأقوال والآراء فيما يلي :
- يهد قلبه لليقين بالقدر ، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ،
- يهْدِ قلبه للاسترجاع ، وهو أن يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وإذا ابتُلِي صبر، وإذا أُنعِم عليه شكر، وإذا ظُلِم غفر،
- يهد قلبه : أي يَهْدِ وليَّه بالصبر والرضى ،
- يَهدِ قلبه لاتباع السنة إِذا صحَّ إيمانه.
- يهديه الى ما يرضي الله تعالى قولا وعملا ،
- {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} يكشف كربه ويغفر ذنبه ، ويذهب غيظه وينيرُ طريقه ويسددُ خطاه ،
*من هدايات الآية للمتخصصين في الخدمة الاجتماعية ومهن المساعدة الإنسانية :
* وثمة مجموعة من الحقائق التي نستخلصها من القاعدة التي نحن بصددها على الأخصائيين الاجتماعيين – وكذلك العاملين في مجال مهن المساعدة الإنسانية – أن يضعوها في الاعتبار عند العمل مع الأفراد والجماعات والمجتمعات في مواقف الأزمات والكوارث ، تلك الحقائق تتمثل فيما يلي :
- أن من شأن المؤمن الحق أنه يؤمن بقدر الله تعالى ( باعتبار الإيمان بالقدر من أركان الإيمان التي لا يصح ولا يكمل إيمان المؤمن إلا بها ) ، ويسلم له عند المصيبة ، ويتيقن أنه : {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } ( التغابن : 11) ،
- أننا أمام وعدٌ رباني لا يتخلف ، ومن أوفى بعهده من الله ، فمن آمن بالله هداه ، وسكَّن روحه لما أصابه به وابتلاه ،
- أن الذي يؤمن بالله يهدي قلبه هداية مطلقة ، ويفتحه على الحقيقة اللدنية ، ويصله بأصل الأشياء والأحداث ، فيرى هناك منشأها وغايتها ، ومن ثم يطمئن ويقر ويستريح ، فهي هداية إلى شيء من علم الله يمنحه لمن يهديه حين يصح إيمانه ، فيستحق هذا التكريم ،
- ومن لم يؤمن بالله عند ورود المصائب والأزمات فإن الله يخذله ويكله إلى نفسه ، والنفس ليس عندها إلا الجزع والهلع ، الذي هو عقوبة عاجلة على العبد ، قبل عقوبة الآخرة.
- إن الإيمان بالله حقيقة شهد بها الوجود كله والخلائق كلها .. فكل خليقة من خلائق الله حية ذات روح من نوعها .. وكل خليقة تعرف ربها الذي فطرها وتسبح بحمده وتدهش حين ترى الإنسان يكفر بخالقه وتتغيظ لهذا الجحود المنكر الذي تنكره فطرتها وتنفر منه روحها فالله عزَّ وجلَّ : {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)} ( الإسراء : 44 ) ، وذلك يدل على حقيقة إيمان الوجود كله بخالقه ، وتسبيح كل شيء بحمده ، ودهشة الخلائق وارتياعها لشذوذ الإنسان حين يكفر، ويشذ عن هذا الموكب ، وتحفز هذه الخلائق الساكنة الصامتة ، للانقضاض على الإنسان الكافر في غيظ وحنق ، كالذي يطعن في عزيز كريم عليه ، فيغتاظ ويحنق ، ويكاد من الغيظ يتمزق ، كما هو حال جهنم وهي تستقبل الكفار والعصاة كما حكى القرآن الكريم : {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ ، تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} ( الملك : 7، 8 ) (12) ،
- أن جميع المصائب في النفس والمال ، والأهل والأولاد ، والأحباب ونحوهم ، كل ذلك كائن بقضاء الله وقدره ، وقد سبق بذلك علم الله تعالى ، وجرى به قلمه ، ونفذت به مشيئته ، واقتضته حكمته ، والشأن كل الشأن هل يقوم العبد بالوظيفة التي عليه في هذا المقام، أم لا يقوم بها؟ ، فإن قام بها فله من الله تعالى الثواب الجزيل والأجر الجميل في الدنيا والآخرة ، فإذا آمن أنها من عند الله فرضى بذلك وسلم لأمر الله ، هدى الله قلبه فاطمأن ولم ينزعج عند المصائب ، وصبر على قضاء الله ، حصل له بذلك ثواب عاجل مع ما يدخر الله له يوم الجزاء من الثواب ، ومن لم يؤمن بالله عند ورود المصائب ، فلم يلحظ قضاء الله وقدره ، بل وقف مع مجرد الأسباب ، فإن الله يخذله ويكله إلى نفسه ، والنفس ليس عندها إلا الجزع والهلع الذي هو عقوبة عاجلة على العبد قبل عقوبة الآخرة.
- أن الله تبارك وتعالى لا بد أن يبتلي عباده بالمصائب والمحن ليتبين الصادق من الكاذب، والجازع من الصابر، والمؤمن من المنافق ، وهذه سنة الله في عباده ، لأن السراء لو استمرت لأهل الإيمان لحصل الاختلاط الذي هو فساد، وحكمة الله تقتضي تمييز أهل الخير من أهل الشر، وهذه فائدة المحن، لا إزالة ما مع المؤمنين من الإيمان، ولا ردهم عن دينهم، فما كان الله ليضيع إيمان المؤمنين ، والله سبحانه يبتلى عباده حسب إيمانهم بأنواع المصائب، ويبتليهم بشيء يسير من الخوف والجوع، ونقص الأموال والأنفس والثمرات، لأنه سبحانه لو ابتلاهم بالخوف كله أو ذهاب الأموال كلها، أو الثمرات كلها ونحو ذلك لهلكوا، والمحن تمحص لا تهلك ، وهذه الأمور لا بد أن تقع ، لأن الله أخبر بها ، وقد وقعت وما زالت تقع كما أخبر الله.
فإذا وقعت تلك المصائب انقسم الناس قسمين : قسم صابرون .. وقسم جازعون.
فالجازع حصلت له المصيبتان ، فوات المحبوب وهو وجود هذه المصيبة ، وفوات ما هو أعظم منها وهو الأجر الذي يناله بالصبر عليها ، ففاز بالخسارة والحرمان، ونقص ما معه من الإيمان، وفاته الصبر والرضا والشكر، وحصل له السخط الدال على نقص الإيمان ، وأما من وفقه الله للصبر عند وجود هذه المصائب فحبس نفسه عن التسخط قولاً وفعلاً، واحتسب أجرها عند الله، وعلم أن ما يدركه من الأجر بصبره أعظ من المصيبة التي حصلت له، فإن المصيبة تكون نعمة في حقه، لأنها صارت طريقاً لحصول ما هو خير له وأنفع منها، فقد امتثل أمر الله فيها، وفاز بالثواب (13) ،
* من ثمرات الإيمان : عشر كرامات لقلب المؤمن :
- قال " التويجري " (14) : " إذا آمن العبد بالله تعالى أكرم الله قلبه بعشر كرامات :
- الأولى : الحياة : كما قال سبحانه : {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122)} ( الأنعام : 122 ) ، ومن أحيا أرضاً ميتة فهي له ، وكذلك الله عزَّ وجلَّ خلق القلب ، وجعل فيه نور الإيمان ، فلا يجوز أن يكون لغيره فيه نصيب.
- الثانية : الشفاء : كما قال سبحانه : {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14)} ( التوبة : 14 ) ، فالعسل شفاء الأبدان .. والإيمان شفاء القلوب .. والعلم شفاء من الجهل.
- الثالثة : الطهارة : فالصائغ إذا امتحن الذهب مرة لا يدخله النار، وكذلك الله إذا امتحن قلوب المؤمنين لا يدخلهم النار: {أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3)} ( الحجرات : 3 ) ،
- الرابعة : الهداية : كما قال سبحانه: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11)} ( التغابن : 11 ) ،
- الخامسة : ثبوت الإيمان : فكما أن الورقة إذا كتب فيها قرآن لم يجز إحراقها ، فكذلك قلب المؤمن إذا كتب فيه الإيمان لم يجز إحراقه : {أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)} ( المجادلة : 22 ) ،
- أن الذكر شفاء القلب ودواؤه ؛ فالقلوب مريضة وشفاؤها ودواؤها في ذكر الله - عز وجل - قال - سبحانه وتعالى -: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ( التغابن : 11 ) ، قال مكحول - رحمه الله -: ذكر الله - عز وجل – شفاء ، وذكر الناس داء، وكما قيل :
إذا امَرضْنَا تدَاوَينَا بِذِكرِكُم *** ونتَرُكُ الذكرَ أحيانًا فَننتكسُ (15)
* الإيمان والصحة النفسية للمؤمن :
* أن هذه القاعدة تفيد أن طاعة الله تعالى وامتثال أمره واجتناب نواهيه سبب لطيب النفس وطمأنينتها ، وانشراح الصدر ، والصحة النفسية ،
والأدلة على ذلك من القرآن الكريم أكثر من أن تحصى ، كقول الله تعالى : {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }( الرعد : 28 ) ، أي : ويهدي الذين تسكن قلوبهم بتوحيد الله وذكره فتطمئن, ألا بطاعة الله وذكره وثوابه تسكن القلوب وتستأنس (16) ، وقوله تعالى : {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ، َالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً ، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى } ( طه : 124- 126 ) ، وقوله تعالى أيضا : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} (3) وقال تعالى {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} ( النحل : 97 ) ، والمعنى : أن مَن عمل عملا صالحًا ذكرًا كان أم أنثى ، وهو مؤمن بالله ورسوله ، فلنحيينه في الدنيا حياة سعيدة مطمئنة ، ولو كان قليل المال ، ولنجزينَّهم في الآخرة ثوابهم بأحسن ما عملوا في الدنيا (17)
وفي الحديث عن صهيب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له " ( أخرجه مسلم ) ،
- أن من معاني الهداية في القرآن التوفيق ، كما في قوله تعالى : { ومن يؤمن بالله يهد قلبه } أي : التّوفيق ، الّذي يختصّ به من اهتدى ، وهو المعنيّ بقوله : { وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً } ( محمد : 17) ، والمعنى على ذلك " يهد قلبه " أي يوفّق قلبه إلى الاسترجاع عند المصيبة ويسلّم ويرض ويعرف أنّها من الله ،
وذلك كقوله تعالى في جزاء الصابرين على البلاء في سورة البقرة : {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ، أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } ( البقرة : 155- 157 ) أي إلى الاسترجاع والصّبر، يعني هم الموفّقون ، وفي الآية بيان بأن من ثواب الصبر هداية القلب ، وصح في الحديث عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " عَجِبْتُ لِلْمُؤْمِنِ لَا يَقْضِي اللَّهُ لَهُ شَيْئًا إِلَّا كَانَ خيراً له " ( صححه الألباني ) ، والله عز وجل يقول : { وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ } ( البقرة : 217 ) ،
* الرضا بالقضاء يورث السعادة :
- قال " القرني " في كتابه القيم " لا تحزن " (18) : " ونسوقُ هنا قصةً لتظهر سعادة من رضي بالقضاءِ ، وحيرة وتكدُّر وشكَّ منْ سخِط مِن القضاءِ : فهذا كاتبٌ أمريكيٌ لامعٌ ، اسمُه " بودلي " مؤلّفُ كتابِ " رياح على الصحراءِ " ، وكتاب : " الرسول - صلى الله عليه وسلم " ، وأربعة عشرَ كتاباً أخرى ، وقد استوطن عام 1918م إفريقية الشمالية الغربية ، حيث عاش مع قومٍ من الرُّحَّل البدوِ المسلمين ، يصلُّون ويصومون ويذكرون الله ، يقولُ عن بعضِ مشاهدِه وهو معهم : هبَّتْ ذات يومٍ عاصفةٌ عاتية ، حملت رمال الصحراءِ وعبرتْ بها البحر الأبيض المتوسط ، ورمتْ بها وادي الرون في فرنسا ، وكانت العاصفة حارةً شديدةً الحرارةِ ، حتى أحسستُ كأنَّ شعْر رأسي يتزعزعُ من منابتِهِ لفرطِ وطأةِ الحرِّ ، فأحسستُ من فرطِ الغيظِ كأنني مدفوعٌ إلى الجنون ، ولكنَّ العرب لم يشكوا إطلاقاً ، فقد هزُّوا أكتافهم وقالوا : قضاءٌ مكتوبٌ ، واندفعوا إلى العمل بنشاطٍ ، وقال رئيسُ القبيلةِ الشيخُ : لم نفقدِ الشيء الكثير، فقد كنا خليقين بأن نفقد كلَّ شيءٍ ، ولكن الحمدُ للهِ وشكراً ، فإن لدنيا نحو أربعين في المائة مِن ماشيِتنا ، وفي استطاعِتنا أن نبدأ بها عملنا من جديد ، ويقول أيضا : " وثمَّة حادثةٌ أخرى.. فقدْ كنا نقطعُ الصحراء بالسيارةِ يوماً فانفجر أحدُ الإطارات ، وكان الشائقُ قد نسي استحضار إطار احتياطيٍّ ، وتولاني الغضبُ ، وانتابني القلقُ والهمُّ ، وسألتُ صحبي من الأعرابِ : ماذا عسى أن نفعل؟ فذكَّروني بأن الاندفاع إلى الغضبِ لن يُجدي فتيلاً ، بل هو خليقٌ أن يدفع الإنسان إلى الطيشِ والحُمْقِ ، ومنْ ثم درجتْ بنا السيارة وهي تجري على ثلاثة إطارات ليس إلا ، لكنها ما لبثت أن كفَّتْ عن السير ، وعلمت أن البنزين قد نفَدَ ، وهناك أيضاً لم تثرْ ثائرة أحدٍ منْ رفاقي الأعرابِ ، ولا فارقهُم هدوؤهم ، بل مضوْا يذرعون الطريق سيراً على الأقدامِ ، وهم يترنَّمون بالغناءِ!
قد أقنعتني الأعوامُ السبعةُ التي قضيتُها في الصحراءِ بين الأعرابِ الرحَّلِ، أنَّ الملتاثين، ومرضى النفوسِ، والسكيرين، الذين تحفلُ بهم أمريكا وأوربة، ما هم إلا ضحايا المدينةِ التي تتخذُ السرعة أساساً لها ، إنني لم أعانِ شيئاً من القلق قطُّ، وأنا أعيشُ في الصحراءِ، بل هنالك في جنةِ اللهِ، وجدتُ السكينة والقناعة والرضا، وكثيرون من الناسِ يهزؤون بالجبريةِ التي يؤمن بها الأعرابُ، ويسخرون من امتثالِهِم للقضاءِ والقدرِ ، ولكن منْ يدري؟ فلعلَّ الأعراب أصابُوا كبِد الحقيقة، فإني إذ أعودُ بذاكرتي إلى الوراءِ.. وأستعرضُ حياتي، أرى جلياً أنها كانت تتشكَّلُ في فتراتٍ متباعدةٍ تبعاً لحوادث تطرأ عليها، ولم تكنْ قطُّ في الحُسبانِ أو مما أستطيعُ له دفعاً، والعربُ يطلقون على هذا اللون من الحوادث اسم: «قدَر» أو «قِسْمة» أو «قضاءُ اللهِ» ، وسمِّه أنت ما شئت ، وخلاصةُ القولِ: إنني بعد انقضاءِ سبعةَ عشر عاماً على مغادرتي الصحراء، ما زلتُ أتخذ موقف العربِ حيال قضاءِ اللهِ، فأقابلُ الحوادث التي لا حيلة لي فيها بالهدوء والامتثال والسكينة، ولقد أفلحت هذه الطباعُ التي اكتسبتُها من العرب في تهدئِة أعصابي أكثر مما تفلحُ آلاف المسكِّناتِ والعقاقيرِ! ... اهـ ، ويقول " القرني " : أقولُ : إن أعراب الصحراءِ تلقَّنُوا هذا الحقَّ من مشكاةِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وإن خلاصة رسالةِ المعصومِ هي إنقاذ الناسِ من التِّيهِ ، وإخراجِهم من الظلماتِ إلى النورِ، ونفْضِ الترابِ عن رؤوسِهم ، ووضعِ الآصارِ والأغلالِ عنهم ، إنّ الوثيقة التي بُعِث بها رسولُ الهُدى - صلى الله عليه وسلم - فيها أسرارُ الهدوءِ والأمنِ ، وبها معالمُ النجاةِ من الإخفاق ، فهي اعترافٌ بالقضاء وعمل بالدليل ، ووصول إلى غاية ، وسعي إلى نجاة ، وكدح بنتيجة ، إن الرسالة الربانية جاءت لتحدد لك موقعك في الكون المأنوس ، ليسكن خاطرك ، ويطمئن قلبك ، ويزول همك ، ويزكو عملك ، ويجمُل خلقك ، لتكون العبد المثالي الذي عرف سرَّ وجوده ، وأدرك القصد من نشأته.
- إن منْ ثمراتِ الإيمانِ أنه يُسلِّى العبدُ به عند المصائبِ، وتُهوَّن عليه الشدائدُ والنَّوائبُ حتى إذا ما أصابته مصيبةُ ، أو نزل به بلاء ، أو وقعت له أزمة من الأزمات ، فإنه يعلمُ أنها منْ عندِ اللهِ ، وأنَّ ما أصابه لم يكُنْ ليُخطئه ، وما أخطأهُ لم يكُنْ ليُصيبه ، فيرضى ويُسَلِّمُ للأقدارِ المؤلمِة ، وتهونُ عليه المصائبُ المزعجةُ ، لصدورِها منْ عندِ اللهِ ، ولإيصالِها إلى ثوابِهِ ورضوانه ،
* الإيمان طريق النجاة وعلاج ناجع من الهموم والأزمات:
" في كتابِ ( اللهُ يتجلَّى في عصرِ العلمِ ) ، وكتاب ( الطبُّ مِحْرابُ الإيمانِ ) حقيقةٌ وهي : وجدتُ أنَّ أكثر مُعين للعبدِ في التخلُّص منْ همومِه وغمومِه ، هو الإيمانُ باللهِ عزَّ وجلّ ، وتفويضُ الأمرِ إليه ، {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} ، {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} ، منْ يعلمْ أنَّ هذا بقضاءٍ وقدرٍ، يهدِ قلبه للرضا والتسليمِ أو نحو ذلك ، {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}،
وأعلمُ أني لم تُصِبْني مصيبةٌ *** مِن الله إلا قدْ أصابتْ فتىً قبلي (19)
* أن هذه القاعدة تفتح أعيننا على العلاج القرآني الناجع للمصائب والأزمات في كتاب الله عز وجل ، :
- ذلك العلاج المتمثل في الإيمان والصبر والرضا والتسليم بقضاء الله وقدره ، وهو أمر ينبغي أن تهتم الأجهزة والمؤسسات التربوية أن تعطيه جل عنايتها في برامج تربية الإنسان المسلم ، وبنائه على أسس عقدية راسخة ، والعناية ببرامج التنمية الروحية وتقوية الصلة بالله تعالى ، وتدبر وفهم آيات الله تعالى الواردة في فضل الصبر والتسليم ، والرضا بقضاء الله تعالى وقدره ، فيفهم المسلم حقيقة معنى قول الله تعالى : {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ - لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} ( الحديد : 22 – 23 ) ، والمعنى : ما أصابكم - أيها الناس - من مصيبة في الأرض ( بالجدب والقحط والجفاف والتصحر ) ، ولا في أنفسكم من الأمراض والجوع والأسقام وفقد الولد ...... إلا هو مكتوب في اللوح المحفوظ عند الله تعالى من قبل أن تُخْلَق الخليقة ، إن ذلك على الله تعالى هين ويسير(20) ،
- وقوله تعالى : {.....وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ( الحج : 54 ) ،
- وقوله جل جلاله : {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} ( البقرة : 257 ) ،
- وَقوله سبحانه : : {مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب من قبل أَن نبرأها إِن ذَلِك على الله يسير * لكَي لَا تأسوا على مَا فاتكم وَلَا تفرحوا بِمَا آتَاكُم} ( الحديد : 22 – 23 ) ، عَلَى وَجْهِ الْحُزْنِ عَلَى الْمَاضِي وَالْجَزَعِ مِنْ الْمَقْدُورِ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ} ( آل عمران : 156 ) ،
وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ قَالَ : " وَإِنْ أَصَابَك شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ : لَوْ أَنِّي فَعَلْت لَكَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ - اللَّوْ - تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ " أَيْ تَفْتَحُ عَلَيْك الْحُزْنَ وَالْجَزَعَ ، وَذَلِكَ يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ بَلْ اعْلَمْ أَنَّ مَا أَصَابَك لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَك، وَمَا أَخْطَأَك لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَك ، وَلَوْ هُدُوا لَعَلِمُوا أَنَّ الْقَدَرَ أَمَرَنَا أَنْ نَرْضَى بِهِ وَنَصْبِرَ عَلَى مُوجِبِهِ فِي الْمَصَائِبِ الَّتِي تُصِيبُنَا: كَالْفَقْرِ، وَالْمَرَضِ، وَالْخَوْفِ ، والمؤمن مأمور عند المصائب أن يصبر ويسلم ، وعند الذنوب أن يستغفر ويتوب ، قال الله تعالى : {فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك} ، فأمره بالصبر على المصائب ، والاستغفار من المعائب ، قال " ابن تيمية " : فَمَنْ احْتَجَّ بِالْقَدَرِ عَلَى تَرْكِ الْمَأْمُورِ وَجَزِعَ مِنْ حُصُولِ مَا يَكْرَهُهُ مِنْ الْمَقْدُورِ فَقَدْ عَكَسَ الْإِيمَانَ وَالدِّينَ وَصَارَ مِنْ حِزْبِ الْمُلْحِدِينَ الْمُنَافِقِينَ وَهَذَا حَالُ الْمُحْتَجِّينَ بِالْقَدَرِ، فَإِنَّ أَحَدَهُمْ إذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ عَظُمَ جَزَعُهُ وَقَلَّ صَبْرُهُ فَلَا يَنْظُرُ إلَى الْقَدَرِ وَلَا يُسَلِّمُ لَهُ وَإِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا أَخَذَ يَحْتَجُّ بِالْقَدَرِ فَلَا يَفْعَلُ الْمَأْمُورَ وَلَا يَتْرُكُ الْمَحْظُورَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى الْمَقْدُورِ وَيَدَّعِي مَعَ هَذَا أَنَّهُ مِنْ كِبَارِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ وَأَئِمَّةِ الْمُحَقِّقِينَ الْمُوَحِّدِينَ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ الْمُلْحِدِينَ وَحِزْبِ الشَّيْطَانِ اللَّعِينِ (21)
* المؤمن وحقيقة اليقين :
- قال شيخ الإسلام " ابن تيمية " رحمه الله : " إن َالْيَقِينُ قَدْ يَكُونُ بِالْعَمَلِ وَالطُّمَأْنِينَةِ كَمَا يَكُونُ بِالْعِلْمِ ، وَالرَّيْبُ الْمُنَافِي لِلْيَقِينِ يَكُونُ رَيْبًا فِي الْعِلْمِ ، وَرَيْبًا فِي طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ : " اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِك مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيك وَمِنْ طَاعَتِك مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَك وَمِنْ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا " ، وَفِي حَدِيثِ الصِّدِّيقِ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَد وَالتِّرْمِذِي وَغَيْرُهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " سَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ وَالْيَقِينَ ؛ فَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ بَعْدَ الْيَقِينِ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ الْعَافِيَةِ؛ فَسَلُوهُمَا اللَّهَ تَعَالَى "؛ فَالْيَقِينُ عِنْدَ الْمَصَائِبِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِأَنَّ اللَّهَ قَدَّرَهَا سَكِينَةَ الْقَلْبِ وَطُمَأْنِينَتَهُ وَتَسْلِيمَهُ وَهَذَا مِنْ تَمَامِ الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} ، قَالَ عَلْقَمَةُ : وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ : هُوَ الرَّجُلُ تُصِيبُهُ الْمُصِيبَةُ فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَيَرْضَى وَيُسَلِّمُ ، وقَوْله تَعَالَى {يَهْدِ قَلْبَهُ} هُدَاهُ لِقَلْبِهِ هُوَ زِيَادَةٌ فِي إيمَانِهِ ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} وَقَالَ: {إنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} ، وَلَفْظُ " الْإِيمَانِ " أَكْثَرُ مَا يُذْكَرُ فِي الْقُرْآنِ مُقَيَّدًا؛ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ اللَّفْظُ مُتَنَاوِلًا لِجَمِيعِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ ؛ بَلْ يُجْعَلُ مُوجِبًا لِلَوَازِمِهِ وَتَمَامِ مَا أَمَرَ بِهِ وَحِينَئِذٍ يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ الْمُطْلَقُ قَالَ تَعَالَى : {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} {وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ} وَقَالَ تَعَالَى فِي آخِرِ السُّورَةِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} . وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى: إنَّهَا خِطَابٌ لِقُرَيْشِ؛ وَفِي الثَّانِيَةِ إنَّهَا خِطَابٌ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَقُلْ قَطُّ لِلْكُفَّارِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ : {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ ...} (22) ،
وهكذا أمر الله تعالى المؤمن إذَا أَصَابَتْهُ الْمَصَائِبُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْقَدَرِ ، وَلَا يَتَحَسَّرُ عَلَى الْمَاضِي ، بَلْ يَعْلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ ، والقاعدة التي ينبغي أن يعيها المؤمن هنا وأن تكون جزءا لا يتجزأ من تكوينه الإيماني والروحي ، وأن يجسدها في واقع حياته إنما هي : َالنَّظَرُ إلَى الْقَدَرِ عِنْدَ الْمَصَائِبِ ، وَالِاسْتِغْفَارُ عِنْدَ المعائب ؛
وختاما :
فإننا نذكر بأن أهل المعاصي والآثام الذين لا يتورعون عن الإقدام على إتباع شهواتهم ، والتلذذ بالمعاصي ، والمجاهرة بها ، دون أدنى اكتراث بخطورة هذا الأمر على دنياهم وأخراهم ، عليهم أن يستمعوا إلى ما قاله الإمام الحسن البصري رحمه الله (23) في اهل المعاصي والذنوب حيث قال : " إنهم هانوا على الله فعصوه ، ولو عزوا عليه لعصمهم " ، فلو أنهم آمنوا بالله تعالى حق الإيمان ، لعزوا على الله فإن الله تعالى أخبرنا أنه ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ، ولو أنهم عزوا على الله تعالى لهداهم إلى الطريق القويم والصراط المستقيم ، ولعصمهم من الذنوب والمعاصي ، ولأخرجهم من ظلمات التمرد والعصيان إلى نور الطاعة والامتثال ،
وإلى ضابط آخر من الضوابط السلوكية القرآنية إنشاء الله ،
************
الهوامش والاحالات :
============
(1) – من كلمة للحسن البصري رحمه الله قال فيها :" إنما أُنزِل القرآن ليعمل به ، فاتخذوا تلاوته عملاً" ، أنظر :
- تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني ( ت : 728هـ) : " مجموع الفتاوى " ، تحقيق : أنور الباز - عامر الجزار ، دار الوفاء، الطبعة : الثالثة ، 1426 هـ / 2005 م ، ج 25، ص : 170 ،
- محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله ابن قيم الجوزية : " مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة " ، دار الكتب العلمية – بيروت ، لبنان ، ( د . ت ) ، ج 1، ص : 187 ،
والمعنى أن القرآن إنما نزل في الأصل ليعمل الناس به ويجسدونه في واقع حياتهم باعتباره منهج حياة ، ولكن الناس اتخذوا تلاوته عملا ، وليس هذا – بأي حال من الأحوال - تهويناً من الترتيل والتلاوة والتجويد، فهو مطلوب بحدود ما دلت عليه السنة وعمل السلف رحمهم الله ـ، ولكن المقصود عدم الانشغال بالتلاوة والتجويد عن إقامة حدود القرآن وتدبر معانيه والعمل بما يقتضيه ، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بيانه لحال صاحب القرآن الذي ينال بالقرآن رفيع الدرجات ، وعالي المنازل : " فهو دائم التفكر في معانيه ، والتدبر لألفاظه واستغنائه بمعاني القرآن وحكمه عن غيره من كلام الناس ، وإذا سمع شيئاً من كلام الناس وعلومهم عرضه على القرآن ، فإن شهد له بالتزكية قبله وإلا ردَّه ، وإن لم يشهد له بقبول ولا ردٍّ وقفه ، وهمته عاكفة على مراد ربه من كلامه ، ولا يجعل همته فيما حجب به أكثر الناس من العلوم عن حقائق القرآن ، إما بالوسوسة في خروج حروفه ، وترقيقها ، وتفخيمها ، وإمالتها ، والنطق بالمد الطويل ، والقصير ، والمتوسط ، وغير ذلك ؛ فإنَّ هذا حائل للقلوب قاطع لها عن فهم مراد الرب من كلامه " ، أنظر :
- ابن تيمية : " مجموع الفتاوى " ، مرجع سبق ذكره ، ج16 ، ص : 50 ،"
(2) - إسماعيل بن إبراهيم الخطيب : " تحذير أهل الأيمان عن الحكم بغير ما أنزل الرحمن " ، الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة ، ط3 ، 1407هـ ،
(3) – عبد الله بن عبد المحسن التركي (إشراف ) : " التفسير الميسر " ، إعداد : مجموعة من العلماء ، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، المدينة المنورة ، المصدر : موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف : http://www.qurancomplex.com
(4) - أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر ( ت : 571هـ) : " تاريخ دمشق " ، تحقيق : عمرو بن غرامة العمروي ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، 1415 هـ - 1995 م ، ج18 ، ص : 185 ،
(5) - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي ( ت : 671هـ) : " الجامع لأحكام القرآن " ، تحقيق : أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش ، دار الكتب المصرية – القاهرة ، ط2 ، 1384هـ - 1964 م ، ج17 ، 257 – 258 ،
(6) - أحمد بن محمد بن علي وهو ابن العلامة الشوكاني الكبير ( ت : 1281هـ) : " في السلوك الإسلامي القويم " ، تحقيق ودراسة : حسين بن عبد الله العمري ، دار الفكر، دمشق ، سورية ، ط1، 1407 هـ ، 1986 م ، ص : 95 ،
(7) - محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله ابن قيم الجوزية : " مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة " ، مرجع سبق ذكره ، ج1 ، ص : 155 ،
(8) – الامام القرطبي : " مرجع سبق ذكره " ، ج18 ، ص : 139 ،
(9) - أحمد بن محمد بن علي وهو ابن العلامة الشوكاني الكبير : " مرجع سبق ذكره " ، ص : 97 ،
(10) - محمد بن عبد الله دراز ( ت : 1377هـ) : " دستور الأخلاق في القرآن" ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، لبنان ، ط10 ، 1418هـ / 1998م ، ص : 353 – 356 ،
(11) - عبد الرحمن بن ناصر السعدي : " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " ، عبد الرحمن بن معلا اللويحق ، : مؤسسة الرسالة ، الرياض ، 1420هـ -2000 م ، مصدر الكتاب : موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، www.qurancomplex.com
(12) - محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري : " موسوعة فقه القلوب " ، بيت الأفكار الدولية ، ج1 ، ص : 754
(13) – " نفس المرجع السابق " ، ج1 ، ص : 1018 ،
(14) – " نفس المرجع السابق " ، ج1 ، ص : 1019 ،
(15) - أبو العلاء محمد بن حسين بن يعقوب السلفي المصري : " الأنس بذكر الله " ، مكتبة سوق الآخرة ، دار التقوى للنشر والتوزيع ، القاهرة ، ص : 63 ،
(16) - عبد الله بن عبد المحسن التركي (إشراف ) : " التفسير الميسر " ،" مرجع سبق ذكره " : ج2 – ص 1283 - 1284
(17) - عبد الله بن عبد المحسن التركي (إشراف ) : " التفسير الميسر " ، " مرجع سبق ذكره " ، تفسير الآية ،
(18) - عائض بن عبد الله القرني : " لا تحزن " ، مكتبة العبيكان ، الرياض ، 2004م ، ص ص : 446 – 448 ،
(19) - عائض بن عبد الله القرني : " لا تحزن " ، مكتبة العبيكان ، الرياض ، 2004م ، ص ص : 279،
(20) – أنظر :
- عبد الله بن عبد المحسن التركي (إشراف ) : " التفسير الميسر " ، " مرجع سبق ذكره " ، تفسير الآية ،
- جلال الدين محمد بن أحمد المحلي ( ت : 864هـ) ، وجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ( ت : 911هـ) : " تفسير الجلالين " دار الحديث ، القاهرة ، تفسير الآية ،
(21) - تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني ( ت : 728هـ) : " مجموع الفتاوى "، مرجع سبق ذكره ، ج2 ، ص : 336
(22) – " نفس المرجع السابق " ، ج7 ، ص : 230 ،
(23) - هو الحسن بن أبي الحسن يسار، أبو سعيد، مولى زيد بن ثابت الأنصاري ، وكانت أم الحسن مولاة لأم سلمة أم المؤمنين المخزومية ، ولد الحسن - رحمة الله عليه - لسنتين بقيتا من خلافة عمر واسم أمه خيرة، ثم نشأ الحسن بوادي القرى، وحضر الجمعة مع عثمان، وسمعه يخطب، وشهد يوم الدار وله يومئذ أربع عشرة سنة ، وكان سيد أهل زمانه علما وعملا ، قال معتمر بن سليمان: كان أبي يقول: الحسن شيخ أهل البصرة ، وروي أن ثدي أم سلمة در عليه ورضعها غير مرة ، رأى عثمان، وطلحة، والكبار.
****************
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: