وتصديق ذلك في كتاب الله – 2 – فألهمها فجورها وتقواها
أ. د/ احمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4532
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
المحتويات :
* تعريف العقيدة :
* حقيقة العقيدة الإسلامية :
* النفس الإنسانية في التصور الإسلامي :
* من الحقائق القرآنية عن النفس الإنسانية " فألهمها فجورها وتقواها "
* ومن الفوائد التي نستقيها من هذا الحديث :
فوائد للتأصيل الإسلامي للخدمة الاجتماعية :
* الطبيعة المزدوجة للإنسان :
* التفكير والإرادة والسلوك :
* مخلوق مكرم :
* الضمير هو الرقيب على الإنسان :
----------------------------------------------------------------
" الْإِيمَانُ هُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ من الله تعالى "
(أبو جعفر أحمد الطحاوي )
الحمد لله رب العالمين وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا،
أمـــا بعد :
* تعريف العقيدة :
العقيدة في اللغة : من العَقْدِ ؛ وهو الرَّبطُ، والإِبرامُ، والإِحكامُ، والتَّوثقُ، والشَدُّ بقوه، والتماسُك، والمراصةُ، والإثباتُ ؛ ومنه اليقين والجزم، والعَقْد نقيض الحل، ويقال : عَقَده يعقِده عَقْدا، ومنه عُقْدَة اليمين والنكاح، قال الله تبارك وتعالى :َ { لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} ( المائدة : 89) ، والعقيدة : الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقده، والعقيدة في الدِّين ما يُقْصَدُ به الاعتقاد دون العمل ؛ كعقيدة وجود الله وبعث الرسل، والجمع : عقائد (1)،
وصفوة القول أن ما عقد الإِنسانُ عليه قلبه جازما به ؛ فهو عقيدة ؛ سواءٌ أكان حقا، أَم باطلا،
وأما العقيدة في الاصطلاح : فهي الأمور التي يجب أن يُصَدِّقَ بها القلب، وتطمئن إِليها النفس، حتى تكون يقينا ثابتا لا يمازجها ريب، ولا يخالطها شك، أَي : الإِيمان الجازم الذي لا يتطرَّق إِليه شك لدى معتقده، ويجب أَن يكون مطابقا للواقع، لا يقبل شكا ولا ظنا ؛ فإِن لم يصل العلم إِلى درجة اليقين الجازم لا يُسَمى عقيدة، وسمي عقيدة ؛ لأَنَّ الإِنسان يعقد عليه قلبَه (2)،
* حقيقة العقيدة الإسلامية :
والعقيدة الإِسلاميَّة : هي الإِيمان الجازم بربوبية الله تعالى وأُلوهيته وأَسمائه وصفاته، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وسائر ما ثَبَتَ من أُمور الغيب، وأصول الدِّين، وما أَجمع عليه السَّلف الصَّالح، والتسليم التام لله تعالى في الأَمر، والحكم، والطاعة، والاتباع لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (3)
وهذا يعني أن العقيدة الإسلامية إنما تتمثل في الإيمان الجازم والتصديق التام بالله تعالى، وما جاء عنه، وما يجب له سبحانه، وتحقيق ذلك نيةً وقصداً وقولاً وعملاً بمقتضى ذلك، وتركاً لما ينقص كمال الإيمان الواجب أو ينافيه ويضادّه، وقد بَيَّن الله تعالى أصول الإيمان وأركانه بقوله سبحانه وتعالى : ﴿ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ وَالمَلَائِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾ ( البقرة : 177) ، فهذه خمسة أركان، والسادس في قوله سبحانه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ ( القمر : 49 )،
ولقد جمعها النبي صلى الله عليه وسلم فـي إجابته على سؤال جبرائيل عليه السلام عندما قال له : ما الإيمان ؟ فقال : " الإيمان : أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره " (4)، وهذه الأمورُ الستةُ هي أصول " العقيدة الإسلامية الصحيحة " التي نزلَ بها كتابُ الله عز وجل، وبُعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويتفرع عن هذه الأصول كل ما يجب الإيمان به من أمور الغيب، وجميع ما أخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم (5)،
وهكذا فإن من أركان الإيمان الستة : الإيمان بالقضاء والقدر، والقدر عائدٌ إلى علم الله وتقديره للمقادير ومشيئته وقدرته وخلقه، وكل ذلك داخلٌ في الإيمان بالله تعالى،
* النفس الإنسانية في التصور الإسلامي :
أن نظرة الإسلام إلى النفس الإنسانية نظرة فريدة متميزة، فهي النظرة التي تتسق مع الطبيعة البشرية وتسايرها، حيث يعترف الإسلام بالكائن البشري كما هو – بنوازعه وميوله الفطرية - ولكنه يهذبها ويضع لها الحدود في الدائرة التي تتحقق بها مصالح المجتمع ومصالح الفرد ذاته، وأنه إذا كان يطلب من النفوس أن تتسامى وتترفع، فإنه لا يفرض هذا فرضاً، بحيث يعتبر المخالف له مذنباً أمام الله وفي نظر الشرع، وإنما هو يفرض فقط الحد الأدنى التي لا تصلح بدونه الحياة، وبترك المجال بعد ذلك للسمو والتطهر، تطوعاً لا فرضاً، فلا يثقل على النفوس، ولا يقهر نوازع الحياة في الأحياء، نعم للإسلام نظرة مستقلة في النفس الإنسانية، تختلف عن غيرها اختلافاً أساسياً، وإن كانت – في الفروع والتفصيلات - قد تلتقي في بعض الأحيان بغيرها من النظريات ( الوضعية )، كما أن نظرة الإسلام في تكاملها وتناسقها، وشمولها لكل جوانب النفس وكل جوانب الحياة، غير مسبوقة من الوجهة التاريخية، وما تزال حتى اليوم بعد كل ما ظهر من النظريات والاتجاهات التفسيرية، تتفرد وحدها بالشمول والعمق والاتزان (6)
ولعل أهم ما يتميز به الإسلام أنه يأخذ الكائن البشري على ما هو عليه، لا يحاول أن يقسره على ما ليس من طبيعته، كما تصنع النظم المثالية Ideal Systems، وإن كان في الوقت ذاته يعمد إلى تهذيب هذه الطبيعة إلى آخر مدى مستطاع، دون أن يكبت شيئاً من النوازع الفطرية، أو يمزق الفرد بين الضغط الواقع عليه من هذه النوازع، وبين المثل العليا التي يرسمها له، فالإنسان في نظر الإسلام كائن لا هو بالملاك ولا بالحيوان، وإن كان قادراً في بعض حالات الهبوط أن يصبح أسوأ من الحيوان، وفي بعض حالات الارتفاع أن يسمو بروحه إلى مستوى الملائكة من الطهر، ولكنه في حالته الطبيعية شيء بين هذا وذاك، مشتمل على استعداد للخير كما هو مشتمل على استعداد للشر، وليس أي العنصرين غريباً عن طبيعته، ولا مفروضاً عليه من خارج نفسه (7)،
ولاشك أن الانسان بطبيعة خلقته يشمل نوازع فطرية تربطه بالأرض، لأن الحياة –ببساطة وفي أهدافها العليا - لا تتحقق بغير وجود هذه النوازع قوية ملحة يتعذر الفكاك من عقالها، ولكنه يشمل في الوقت ذاته نزعة – فطرية أيضاً - تهدف به إلى الارتفاع والسمو، ومحاولة الانطلاق – ولو قليلاً - من روابط الأرض، ومن ناحية أخرى فإن الإنسان قابل – من طرفيه هذين - أن يهبط أو يصعد بحسب التوجيه الذي يوجه إليه، وخاصة في فترتي الطفولة والمراهقة، ولكنه حين يهبط أو يرتفع، يكون في حدود طاقاته الطبيعية، وعناصره المكونة له، لا يفرض عليه شيء من الخارج، ولا يفسر على ما ليس في طبيعته، والإغراء بالهبوط، كالإغراء بالصعود، كلاهما يتلقى استجابة طبيعية من الفرد، لأن فيه استهواء لهذا وذاك، وبعض الأفراد بطبيعة الحال يكون استهواؤهم للشر أكبر، وبعضهم يكون استهواؤهم للخير أشد، ولكن الغالبية العظمى تقع في الوسط، أو هي – لنكون أكثر واقعية - أميل إلى الهبوط والاستجابة لنوازعها الفطرية الأرضية، وإن كانت في ذات الوقت لا ترفض الاستجاابة إلى دافع التسامي، حين يعرض لها أو توجه إليه،
ولابد أن نقرر أن الغاية العليا للإسلام – كما هو معلوم - هي إيجاد التوازن في نفس الفرد، فيؤدي ذلك إلى إيجاد التوازن في المجتمع، وفي الإنسانية كلها بعد ذلك، بقدر ما يكون هذا في حدود الإمكان، ووسيلته في ذلك أن يمسك بالإنسان من خيط الصعود، ليساعده على موازنة الثقل الذي يجذبه إلى الأرض، ولكنه لا يعنف في جذبه إلى أعلى حتى يمزق أوصاله، أو يقطع ما بينه وبين الأرض من صلات، لأنه حين ذلك يفقده التوازن المنشود (8)،
لقد أخبر الله سبحانه وتعالى بأنه هو الذي يلهم العبد فجوره وتقواه، كما قال تعالى : {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}( الشمس : 7 – 8 )، قال ابن القيم : " والإلهام – كما قال أهل العلم – هو الإلقاء في القلب، لا مجرد البيان والتعليم كما قاله طائفة من المفسرين، إذ لا يقال لمن بين لغيره شيئا وعلمه إياه أنه قد ألهمه ذلك، هذا لا يعرف في اللغة البتة بل الصواب ما قاله ابن زيد قال : جعل فيها فجورها وتقواها، وعليه حديث عمران بن حصين أن رجلا من مزينة أو جهينة أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس فيه ويكدحون أشيء قضى عليهم ومضى عليهم من قدر سابق أو فيما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم قال بل شيء قضى عليهم ومضى قال ففيم العمل قال من خلقه الله لإحدى المنزلتين استعمله بعمل أهلها، وتصديق ذلك في كتاب الله ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها، فقراءته هذه الآية عقيب إخباره بتقديم القضاء والقدر السابق يدل على أن المراد بالإلهام استعمالها فيما سبق لها، لا مجرد تعريفها، فإن التعريف والبيان لا يستلزم وقوع ما سبق به القضاء والقدر، ومن فسر الآية من السلف بالتعليم والتعريف فمراده تعريف مستلزم لحصول ذلك لا تعريف مجرد عن الحصول فإنه لا يسمى إلهاما وبالله التوفيق (10)،
وفي معنى الحديث قال " الحازمي " في معنى قوله : " أرأيت ما يعمل الناس فيه ويكدحون أشيء قضى عليهم ومضى عليهم من قدر سابق أو فيما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم "، أي : هل يعملون أشياء من عبادات وغيرها ويكون ثَمَّ علم سابق يعلمه الله تعالى قبل خلقهم أو أن الأمر أُنُف بمعنى أنهم يستقبلون شيئًا لم يكن مكتوبًا عليهم من قبل ؟ إذًا هذا سؤال في محل النزاع مع أهل البدعة، حينئذٍ يكون هو الْحَكَم والفيصل، فقال النبي : " لا، بل شيء قُضِيَ عليهم ومضى فيهم، وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾، " لا، بل في شيء قد قُضِيَ عليهم "، إذًا كل ما يفعله العباد من طاعات ومعاصي فهو مكتوب علمه الباري جل وعلا وكتبه في اللوح المحفوظ (11)،
* الفطرة في النفس الإنسانية هي التوحيد :
قال تعالى : {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ } ( الأعراف :172 )، والمعنى كما جاء في التفسير : واذكر - أيها النبي - إذ استخرج ربك أولاد آدم مِن أصلاب آبائهم، ( أي في عالم الذر )، وقررهم بتوحيده بما أودعه في فطرهم من أنه ربهم وخالقهم ومليكهم، فأقروا له بذلك، خشية أن ينكروا يوم القيامة، فلا يقروا بشيء فيه، ويزعموا أن حجة الله ما قامت عليهم، ولا عندهم علم بها، بل كانوا عنها غافلين (12)
- قال الشعراوي رحمه الله تعالى في تعقيبه على تلك الآية (13) : " أن رسالات الله إلى خَلْقه ما هي إلا تذكير بعهد الإيمان القديم الذي أخذه الله على عباده حين قال سبحانه : {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ... } ( الأعراف : 172)، ولقد قلنا أنْ قُلْنا إن في كل منّا ذرةً شهدتْ هذا العهد، وعلى كل منا أنْ يحفظ إشراقات هذه الذرة في نفسه بأنْ يُغذِّيها بالحلال، ويُعوِّدها الطاعة لتبقى فيه إشراقات الإيمان، كما قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} ( الشمس : 7 – 10)،
وقال في تفسيره لقوله تعالى (15) : {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8} قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا{10}} ( الشمس : 7 – 10 )، قيل: المعنى وتسويتها. فما: بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، وَقِيلَ : الْمَعْنَى وَمَنْ سَوَّاهَا، وَهُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَفِي النَّفْسِ قَوْلَان ِ: أَحَدُهُمَا آدَمُ، الثَّانِي : كُلُّ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ، وَسَوَّى : بِمَعْنَى هَيَّأَ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ : سَوَّاهَا : سَوَّى خَلْقَهَا وَعَدَّلَ، وقَوْلُهُ تَعَالَى : فَأَلْهَمَها أَيْ عَرَّفَهَا، كَذَا رَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مجاهد. أي عرفها طريق الفجور والتقوى، وقال ابْنُ عَبَّاسٍ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا : عَرَّفَهَا الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَة، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ : إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدِهِ خَيْرًا، أَلْهَمَهُ الْخَيْرَ فَعَمِلَ ب ِهِ، وَإِذَا أَرَادَ بِهِ السُّوءَ، أَلْهَمَهُ الشَّرَّ فَعَمِلَ بِهِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ : فَأَلْهَمَها قَالَ : عَرَّفَهَا طَرِيقَ الْخَيْرِ وَطَرِيقَ الشَّرِّ، كَمَا قال : { وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ } ( البلد : 10 )، وَرَوَى الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : أَلْهَمَ الْمُؤْمِنَ الْمُتَّقِيَ تَقْوَاه ُ، وَأَلْهَمَ الْفَاجِرَ فُجُورَهُ، وَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ قَال َ: بَيَّنَ لَهَا فُجُورَهَا وتقواها، والمعنى مُتَقَارِبٌ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها قَالَ: " اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا "، وَرَوَاهُ جُوَيْبِرٌ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها رَفَعَ صَوْتَهُ بِهَا، وَقَالَ : " اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا "،
* ومن الفوائد التي نستقيها من هذا الحديث :
0 الإيمان بالقدر : ركن من أركان الإيمان الستة في العقيدة الإسلامية، لا يكتمل إيمان المؤمن إلا به،
0 قاعدة عقدية : من الايمان بالقدر أن يعلم المؤمن – يقينا - أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه :
0 قاعدة عقدية : " كل ميسر لما خلق له " :
- فوائد للتأصيل الإسلامي للخدمة الاجتماعية :
* الطبيعة المزدوجة للإنسان :
- من الحقائق المرتبطة بالانسان في التصور الإسلامي أنه كائن مزدوج في طبيعته خلق من مادة وروح، نص على ذلك القرآن الكريم قال تعالى : { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ{71} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ{72} ( ص : 71 – 72 )، واودع فيه خالقه جل جلاله نوعان من القوى، نوع تأخذ بيده الى الخير ( والاستقامة )، واخرى تدفعه الى الشر ( والانحراف )، وهو ما يشي به قول الله تعالى وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8} قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا{10} ( الشمس : 8 – 10 )، ونتج عن ذلك ان كان للانسان نوعان من السلوك، ما يتفق مع الاخلاق والقانون والنظام، وما يختلف عنها، وغالبا ما يمر كلا النوعين بمرحلتين :
0 مرحلة داخلية نفسية لا علاقة لها بالمادة،
0 واخرى خارجية وذات طبيعة مادية تتحسسها الحواس،
* التفكير والإرادة والسلوك :
وكثيرا ما تسبق المرحلة النفسية المرحلة المادية، فلا يقوم الانسان بتنفيذ عمل الا بعد التصميم على القيام به، وتسبق كلا المرحلتين مرحلة تمهيدية فلا يصمم الانسان على عمل شئ الا بعد التفكير به مليا، ولا يقوم بتنفيذه الا بعد التمهيد لهذا التنفيذ والوصول الى مبتغاه، فالسلوك بشكل عام هو مجموعة الافعال الداخلية ( الذهنية )، والخارجية ( المادية ) والتي بواسطتها يحقق الانسان ما يريد ان خيرا ً فخير وان شرا فشر، فمن يريد اقامة ملجأ للايتام مثلا، لابد ان يفكر في الموضوع مليا، موازنا بين حسناته وسيئاته، فاذا مارجحت الحسنات ينتقل الى مرحلة اخرى اكثر اهمية الا وهي مرحلة التصميم والعزم على تنفيذ العمل، ومتى بدأ بالتهيئة للتنفيذ فيكون قد انتقل من المرحلة النفسية الى المرحلة التمهيدية لمرحلة التنفيذ، وهي اعداد وتحضير الوسائل الضرورية، وما ان يفرغ من التمهيد للمرحلة المادية حتى ينتقل الى تنفيذ العمل والوصول الى النتيجة التي ارادها الفاعل الا وهي بناء الملجأ، وهنا تجدر الإشارة إلى أن ما قيل بالنسبة للسلوك النافع يقال ايضا في السلوك الضار، وما يهدف اليه من نتيجة ضارة او جرمية، حيث يمر الفاعل بنفس المراحل السابقة، فلو اراد شخص قتل آخر يتعين عليه ان يفكر في الامر أولا، ويوازن بين ما يحقق رغباته ونزواته وبين ما يلحق به من اضرار، فاذا ما اوصله تفكيره الى الاتيان بفعل القتل فانه ينتقل الى مرحلة التصميم ليبدأ بعدها بتهيئة وتحضير الوسائل اللازمة للقيام بجريمة القتل مثل شراء سلاح والتدريب عليه، وما ان يفرغ من المرحلة الاخيرة حتى يبدأ التنفيذ وقد يصل الى النتيجة او لا يصل (16)
* مخلوق مكرم :
- اقتضت حكمة الله تعالى أن يخلق الإنسان من عدم في أكمل صورة وأتم خلقة، ولذا خاطبه بقوله في محكم آياته : يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ *الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ*فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ( الانفطار : 6-8 )، وشاءت إرادة الله أن يخلق للإنسان ما يتلائم مع ظرفه، وينسجم مع حياته، ويتماشى مع طبيعته ؛ فكانت المخلوقات من حوله أنيسه ومطعمه، والأرض مهاده، والسماء لحافه، والليل والنهار زمانه، قال تعالى : هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) البقرة :29 )، ومن تكريم الله تعالى للإنسان أن سخر له جميع ما في الكون لأداء مهمته في الوجود، قال تعالى : {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }( الجاثية : 13 )،
ومع تكامل مادة الحياة، استودع الحق سبحانه في قلب الإنسان ما يستوجب الموائمة مع من حوله ويصلح لهذا التكامل ؛ فكانت الغريزة والفطرة والضمير، إذ بالغريزة يحفظ نوعه بما يكفل استمراره وبقاءه، قال تعالى : فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً ) الفرقان : 54 )، وبفطرته يهتدي إلى التوحيد ويستجيب لبواعث الإيمان، قال تعالى : فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) الروم : 30 )، وبالضمير الحي اليقظ يندفع نحو الطريق القويم، والعمل الراشد وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا *فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ( الشمس : 7-8 )
* الضمير هو الرقيب على الإنسان :
- ان الضمير – في الإنسان - هو مستودع السر الذي يكتمه القلب، والخاطر الذي يسكن النفس ؛ فيضيء ظلمتها وينير جوانبها، وهو القوة التي تدفع نحو فعل الخيرات وترك المنكرات، وحب الصالحات، وهو سبب تسمية النفس باللوامة، كما قال الحق سبحانه: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ*وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ( القيامة :1-2 )، التي تلوم صاحبها على المعاصي والانحرافات (17)
والضمير هو الرادع عن المعاصي والآثام الذي يجنبك مقاربتها ويثنيك عن تكرارها ؛ فقد وصف الله عباده المتقين فقال جل شأنه : وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) آل عمران :135 )، ولذلك ضرب الله مثلا لذلك بيوسف -عليه السلام - حينما حجزه ضميره عن الانجراف وراء الهوى، وقال كما حكى القرآن : مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ( يوسف : 23 )، فأكرم به وبسلسلته الشريفة، إن الضمير ينجي صاحبه من المهالك، ويبعده عن شر المسالك، والنفس تستطيع أن تلقي الإنسان في مهاوي الهلاك، إذا استجاب لغرائزها وانطلق وراء شهواتها واستمع لوسوستها،
* الإنسان والتحقق بصفات العبودية :
ذكر العارفون بالله تعالى أن العبودية جوهرة كنهها الربوبية، وهذا يعني أن للعبودية أركان وأسس، من أدركها وفهمها وأسس عبوديته عليها، فإنه حتما سوف يصل إلى معرفة حقيقة وجوده والمراد منه، فالعبودية لله تعالى هي التذلل والافتقار للواحد القهار مالك الحكم والاختيار، وهي الإستسلام والإنقياد لله تعالى في كل حال، ولاشك أن هذه المعاني تقتضي منا معرفة أوصاف العبودية حتى يتحقق بها العبد، وأهم تلك الأوصاف، هي الضعف والجهل والذل والفقر من العبد بين يدي ربه وسيده، فمن تحقق بها وما يبتنى عليها من أوصاف، يكون قد حقق معنى العبودية في ذاته وسلوكه، ويقابل كل صفة من صفات العبودية صفة من صفات الربوبية لا يجوز للعبد أن يتجاوزها أو يتعدى عليها فالذل والفقر من أوصاف العبودية يقابلهما العز والكبرياء من أوصاف الربوبية، فقد روى أحمد والحاكم والنسائي وابن ماجة ومسلم في صحيحه عن ابن عباس وغيره في الحديث القدسي قال - قال الله تعالى - : الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما قصمته، وفي لفظ آخر ألقيته في جهنم "، وإذا نظرنا إلى صفات الله، وأخذنا كل صفة من صفات الربوبية فإن عكسها يكون للعباد، فهو الخالق ونحن المخلوقين وهو الرب ونحن العبيد وهو الملك ونحن المملوكون وهو الغفار ونحن المذنبون وهو العليم ونحن الجهلاء، وهكذا بقية الصفات، وقد أكد الله سبحانه وتعالى هذه المعاني وبشكل صريح في القرآن الكريم، نذكر عددا من الآيات الشريفة توضح ذلك، قال تعالى : { يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد}( فاطر : 15 )، فنحن الفقراء إلى الله تعالى وهو الغني جل جلاله، وقال تعالى :{ إن ربك هو القوي العزيز }(هود : 66 )، فهو عز وجل القوي العزيز ونحن الضعفاء الأذلاء،
وقال تعالى :{الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا} (النساء : 139 )، وقال تعالى : {عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} ( البقرة : 216 )، فهو العالم ونحن لا نعلم، ومن تمعن في آيات القرآن الكريم فإنه يجد مئات الآيات التي تبين أوصاف الربوبية وأوصاف العبودية، ولذلك فإن العبد المؤمن الصالح الذي يعمل على تحقيق أوصاف العبودية يستمد قوته من الله القوي ويعالج فقره بالله الغني، ويستمد علمه من الله العالم، ويرفع ذلته بالله العزيز، فهو غني بالله قوي بالله عزيز بالله عالم بالله، قال تعالى : {واتقوا الله ويعلمكم الله}( البقرة : 282 )،
وعليه فإن على العبد أن يجلس على بساط العبودية في هذه الحياة ويعمل على أن يتحقق بما منحه الله من أوصاف، حتى يتأكد معنى الصلة بين العبد وربه، ويتجسد معنى العبودية عند أداء العبد العبادات كالصلاة والحج والصيام والدعاء والتضرع والمناجاة وغيرها من الطاعات كالزكاة والصدقات بالكيفية التي علمنا الله إياها، فإذا حقق العبد من خلال العبادة، التخشع والتذلل والخضوع والفقر وأداها لله خالصة، كان من جناب الربوبية القبول والمدد بالعزة والقوة، وكانت الصلة بالله أقوى وأوثق، فكلما كان التحقيق بأوصاف العبودية أقوى كانت الصلة بالله أوثق والقبول والإستجاية أوكد، {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} قال تعالى : ( غافر : 60 )، وربما يدرك العبد معنى العبودية أكثر كلما كانت الضرورة لحاجات الحياة أكثر وأشد، فلو أخذنا مثلا من العبادات صلاة الإستسقاء، عند انحباس المطر وفقد عنصر من أهم عناصر الحياة، فالحكم حينئذ إظهار العبودية والفقر والمسكنة والذلة مع التوبة النصوح، وقد استسقى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فخرج إلى المصلى متواضعا متذللا، متخشعا متوسلا متضرعا وحسبك به فكيف بنا ولا توبة معنا إلا العناد ومخالفة رب العباد (18)،
- إذا عرف الإنسان ذلك فعليه أن لا يكون أكبر همة الصفات الحيوانية المودعة فيه، وإنما عليه أن يتمسك ويتحلى ويتحقق بصفات العبودية وبذلك يكون كما أراد الله له أن يكون في قوله تعالى في القرآن الكريم((وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) (الشمس )، والناس في تزكية نفوسهم على درجات كل حسب همته في السير إلى الله، والتزامه واستقامته على منهج الله،
- أن الطفل يولد في الأساس على الفطرة، كما في الحديث الصحيح : " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ كَانَ يحدث قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ثُمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ : {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا ...الْآيَة} ( متفق عليه )، وهذه الفطرة فطرة خيرة سليمة تميل نحو الاستقامة ومكارم الأخلاق، أكثر منها فطرة شريرة، وإن كان يبدو أن الجانبين موجودان معاً، كما رأينا، ولهذا فمن النادر أن ينشأ الطفل في وسط تربوي سيء، ويبقى ذا أخلاق حسنة، كذلك يندر أن يغدو ذا أخلاق ذميمة إذا نشأ في جو تربوي طيب يعبق بمكارم الأخلاق،
******************
الهوامش والاحالات :
============
(1) انظر معاجم اللغة :
- محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى ( ت : 711هـ ) : " لسان العرب "، دار صادر، بيروت، ط3، 1414 هـ، مادة " عقد "،
- مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى ( ت : 817هـ) : " القاموس المحيط "، تحقيق : مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، ط8، 1426 هـ - 2005 م، مادة " عقد "،
- مجمع اللغة العربية : " المعجم الوسيط "، القاهرة، ط ٢، بدون تاريخ، مادة " عقد "،
(2) - عبد الله بن عبد الحميد الأثري : " الوجيز في عقيدة السلف الصالح (أهل السنة والجماعة) "، مراجعة وتقديم : صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، الرياض، المملكة العربية السعودية، ط1، 1422هـ، ص : 24،
(3) – " نفس المرجع السابق "، ص : 24،
(4) - الحديث رواه البخاري في صحيحه، برقم (50) عن أبي هريرة ، ومسلم في صحيحه برقم (8) عن عمر رضي الله عنه،
(5) - عبدالله بن صالح القصيّر " بيان اركان الايمان "، 1422هـ، ص : 8، المصدر : www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=89237&d
(6) - محمد قطب : " الانسان بين المادية والاسلام "، دار الشروق، القاهرة، 1997م، ص ص 69 – 70 ( بتصرف )
(7) – وللتأكيد على تلك الحقيقة قال بعض أهل العلم : أن الملائكة لهم عقول بلا شهوة، والبهائم لها شهوة بلا عقل، والآدمي ( الإنسان ) له عقل وشهوة، ثم إن الآدمي إن رجحت شهوته على عقله كان أخس من البهائم كما قال تعالى : {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }( الأعراف : 179 ) ، وقال : {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً }( الفرقان : 44 )، وإذا رجح عقله على شهوته كان أفضل من الملائكة، فمن يطيع الله وأوامره وطينته معجونة بالشهوة والهوى، ويقمع شهوته ويخالف هواه تكون عبادته أفضل، ألا ترى من ابتلي من الملائكة بالشهوة كيف وقع في المعصية على ما قيل ؟
أنظر :
- محمد بن أحمد السفاريني الأثري الحنبلي : " لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية "، مؤسسة الخافقين، دمشق، سوريا، 1402 هـ - 1982م، ج2، ص : 403،
(8) - محمد قطب : " الانسان بين المادية والاسلام "، مرجع سبق ذكره، ص ص 69 – 70 ( بتصرف )
(9) - أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن بن المُسْتَفاض الفِرْيابِي ( ت : 301هـ)، " كتاب القدر "، تحقيق : عبد الله بن حمد المنصور، أضواء السلف، ط1، 1418 هـ - 1997م، ج1، ص : 115،
(10) - محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله : " شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل "، تحقيق : محمد بدر الدين أبو فراس النعساني الحلبي، دار الفكر - بيروت، 1398 – 1978م،
(11) - احمد بن عمر الحازمي : " شرح مقدمة ابن ابي زيد القيرواني "، 34، المصدر : موقع الشيخ احمد بن عمر الحازمي،
www.alhazme.net/upload%5Cattach_files%5C
(12) – عبد الله بن عبد المحسن التركي (إشراف ) : " التفسير الميسر "، إعداد : مجموعة من العلماء، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة المنورة تفسير الآية، المصدر : موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
http://www.qurancomplex.com
(13) – محمد متولي الشعراوي : " مرجع سبق ذكره "، ج 19، ص : 11848،
(14) - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي، (المتوفى : 671 هـ) : " الجامع لأحكام القرآن "، تحقيق : هشام سمير البخاري، دار عالم الكتب، الرياض، المملكة العربية السعودية، 1423 هـ/ 2003 م، ج10، ص : 123،
(15) - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي، (المتوفى : 671 هـ) : " الجامع لأحكام القرآن "، تحقيق : هشام سمير البخاري، دار عالم الكتب، الرياض، المملكة العربية السعودية، 1423 هـ/ 2003 م، ج20، ص : 76،
(16) - حسن الحلو : " الجريمة المستحيلة في الفقه والقانون والقضاء "، المصدر : www.ao-academy.org/docs/the_imposible_crime_in_law.doc
(17) قال أهل العلم : إن من نعم الله - عز وجل - على العبد أن يكون له واعظ من نفسه يزجره، إذا قصر في طاعة الله - عز وجل - أو تجاوز حده بمعصيته، إن النفس اللوامة التي تلوم صاحبها على تقصيره لهي من نعم الله - تبارك وتعالى – على العبد..
النفس اللوامة المتيقظة التقية الخائفة المتوجسة التي تحاسب نفسها، وتتلفت حولها، وتتبين حقيقة هواها، وتحذر خداع ذاتها لهي النفس الكريمة على الله، حتى ليذكرها مع يوم القيامة { لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللومة }، ثم هي الصورة المقابلة للنفس الفاجرة، قال ابن كثير رحمه الله : وأما النفس اللوامة فقال قرة بن خالد عن الحسن البصري في هذه الآية : إن المؤمن والله ما نراه إلا يلوم نفسه، ما أردت بكلمتي، ما أردت بأكلتي، ما أردت بحديث نفسي، وإن الفاجر يمضي قدماً قدماً ما يعاتب نفسه،
- أنظر :
- أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي ( 700 -774 هـ ) : " تفسير القرآن العظيم "، تحقيق : سامي بن محمد سلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط2، 1420هـ / 2000م، ج4، ص : 473،
- سيد قطب : " في ظلال القران "، دار الشروق، القاهرة، ط 38، 2005م، ج6، ص : 3768،
(18) - صلاح الدين الحسيني : " الإبتلاء سنَة إلهية على بساط العبودية "، سلسلة الرحلة الى الثقلين (94)، إعداد : مركز الأبحاث العقائدية، 2005م، ص ص 11-12
*****
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: