الاسرة المسلمة ومعركة المصطلحات الوافدة والمشبوهة - 4 - مصطلح الجنس الآمن
أ. د/ احمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4653
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
قال تعالى : - {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً } ( الإسراء : 32 )،
وقال تعالى : {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً } ( الفرقان : 68 )
وفي الحديث الشريف : " إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويفشو الزنا، ويشرب الخمر، ويذهب الرجال وتبقى النساء، حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد "
( رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه وصححه الألباني )
-----------------------------------
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه،
وبعـــد :
تناولنا في الحلقات السابقة بعض المصطلحات المتعلقة بحقل الأسرة والمرأة من تلك المصطلحات الواردة في الوثائق الدولية للهيئات والمنظمات التابعة للأمم المتحدة، وكان من تلك المصطلحات : " الحياة غير النمطية "، ومصطلح : " المتحدون المتعايشون "، ومصطلح " عمل المرأة "،
وفي هذه الحلقة نستكمل مسيرتنا حول بعض المفاهيم والمصطلحات " العابرة للقارات " والتي وفدت إلينا ضمن الوثائق الدولية المختومة بخاتم هيئة الأمم المتحدة، والتي تتعرض لأخطر القضايا المرتبطة بالمجال الاجتماعي والثقافي كميدان الأسرة، والمرأة، والسكان، والعلاقات الاجتماعية، وغالبا ما تأتينا تلك المفاهيم تحت زعم / ومتدثرة بدثار : أنها تعبر عن قواسم إنسانية مشتركة بالفعل، ولا شأن لها بالخصوصيات الثقافية أو الحضارية،
ويأتي اهتمامنا هذا في إطار قناعتنا التامة بأهمية قضية المصطلحات والمفاهيم، وضرورة تحديدها وتحريرها بدقة ووضوح، وبوجه خاص في وقت أصبحت فيه الساحة العربية والإسلامية تموج بالعديد من تلك المصطلحات التي يروج لها دعاة التغريب، وتتلقفها وسائل الأعلام بما تملكه من قدرات جبارة، وأساليب ووسائل متقدمة لتمكن لها في نفوس ووعي شعوبنا المسلمة،
وإذا كان الكاتب الفرنسي " فولتير " (1) قد عبر عن الأهمية القصوى لتحديد المصطلحات وتعريف المفاهيم، ودورها في التواصل الإنساني الناجح والفعال قائلا : " إذا أردت أن تتحدث معي فعليك أن تحدد مصطلحاتك بدقة "،
فإن المتأمل فى القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، وفي تراثنا الفكرى الممتد يلاحظ بسهولة ويسر مدى أهمية ضبط الكلمات والألفاظ، سيما ما ارتبط منها بموقف فكرى أو حركى محدد، ولقد وصل الأمر إلى درجة الحرص التام على إلزام المسلمين بمصطلحات وألفاظ بعينها، والنهى عن الحيدة عنها، أو تسميتها بغير مسمياتها، حتى ولو كان التقارب بين اللفظين شديدًا، والصلة بينهما لغويا قوية، ولعل أبرز الأمثلة على ذلك قول الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ( البقرة : 104 )، والمعنى كما جاء في التفسير الميسر : " يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا للرسول محمد صلى الله عليه وسلم: راعنا، أي : راعنا سمعك، فافهم عنا وأفهمنا، لأن اليهود كانوا يقولونها للنبي صلى الله عليه وسلم يلوون ألسنتهم بها، يقصدون سبَّه ونسبته إلى الرعونة, وقولوا- أيها المؤمنون- بدلا منها: انظرنا، أي انظر إلينا وتعهَّدْنا، وهي تؤدي المعنى المطلوب نفسه واسمعوا ما يتلى عليكم من كتاب ربكم وافهموه، وللجاحدين عذاب موجع " (2)،
وفي الحديث الشريف : " لا يقل أحدكم: أطعم ربك وضئ ربك واسق ربك ولا يقل أحد: ربي وليقل: سيدي ومولاي ولا يقل أحدكم: عبدي وأمتي وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي " ( رواه مسلم عن أبي هريرة، وصححه الألباني )، وفي رواية : " لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي، وَلَا يَقُولَنَّ الْمَمْلُوكُ: رَبِّي وَرَبَّتِي، وَلْيَقُلْ: فَتَايَ وَفَتَاتِي، وَسَيِّدِي وَسَيِّدَتِي، كُلُّكُمْ مَمْلُوكُونَ وَالرَّبُّ: اللَّهُ عَزَّ وجل" ( صححه الألباني في صحيح الأدب المفرد )
والمفهوم الذي نقف عنده اليوم هو مفهوم " الجنس الآمن " safe sex وهو بلا شك وثيق الصلة بالمفاهيم الثلاثة التي تناولناها في الحلقات السابقة، وهو من المفاهيم التي برزت وتكررت كثيرا في مؤتمرات الأمم المتحدة المتعلقة بالمرأة والأسرة، وهو أيضا من المفاهيم والمصطلحات الأساسية التي يحاول ويصر " التيار النسوي " على تمريرها، ولا يمكن إدراك مغزاها للوهلة الأولى، إلا من خلال أدبياتهم لفهم الأبعاد الفكرية لهذه المصطلحات،
والخطورة الكامنة في مصطلح " الجنس الآمن " أنه من المصطلحات شديدة الالتباس شأنه في ذلك شأن العديد من المفاهيم التي نحن بصدد تناولها، فهو – كما ألمحنا – قد يكون مقبولا للوهلة الأولى، وقد يفهم منه أن القصود بالجنس هنا هو الجنس في إطار العلاقات الشرعية " الزواج "، ومن ثم يصبح الأمر متعلقا بالجانب الصحي والوقائي لشريكي العلاقة المشروعة وهو أمر لا يعارضه عاقل، إلا أن التدقيق في السياقات التي يستخدم فيها هذا المصطلح سواء في وثائق وإعلانات المؤتمرات الدولية، أو في أدبيات التيار النسوي والمنظمات المعنية بحقوق المرأة سيكشف أن المقصود من المصطلح هو الممارسة الجنسية على إطلاقها سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة، وسواء كانت بين الرجل والمرأة ( جنسين مختلفين ) أو بين أفرد الجنس الواحد ( المثلية الجنسية )، خصوصا أن تلك الممارسة ( أيا كانت، وعلى أي وجه تمت ) أصبحت في عرف هؤلاء من الحقوق الأساسية التي لا ينبغي للمجتمع أو الدولة التدخل فيها أو تقييدها،
نشأة مصطلح الجنس الآمن:
لقد ظهر هذا المصطلح – لأول مرة - في ثمانينات القرن العشرين كنتيجة لاكتشاف مرض الإيدز وطرق انتقاله، حيث تم استخدامه في الكتابات المهنية في عام 1984 م في الولايات المتحدة الأمريكية، في مضمون ورقة عن التأثير النفسي الذي قد يسببه فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز على الرجال مثلي الجنس، ( وهنا نلاحظ أن السياق الذي استخدم فيه المصطلح لأول مرة يتعلق بالممارسة الجنسية الشاذة وليست الطبيعية المعهودة بين الزوج والزوجة )، فماذا حدث ؟
على الفور تلقفته " الأدبيات النسوية "، ( وراحت تستخدمه بغزارة، وتروج له بإصرار )، وهي تعني به : حق المرأة في إشباع غريزتها بالصورة التي تقررها هي ( بمطلق الحرية ) لا بالصورة التي تضبطها لها أية معايير أخرى، ومن ثم فهي تمارس الجنس بصورة توفر لها الحماية من الوقوع في براثن الأمراض الجنسية، أو الحمل غير المرغوب فيه (3)،
تعريف الجنس الآمن :
جاء في موسوعة " ويكيبيديا " أن الجنس الآمن safe sex : " هو ممارسة النشاط الجنسي بطريقة تقلل من مخاطر الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيا " (4)، أو هو : " النشاط الجنسي من قبل الأشخاص الذين اتخذوا الاحتياطات اللازمة لحماية أنفسهم من الأمراض المنقولة جنسياً مثل الإيدز."، ويطلق عليه أيضاً " ممارسة الجنس الأكثر أمانا "، أو " الجنس المحمي " ، في حين أن " الاتصال الجنسي غير المأمون " أو " ممارسة الجنس غير الآمن " هو النشاط الجنسي دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة للحماية ضد الأمراض المنقولة جنسياً، ويفضل البعض استخدام تعبير " ممارسة الجنس بطرقة أكثر أمانا " كمصطلح أدق يعكس حقيقة أن هذه الاحتياطات تقلل ولكنها لا تزيل تماما مخاطر انتقال المرض " (5)
وفي شرحه لمضامين مفهوم " الجنس الآمن "، كما ورد في الوثائق الدولية، يقول " المسلماني " : " وحتى يتحقق هذا المفهوم على أرض الواقع، كان لابد من توافر عنصرين هامين تلزم بهما المؤتمرات والمقررات الدولية النسوية الدول والحكومات وهما : (6)
أولا : تعليم الجنس ( الثقافة الجنسية ) : Sexual Educating( S.Culture)
ويقصد به تقديم جرعة تعليمية جنسية في المدارس ووسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية، يتعلم من خلالها المراهقون والشباب شتى الطرائق الجنسية والإشكالات المصاحبة لها، ويتم الاختيار من خلالها طرق إشباع الغريزة الجنسية داخل أو خارج نطاق الزوجية، دونما وقوع آثار جانبية غير مرغوب فيها : مثل الأمراض التناسلية أو الحمل غير المرغوب فيه، وهذا المعنى يتم طرحه في وسائل الإعلام العربية تحت مسمى " الثقافة الجنسية "، وتنص المادة ( 108 ) من وثيقة بكين " مؤتمر بكين " على المطالبة بإدراج تعليم الجنس الآمن safe sex في المناهج التعليمية بالنسبة للأطفال ؛ ليتم ترسيخ الصورة المراد رسمها في وجدان ومخيلة الأطفال، حيث تنص المادة على ضرورة : ( تصميم برامج محددة موجهة للمراهقين والرجال من جميع الأعمار، تهدف إلى توفير معلومات كاملة ودقيقة عن السلوك الجنسي والإنجابي المأمون والمسؤول، بما في ذلك الاستخدام الطوعي لوسائل الوقاية الذكرية المناسبة والفعالة، بغية الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز).
هذا ولا يقتصر الأمر على مجرد الاستعراض النصي، بل إن المادة 83 من ذات الوثيقة تحدد الإجراءات التي يتعين اتخاذها من جانب الحكومات والسلطات التعليمية وسواها من المؤسسات التعليمية والأكاديمية وأهمها ما أوردته الفقرة (ك) والتي نصها : " وعند الاقتضاء إزالة الحواجز القانونية والتنظيمية والاجتماعية التي تعترض التعليم في مجال الصحة الجنسية والإنجابية في إطار برامج التعليم الرسمي بشأن مسائل الصحة النسائية ".
ثانيا: خدمات الصحة الإنجابية :
ويوضحها البند رقم 94 من وثيقة بكين 1995 بأنها "مجموعة الوسائل والتقنيات والخدمات التي تسهم في الصحة الإنجابية والرفاه عن طريق منع وحل المشاكل التي تكتنف الصحة الإنجابية، وهي تشمل أيضا الصحة الجنسية التي يتمثل هدفها في تحسين الحياة والعلاقات الشخصية " ويستلزم هذا البند بالطبع إيجاد الخدمات لتحقيق هذه الرعاية.
وتتمثل هذه الخدمات في موانع الحمل، والواقيات الذكرية والأنثوية، والعجيب أن يتطرق الأمر - أحيانا - ليتم الإشارة إلى أن أفضل مراحل الجنس الآمن لا يتم تحققها إلا بــ " السحاق "، تقول "مارج بيرير" والتي تتولي تحرير مجلة Reproductive Health Matters والتي تصدر في بريطانيا في افتتاحية العدد رقم 6 نوفمبر 1998م حيث ذهبت في نهاية مقالها إلى أن : " الصحة الجنسية أشمل من مجرد ممارسة الجنس والاستمتاع به، والحصول عليه دون مخاطر صحية، فهي تعني بالقطع أكثر من مجرد غياب الأمراض الجنسية، فالربط بين الجنس والصحة والذي يستلزم ضرورة الوقاية من الأمراض خلال ممارسة الجنس، إنما هو خطوة أولى نحو الصحة الجنسية، فمعنى الصحة الجنسية يشير إلى كل أنواع الممارسات الجنسية على أن تكون الأعضاء التناسلية وما يرتبط بها من أجزاء الجسد الأخرى سليمة ومعافاة "، والأكثر من ذلك أنها أوجدت صلة بين الشذوذ والصحة الجنسية، حيث استشهدت في المقال نفسه بتجربة للدكتور "جيمس باري" والذي تنسب إليه أول عملية قيصرية عاشت بعدها الأم والطفل، والذي عرضت سيرته مختصرة في أنه رغم كونه ظاهريا رجل إلا أنه على حد قولها "كان في حقيقة الأمر، ووراء دوره المهني وملابسه امرأة، ثم تستطرد قائلة : فمسائل هوياتنا كرجال ونساء تتسم بالعمق الشديد، وفي حالة " باري " فقد عاش ذلك في صمت تام، رغم وجود صلات عديدة بين هذا الأمر والصحة الجنسية إلا أنها لم تكن بادية للعيان "،
وتقول " حلمي " وهي تحلل أوضاع المجتمعات الغربية : " ومن أهم المشاكل التي يعانى منها المجتمع الغربي (حمل المراهقات) فالفتاة عندهم إذا وصلت إلى سن12 عاماً ولم يكن لها صديق تقيم معه علاقة هي فتاة غير طبيعية مما اوجد هذه الظاهرة والفتاة الحامل بدون زوج تتكفل بها الدولة ولكنهم وجدوا أن ظاهرة خروج الفتاة من التعليم قد صاحبت حمل المراهقات ولمواجهة هذه الظاهرة لم يفكروا في منع ممارسة الجنس حتى سن معين لأنهم ينظرون إليه كحق من حقوق الإنسان كالماء والهواء والمجتمع الغربي مستعد لتحمل النتائج، ثم ظهر بعد ذلك مفهوم الجنس الآمن(الذي يمنع الحمل والايدز) وهو برنامج يقدم للمراهقين من سن 8 سنوات ولك أن تتخيل ماذا تقول لهذا السن وكيف تشرح له مفهوم الممارسة الجنسية الخاطئة والعجيب أن الشذوذ عندهم ممارسة آمنة لأنه لا يؤدي لحدوث حمل، ورغم أن الشذوذ ينقل الايدز بين الرجال ولكن كما قلنا الرجل ليس في حساباتهم، وتستطرد قائلة : والجنس الآمن مفهوم قد تلتزم به فئة أو لا تلتزم لذا يمكن اللجوء لوسائل منع الحمل وذلك لتوفير الحماية (وثيقة بكين) ورغم كل هذا إذا حدث الحمل فان الدولة هي التي تتحمل العبء وأحياناً يتم الإجهاض ولكن لخطورته طالبت الحركة بإدخال مفهوم الإجهاض الآمن (7)
وأخيرا فإننا نذكر بما يلي :
- أن مفهوم الجنس الآمن : " يدور حول تلك الممارسة الجنسية التي لا يتسبب عنها أمراض تناسلية، ولا ينتج عنها حمل غير مرغوب "
- أن هذا المصطلح وثيق الصلة بمصطلح آخر هو " الصحة الجنسية " sexual health، والتي تفسرها وثيقة " مؤتمر القاهرة " بكونها حق لجميع الأفراد ( أي أنها ليست قاصرة على الأزواج)، مما يعني إمكانية ممارسة الجنس دون الزواج، بشرط أن يكون مأمونا، بتوفير حبوب منع الحمل للإناث، والواقيات للذكور، وتوفير الثقافة الجنسية لكل الناشطين جنسيا من المراهقين والشباب (8)
- أنه ونظرا للانتشار الواسع للممارسات الجنسية غير المشروعة والتي تتم خارج نطاق الحياة الزوجية والأسرية في الأوساط الغربية، وليت الأمر وقف عند هذا الحد بل امتد الإنحراف واستفحل الخطر إلى شيوع تلك الممارسات بما يتناقض مع الفطرة الإنسانية السليمة حيث تتم بين أفراد النوع الواحد ( المثلية الجنسية )، لذا استشعر المجتمع الغربي الخطر الداهم جراء تلك الممارسات المنحرفة، وما آلت إليه الأمور من تهديد واضح للحياة ذاتها من خلال انتشار الأمراض الفتاكة، هنا أصبح تشجيع ممارسة الجنس الآمن الآن واحدا من أهداف " التربية الجنسية " بالمفهوم الغربي، ومن وجهة نظر مجتمعية فإن الجنس الآمن يعتبر من استراتيجيات الحد من الأضرار التي تهدف إلى الحد من المخاطر،
- أن ثمة اعتراف حقيقي بأن الحد من المخاطر عن طريق الجنس الآمن ليس مطلقا، على سبيل المثال في تقليل خطر انتقال فيروس نقص المناعة البشري من شريك حامل لفيروس نقص المناعة البشرية للشريك المستقبل بدون استخدام الواقي الذكري بالمقارنة بممارسة الجنس الآمن يقدر أن يكون نحو أربعة إلى خمسة أضعاف (9)
- أن مصطلح "الجنس الآمن" يستخدم من قبل الأفراد في الأوساط الغربية ليشير إلى : الوقاية من الحمل ( منعه )، وفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز، أو 'الأمراض المنقولة جنسيا،
- أن نشأة هذا المصطلح وبدايته كانت في المقام الأول نتيجة لاكتشاف وباء فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز.
- وكان أول استخدام لمصطلح "الجنس الآمن" في الكتابات المهنية في عام 1984م، في مضمون ورقة عن التأثير النفسي الذي قد يسببه فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز على الرجال مثلي الجنس، وكان استخدامه في هذه الورقة يتعلق بالتوصية بضرورة وضع برامج تثقيفية للمجموعات المعرضة للخطر مثل الرجال مثلي الجنس، وبعد سنة، ظهر المصطلح نفسه في مقال نشر في صحيفة نيويورك تايمز.
- ومما يؤكد ما ذهبنا إليه من خطورة تعميم هذا المصطلح دون تحفظ أو إيضاح أو فهم للمضامين والحمولات التي يشي بها، أن أول كتاب صدر عن موضوع " الجنس الآمن " تناول فيه مؤلفه أشكالا من السلوك الجنسي المنفلت من كل قيود أو ضوابط، حيث " صدر في العام 1986م أول كتاب عن هذا الموضوع، وكان عنوان الكتاب "الجنس الآمن في عصر الإيدز"، وكان يتكون من 88 صفحة، ووصف الكتاب كل من المقاربات الإيجابية والسلبية للحياة الجنسية، وكيف يمكن أن يكون السلوك الجنسي آمنا مثل ( التقبيل والمعانقة، والتدليك، والاحتكاك الجسدي، والاستمناء المتبادل، والاستعراض واستراق النظر، والجنس عبر الهاتف !!!، والسادية والماسوشية !!!، دون وجود رضوض أو نزيف، واستخدام أدوات جنسية منفصلة )، أو آمن إلى حد ما ( استخدام الواقي الذكري)، أو غير آمن " (10)،
- أن استخدام المصطلح على إطلاقه كما هو شائع في الأدبيات النسوية، وكما جاء في الوثائق الدولية هو أمر يتعارض تماما مع خصوصية هويتنا الإسلامية، ولا نوافق عليه، وعلى المعنيين بهذا الأمر، وعلى الدارسين والباحثين أن ينتبهوا لهذا الخطر وألا يكونوا مشاركين في الترويج للمصطلح في بيئتنا العربية والإسلامية، التي ترفض أي شكل من أشكال العلاقة الجنسية خارج إطار الزواج طبقا لأحكام الشرع الحنيف، والتزاما وتجسيدا لقول الله تعالى في كتابه الكريم في مدح عباده المؤمنين : { ...وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ{5} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ{6} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ{7}( المؤمنون )،
ذلكم هو الإسلام، وتلك هي عظمته، وتشريعاته وأحكامه المثلى، يبني مجتمعه على دعائم راسخة مستقرة في اعماق الحياة البشرية وفي أغوار الواقع، ويجلله بكل ظواهر الحياء، والمروءة، والنظافة والطهر، والفضيلة والصون، والعفاف والنقاء، بعيدا عن آفات المجتمعات المادية الأخرى، المجتمعات القائمة على الإباحية والفوضى الجنسية، وما يؤول إليه ذلك من شديد المفاسد وقبيح الظواهر : كالطلاق البغيض المستشري، وانهيار البيت والأسرة، وتشريد الأطفال وضياعهم، فضلا عن الرذائل الفظيعة المستجدة من أمراض النفس والجسد، وفي مقدمتها الإيدز، هذا المرض العضال الذي فشا في المجتمعات المادية المستغرقة في وحل الدنس الجنسي، المجتمعات الغارقة في طوفان الفواحش والقاذورات،
ومن هنا، ولهذه الأسباب حميعا فإننا ننصح باستخدام مصطلح الممارسة الشرعية للجنس للدلالة على الجنس الآمن والمحمي.
- ومن التعريفات المقبولة – والتي لا غبار عليها – لمصطلح " الجنس الآمن " ذلك التعريف الوارد في " الموسوعة الطبية " (11) حيث قصرته على الممارسة في إطار الحياة الزوجية فقط، فعرفته بأنه " مجموع من الممارسات الجنسية الآمنة التي من شأنها أن تحمي أو تحافظ على صحة " الأزواج "، كاستخدام الواقي الجنسي، الانسحاب قبل القذف، الخضوع للفحوصات والاختبارات الدورية للتأكد من الخلو من الأمراض التناسلية،الالتزام بشريك جنسي أحادي ...." والتي ينبغي إتباعها من أجل تجنب أو تقليل مخاطر التعرض لعدوى الأمراض التناسلية الجنسية التي تنتج عن طريقة ممارسة العملية الجنسية.
وتتضيف الموسوعة بعض الإجراءات التي يتعين على الأزواج الإلتزام بها في هذا الصدد فتقول : " ولممارسة الجنس الآمن وتجنب الإصابة بأمراض الاتصال الجنسي يجب :
* اللجوء إلى إجراء الفحوصات والاختبارات الطبية اللازمة للتأكد من أن الشريك (الزوج ) لا يعاني من أية أمراض، لأنه قد لا تظهر أية أعراض تنبؤ بالإصابة،
* عدم ممارسة الاتصال الجنسي إذا كان الشريك الآخر يعالج من أمراض تناسلية.
* غسل الأعضاء التناسلية جيدا بالماء والصابون مع التبول بعد ممارسة الاتصال الجنسي مباشرة، فهذا من شأنه أن يساعد على التخلص من أي عدوى قبل وقوعها،
* تجنب استعمال العقاقير والكحوليات لأنها تذهب بالعقل وتجعل الشخص لا يفكر بل لا يعي ما يقوم به من تصرفات.
- وأخيرا تجدر الإشارة والتذكير بأننا لا نقف موقف المعارض لإشاعة استخدام هذا المصطلح بغير أسباب موضوعية، وإنما نؤكد على أن إطلاق استعماله دون إيضاح أو بيان للحقائق التي أوضحناها آنفا هو الخطر بعينه، حيث أن ذلك يفتح الباب واسعا أمام أشكال من الانحرافات الجنسية التي لا يقرها دين ولا شرع، وتأباها الفطر السليمة، أما إذا اتضحت تلك الحقائق، وتحدد المصطلح في " الجنس الآمن في الممارسات المشروعة "فلا نرى مانعا من ذلك، فلا أحد يمكنه أن ينكر أن الممارسات الجنسية المشروعة والمنضبطة بضوابط الشرع الحنيف داخل إطار العلاقات الزوجية تحتاج إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة للوقاية من الأمراض، بما يضمن عدم التسبب في أي لون من الضرر أو الإيذاء للزوج أو الزوجة،
وختاما فإننا نحمد الله تعالى على نعمة الإسلام وكفي بها نعمة، فهو دين الطهر والعفاف والاستقامة والالتزام، وأسأل الله أن يجعلنا من أهل الطهر والعفة، وأن يجعلنا في زمرة أولئك المؤمنين ( الذين هم لفوجهم حافظون، إلا على أزواجهم ........)، والحمد لله بدءا وختما،
وإلى لقاء آخر .......
***************
الهوامش والحواشي
============
(1) – هو : " فرانسوا ماري أرويه " المعروف باسم فولتير ( بالفرنسية : Voltaire) من مواليد (21 نوفمبر 1694م )، ووفيات (30 مايو 1778م )، وفولتير هو اسمه المستعار، كاتب فرنسي عاش في عصر التنوير، وهو أيضًا كاتب وفيلسوف ذاع صيته بسبب سخريته الفلسفية الظريفة ودفاعه عن الحريات المدنية خاصة حرية العقيدة ( ويكيبيديا – الموسوعة الحرة )
(2) - عبد الله بن عبد المحسن التركي (إشراف ) : " التفسير الميسر " إعداد : مجموعة من كبار العلماء ، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة المنورة، السعودية، 1430 هـ - 2009م، تفسير الآية،
(3) - بسام حسن المسلماني : " الجنس الآمن المصطلح والمفهوم والأثر "، أغسطس – 2013م، المصدر : http://www.lahaonline.com/articles/view/.htm
(4) - الأمراض المنقولة جنسيا : هي : مجموعة الأمراض التي تنتقل عن طريق الجنس وتنتشر في معظم أنحاء العالم، حيث كشفت منظمة الصحة العالمية عن وجود عدد (250) مليون إصابة كل عام أي بمعدل : (685000 ) حالة يوميا ، أنظر :
- صندوق الأمم المتحدة للسكان : " إحصائيات حول انتشار مرض الايدز في العالم " -، منشور لمجموعة إصدارات 1998م،
ولقد أصبح من المعلوم أن الانغماس في ممارسة الاتصال الجنسي خارج الاطار الشرعي، وبدون استخدام الوسائل الوقائية اللازمة للحماية يشكل خطرا كبيرا على صحة الإنسان، ويؤدي إلى انتقال عدوى الأمراض الجنسية الفتاكة وانتشارها " كالإيدز، أو التهاب الكبد الوبائي ( (B، أو الزهري، أوالسيلان .....وغيرها "، أنظر :
- خشاب سعاد : " علاقة المعتقدات الصحية بالسلوك الجنسي الآمن لدى المتزوجين "، رسالة ماجستير، شعبة علم النفس، قسم العلوم الاجتماعية، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية والعلوم الاسلامية، جامعة الحاج لخضر، باتنة، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الجزائر، 2011م،
(5) – الموسوعة الحرة : ويكيبيديا، المصدر : http://ar.wikipedia.org/wiki/ %D8%AC%D9%86%D8%B3_%D8%A2%D9%85%D9%86
(6) - كاميليا حلمي : " الأبعاد الدولية لقضية المرأة والطفل "، المصدر :
http://4uarab.com/vb/threads/albyad-alduli-lqdi-almr-ualtfl.73892/
(7) - ديمة طارق طهبوب : " حرب المصطلحات (1) "، المصدر :
http://islamonline.net/feker/articles/11220
(8) – الموسوعة الحرة، ويكيبيديا، مصدر سبق ذكره،
(9) – نفس المصدر السابق،
(11) – نفس المصدر السابق،
(11) - الموسوعة الطبية، المصدر على الانترنت :
http://okymasr.arab.st/t236-topic
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: