أنس الشابي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6957
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في السابع من شهر فيفري 2014 أمضى وزير المالية السابق اتفاقا مع أعوان الجباية يتحصل بمقتضاه هؤلاء على نسبة ممّا يتمّ جمعه من المواطنين كأداء للدولة، وقد مرّ هذا الاتفاق دون أن يأخذ حظه من البحث والتمحيص إذ تنفرد به بلادنا من بين بلاد الدنيا جميعها حيث لم يبلغ إلى أسماعنا قط أن دولة ما تقتسم الضرائب مع موظفيها، اليوم وبعد أن اتضحت الخلفيات الحقيقية لموافقة علي العريض على هذا الاتفاق ممثلة في:
1) البحث عن موارد جديدة للخزينة التي أصبحت خاوية لسفه وإسراف حزب حركة النهضة وتابعَيه ونهمهما وجشعهما الذي أوصل البلاد إلى حافة الإفلاس وفق ما صرّح بذلك رئيس الحكومة.
2)تحريض موظفي الجباية بطرف خفي على جمع أكثر ما يمكن من أموال الضرائب والأداءات عن طريق تمكينهم من نسبة ممّا يتم جمعه فكلما ارتفع مقدار الحصيلة غنم الموظفون.
3) تحميل موظفي الجباية الوزر الأخلاقي لهذه العمليّة بحيث يواجهون مواطنيهم وهم يبتزونهم لتغنم حكومة حزب الحركة وتابعَيها من وراء ذلك الأموال.
4) تأديب المواطنين الذين لم يتوقفوا طوال السنتين الماضيتين من حكم حزب الحركة وتابعَيها عن معارضة سياستهم والتشنيع عليهم فيما يأتون من سفه خصوصا بعد فشل سياسة العصا والرش في سليانة وفي غيرها.
5) الترفيع من نسبة الفقراء حتى يسهل على حزب الحركة شراء الأصوات والذمم مستقبلا.
ذكّرني هذا الذي يحدث اليوم بما حدث في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وأدّى إلى اندلاع ثورة علي بن غذاهم بعد مضاعفة المجبى من 36 ريالا إلى 72 ريالا سنة 1863 حيث تفنن أحمد زروق قائد المحلّة التي توجهت إلى الساحل والأعراض لتأديب الثوار واستخلاص المجبى في تفليس الناس وتفقيرهم فقد كان أعوانه يريقون الزيوت في الطرقات العامة ويفعلون ذلك ببقيّة المؤن المدّخرة من المواطنين، ثم كانوا ينهبون كلّ المصوغ الذي يجدونه عند النساء ولا يراعون حرمتهنّ، بل يقال إنّ بعض النساء اللاتي امتنعن عن تسليم أخراصهنّ قطع الأعوان آذانهنّ لتكنّ عبرة لغيرهنّ من النساء ومن لم يستطع دفع ما عليه لقائد المحلة رهن أملاكه لدى الإنكليز والإيطاليين فارتكب أحمد زروق من الجرائم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت منكلا بالعباد ومصادرا أموالهم ورهنهم لدى الأجانب يقول أحمد ابن أبي الضياف في إتحافه:"وحكَّم يد النهب في الأموال وتفنن في سلبها بما ألقي إليه من الأسباب والألقاب: من مصروف المحلة، ودخل ما تعطل من المحصولات وسراح ما خرج من العمالة بغير أداء في تلك المدّة إلى غير ذلك..... وبعد استيفاء ما أمر به من الخلاص الذي أفنى الشحم واللحم وأنكى في العظم، أتى الباي... وألبسه نيشان العهد".
فهل يستسيغ موظفو الجباية لأنفسهم مهانة خدمة حزب الحركة وتابعَيها نظير ملاليم معدودات لا يمكن وصفها إلا بأنها رشوة وهل يقبلون لأنفسهم أن يذكرهم التاريخ وقد قرنوا بأحمد زروق وهل يرضون لأنفسهم الوقوف في الصفّ المقابل لمصلحة مواطنيهم، والأهم من كل هذا هل وصل موظفو الجباية إلى هذا الحد من البله والغفلة بحيث لا يتفطنون إلى أن حزب الحركة هو الذي أمضى اتفاقية العار المشار إليها وأن نقابته التي أسّسها لمناكفة اتحاد الشغل هي التي تدعو إلى الإضراب؟.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: