الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7313
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لماذا كلّ هذا ؟...هل نحن جوعى لدرجة أن نتخلّى عن أنفتنا و عزّتنا ؟...ماذا تقول ؟...ما هذا الكلام ؟...
توقّف يا هذا...هل زاروا عدوّا لنا مثلا ؟...إنّهم ذهبوا لأشقّائنا و إخوتنا...إذن مرحبا بك في خليج العرب...خليج الكرم و الجود...زيارة مثمرة بكلّ المقاييس...هذا ما صرّحت به وداد بوشماوي في خصوص زيارة رئيس الحكومة مهدي جمعة لدول الخليج...طبعا سيّدة الأعمال لم تخبرنا لا بثمرات الزيارة و لا بالمقاييس التي إعتمدتها لقياس درجة إثمارها...لنعد لأصل المسألة و هي الزيارة في حدّ ذاتها حيث ذهب رئيس الحكومة و عاد دون أن نعرف لماذا؟ أو ماذا جنى ؟...حسب ما صرّحت به المصادر المأذونة فإنٌ الزيارة تندرج ضمن الديبلوماسية الإقتصادية أيّ بمعنى آخر محاولة إقناع رجال الأعمال في الخليج و رؤوس أموالهم بالمجيء لتونس و إستثمار البعض مما في صناديقهم السيادية...قبل المال و الإستثمار الذي نسمع به في كلّ مرّة و مع جميع حكومات ما بعد 14 جانفي و لم نره إلى حدّ الآن...
شيئان بقيا من جولة جمعة الخليجية...الأولى إستقباله من قبل مسؤولين درجة ثالثة بإسثناء قطر التي إستقبله فيها رئيس وزرائها كما كان له لقاء بأميرها و إحتجاب العلم التونسي عن الظهور بجانب أعلام الدول التي زارها مع إستثناء أيضا لقطر...الثانية قوله بأنٌ تونس على رأي السعودية في تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية ناسيا أو متناسيا أنٌ الحزب الحاكم في تونس سليل المدرسة الإخوانية مما حدا بالناطق الرسمي بإسم الحكومة أن يقوم لاحقا بتوضيح أنٌ هذا التصريح فُهِمَ على غير مقصده...هناك من قال أن الرجل أُهِينَ بطريقة غير مسبوقة مما جعله " يبلع السكينة بدمها " و يصمت منذ رجوعه قبل أن يستدرك مصرّحا بأنّه ذاهب لباريس ربّما رفعا للمعنويات و محو لخيبة الخليج...و هناك من قال أنّه فوجئ لمّا إكتشف أنّه لم يكن سوى واجهة الزيارة بإعتبار أن وداد بوشماوي و الجوقة المصاحبة لها ذهبوا لترتيب " أفاريّات " الحيتان الكبيرة التي أوقفتها الثورة ...
بعد عودته بدا السيّد مهدي جمعة محبطا حيث ظهر متجهّم الوجه على غير عادته فغابت الضحكة التي كانت تعلو محيّاه بصفة غير مؤقتة فقد يكون لقي من الخليجيين ما لم يسرّه...الأمور لا تبدو على أحسن ما يرام داخل أروقة الحكومة فرئيسها الذي كان يعتقد أنّه سيكون تحت ضغط المجلس التأسيسي و من ورائه حركة النهضة صاحبة الأغلبيّة أو هكذا قالوا له و نبّهوه...وجد نفسه محاصرا ببوشمّاوي و بالعبّاسي...
فالأولى عرّابة المال و الأعمال تحذّر دائما من الركود الإقتصادي و من إنهيار محتمل للدولة و ما يمكن أن يشكّله ذلك من خطر عليها و على مواطنيها لكنّها لم تسعى سوى لحلّ مشكلات رؤوس المال و لو على حساب دولة الغلابى...فهلّ تكرّمت بوشمّاوي و أخبرتنا بقيمة رأس مالها و علاقته بدولتنا ؟ و عن المجالات التي تنشط فيها ؟ و خاصة هل دفعت ما عليها من ضرائب ؟...لابدّ أن نعرف ذلك و أكثر إن لزم الأمر فهي الآن إحدى أهمّ اللاعبات في الساحة السياسية و طبعا جهدها هذا ليس من باب الكرم و الإحسان للتونسيين أو " على رحمة الوالدين "...لا أظنّها ستتكلّم...فالبعض من روائح شركاتها النفطيٌة بدأت تُشَمّ في الجنوب...ننتظر من الصحفيين الإستقصائيين من يخبرنا بحقيقة ما تضع عليه يدها من ثرواتنا...
أمّا الثاني صاحب الأرقام القياسية في الإضرابات و تعطيل العمل فأخلف وعده كالمعتاد و لم يوقف نزيف الإضرابات ممٌا جعل رئيس الحكومة في حرج و ضغط كبيران...العبّاسي ألم يكن من الأولى أن يسعى في كبح جماح بعض القطط السمان في منظمته الذين إمتلأت جيوبهم بعرق الفقراء حتى فاضت فغدوا أكثر إمبريالية و رأسمالية من أتباع بوشماوي...أم أنّه عجز عن ذلك كما عجزت شركة فسفاط قفصة عن الإنتاج بسبب إضرابات منتسبيه مسجلّة خسائر بالمليارات كانت لتغنينا عن ذهاب جمعة للخليج لتسوّل حفنة من الدراهم...أمّا جمعة فمسكين ذاك الرجل...كان يظنّ أنّ الطريق سالكة و معبّدة بالتوّافق لكن كلّها أوهام و جميعهم لديه حساباته الخاصّة التي قد تعيدنا لنقطة البداية و يطالبوننا من جديد بدفع فاتورة هذه العودة تماما كما طلب منّا هو أن نضحّي من أجل إنعاش إقتصاد البلاد ناسيا أن جيوبنا في أصلها تحتاج لمن ينعشها...عذرا نسيت شيئا مهمّا...قريبا و بفضل جهود وزيرة السياحة سننتعش و تنتعش البلاد مع إنتعاش السياحة و ذلك بإستقدام السيّاح الخليجيين...
سبحان الله بقدرة قادر أصبح الخليجي مرحّبا به في تونس... ما لم أفهمه أين كلّ تلك الحكايات عن الخليجيين و صيدهم لطائر الحبّارة المهدّد بالإنقراض و صفقتهم المشبوهة لشراء جزيرة جربة و إستعمال الصحراء التونسية كمدفن لنفياتهم...آين كلّ تلك القصص التي طالعتنا بها الصحف التونسية ذات أيّام من حكم الترويكا...طيّب لننسى كلّ ذلك و لنفترض حسن النيّة...لكن فقط سأطرح سؤالان في هذا الخصوص هل البنية التحتية للسياحة في بلادنا ستمكننا من إقناع السياح الخليجيين بالقدوم لتونس ؟...و هل تسمح دولهم بتشجيعهم على السياحة في تونس و هي التي تعادي الثورات العربية و منها الثورة التونسية ؟...و كما ترى...هي أشياء تُرَى في بلاد تباع و تُشْترى...فمن ذا الذي يا ترى ؟...أوصل بلادنا لتكون ساحة تُكْتَرى...لشعب نصفه مُفَقّرٌ و نصفه من الفقراء
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: