لطائف قرآنية : أربع من كن فيه كن له وثلاث من كن فيه كن عليه
أ.د /أحمد يوسف بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7574
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله ولي المؤمنين الصالحين ومولاهم سبحانه، فهو وليهم كما قال جل جلاله : {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }( البقرة : 257 )، فالله تعالى – كما أخبر وخبره صدق، وكما ووعد ووعده نافذ - يتولى المؤمنين بنصره وتوفيقه وحفظه, يخرجهم من ظلمات الكفر, إلى نور الإيمان، وهو مولاهم كما قال سبحانه : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ }( محمد : 11 )، فالله تعالى وليُّ المؤمنين ونصيرهم, وأن الكافرين لا وليَّ لهم ولا نصير،
الله ربي لا أريد ســـــــــــواه ** ما في الوجود حقيقة إلاه
هو أول هو آخر هو ظـــاهر **هو باطن ليس العيون تراه
أطلب بطاعته رضـــــاه فإنه ** بالجود يعطي طالبين رضاه
وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله أرسله ربه بالحق وللحق وأنزل عليه الكتاب الحق، ليرسي دعائم الحق، ويدعوا الناس لإحقاق الحق، قال تعالى : {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ }( البقرة : 119 )، فصلوات ربي وسلامه عليك يا سيدي يارسول الله يا من جئت بالهدى والدين الحق المؤيد بالحجج والمعجزات , عليك وعلى آلك وأصحابك أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،
أما بعد :
الله أكبر إن دين محــــــــــــــمد ** وكتابه أقـــــــوى وأقوم قيلا
لا تذكروا الكتب السوالف عنده ** طلع الصباح فأطفئوا القنديلا
عطيمة هي حاجة المسلم اليوم – وأكثر من أي وقت مضى – إلى إعادة صياغة علاقته بالقرآن الكريم على أسس جديدة، بعد أن وهنت تلك العلاقة، وانشغل المسلم عن كتاب الله عز وجل بما يكابده ويعانيه من مشاغل ومتاعب الحياة اليومية، مع ما للقرآن من قدسية وأهمية محورية في حياة المسلم يستمد منه الهداية والتوجيه، ويستقي منه القيم والمباديء اللازمة لتصحيح حركة الحياة وتوجيهها نحو تحقيق غايته في الوجود تلك الغاية المتمثلة في معرفة الله وتوحيده والإخلاص له وعبادته وحده، وطاعته في كل ما أمر والانتهاء عن كل ما نهى عنه، وتلك حاجة أحسب أنها أضحت ماسة في دنيا المسلم المعاصر، خاصة وهو يواجه من التغيرات السريعة وما يترتب عليها من ظواهر ومشكلات مستجدة، فالقرآن كتاب يهدي للتي هي أقوم {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }( الإسراء : 9 )، وما أعظم حاجتنا اليوم للتي هي أقوم، ويهدي إلى الرشد {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً }( الجن : 2 )، وما أعظم حاجتنا إلى الرشد في كل ما نأتي وكل ما ندع،
* حال الجيل الفريد من المسلمين مع القرآن الكريم :
لقد كان النبع الأول الذي استقى منه جيل الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان هو نبع القرآن والقرآن وحده، ولا عجب فقد علموا من رسولهم ومعلمهم محمد صلى الله عليه وسلم ما للقرآن الكريم من مكانة سامية، وفضل عميم، وعلموا كيف أن حديث رسول الله وهديه وأعماله وتصرفاته ما كانت إلا أثرا من آثار ذلك النبع الصافي، فعندما سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله قالت : كان خلقه القرآن (أخرجه مسلم وأبو داود وأحمد عنها )
كان القرآن وحده إذن هو النبع والمعين الذين يستقون منه، ويتكيفون به ويتخرجون عليه، ولم يكن ذلك كذلك لأنه لم يكن للبشرية يومها حضارة ولا ثقافة ولا علم ولا مؤلفات ولا دراسات ولا فلسفات ولا نظريات، كلا فقد كانت هناك حضارة الرومان وثقافتها وكتبها وقانونها الذي ما تزال أوربا تعيش عليه أو على امتداده، وكانت هناك مخلفات الحضارة الإغريقية ومنطقها وفلسفتها وفنها وهو ما يزال ينبوع التفكير الغربي حتى اليوم، وكانت هناك حضارة الفرس وفنها وشعرها وأساطيرها وعقائدها ونظم حكمها كذلك وحضارات أخرى، ولكنهم علموا مكانة القرآن وتفرده في هديه وقيمه ومبادئه وتشريعاته التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، ولا عجب فهو كلمة الخالق الحكيم العليم الخبير السميع البصير العزيز الحميد جل جلاله،
لقد كانوا يقبلون على مائدة القرآن إقبال المؤمن بعظمتة، المتشوق إلى تلاوته وتدبره ووعيه وفهمه، المتعطش إلى هديه القويم، والحريص على ملازمتة تلاوة وحفظاً وتدبراً وعملاً وتجسيدا في واقع الحياة، ولذلك كانت للسلف الصالح - رحمة الله عليهم - وقفات أما كنوز القرآن وآياته وعجائبه، تأملا وتدبرا فخرجوا لنا - مما فتح الله عليهم به من الحكم واللطائف - بما يدهش الألباب، ومن تلك اللطائف والفوائد ما نقلته لنا كتب التفسير مما روي عن العلاء بن الحارث، مكحول الدمشقي ( يرحمه الله ) أنه قال :
" أربع من كن فيه كن له ( أي أربع هن لمن عمل بهن مصدر خير وعطاء وثواب من الله تعالى، ورصيدا له عند الله )، وثلاث من كن فيه كن عليه ( أي هن على من عمل بهن وبالا وخسرانا، وخصما من رصيده عند الله ) ؛ فأما الأربع اللاتي له : فالشكر والإيمان والدعاء والاستغفار، ( وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى ) ففي الشكر والإيمان قال الله تعالى : { مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} وفي الاستغفار قال الله تعالى : {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} وفي الدعاء قال تعالى : {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ}، وأما الثلاث اللاتي عليه : فالمكر والبغي والنكث ؛ ففي النكث قال الله تعالى : {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ}، وفي المكر قال تعالى : {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}، وفي البغي قال تعالى : {إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} .
وقريب من ذلك ما أخرجه ابن المنذر والبيهقي عن رجاء بن حيوة من أنه سمع قاصا في مسجد منى يقول : ثلاث خلال هن على من عمل بهن البغي والمكر والنكث، قال الله تعالى : " إنما بغيكم على أنفسكم " ( يونس : 23 )، " ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله " ( فاطر الآية : 43 )، " ومن نكث فإنما ينكث على نفسه " ( الفتح الآية : 10 )، ثم قال : ثلاث خلال لا يعذبكم الله ما عملتم بهن : الشكر والدعاء والاستغفار ثم قرأ : " ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم " وآمنتم " ( النساء الآية : 147 ) " قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم " ( الفتح الآية : 10 )، " و ما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " ( الأنفال الآية : 33 ) (1)،
نحن إذا أمام مجموعة من الأسس المحورية للشخصية المسلمة كما يبنيها الإسلام، ويشيدها القرآن، في إطار عملية التخلية والتحلية التي يراعيها الإسلام ويؤكد عليها في بناء النفوس، وصناعة الإنسان المسلم، إنها مجموعة من الصفات الإيجابية المحمودة ومطلوبة في الإنسان المسلم كما يفيد القرآن، وعلى المؤمن أن يحرص على تحلية نفسه وتزكيتها بتلك الصفات، حتى تكون من سماته المميزة له بين الناس، وأن تكون جزءا لا يتجزأ من شخصيته الإسلامية، وأخلاقه، وشمائله، وأن يروض نفسه عليها تأسيا برسولنا الكريم الذي كان المثل الأعلى في تلك الخصال، وبالسلف الصالح الذين كانت هذه الخصال مكونا أصيلا من مكونات شخصياتهم علما وعملا، ومجموعة تلك الصفات تتمثل في أربع هي :
- الشكر لله تعالى على جليل نعمه وعظيم آلائه،
- الإيمان بأركانه الستة : بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره،
- الاستغفار والتوبة ،
- الدعاء والتضرع لله تعالى،
ومجموعة من الصفات السلبية المذمومة عليه أن يعمل على تخليه نفسه منها تماما – قدر استطاعته – وأن يتجنبها ويفر منها فرار الصحيح من المجذوم، وهي ثلاث صفات :
- المكر،
- البغي،
- النكث،
* الصفات الإيجابية للشخصية المسلمة :
أولا : الشكر والإيمان :
لعل من أهم الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها الإنسان المؤمن الشكر والإيمان، قال تعالى في سورة النساء : {مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً }( النساء : 147 )،
والمعنى العام للآية كما نقف عليه من كتب التفسير هو : ما يفعل الله بعذابكم – أيها الناس - إن أصلحتم العمل وأخلصتموه لله، وآمنتم بالله تعالى وبرسوله، وشكرتم نعم الله عليكم وهي نعم لا تحصى ولا تعد، فإن الله تعالى غني عنكم وعمن سواه، وإنما يعذب العباد بذنوبهم ومعاصيهم وبسبب تمردهم وإعراضهم وجحودهم، واعلموا أن الله تعالى يشكر عباده على طاعتهم له فيثيبهم عليها، وهو يقبل اليسير، ويتقبل العمل القليل من عباده، ويعطي عليه الكثير والثواب الجزيل، وذلك شكر منه لهم على عبادتهم له، وهو العليم بحقيقة شكرهم وإيمانهم، ومقدار أعمالهم، ومدى إخلاصهم فيها، فيضاعفها لهم ( إلى عشر إلى سبعمائة ضعف إلى ما لا يعلمه إلا الله ) على قدر تخليصها له، فهو عليم بكل شأن من شؤون خلقه، ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة، قال تعالى {مَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }( يونس : 61 )،
قال صاحب الكشاف في الآية : ما يفعل الله بعذابكم، أيتشفى به من الغيظ، أم يدرك به الثار، أم يستجلب به نفعاً، أم يستدفع به ضرراً كما يفعل الملوك بعذابهم، وهو الغنيّ الذي لا يجوز عليه شيء من ذلك، وإنما هو أمر أوجبته الحكمة أن يعاقب المسيء، فإن قمتم بشكر نعمته وآمنتم به فقد أبعدتم عن أنفسكم استحقاق العذاب " (2)،
وهكذا يقرر الحق تعالى غناه عن خلقه، وتنزهه عن الرغبة في حب الانتقام منهم على معاصيهم، فإن عبده مهما جني وأساء، وكفر وظلم، وجحد وتمرد، إذا تاب وأصلح فآمن وشكر لا يعذبه أدنى عذاب، إذ لا حاجة له في ذلك العذاب على الإطلاق، فلا يُشفى به غيظًا ولا يدفع به ضررًا، أو يستجلب به نفعًا لأنه غنيَّ عن المنافع، وإنما يعاقب المصر بكفره وعناده، لأن إصراره عليه كسوء المزاج يؤدي إلى مرض، فإن زال بالإيمان والشكر، ونقَّى منه قلبه، تخلص من تبعته، وقيل أن قوله تعالى : " ما يفعل الله بعذابكم " على معنى التأنيس والاستدعاء إلى الشكر والإيمان،
هذا وبالنظر إلى الآية وتدبرها، وبمراجعة كتب التفسير نلحظ ما يلي :
* قدم الشكر على الإيمان في الآية، لماذا ؟
ذكر المفسرون أن الإجابة على ذلك من وجوه :
- الأول : قال بعضهم : " إنما قدم الشكر، لأن الناظر يدرك النعم أولاً فيشكر شكرًا مبهمًا، ثم يمعن النظر حتى يعرف المنعم – جل جلاله - فيؤمن به، قاله البيضاوي (3)، وقال الزمخشري : " لأن العاقل ينظر إلى ما عليه من النعمة العظيمة في خلقه وتعريضه للمنافع، فيشكر شكراً مبهماً، فإذا انتهى به النظر إلى معرفة المنعم آمن به ثم شكر شكراً مفصلاً، فكان الشكر متقدماً على الإيمان، وكأنه أصل التكليف ومداره " (4)، وقال صاحب " اللباب " : أن الإنْسَانَ إذا نَظَر إلى نَفْسِهِ، رَأى النِّعْمَة العَظيمَة في تَخْلِيقهَا وتَرْتيبها، فيْشكُر شُكْراً مُجْمَلاً بِهَا، ثُمَّ إذا تَمَّمَ النَّظَر في مَعْرِفَة المُنْعِم، آمَنَ به ثُمَّ شكَر شُكْراً مُفَصَّلاً، فكان ذلك الشكْرُ المُجْمَل مُقَدَّماً على الإيمانِ ؛ فَلِهذَا قُدِّمَ عليه في الذِّكْرِ (5)
- الثاني : ما يراه البعض من أن في الآية تقديم وتأخير، تقديرها ما يفعل الله بعذابكم إن آمنتم وشكرتم، لأن الشكر لاينفع مع عدم الإيمان بالله، وذلك لأن الإيمان مقدَّمٌ على سَائِر الطَّاعَاتِ،
- الثالث : أن الوَاوَ لا تُوجِبُ التَّرْتِيبَ .
* أصحاب الكبائر :
وقد اسْتَدَلُّوا بهذه الآيةِ على أنَّهُ لا يُعَذَّبُ أصْحَاب الكَبَائِرِ، لأنا نفرض الكلام فيمن شَكَر وآمن، ثم أقْدَم على الشُّرْبِ أو الزِّنَا .. أو غيره من الكبائر، فهذا يَجِبُ ألاَّ يُعَاقَبَ لقوله - تعالى - : ( مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ، وصَاحِب الكَبِيرَةِ مُؤمِنٌ (6)
* وكان الله شاكرا عليما :
في قوله تعالى " وكان الله شاكرا ...." : سَمَّى الجَزَاءَ شُكْراً، على سَبيلِ الاسْتِعَارةِ، فالشُّكْرُ من اللَّهِ هو الرِّضَا بالعمل القَلِيلِ من عِبَادِهِ، وإضْعَافِ الثَّوَابِ لهم عَلَيْه، والشُّكْر من العَبْدِ الطَّاعَة، والمُراد من كونه عَلِيماً : أنَّهُ عَالِمٌ بِجَميع الجُزْئيَّات، فلا يَقَعُ لَهُ الغَلَطُ ألْبَتَّة، فلا جَرَمَ يُوصلُ الثَّوَابَ إلى الشَّاكِرِ، والعِقَابَ إلى المُعرِضِ (7)، قال ابن عاشور : " وجملة ( وكان الله شاكراً عليماً ) اعتراض في آخر الكلام، وهو إعلام بأنّ الله لا يعطّل الجزاء الحسن عن الذين يؤمنون به ويشكرون نعمَهُ الجمّة، والإيمان بالله وصفاته أوّل درجات شكر العبد ربّه ." (8)،
* معنى الشكر :
قال أهل اللغة : أصل الشكر إظهار النعمة والتحدث بها . قال الله تعالى { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ }، وذكر بعض أهل اللغة إن الشكر مأخوذ من قول العرب لغة : دابة شكور إذا كان يظهر، سمنها على القليل من العلف، فكأن الله تعالى سمّى نفسه شاكراً إلا أنه يرضى من عباده بالقليل من العبادة، بعد رتبة التوحيد (9)، وقيل : " الشُّكْرُ ضد الكُفر، والكُفْر سَتْر النِّعْمَة والشُّكْرُ إظهَارُهَا "، قال ابن تيمية في تعريف الشكر "هو أداء الواجبات الشرعية" وقال ابن القيم "هو العمل بالطاعة" كل هذا في حق المؤمن، وقيل الشكر لغةً: الاعتراف بالإحسان، شكرت الله- شكرت لله- شكرت نعمة الله، وقيل : هو الثناء على المحسن بما أولاه من معروف، والشكر الزيادة والنماء،
والشكر في الاصطلاح : ظهور أثر النعم الإلهية على العبد في قلبه إيماناً، وفي لسانه حمداً وثناءً، وفي جوارحه عبادة وطاعة، ويكون القليل من النعمة مستوجباً الكثير من الشكر، فكيف إذا كانت النعم كثيرة ؟، ومن العباد من هو شاكر ومنهم من هو كافر.
* أنوار الوعد الإلهي للمؤمنين الشاكرين :
في الآية الكريمة تعهد الله تعالى لعباده ألا يعذب المؤمن الشاكر لا في الدنيا ولا في الآخرة، فالإيمان والشكر أمان الإنسان من عذاب الله تعالى، قال ابن عاشور : فلا يحسبوا أنّ الله يعذّبهم لِكراهة في ذاتهم، أو تشفّ منهم، ولكنّه جزاء السوء، لأنّ الحَكيم يضع الأشياء مواضعها، فيجازي على الإحسان بالإحسان، وعلى الإساءة بالإساءة، فإذا أقلع المسيء عن الإساءة أبطل الله جزاءه بالسوء، إذ لا ينتفع بعذاب ولا بثواب، ولكنّها المسبّبات تجري على الأسباب، وإذا كان المؤمنون قد ثبتوا على إيمانهم وشُكرهم، . وتجنّبوا موالاة المنافقين والكافرين، فالله لا يعذّبهم، إذ لا موجب لعذابهم (10)، كما في قوله تعالى : { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } تحريضاً لهم على الاستغفار وتلقيناً للتوبة زيادة في الإعذار لهم، وكقوله تعالى أيضا : { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يَعودوا فقد مضت سُنَّةُ الأولين } ( الأنفال : 38 )، حتى أولئك الذين فتنوا عباد الله المؤمنين ليس لله حاجة أن يعذبهم إن هم تابوا وأنابوا كما في قوله جل جلاله : {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ }( البروج : 10 )، فرغم فداحة جرمهم إلا أنه دعاهم للتوبة ليتوب عليهم فلا يعذبهم،
* معنى الاستفهام في الآية :
قيل أن الاستفهام في قوله تعالى " ما يفعل الله بعذابكم " بمعنى النفي أي لا يعذبكم، قال ابن عاشور : " والاستفهام في قوله : ( ما يفعل الله بعذابكم ) أريد به الجواب بالنفي فهو إنكاري، أي لا يفعل بعذابكم شيئاً (11)، وقال القرطبي في الآية : " ما يفعل الله ..." استفهام بمعنى التقرير للمنافقين، التقدير : أي منفعة له في عذابكم إن شكرتم وآمنتم ؛ فنبه تعالى أنه لا يعذب الشاكر المؤمن، وأن تعذيبه عباده لا يزيد في ملكه، وتركه عقوبتهم على فعلهم لا ينقص من سلطانه (12)، وقال الإمام الشعراوي : " والاستفهام أصلاً سؤال من سائل يتطلب جواباً من مجيب، وسبحانه وتعالى يريد أن يعرض قضية موثوقا بها فهو لا يأتي بها خبراً، فهو القادر على أن يقول: أنا لا أفعل بعذابي لكم ولا أحقق لذاتي من ورائه شيئا، فلا استجلب به لي نفعا، ولا أدفع به عني ضراً، لكنه هنا لا يأتي بهذه القضية كخبر من عنده، بل يجعل المنافقين يقولونها بألسنتهم، وعلى مستوانا نحن البشر نرى أن الذي يدفع الإنسان ليعذب إنسانا آخر إنما يحدث ذلك ليشفي غيظ قلبه، أو ليثأر منه؛ لأنه قد آلمه فيريد أن يرد هذا الإيلام. أو ليمنع ضرره عنه. والله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يكون في أي موقع من هذه المواقع. فإذا أدار المنافقون هذه المسألة فطريا بدون إيمان فلن يكون جوابهم إلا الآتي: لن يفعل الله بعذابنا شيئا، إن شكرنا وآمنا.
ونستخلص من ذلك أن الحق سبحانه وتعالى حين يريد عرض قضية يثبت فيها الحكم من الخصم نفسه، يلقيها على هيئة سؤال، وكان من الممكن أن يجري هذه المسألة خبرا، إلا أن الخبر هو شهادة من الله لنفسه، أما السؤال فستكون إجابته اقرارا من المقابل، وهذا يعني أنهم كانوا عاصين ومخالفين، وكأنه سبحانه قد ائتمنهم على هذا الجواب؛ لأن الجواب أمر فطري لا مندوحة عنه، وحين يدير الكافر رأسه ليظن بالله ما لا يليق، فلن يجد مثل هذا الظن أبدا.
{ مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً } وإن لم يشكروا ولم يؤمنوا فما الذي يناله الحق من عذابهم؟ ونعلم أن عظمة الحق أنه لا يوجد شي من طاعة يعود إلى الله بنفع، ولا يوجد شيء من معصية يعود إلى الله بالضرر، ولكنه يعتبر النفع والضرر عائدين على خلق الله لا على الله - سبحانه (13)
* الله تعالى لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية :
فالله تعالى لا تنفعه طاعة المحسنين والطائعين والممتثلين ، ولا تضره معصية المسيئين والعصاة والمتمردين، لغناه المطلق جل جلاله، فهو سبحانه الغني العزيز، فمن يهتدي ويمتثل لمنهج الله تعالى فيأتمر بأوامره وينتهي عما نهى الله عنه فإن ذلك إنما لنفسه وفائدته تعود عليه، وأما من ضل وتمرد وأعرض عن منهج الله فعاقبة ذلك إنما تعود عليه خسرانا وهلاكا، وتلك قاعدة قرآنية، وحقيقة إيمانية ينبغي أن ينتبه لها كل الناس، قال تعالى : {.....وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً ....} ( آل عمران : 144 )، بل يضر نفسه ويعرضها للعقاب بسبب المخالفة، وقال تعالى : {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ }( الأنعام : 133 )، فهو سبحانه المستغني عن الخلق وعبادتهم، لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية، وقال جل جلاله : {إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ..... }( الإسراء : 7 )، فإحسان الإنسان لنفسه، ونفعه عائد عليه، لا ينتفع الله من ذلك كله بشيء، وإساءة الإنسان عليه وحده،، لا يتضرر الله بشيء منها، وقال تعالى : {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ }( يونس : 108 )، وقال أيضا : {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ }( النمل : 92 )، وقال عز من قائل :{إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ }( الزمر : 41 )، وقال عز وجل : {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً }( الإسراء : 15 )،
وهكذايؤكد القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى مستغن عن المعين والظهير فقال تعالى :{ولم يكن له ولي من الذل }[الإسراء:111]. فوصف العز ثابت أبداً، ووصف الذل منتف عنه تعالى، ومن كان كذلك فهو مستغن عن طاعة المطيع، ولو أن الخلق كلهم أطاعوا كطاعة أتقى رجل منهم، وبادروا إلى أوامره ونواهيه ولم يخالفوه، لم يتكثر سبحانه وتعالى بذلك، ولا يكون ذلك زيادة في ملكه، وطاعتهم إنما حصلت بتوفيقه وإعانته، وطاعتهم نعمة منه عليهم، ولو إنهم كلهم عصوه كمعصية أفجر رجل وهو إبليس، وخالفوه أمره ونهيه لم يضره ذلك، ولم ينقص ذلك من كمال ملكه شيئاً، فإنه لو شاء أهلكهم وخلق غيرهم فسبحان من لا تنفعه الطاعة، ولا تضره المعصية (14)
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الآية ذاتها جاءت ضمن ثمان آيات في سورة النساء قال ابن عباس رضي الله عنهما بفضلها العظيم للأمة، فلقد روي أنه قال : ثماني آيات في سورة النساء، هي خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت، {يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيّنَ لَكُمْ} ( النساء : 26 )، {وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} ( النساء : 27 )، {يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ} ( النساء : 28 )، {إن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ...} ( النساء : 31 ) الآية، {إنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ...} ( النساء : 48 ) الآية، {إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ...} ( النساء : 40 )، {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظلِمْ نَفْسَهُ...} ( النساء : 110 ) الآية، {مَّا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ...} ( النساء : 147 ) الآية.هـ.(15)،
وختاما فإن هذه الآية تربي المسلم على :
- التيقن من أن الله تعالى لا حاجة له في إيقاع العذاب بعباده إن آمنوا بالله ورسوله، وشكروا نعمه التي تفضل بها عليهم، وأن الطاعة يعود نفعها على المطيع، والمعصية إنما يعود ضررها على العاصي،
- العمل على تقوية الإيمان وزيادته، ما دام الإيمان يزيد وينقص كما هو عند أهل السنة والجماعة، فهو يزيد بالطاعات والامتثال والعمل الصالح، على تنوع تلك الطاعات وتعددها، وينقص بالمعاصي والغفلة واتباع الهوى، ومادام الأمر كذلك فهو مطالب دوما بالاستقامة على الهدى، والتقوى والأخلاق الحسنة، والبعد عن المعاصي والآثام، ليكون إن نجح في ذلك بمنأى عن عذاب الله عز وجل، ولعل من أهم الأعمال التي من شأنها أن تزيد الإيمان تقوية الصلة بكتاب الله تلاوة وفهما وحفظا وتدبرا وتفكرا وعملا وتطبيقا وتحكيما في كل شأن من شؤون الحياة، وليقرأ المسلم قول الله تعالى : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }( الأنفال : 2 )، وقوله تعالى : {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }( التوبة : 124 )، وقوله عز وجل : {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً }( الإسراء : 82 )،
- التفكر في نعم الله تعالى وآلائه عليه، وكيف أنها نعم لا تعد ولاتحصى، قال تعالى : {وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }( إبراهيم : 34 )، وقال أيضا : {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }( النحل : 18 )، وقال أيضا : {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً .......ٍ }( لقمان : 20 )، ، وعليه أن يوطن نفسه على القيام دوما بأداء شكرها لله المنعم جل جلاله بالقلب، واللسان، والجوارح،
- أن الله تعالى من كرمه بعباده المؤمنين أنه يشكرهم على طاعتهم له وإخلاص العبادة له، فيقبل القليل من العمل الصالح ويثيب عليه الأجر الجزيل، ويفتح أبواب التوبة أمام العصاة ليتوبوا إليه فيتقبل توبتهم،
- أن الله تعالى عليم بأحوال عباده، خبير بشؤونهم، ولا تخفى عليه خافية، وعلى العبد أن يراقب الله تعالى في كل ما يأتي وما يدع، وأن يستديم الإنسان المؤمن رقابة الله تبارك وتعالى عليه في كل زمان ومكان وعلى كل حال، ولله در الإمام أحمد إذ يقول :
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل ***خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ســــــــــاعة ***ولا أن ما يخفى عليه يغيب
ألم ترَ أنَّ اليوم أســــــــرع ذاهبٍ ***وأنَّ غداً للنـــاظرين قريب
وعليه أن يعلم أن الله سبحانه مطلع على كل أحواله، وهو معه أين ما كان، ولا شك أن استشعار المؤمن مراقبة الله له يدعوه إلى تعظيمه ومخافته، وأن يحرص على ألا يراه حيث نهاه، إذ يروى أن الحسن البصري يرحمه الله كان يقول : علمت أن الله تعالى مطلع علي فاستحييت أن يراني على معصية، ولله در القائل :
أَقْسَمْتُ بِالله لوأَنْصَفْتَ نَفْسُكَ مَا *** تَرَكْتَهَا بِاكْتِسَابِ الوِزْرِ في ثِقَلِ
اَمَا عَلِمْتَ بــــــــــأنَّ الله مُطَّلِعٌ *** عَلَى الضَّمَائِرِ وَالأَسْرَارِ والحِيَلِ
وكُلُّ خَيْرٍ وَشَرٍّ أَنْتَ فَاعِلُهُ ... يُحْصَى وَلَو كُنْتَ فِي الأَسْتَارِ وَالكَلَلِ
وأخيرا فعلى الإنسان يذكر نفسه دوما بمراقبة الله له، كما كان أحد الصالحين يفعل إذا كان كلما هم بالخروج من بيته وقف برهة على عتبة دارة وهو يردد : الله معي، الله ناظر إلي، الله مطلع علي، الله شاهد علي !!!
والحمد لله رب العالمين،
وإلى الحلقة الثانية إنشاء الله تعالى .
**************
الهوامش والاحالات :
(1) - عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي : " الدر المنثور "، دار الفكر، بيروت، 1993م، ج7، ص : 37،
(2) - أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي : " الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل "، تحقيق : عبد الرزاق المهدي، دار النشر : دار إحياء التراث العربي – بيروت، ج1، ص : 482،
(3) - أحمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة الحسني أبو العباس : " البحر المديد "، دار الكتب العلمية ـ بيروت، الطبعة الثانية / 2002 م ـ 1423 هـ، ج3، ص : 184،
(4) – أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي : مصدر سبق ذكره، ج 1، ص : 482،
(5) - أبو حفص عمر بن علي ابن عادل الدمشقي الحنبلي : " اللباب في علوم الكتاب "، تحقيق : الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت / لبنان، 1419 هـ / 1998 م، ط1، ج7، ص : 94،
(6) – نفس المصدر السابق :، ج 7، ص : 95،
(7) – نفس المصدر السابق : ج7، ص : 97،
(8) – الشيخ محمد الطاهر بن عاشور : " التحرير والتنوير "، الطبعة التونسية، دار سحنون للنشر والتوزيع - تونس - 1997 م، ج5، ص : 245،
(9) - أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري : " الكشف والبيان "، تحقيق : الإمام أبي محمد بن عاشور، مراجعة وتدقيق الأستاذ نظير الساعدي، دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان - 1422 هـ - 2002 م، ج3، ص : 406،
(10) – الشيخ محمد الطاهر بن عاشور :" مصدر سبق ذكره "، ج5، ص : 245،
(11) – نفس المصدر السابق : ج5، ص : 245،
(12) - أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي (المتوفى : 671هـ) : " الجامع لأحكام القرآن "، تحقيق : أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، دار الكتب المصرية – القاهرة، ج 5، ص : 426،
(13) - محمد متولي الشعراوي : " تفسير الشعراوي "، مطابع أخبار اليوم، القاهرة، ج 1، تفسير سورة البقرة، الآية رقم : 2، ص : 41،
(14) – كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال الله تعالى : " يا عبادي ! إني حرمت الظلم على نفسي و جعلته محرما بينكم فلا تظالموا يا عبادي ! كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم يا عبادي ! كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم يا عبادي ! كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم يا عبادي ! إنكم تخطئون بالليل و النهار و أنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم يا عبادي ! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني و لن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي ! لو أن أولكم و آخركم و إنسكم و جنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي ! لو أن أولكم و آخركم و إنسكم و جنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا يا عبادي ! لو أن أولكم و آخركم و إنسكم و جنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر يا عبادي ! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله و من وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه " ( قال الألباني : صحيح، أنظر الحديث رقم ( 4346 ) صحيح الجامع الصغير )،
(15) - أحمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة الحسني أبو العباس : مصدر سبق ذكره، ج3، ص : 51،
-----------
أ.د /أحمد يوسف بشير، جامعة حلوان، مصر
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: