يحيي البوليني - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6282
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في الآونة الأخيرة برز وتردد على الساحة العربية والإسلامية اسم الطريقة النقشبندية كجماعة صوفية، وذلك عن الحديث المتكرر عن أحمد بدر الدين حسون مفتي سوريا المتعاون تعاونا وثيقا مع النظام البعثي العلوي النصيري في قمع وتعذيب الشعب السوري المسلم.
ولكون التسمية العامة لهذه الأمة باسمها الذي سماها به نبي الله إبراهيم عليه السلام " هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ " فلزم أن نسلط الضوء على كل فرقة أو جماعة تنتسب انتسابا لغير النسبة الأولى والوحيدة..
فما هي الطريقة النقشبندية وما حقيقة أفكارها وأهدافها ومبادئها وما مدى قربها أو بعدها عن الأفكار والعقائد الشيعية الضالة المنحرفة ؟.
وقبل أن نبدأ في بيان حقائق عن هذه الطريقة أود التنبيه على حقيقة هامة جدا، فهذه الطريقة من الطرق الباطنية التي دوما تبطن ما لا تظهر، ولها من القوانين والعقائد الباطنية المخفية التي لا يعلمها كثير من عوامهم فضلا عن غيرهم ممن لا ينتسبون لها، فهم يقسمون أتباعهم إلى ثلاثة أقسام - عوام وخواص وخواص الخواص – ويصرحون في كتبهم بأن توحيد العوام بـ (لا اله إلا الله) وتوحيد الخواص بـ (لا هو إلا هو) توحيد الخواص (1)
ولهذا يكتمون معظم حقائق الطريقة عن عوام منتسبيها حتى يبلغوا درجة الخواص فيعلموهم، ولهذا لن نتعجب من رفض كثير من النقشبندية لتلك الحقائق عن عقائدهم عند فضحها ونشرها للناس ويدعون أن ما ينشر عنهم خلاف للحقيقة، وهم معذورون في رفضهم لوجودها ولكنهم غير معذورين في اتباعهم لعلماء تلك الطريقة الغامضة
وسوف نلتزم بألا ننشر شيئا من عقائدهم إلا ما ورد في كتبهم المعتمدة والموثقة فيهم وعلى السنة مشائخهم وساداتهم المنشورة في كتبهم وأورادهم.
نشأة النقشبندية وسبب التسمية :
تنتسب النقشبندية إلى محمد بهاء الدين شاه نقشبند المولود في بخارى في أواخر القرن الثامن الهجري، وإن لم يكن هو مؤسسها الأول لكنها اشتهرت باسمه، ولها من الأسماء غير ذلك كفروع لها منها كالمجددية والفاروقية والخالدية، ويقول بعضهم أن كلمة نقشبند ما هي إلا تعبير عن رؤية بهاء الدين للنبي صلى الله عليه وسلم ووضع يده الشريفة – صلى الله عليه وسلم - على قلبه في المنام، فنقشت يد النبي صلى الله على وسلم على قلبه فسمي بالنقشبندي !!!
المؤسس وما ألحقوه به وما ادعاه لنفسه من خرافات وضلالات :
ويزعمون لمؤسسهم هذا – حاشا لله - ما يختص به الله وحده سبحانه من الموت والإحياء، فيرفعون شيخهم إلى مقام الألوهية ويثبتون له صفاتها، فيقولون : " أن بهاء الدين نقشبند كان يقول للرجل "مُت" فيموت ثم يقول له "قم حيا " فيحيا مرة أخرى"، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا (2)
وكثيرا ما يكررون مفتخرين بالتأويلات الباطنية عن شيخ طريقتهم بهاء الدين أنه كان دائما ما يتمثل ويردد عدة أبيات من شعر منسوب للحلاج من بينها هذا البيت الذي ينضح بالكفر المحض الصريح الذي لا تأويل له :
كفرتُ بدين الله والكفرُ واجبٌ **** لديّ وعند المسلمين قبيح. (3)
ومما يروونه بكل الزهو ما فعله كبيرهم بهاء الدين مع " حيوانات " الحَضَرة حيث كان يستمد المدد منها، فيروون عنه تلك الحادثة التي لا تتفق مع ميزان الشرع ولا العقل وتخرج عن كل ثوابت الدين، فيقولون : أنه جلس في مجلس ذكر وتفكر مع كلب وحرباء فسمع منهما تأوها وأنينا وبكاء، فبكي معهما، واستلقى الجميع على ظهورهم، وحينها رفع الكلب والحرباء أرجلهما للسماء وهما يدعوان والشيخ يقول آمين مؤمنا على دعاء الكلب والحرباء !!!. (4)
وهذه الحيوانات لا تكليف عليها وهي تسبح كما اخبرنا ربنا سبحانه تسبيحا لا نفقهه وليس لمخلوق أن يدعي أنه يسمع تسبيحها أو يفقه فضلا أن يعقد معها مجلسا لذكر الله !!
ويزعمون تلقيه الوحي مباشرة من الله سبحانه – حاشا لله – فيرفع نفسه كذبا إلى مقام النبوة، فيروون أنه قد دخل عليه رجل وسلَّم عليه فلم يرد عليه، ثم وجه إليه وجهه بعد فترة واعتذر منه مدعيا أنه كان مشغولاً بسماع كلام الله. (5)
ادعاءات وخرافات لشيوخ الطريقة من بعده :
ولم تكن تلك الدعاوى الخرافية الكاذبة حكرا على بهاء الدين وحده، فزعموا وقوع عدة كرامات لشيوخ طريقتهم من بعده
فنقلوا عن شيخهم أحمد الفاروقي قوله الذي لا يتفق مع ميزان الشرع مطلقا " كثيراً ما كان يُعرجُ بي فوق العرش وأرتفع فوقه بمقدار ما بين مركز الأرض وبينه، وأني كلما أريد العروج يتيسر لي ". (6)
ورفعوا أئمتهم إلى درجة لا يتخيلها مؤمن فينقلون عن الفاروقي حاله بأنه : " كانت الكعبة تطوف به تشريفاً له " (7)، وهذا ما لم يثبت في حق الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد طاف النبي حول الكعبة مرارا، وطاف صحابته الأبرار والشهداء الأخيار، ولو كان ما يدعيه حقا لكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى بهذا من ذاك المخرف الضال.
وبالطبع كما كان من تَمَثل شيخهم وكبيرهم بأبيات الحلاج الكفرية، سار أتباعه من بعده على نفس منواله من المعصية، لدرجة أنهم أثبتوا لأنفسهم حقا لم يثبت لنبي مرسل ولا لملك مقرب في التقرب إلى الله بمعصيته – حاشا لله -، فنقلوا عن أحد شيوخ طريقتهم واسمه عبد الله الدهلوي قولا عجبا فيقول : " كما أن طلب الحلال فرض على المؤمنين كذلك ترك الحلال فرض على العارفين " (8)، وهذا القول الباطل يدحضه أمر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في الكتاب الكريم : " واعبد ربك حتى يأتيك اليقين " وهو الموت.
ويوجد غير ذلك من الخرافات الكثيرة جدا التي نشروها على حياة هؤلاء الشيوخ والتي لن نستطيع أن نستقصيها كلها لكنها تصب في أشياء خارقة للعادة لا يستطيع مؤمن أن يصدقها أو يؤمن بها، فكان منهم الذي يغيث المستغيثين فيرفع بيده السفن الغارقة وهو جالس في مكانه ومنهم من كان يستطيع أن ينقل المرض من رجل لرجل ومنهم من كان يجتمع بأرواح شيوخ الطريقة السابقين وهم أموات ليتباحث في شأن الطريقة معهم ولهذا فلشيوخهم الأموات قداسة عظيمة حتى بعد موتهم ولابد وأن يستشارون في كل الأمور ويستغاث بجنابهم ويُكتحل بتراب أعتاب قبورهم ويُلتجأ إلى أبوابهم عند الملمات – عياذا بالله من الكفر والضلال -.
أماكن الانتشار :
انتشرت الطريقة النقشبندية في كثير من بلدان العالم، فبدأت من بلاد القوقاز وبخاري وسمرقند ، وامتدت إلى شبه القارة الهندية كاملة وهي القارة التي شابها الكثير من الشوائب في فهم الإسلام الصحيح فتنتشر فيها معظم الخرافات والفرق الضالة، ووصلت إلى الجزيرة العربية فكان لأتباعها حضور في كثير من البلدان العربية، وإن كان أكثر انتشارهم في بلاد العراق والشام، وكان لهم في سوريا نصيب كبير حيث كان مفتي سوريا نقشبنديا وهو الشيخ أحمد كفتارو لمدة أكثر من أربعين سنة متواصلة الذي توفي في عام 2004، وهو الذي أوصى أتباعه قبل موته بالالتزام التام بطاعة بشار الأسد قبل أن يوصيهم باتباع الكتاب والسنة فقال " ووصيتي لكم الالتزام التام بمنهج سيادة الرئيس بشار الأسد وحكومتنا الوطنية لما فيه خير الوطن ومصلحته ، وأن تجعلوا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما اجتمع عليه علماء الأمة "، ومن بعده جاء أحمد حسون وهو نقشبندي أيضا.
عقائدهم الضالة المضلة
1- عقيدة نفي علم الله للغيب في حين إثبات ذاك العلم لشيوخهم
فيقولون – عياذا بالله – " أن الله تعالى ليس عالما للغيب " وذلك مطابقة لما كان يقوله ابن عربي، أما شيخ طريقتهم عبد الله الدهلوي كان يطلع على قلوب مريديه وكان يقذف فيها ما يشاء من أنوار الحكمة !! وينقلون عن أبي الحسن الشاذلي ذلك القول المملوء كفرا وخروجا عن ملة الإسلام " أطلعني الله على اللوح المحفوظ، فلولا التأدب مع جدي رسول الله لقلت هذا سعيد وهذا شقي". (9)
ويذكرون عن شيخهم عبد الله الخاني أنه كان يخبر بالأمور قبل وقوعها وكان لا يسأل أتباعه عن أحوالهم "، وإنما يخبرهم عنها (10)، حاشا لله وتعالى الله علوا كبيرا
2- عقيدة وحدة الوجود :
يؤمنون بوحدة الوجود كما كان يؤمن ابن عربي الذي يقول ان العبد والرب ماهما إلا شيئ واحد، ويقولان أن الله عز وجل يتجلى في مخلوقاته من إنسان ونبات بل ويتجلى في شكل فرس – حاشا لله – ولهذا يعتبرون الحيوانات والحشرات من شيوخهم فيعظمون الحصان والهرة والفهد والنحلة وغيرها من الحيوانات والحشرات. (11)
3- عقيدة الفناء والبقاء :
الفناء والبقاء في عقيدتهم الباطلة التي يتعلمها خواصهم دون عوامهم، وفيها يتصورون أنهم ينصهرون فيها في ذات الله سبحانه لأنهم كما يقولون أنهم قد " عرفوا الله حق معرفته، فاستحقّوا بذلك أن ينصهروا فيه فيتحقّق البقاء " وكانوا إذا امتدحوا أحد سادتهم يلقبونه بـ " الفاني في الله والباقي بالله ". (12)
4- وحدة الشهود :
وهي إعادة صياغة لمفهوم وحدة الوجود عند متأخريهم ليلبسوا بها على اتباعهم لينفوا عنهم فكرة وحدة الوجود التي ارتبطت بابن عربي فيعرفونها بـ " وحدة جميع الأشياءِ المشهودةِ على صفة المخلوقية لله الخالق الواحد "
5- الولاية والأولياء :
وعقديتهم في الولاية والأولياء من أقبح عقائدهم إذ ينزهونهم عن كل نقص ويعظمونهم ويرفعونهم لمراتب ليست بشرية، وينعتونهم بصفات لا تختص بالعباد فيقولون عنهم " هم رجال لا تدرك عقول البشر أسرارهم وجلالة شأنهم، والكائنات بأسرها مسخرة لمشيئتهم، والملائكة تهبط إليهم بالطعام وبالشراب، والوحوش والكواسر تخافهم وتطأطئ رؤوسها لهم، والأرض تطوى لهم فيطوفون في أرجائها بمثل لمح البصر"، والولي عندهم " هو وكيل الله في أرضه، وخليفته القائم بالتصرف عنه " (13)
ولا تنقطع عندهم الولاية عن الولي حتى بعد موته " فقد ظهر من هذه العبارات أن للأولياء بعد الوفاة مددا روحانيا " (14)
6- المكاشفة والإلهام
للأولياء عندهم " لقد خصه الله تعالى بفضيلة نشر العلوم الدينية، والكشف عن أسرار العلوم اللدنية " والعلوم اللدنية هي علوم الغيب التي لا يعرفها إلا أولياؤهم التي يكتسبونها عن طريق ما يسمونه بـ - الإشراق الروحاني والوجدان العرفاني الذي يفيض على قلب الولي من عند الله بإلقاء رباني عن طريق الإلهام !!! - ويترفعون عن العلوم الأخرى التي يحتقرونها ويسمونها بالعلوم الظاهرة وهي علوم التفسير والفقه والحديث.
7- الأويسية
يزعم النقشبنديون أن أويسا القرني رحمه الله – وهو التابعي الذي جاء المدينة في خلافة عمر بن الخطاب ولم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم – فيزعمون أنه قد تلقى العلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق الإلهام، فاتخذوا من هذا الزعم ذريعة لارتباط كل منهم بمن سبقه من شيوخه الأموات ويتتلمذ على يديه دون أن يلقاه، ويسمون هذه العقيدة بالأويسية، فيقولون أن " بهاء الدين نقشبند أخذَ الذكرَ الخفيَّ عن روحانيّة الشيخ عبد الخالق الغجدواني ولم يجتمع معه في عالم الأجسام ". (15)
هذا قليل من كثير من ضلالات النقشبندية والتي يتضح منها أن فيها منكرات وضلالات وبدع وخرافات وانحرافات عقائدية وفكرية، ومن هنا نتبين أن تقريب بشار الأسد والنصريين لهم لم تكن إلا من توافقهم حول الخروج على الملة السمحاء، فجمعتهما الضلالات
المصدر : مركز التأصيل للدراسات والبحوث
==== == =
(1) المواهب السرمدية في مناقب النقشبندية لمحمّد أمين الكرديّ الأربلى ص 164.
(2) المواهب السرمدية ص 133.
(3) الأنوار القدسية في مناقب النقشبنديّة لمؤلّفه ياسين بن إبراهيم السنهوتي ص 134، الحدائق الوردية لعبد المجيد بن محمّد الخاني ص 134 ، المكتوبات لأحمد الفاروقيّ السرهندي ص 282.
(4) المواهب السرمدية ص 118-119، الأنوار القدسية ص 130.
(5) المواهب السرمدية ص 130، الأنوار القدسية ص 135
(6) المواهب السرمدية 184ص ، الأنوار القدسية ص 182
(7) المواهب السرمدية ص 185.
(8) المواهب السرمدية ص 185، الأنوار القدسية ص 213.
(9) شرح النظم العتيد لتوسل المريد برجال الطريقة النقشبندية ص 39
(10) جامع كرامات الأولياء يوسف بن إسماعيل النبهاني 1/222-223
(11) البهجة السنيّة في آداب الطريقة النقشبنديّة لمحمّد بن عبد الله الخاني ص6 ، رشحات عين الحياة لعلي الهروي ص133
(12) رسالة في آداب الطريقة النقشبنديّة أحمد البقاعي ص/ 51.
(13) تفسير روح الفرقان محمود أسطى عثمان أوغلو
(14) البصائر لمنكري التوسّل بالمقابر حمد الله الداجوي ص 43
(15) الأعلام لخير الدين زركلي 2/32
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: