نصر الله والدجل السياسي لرفع الإحباط عن جنوده المعتدين
يحيي البوليني - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5403
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لم يعد ممكنا لمن كان كانوا يرددون دوما إن المسالة في سوريا لا تعدو كونها قمعا من نظام ضد ثورة شعبية , وكانوا يدفنون رؤوسهم في الرمال ويتحرجون من وصف الحرب على سوريا بأنها حرب طائفية شيعية على مجتمع سني , فالحقائق تتكشف وتطل برأسها وتتوالى الأخبار التي تؤكد صدق وجهة النظر هذه , ولا يبقى على المجتمع السني سوى التصرف حيال ذلك بكل وضوح وصدق .
فهاهو حسن نصر الله الأمين العام لـ"حزب الله" بتحدث صراحة عن تدخل حزب الله في الحرب السورية ويحاول إعطاء تدخله المبررات المقبولة داخليا موجها خطابه لأعضاء حزبه دون النظر أو الاعتبار للمجتمع المسلم أو للمجتمع الدولي الذي لا يهتم بهما كثيرا
فقد ظهر نصر الله في خطاب له بث تليفزيونيا كعادته في الآونة الأخيرة وذلك عبر شاشة كبيرة خلال احتفال الحزب بذكرى انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في 25 مايو 2000 , فتحدث وهو يحاول تبرير تدخل مليشيات حزبه في شأن داخلي لدولة مجاورة – وهو ما يعد في القانون الدولي جريمة في حد ذاته - قائلا : " سوريا ظهر المقاومة وسندها، والمقاومة لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي ويكشف ظهرها ويكسر سندها وإلاّ نكون أغبياء ".
وكنوع من الاستعانة بالعالم الخارجي واستعداء له على الثورة السورية وصف هذا الشيعي الخبيث الثوار السوريين بالتكفيريين المسلحين – وهما الصفتان اللتان تستثيران النظام العالمي ضد الإسلاميين بوجه عام – فقال أن حزبه على استعداد كامل لإرسال آلاف المقاتلين من عناصره إلى سوريا لمقاتلة الجماعات التكفيرية المسلحة , وأردف قائلا '' لسنا محتاجين لنعلن الجهاد، بل بكلمتين فقط ستجدون عشرات الآلاف يذهبون إلى سوريا لمقاتلة التكفيريين''.
وفي خديعة جديدة واستخفاف بعقول متبعيه من المقاتلين في حزب الله أو عموم الشيعة اللبنانيين ربط نصر الله بين الثوار السوريين الذين سماهم التكفيريين وبين الولايات المتحدة وإسرائيل دامجا إياهم جميعا في بوتقة واحدة هدفها إسقاط النظام الأسدي معتبرا إن الدفاع عن النظام الأسدي في هذا الوقت من الدفاع عن القدس مستخدما العاطفة الإسلامية تجاهها ليلبس على متابعيه الرؤية فلا يميزوا بين الحق والباطل فقال : '' إذا سقطت سوريا بيد الأمريكي والتكفيري ستحاصر المقاومة وسوف تدخل إسرائيل إلى لبنان لتفرض شروطها عليه''، معتبرا أنه ''إذا سقطت سوريا ضاعت مدينة القدس'' , وأكد على هذا الربط الخاطئ بقوله ''نحن الآن أمام طرفين في الصراع السوري، الأول هو المحور الغربي والأمريكي، والذي يتوسل في الميدان الجماعات التكفيرية التي تدمر الحاضر والماضي والمستقبل، وفي الطرف الآخر دولة سوريا لها موقف من المقاومة وتدعو إلى الحوار''، ولخص موقفه قائلا ''حزب الله لا يمكن أن يكون في جبهة فيها أمريكا وإسرائيل وتكفيريين'' .
ولم يدع مجالا لعقل ولا لتفكير أحد من متابعيه الذين يغيبون عقولهم دائما أمام كلماته , ففي أي مرحلة من التاريخ وقفت أمريكا وإسرائيل مع الإسلاميين في خندق واحد ؟ , وفي أي مرحلة من مراحل الصراع وقف حزب الله والنظام السوري ضد المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة إلا بالمحاربة بالحروب الصوتية الجوفاء في حين يقفان كحارسي امن لإسرائيل من الجهتين الشرقية والشمالية لها ؟ وبدلا من توجيه سلاحهما تجاه إسرائيل لتحرير الجولان السورية أو تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلين منذ عام 1967
ومنذ متى وقف النظام السوري ومقاتلي حزب الله أما الاستباحة الدائمة لسلاح الجو الإسرائيلي للأجواء السورية واللبنانية لتدخل وتخرج وتضرب المواقع التي تريدها ثم تعود سالمة في حراسة الجيشين الذين يتشدقان بالمقاومة والممانعة وعداوة إسرائيل ؟
وعلى الجبهة الداخلية استعدى نصر الله الشعبين السوري واللبناني بمسلميهما ومسيحيهما ضد الثوار السوريين قائلا : ''في حال سيطرت الجماعات المسلحة في سوريا على المحافظات المحاذية للحدود اللبنانية ستكون خطرًا على المسلمين والمسيحيين اللبنانيين''.
وفي مجال لرفع الروح المعنوية المتدنية التي مني بها الجنود في حزب الله بعد عودة المئات منهم قتلى من الأرض السورية قال لهم '' لدي رسائل من أباء وأمهات عناصر من حزب الله يطلبون الإذن لذهاب أولادهم الوحيدين إلى الجبهات السورية '' ثم قال لهم ''كما قلت لكم في أوائل أيام حرب (يوليو) تموز 2006 (ضد إسرائيل)، أقول لكم اليوم: أعدكم بالنصر دائما .. أعدكم بالنصر مجددا'' , فعن أي نصر يتحدث حسن نصر الله الذي ترك الساحة الحقيقية للجهاد – إن كان مسلما – ووجه أسلحته لصدور المسلمين ليعيث جنوده في الأرض فسادا من قتل للرجال والنساء والأطفال المسلمين وتخريب لمتلكاتهم ونهبها وانتهاك لحرماتهم ولأعراض المسلمات باغتصابهن , فهل هذا هو مفهوم الجهاد الذي يدخل صاحبه الجنة إذا كان من بقول هذا الكلام يدعي انه مسلم ويوزع على أتباعه مفاتيح الجنة ؟؟
وقد ردت هيئة قيادة الأركان المشتركة للجيش السوري الحر على نصر الله على هذا الدجال الذي يمارس شتى أنواع الدجل السياسي الذي ينطلي على أتباعه ومناصريه من الشيعة الذين اعتادوا على إلغاء عقولهم أمام كبرائهم وسادتهم , فوصف محمد علوش عضو هيئة قيادة الأركان المشتركة للجيش الحر، هذه التصريحات لأنها نوع من الدجل وتساءل مستنكرا: "من أعطى نصر الله الحق للتدخل في الشأن السوري؟!".
وحتى على سبيل الفرض الجدلي بأنه جاء ليقاتل من وصفهم بالتكفيريين وهو يعني بهم جبهة النصرة فقال علوش إن "مدينة القصير التي يقاتل فيها حزب الله بضراوة بجانب قوات بشار الأسد لا توجد بها جبهة النصرة، المحسوبة على هذا الفكر" على حد قوله. وتساءل باستنكار: " لماذا إذن ذهب نصر الله وحزبه إلى القصير؟! ".
وعلى صعيد الرد على ما اسماهم نصر الله في خطابه بالجماعات التكفيرية قال علوش: " إذا كنت تتحدث عن التكفيرين، فالتكفيري هو الذي يوزع على مقاتليه في القصير كتابًا بعنوان (مفتاح الجنة)…القصير ليست القدس حتى يكون القتال من أجلها هو مفتاح الجنة…إذا كنت تبحث حقًّا عن مفتاح الجنة، فلماذا لم ترد على هجمات "إسرائيل" على دمشق، بضرب قواتها في الجولان (المحتلة)؟".
وهدد عضو هيئة قيادة الأركان المشتركة للجيش السوري الحر حزب الله وأمينه حسن نصر الله بالتعامل لنفس المنطق الذي يقول به ويقره , وذلك بنقل المعركة للداخل اللبناني قائلا له : "إذا كان هو مَن يعطي لنفسه هذا الحق، فمن حقنا أيضًا أن نعامله بالمثل، ونشكل ألوية لاسترجاع الأوقاف السنية، التي سيطر عليها الشيعة في الجنوب اللبناني، ونحن قادرون على ذلك".
فليتحمل نصر الله وحزبه الشيعي بعض إن كشف كل الأقنعة الزائفة التي كان دائما ما يخدع الشعوب المسلمة بها .
إن الشعوب والحكومات المسلمة التي طالما ظنت أن الشيعة بوجه عام وحزب الله بوجه خاص جنودا معينين لهم على معاداة اليهود وقتالهم لتحرير الأقصى الشريف, فإذا بها تكتشف في هذه اللحظة التاريخية أنهم ليسوا إلا نعاما وحمائم في مواجهة اليهود واسودا وصقورا في مواجهة أهل السنة بل على الثلة من أهل السنة لم يجدوا حتى الآن دعما حقيقيا ومعلنا من الدول المسلمة السنية المحيطة وحكوماتها وجيوشها القوية.
-----------------
المصدر مركز التاصيل للدراسات والبحوث
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: