يحيي البوليني - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5790
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كيف يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل , فالحقائق التي تظهر للناس وضوح الشمس لا تحتاج إلى دليل يثبت وجودها, والغباء كل الغباء في محاولة إنكارها.
والوجود الشيعي بكل أركانه المتمثل في الحرس الثوري الإيراني أو في قوات حزب الله اللبناني أو دعم المليشيات الشيعية الآتية من العراق واتحادها مع القوات الحكومية الأسدية في مواجهة الشعب السوري حقائق لا يقبل العقل أبدا إنكارها وخاصة بعد الأدلة العينية المؤكدة على ذلك.
وتتواتر الأنباء عن مقتل العشرات من عناصر حزب الله ووصول جثثهم للعاصمة اللبنانية حيث أعلن مؤخرا عن وصول آخر دفعة من القتلى وهم ثلاثون جثة من بينهم من يدعي " أبو عجيب " قائد اللواء المسمى زورا بـ " لواء القدس " , وبالفعل فأبو عجيب جاء بكل عجيب فقد قتل قائد لواء القدس في حرب مع مسلمين عرب ولم يطلق رصاصة على اليهود المتاخمين له الذي يقف مع قوات حسن نصر الله لحمايتهم وليس بمحاربتهم
وأكد تلك الحقائق أيضا الأمين العام السابق لحزب الله صبحي الطفيلي الذي صرح بعدد آخر من القتلى في السابق فقال : " أن 138 قتيلاً سقطوا لحزب الله في معارك سوريا، التي جاء تدخله فيها بناء على أوامر مباشرة من إيران"، وطالب الطفيلي قيادة حزب الله الحالية بالتعقل ومراجعة الضمير.
وما نطق به الطفيلي حق – مع خلافنا معه فيما يحمل من عقائد وأفكار - فالميدان السوري في قتال حزب الله مع المسلمين السنة ليس ميدان الشرف ولا الجهاد , وأن الميدان الحقيقي إن كان فيهم ذرة من شعور إسلامي هناك مع اليهود لا مع المسلمين.
واليوم تأتي شهادة أخرى تؤكد وجود الدور الإيراني والشيعي اللبناني منذ اليوم الأول من الثورة بتسجيل متلفز يوجد على موقع اليوتيوب لانشقاق نقيب شيعي يدعى " شادي سفر " عن قوات الأسد ويكشف فيه تدخل إيران وحزب الله في الإبادة التي يمارسها النظام المجرم ضد شعبه السوري , فيذكر ويؤكد في حديثه عن ذلك الوجود الفعلي لهذه العناصر منذ الأيام الأولى , وفي حديثه عدة ملاحظات هامة :
-لم يكن التواجد الإيراني واللبناني في البداية تواجد أفراد مقاتلين فقد كانت الإعداد السورية الحكومية كثيرة وكانت المقاومة ضعيفة فبالتالي لم يحتاجهم النظام السوري كمقاتلين وإنما احتاجهم كخبراء يقدمون النصيحة والتوجيه والتخطيط العسكري وخاصة لما للحرس الثوري من خبرة في الاغتيالات السياسية للرموز وخبرة في دس الخونة والعملاء داخل صفوف المعارضين , ونظرا لخبرة حزب الله في حرب العصابات التي تختلف كثيرا عن الخبرات القتالية للجيوش المركزية , وبالتالي فحديثه عن عملهم كخبراء في البداية يرسمون الخطط ويصدرون التعليمات والتكليفات لضباط وجنود الجيش السوري حديث صحيح تؤكده الحاجة والوقائع.
- حرص الخبراء الإيرانيين واللبنانيين على التخفي وعدم الظهور حتى على ضباط وجنود الجيش السوري , فكانت التكليفات تصل لقائد الفوج وبدوره يصدرها للضباط الأقل رتبة وللجنود , وهذا أسلوب مخابراتي معروف ومتبع , حيث أن الإيرانيين واللبنانيين حرصوا على عدم البروز في المشهد منذ بدايته وظلوا لفترة طويلة ينكرونه
- أكد الضابط الشيعي أن المتحكم الحالي الوحيد في الداخل السوري ليس الجيش النظامي بل هي عناصر حزب الله وعناصر الحرس الثوري الإيراني , وهذا حديث قريب جدا من الواقع حيث أن الجيش السوري قد أنهك تماما ولم يعد يستطيع المقاومة لضربات المقاومة ولولا ذلك الدعم الكبير بالمال والسلام والأفراد كذلك من كلا النظامين لسقط منذ فترة طويلة , ويستدل من حديثه كما هو المرجح أن الأسد لا يمتلك قراره حقيقة وما هو إلا ألعوبة شيعية – كما كان دوما هو وأبوه من قبل – في يد إيران وحزب الله في مواجهة الشعب السوري المسلم .
- الرسالة الأخيرة وأظنها اخطر الرسائل التي أراد الضابط الشيع المنشق توجيهها وهي للطائفة التي ينتمي إليها بان ينضموا للجيش السوري الحر قائلا أنهم جميعا في ثورة على الطاغية , وهي كلمة لا يمكن اعتبارها صحيحة , فقد يكون ذلك بشعور فردي منه , أو لعله يريد إيصال هذه الرسالة للداخل السوري ليعيدوا بها فتح ممر للخروج الآمن لأفراد الشيعة السوريين بعد قرب وقوع النظام .
ولكن الحقيقة غير ما قاله تماما , فالشيعة الذين يتحدث عنهم هم من أوقدوا هذه الحرب وهم من والوا الأسد في كل خطواته والشيعة الإيرانيون واللبنانيون هم الذين يمدونه بماء الحياة ليبقى لأطول فترة ممكنة , فلا نعتقد أن الضابط المنشق – إن كان صادقا – يمثل أحدا غير نفسه , ولن يكون لصوته صدى , فالشيعة يرون أن واجبهم الأول والوحيد والمقدس نحو السني هو قتله وسلب ماله وهتك عرضه .
وأخيرا قد يدعو هذا الانشقاق لمثل هذه العناصر الشيعية لفرحة البعض , وقد يكون لهم مبرر وسبب للفرحة بانفضاض أكثر المؤيدين ولاء للأسد عنه , لكن لابد وأن يكون لكل شئ قدره , فالثورة السورية بدأت ثورة سنية خالصة ضد توحش وإجرام شيعي شديد أيدته تكتلات ودول وأحزاب شيعية , مما أكد أن هذه الثورة – ليست مجرد ثورة شعب على حاكمه فحسب – بل تمثل حالة فريدة في المواجهة العزلاء للغرباء السنة يصدروهم العارية دون دعم علني دولي سياسي أو عسكري من إخوانهم من دول السنة المجاورة , وبين قوي شيعية تتدخل سرا وجهرا لنصرة أشياعهم بكل قوتهم وبكل ما يملكون من أسلحة ودعم سياسي.
فنحذر إخواننا السوريين بأن هناك محاولات كثيرة ستجري وستزداد كلما اقتربت ساعة الحسم لاحتواء الثورة السورية وزرع الانشقاق بين قادتها ليعود الضعف بالتفرق أكبر خصومها – وهو أكبر عدو لنا كمسلمين - الذي لابد من مواجهته ومقاومته, وأول الضعف وأخطره عدم معرفة الصديق من العدو ووقع الالتباس بينهما, فما أظهرته الثورة السورية وكشفته لابد من الاستمرار عليه وتأكيده وترسيخه.
----------
المصدر : مركز التاصيل للدراسات والبحوث
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: