البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

أزمة في العراق

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4854


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لب الأزمة وجوهرها الحقيقي، أن العراق يعيش الاحتلال ونتائجه المباشرة وغير المباشرة، ومن بعض ذلك، أن أمره ليس بيد أبناؤه كنتيجة إلى جانب نتائج أخرى، ويشع النفوذ والوجود الأجنبي في العراق بتأثيره على كافة الأصعدة، منها على المسرح السياسي والاقتصادي والأمني بالدرجة الأولى، ولذلك فإن الحالة تم تصميمها والتخطيط لها على أن لا تبلغ الاستقرار، أما السياسيون العراقيون المندغمون في العملية السياسية، فلا يمثلون (بأكثريتهم) سوى انعكاسات للسياسات الأجنبية ومصالحها.

بتقديري أن ما يحدث في العراق من أحداث(ديسمبر / 2011)، هو تفجير لقنبلة موقوتة، فالعراق منذ حوالي تسعة سنوات لا يكاد يخرج من أزمة إلا ويدخل في أقسى منها، وأزمة اليوم متوقعة، وفرقاء العملية السياسية يتنازعون، ويحق لكل من يراقب الموقف بدقة أن يعتقد أن للجميع خيوط علاقة تنتهي في جعبة الحاوي الكبير، ولا نقصد هنا سوى الولايات المتحدة.

والولايات المتحدة وإن كانت قد أعلنت انسحابها، إلا أننا نعتقد أن الأمر لا يزال تحت السيطرة، فالمندوب السامي الأمريكي في بغداد له النصيب الأكبر في إدارة العملية السياسية، وهم، الأمريكان، يريدون بذلك القول ألم نقل لكم أن السياسيين العراقيين لم يبلغوا بعد سن الرشد ليتعلموا الديمقراطية، وهم الآن وفي المستقبل سيبقون بحاجة للرعاية والإشراف، متناسين أنهم هم الذين أخرجوا وصمموا ووضعوا السيناريوهات للمسرح وحواشيه، للممثلين الرئيسيين والثانويين (الكومبارس)، وهذه النتائج الكارثية ما هي إلا حصاد ما زرعته أياديهم السوداء.

الموقف العراقي على الأرجح سيشهد إعادة ترتيب عناصر الموقف باصطفافات جديدة، وليس من المستبعد أن نواجه عناصر ووجوه، وترتيبات جديدة، ولكن بمؤدى واحد، أن لا يعود العراق لمكانته المفقودة. مع إدراك الجميع أن الموقف في العراق ينبئ باستحالة الانفراد والتفرد، والتجربة الماضية شهدت سقوط مريع للمحاصصة الطائفية، فلن يدار بلد في الألفية الثالثة بطريقة الإقصاء والتهميش والإبعاد والاجتثاث، والتطهير العرقي والطائفي، فهذه سياسات معادية للديمقراطية بصفة جذرية، ولا توفر أدنى شروط التنمية الاقتصادية والتطور الاجتماعي، وليس لها سوى مؤدى واحد عرفه الشعب العراقي وجربه طيلة السنوات الدامية المنصرمة، ألا وهو أزمات تعقب أزمات، وأسابيع دموية، ومشكلات لا حل لها سوى تنشيط آلة القمع والموت والقتل.

فالعراق اليوم لا يمتلك أي من شروط البنى الارتكازية الضرورية الحاسمة للإقلاع بعملية التنمية وإعادة الإعمار، بل من واجبات ومهمات من يدير الأمر في العراق أن لا يكون هناك بدء للإعمار والتنمية، ففي هذه الحالة ستنشأ ضرورات اجتماعية، وإدارية وتوافر قيادات سياسية وتكنوقراط، ناهيك عن آليات عمل وشروط كثيرة، وهو غير مسموح به من الآن حتى وقت غير محدد، لذلك لا حل للمشكلات الآنية: كالكهرباء، والماء، والهاتف، والأمن، والطرق والمواصلات، وهي فقرات لا غنى عن توفرها قبل البدء بأي عملية تنموية اقتصادية / اجتماعية / سياسية.

دون أدنى ريب أن الإدعاء الحكومي باتهام نائب رئيس الجمهورية، هي خدعة مكشوفة، وهذا ما ذكره أكثر من مصدر عراقي، سياسي أو حكومي، وهو شأن قابل للمساومة، وللتراجع أيضاً فربما هناك طلبات جديدة، أو سقف جديد لمحاصصة جديدة، أو تفجير للموقف، فهناك ألغام ينبغي تفجيرها، ولكن ترى لمصلحة من يدور كل ذلك.

الأمريكان لم يخرجوا من العراق بالرياحين، بل مطرودين مدحورين، هم يسمونه انسحاباً، ولكنهم في الواقع فروا يجرون أذيال الهزيمة وقد كلفتهم المغامرة العراقية الآلاف من القتلى وأضعافهم من الجرحى والمعوقين والمشوهين نفسياً، ولم يشفى غليلهم تدميرهم للعراق، لذلك حرصوا أن لا يتركوه بأيدي أبناؤه، ولم يدعوه في حال يستدعي الثقة والاطمئنان، بل سلموه بعد تفخيخه بشتى أنواع الألغام، بأيدي من يثقون بهم، ليواصلوا بأساليب أخرى ما بدأوه، وهو يعاني التشرذم والتمزق والضعف على كافة المستويات، وهو جوهر ما خطط للعراق أصلاً.

ليس سوى أن يستعيد العراق وحدته، ووحدة الحركة الوطنية والقومية والإسلامية العراقية المعادية للاحتلال ونتائجه، وكافة قوى الشعب العراقي الساعية لهذا الهدف، وبدونها فلن يشهد العراق استقراراً، وبدونها لن تكون في العراق تنمية، ولن يستعيد العراق مكانته ومهابته التي يستحقها في المنطقة، بدلاً من أن يكون هدفاً لمطامع وغايات قوى لا تريد له الاستقرار والتقدم. وبغير ذلك سوف لن يستعيد الشعب العراقي أمنه وهناؤه، وقبل أن يستعيد العراق وحدته الوطنية.

كتبت قبل أيام: هذه ألعاب، أشبه بالألعاب الالكترونية (بلاي ستيشن) والعمليات تدور في السر وراء الستار، أكثر مما هي في العلن، والسبيل الوحيد لكل عراقي شريف هو قلب الطاولة بما فيها، ومن عليها، ومن ورائها، وغسل العراق غسلاً جيداً بالماء والصابون والمعقمات، ليعود العراق كما يستحق أن يكون، شعباً راقياً وعظيماً، بستان تفوح منه روائح العطور، ويفيض منه الخير كما كان، لابناؤه ولشعوب المنطقة، أما بغير ذلك فخذ أزمات بعد أزمات، كما يقول المثل البغدادي الجميل: جيب ليل وخذ عتابه.
ـــــــــــــــــــــــــ
هذه المقالة هي جزء من مقابلة تلفازية مع إحدى القنوات الفضائية العربية بتاريخ 24/ ديسمبر /2011


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، أمريكا، إحتلال العراق، مقاومة، إنسحاب الإحتلال، الجلاء،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 28-12-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  سوف تكسبون ... ولكنكم لن تنتصروا Sie werden gewinnen aber nicht siegen
  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا
  من معارك العرب الكبرى : معركة أنوال المجيدة
  نظرية المؤامرة Conspiracy Theory
  نوع جديد من الحروب
  نبوءة دقيقة

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. طارق عبد الحليم، عبد الغني مزوز، أحمد بن عبد المحسن العساف ، فتحـي قاره بيبـان، إيمى الأشقر، د- جابر قميحة، كريم السليتي، د. أحمد بشير، خالد الجاف ، طلال قسومي، ماهر عدنان قنديل، يحيي البوليني، محمد اسعد بيوض التميمي، علي عبد العال، أحمد ملحم، إياد محمود حسين ، د- محمد رحال، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - محمد بن موسى الشريف ، حاتم الصولي، صفاء العراقي، د - المنجي الكعبي، رشيد السيد أحمد، د. خالد الطراولي ، خبَّاب بن مروان الحمد، صفاء العربي، الهيثم زعفان، د. صلاح عودة الله ، عبد الله الفقير، د - الضاوي خوالدية، المولدي الفرجاني، عمر غازي، الهادي المثلوثي، د - صالح المازقي، عزيز العرباوي، سليمان أحمد أبو ستة، د. أحمد محمد سليمان، أحمد بوادي، ضحى عبد الرحمن، صباح الموسوي ، محمود فاروق سيد شعبان، أ.د. مصطفى رجب، د. مصطفى يوسف اللداوي، عراق المطيري، عواطف منصور، رافع القارصي، يزيد بن الحسين، مصطفي زهران، د. عبد الآله المالكي، سامح لطف الله، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، ياسين أحمد، محمد عمر غرس الله، محمد يحي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سعود السبعاني، صلاح الحريري، رضا الدبّابي، محمد الياسين، حميدة الطيلوش، عبد الرزاق قيراط ، حسن عثمان، تونسي، جاسم الرصيف، رمضان حينوني، وائل بنجدو، العادل السمعلي، محمد شمام ، فهمي شراب، د - مصطفى فهمي، حسني إبراهيم عبد العظيم، علي الكاش، مجدى داود، محرر "بوابتي"، سلوى المغربي، رافد العزاوي، محمود طرشوبي، د - عادل رضا، عمار غيلوفي، حسن الطرابلسي، فتحي الزغل، د. عادل محمد عايش الأسطل، أبو سمية، مراد قميزة، سلام الشماع، أنس الشابي، إسراء أبو رمان، صلاح المختار، د - شاكر الحوكي ، عبد الله زيدان، محمد العيادي، سامر أبو رمان ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، كريم فارق، محمد أحمد عزوز، أحمد النعيمي، صالح النعامي ، د- هاني ابوالفتوح، منجي باكير، د- محمود علي عريقات، فتحي العابد، رحاب اسعد بيوض التميمي، مصطفى منيغ، محمد الطرابلسي، د - محمد بنيعيش، الناصر الرقيق، محمود سلطان، سفيان عبد الكافي، أحمد الحباسي، فوزي مسعود ، د.محمد فتحي عبد العال، سيد السباعي، أشرف إبراهيم حجاج، نادية سعد،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة