البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

أزمة في العراق

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4856


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لب الأزمة وجوهرها الحقيقي، أن العراق يعيش الاحتلال ونتائجه المباشرة وغير المباشرة، ومن بعض ذلك، أن أمره ليس بيد أبناؤه كنتيجة إلى جانب نتائج أخرى، ويشع النفوذ والوجود الأجنبي في العراق بتأثيره على كافة الأصعدة، منها على المسرح السياسي والاقتصادي والأمني بالدرجة الأولى، ولذلك فإن الحالة تم تصميمها والتخطيط لها على أن لا تبلغ الاستقرار، أما السياسيون العراقيون المندغمون في العملية السياسية، فلا يمثلون (بأكثريتهم) سوى انعكاسات للسياسات الأجنبية ومصالحها.

بتقديري أن ما يحدث في العراق من أحداث(ديسمبر / 2011)، هو تفجير لقنبلة موقوتة، فالعراق منذ حوالي تسعة سنوات لا يكاد يخرج من أزمة إلا ويدخل في أقسى منها، وأزمة اليوم متوقعة، وفرقاء العملية السياسية يتنازعون، ويحق لكل من يراقب الموقف بدقة أن يعتقد أن للجميع خيوط علاقة تنتهي في جعبة الحاوي الكبير، ولا نقصد هنا سوى الولايات المتحدة.

والولايات المتحدة وإن كانت قد أعلنت انسحابها، إلا أننا نعتقد أن الأمر لا يزال تحت السيطرة، فالمندوب السامي الأمريكي في بغداد له النصيب الأكبر في إدارة العملية السياسية، وهم، الأمريكان، يريدون بذلك القول ألم نقل لكم أن السياسيين العراقيين لم يبلغوا بعد سن الرشد ليتعلموا الديمقراطية، وهم الآن وفي المستقبل سيبقون بحاجة للرعاية والإشراف، متناسين أنهم هم الذين أخرجوا وصمموا ووضعوا السيناريوهات للمسرح وحواشيه، للممثلين الرئيسيين والثانويين (الكومبارس)، وهذه النتائج الكارثية ما هي إلا حصاد ما زرعته أياديهم السوداء.

الموقف العراقي على الأرجح سيشهد إعادة ترتيب عناصر الموقف باصطفافات جديدة، وليس من المستبعد أن نواجه عناصر ووجوه، وترتيبات جديدة، ولكن بمؤدى واحد، أن لا يعود العراق لمكانته المفقودة. مع إدراك الجميع أن الموقف في العراق ينبئ باستحالة الانفراد والتفرد، والتجربة الماضية شهدت سقوط مريع للمحاصصة الطائفية، فلن يدار بلد في الألفية الثالثة بطريقة الإقصاء والتهميش والإبعاد والاجتثاث، والتطهير العرقي والطائفي، فهذه سياسات معادية للديمقراطية بصفة جذرية، ولا توفر أدنى شروط التنمية الاقتصادية والتطور الاجتماعي، وليس لها سوى مؤدى واحد عرفه الشعب العراقي وجربه طيلة السنوات الدامية المنصرمة، ألا وهو أزمات تعقب أزمات، وأسابيع دموية، ومشكلات لا حل لها سوى تنشيط آلة القمع والموت والقتل.

فالعراق اليوم لا يمتلك أي من شروط البنى الارتكازية الضرورية الحاسمة للإقلاع بعملية التنمية وإعادة الإعمار، بل من واجبات ومهمات من يدير الأمر في العراق أن لا يكون هناك بدء للإعمار والتنمية، ففي هذه الحالة ستنشأ ضرورات اجتماعية، وإدارية وتوافر قيادات سياسية وتكنوقراط، ناهيك عن آليات عمل وشروط كثيرة، وهو غير مسموح به من الآن حتى وقت غير محدد، لذلك لا حل للمشكلات الآنية: كالكهرباء، والماء، والهاتف، والأمن، والطرق والمواصلات، وهي فقرات لا غنى عن توفرها قبل البدء بأي عملية تنموية اقتصادية / اجتماعية / سياسية.

دون أدنى ريب أن الإدعاء الحكومي باتهام نائب رئيس الجمهورية، هي خدعة مكشوفة، وهذا ما ذكره أكثر من مصدر عراقي، سياسي أو حكومي، وهو شأن قابل للمساومة، وللتراجع أيضاً فربما هناك طلبات جديدة، أو سقف جديد لمحاصصة جديدة، أو تفجير للموقف، فهناك ألغام ينبغي تفجيرها، ولكن ترى لمصلحة من يدور كل ذلك.

الأمريكان لم يخرجوا من العراق بالرياحين، بل مطرودين مدحورين، هم يسمونه انسحاباً، ولكنهم في الواقع فروا يجرون أذيال الهزيمة وقد كلفتهم المغامرة العراقية الآلاف من القتلى وأضعافهم من الجرحى والمعوقين والمشوهين نفسياً، ولم يشفى غليلهم تدميرهم للعراق، لذلك حرصوا أن لا يتركوه بأيدي أبناؤه، ولم يدعوه في حال يستدعي الثقة والاطمئنان، بل سلموه بعد تفخيخه بشتى أنواع الألغام، بأيدي من يثقون بهم، ليواصلوا بأساليب أخرى ما بدأوه، وهو يعاني التشرذم والتمزق والضعف على كافة المستويات، وهو جوهر ما خطط للعراق أصلاً.

ليس سوى أن يستعيد العراق وحدته، ووحدة الحركة الوطنية والقومية والإسلامية العراقية المعادية للاحتلال ونتائجه، وكافة قوى الشعب العراقي الساعية لهذا الهدف، وبدونها فلن يشهد العراق استقراراً، وبدونها لن تكون في العراق تنمية، ولن يستعيد العراق مكانته ومهابته التي يستحقها في المنطقة، بدلاً من أن يكون هدفاً لمطامع وغايات قوى لا تريد له الاستقرار والتقدم. وبغير ذلك سوف لن يستعيد الشعب العراقي أمنه وهناؤه، وقبل أن يستعيد العراق وحدته الوطنية.

كتبت قبل أيام: هذه ألعاب، أشبه بالألعاب الالكترونية (بلاي ستيشن) والعمليات تدور في السر وراء الستار، أكثر مما هي في العلن، والسبيل الوحيد لكل عراقي شريف هو قلب الطاولة بما فيها، ومن عليها، ومن ورائها، وغسل العراق غسلاً جيداً بالماء والصابون والمعقمات، ليعود العراق كما يستحق أن يكون، شعباً راقياً وعظيماً، بستان تفوح منه روائح العطور، ويفيض منه الخير كما كان، لابناؤه ولشعوب المنطقة، أما بغير ذلك فخذ أزمات بعد أزمات، كما يقول المثل البغدادي الجميل: جيب ليل وخذ عتابه.
ـــــــــــــــــــــــــ
هذه المقالة هي جزء من مقابلة تلفازية مع إحدى القنوات الفضائية العربية بتاريخ 24/ ديسمبر /2011


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، أمريكا، إحتلال العراق، مقاومة، إنسحاب الإحتلال، الجلاء،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 28-12-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  سوف تكسبون ... ولكنكم لن تنتصروا Sie werden gewinnen aber nicht siegen
  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا
  من معارك العرب الكبرى : معركة أنوال المجيدة
  نظرية المؤامرة Conspiracy Theory
  نوع جديد من الحروب
  نبوءة دقيقة

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد ملحم، سامح لطف الله، منجي باكير، طلال قسومي، ماهر عدنان قنديل، د. صلاح عودة الله ، د- محمود علي عريقات، رمضان حينوني، سلوى المغربي، سامر أبو رمان ، أ.د. مصطفى رجب، عبد الرزاق قيراط ، محمد أحمد عزوز، رافد العزاوي، حسن عثمان، د - الضاوي خوالدية، العادل السمعلي، د - مصطفى فهمي، مجدى داود، عواطف منصور، محمد اسعد بيوض التميمي، د. عبد الآله المالكي، د- محمد رحال، د.محمد فتحي عبد العال، مصطفي زهران، رافع القارصي، محمد العيادي، فتحي العابد، د. أحمد محمد سليمان، د. عادل محمد عايش الأسطل، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - عادل رضا، يزيد بن الحسين، كريم السليتي، محمد الياسين، عبد الله زيدان، أشرف إبراهيم حجاج، د. طارق عبد الحليم، سلام الشماع، محرر "بوابتي"، أنس الشابي، فتحـي قاره بيبـان، صلاح الحريري، جاسم الرصيف، كريم فارق، رشيد السيد أحمد، صلاح المختار، مصطفى منيغ، رضا الدبّابي، محمد الطرابلسي، خالد الجاف ، عراق المطيري، د- جابر قميحة، د - صالح المازقي، فهمي شراب، عبد الغني مزوز، صفاء العراقي، د. مصطفى يوسف اللداوي، إياد محمود حسين ، علي الكاش، محمود طرشوبي، أبو سمية، علي عبد العال، د - شاكر الحوكي ، حاتم الصولي، صالح النعامي ، ضحى عبد الرحمن، محمود فاروق سيد شعبان، محمود سلطان، محمد عمر غرس الله، سليمان أحمد أبو ستة، الناصر الرقيق، سعود السبعاني، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صفاء العربي، يحيي البوليني، سيد السباعي، فوزي مسعود ، تونسي، د. خالد الطراولي ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، الهادي المثلوثي، عمر غازي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صباح الموسوي ، فتحي الزغل، حسني إبراهيم عبد العظيم، أحمد الحباسي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - المنجي الكعبي، د - محمد بن موسى الشريف ، وائل بنجدو، خبَّاب بن مروان الحمد، عبد الله الفقير، ياسين أحمد، حميدة الطيلوش، عمار غيلوفي، نادية سعد، أحمد النعيمي، حسن الطرابلسي، إيمى الأشقر، د- هاني ابوالفتوح، محمد شمام ، محمد يحي، عزيز العرباوي، د - محمد بنيعيش، إسراء أبو رمان، الهيثم زعفان، سفيان عبد الكافي، أحمد بوادي، المولدي الفرجاني، مراد قميزة، د. أحمد بشير، رحاب اسعد بيوض التميمي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة