د. ضرغام الدباغ - ألمانيا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 432
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في يوم 21/ تشرين 1 ــ أكتوبر / 1967، كنت برتبة ملازم أول آمر سرية في الفوج التاسع/ ل1 حدود (قوة سيارة)، وكانت سريتي تعسكر على الطريق الموصل بين سرسنك والعمادية والموقع يسمى تل العنب وهو يبعد نحو 10 كم عن سرسنك، ومثلها 10 كم عن العمادية.
وأبتدأ بعد حلول الظلام، لم يكن لدى الضباط شيئ يفعلونه سوى القراءة وسماع الراديو. والاعمال التقليدية في معسكر السرية. وكان معي في مقر السرية فصيل مشاة، وآمره الملازم لقمان ياسين. وفي الأيام التي حرب حزيران كانت كئيبة، والأنباء تبعث على الحزن والقلق،، ونبحث عن نبأ لا ينطوي على سوء ، أو النزر اليسير من الأمل ... كانت أيام صعبة .... صعبة للغاية.
بواسطة الراديو الممتاز وكان من نوع (سوني) يلتقط كافة المحطات التي أريدها، وفي هدأ الليل الشتائي البارد في تلك الجبال، وإذ بالراديو ينقل لنا خبراً وما ألذه من خبر ... " تمكنت القوات البحرية العربية المصرية، من إغراق المدمرة إيلات لبحرية العدو الصهيوني بواسطة صاروخين سطح ــ سطح، في البحر الأبيض المتوسط، نحو 15 كم عن شمال ميناء بورسعيد ....... صوت العرب من القاهرة ..!)
فتملكتني نوبة فرح غير طبيعية، خرجت من غرفتي وبيدي بندقية آلية، وأطلقت صلية من 28 طلقة بضغطة واحدة على الزناد. والمنطقة تعج بقطعات من الجيش العراق والحدود، وبعد دقائق، شاهدنا العتاد المذنب (الخطاط) ينطلق من مواقع أخرى ... الكل فجر احتقانه يعلن عن بهجته ..وفي موقع فوجنا (سرسك) حين علموا أن سريتنا أطلقت الرصاص، انتابهم القلق ، ولكن آمر الفوج كان رجلا حصيفاً، ويعرفني جيداً، قال لهم " لا تقلقوا ... هذه السرية الأولى، سرية ضرغام تطلق النار ابتهاجاً بإنجاز البحرية المصرية " وكانت الإذاعات العربية تذيع الخبر السار مرات عديدة وتكرره.
المجد والخلود لشهداء البحرية العربية المصرية وكل الجنود العرب حيثما كانوا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عملية المدمرة إيلات
هي عملية إغراق المدمرة البحرية الإسرائيلية «إيلات» من طراز HMS Zealous\ R39 بعد قيام القوات البحرية المصرية بإغراقها في البحر الأبيض المتوسط أمام مدينة بورسعيد في 21 تشرين 1/ 1967 بعد أربع أشهر من نكسة 67، وهي عملية مختلفة تماماً عن عمليات الهجوم الثلاث على ميناء إيلات الإسرائيلي والتي أُغرقت خلالها 4 سفن نواقل وجرى تفجير الرصيف الحربي للميناء.
ما قبل العملية
قامت إسرائيل بشراء المدمرة من إنجلترا واسمها Zealous في حزيران عام 1956 مع مدمرة أخرى تُسمى( يافو ) اشتركت المدمرة إيلات في العدوان الثلاثي 1956 .
شهدت الفترة التي تلت حرب حزيران 1967 وحتى أوائل آب 1970، أنشطة قتالية بحرية بين الجانبين وكان كلاهما يهدف إلى إحداث أكبر خسائر في القوات البحرية للطرف الآخر بغرض إحراز التفوق وتحقيق السيطرة البحرية ويعرف هذا النوع من القتال البحري في فنون الحرب البحرية بالأنشطة القتالية الروتينية للقوات البحرية.
بعد حرب حزيران 1967 أمرت قيادة الجيش الإسرائيلي بأن تخترق المدمرة إيلات المياه الإقليمية المصرية وتدخل المنطقة البحرية لبورسعيد، مستغلة قوة الردع المتمثلة لديها في تفوقها الجوي ومدفعيتها الرابضة على الضفة الشرقية للقناة، مهددة مدنها في انتهاك المياه الإقليمية المصرية في البحرين المتوسط والأحمر، وقد تصورت القيادة الإسرائيلية عدم قدرة القوات المصرية على منعها من ذلك. وفي 11 حزيران 1967 ضربت المدمرة (السرب المصري) الذي كان يمر بجانب المدمرة فاشتبك معها وأغرقته المدمرة. السرب المصري كان يقوده الضباط عوني عازر وممدوح شمس، استمرت المدمرة بقيادة «إسحاق شيشان» في اختراق المياه المصرية إلى يوم 18 / تشرين 1/ 19671 فقررت القيادة السياسية المصرية إعطاء الأوامر للقوات البحرية بضرب المدمرة وإغراقها، وفي يوم 21 / تشرين 1/ 1967 صدر أمر بالاشتباك مع المدمرة وتشكّلت فرقتين للقيام بالمهمة، الفرقة الأولى كانت بقيادة النقيب أحمد شاكر ومساعده الملازم أول حسن حسني وكانا على اللنش 504، أما اللنش الثاني 501 كان يقوده النقيب لطفي جاب الله بمساعدة الملازم أول ممدوح منيع.
كانت المعلومات تصل لهم أولاً بأول من قيادة بورسعيد البحرية التي كانت تتابع تحركات المدمرة، وقد استعدت قوات القاعدة لمهاجمة المدمرة عندما تصدر الأوامر من قيادة القوات البحرية بالتنفيذ. ومن هذه الأعمال الاستفزازية دخول المدمرة إيلات ومعها زوارق الطوربيد من نوع غولدن، ليلة 11/12 تموز 1967 داخل مدى المدفعية الساحلية في بورسعيد، وعندما تصدت لها زوارق الطوربيد المصرية فتحت إيلات على الزوارق وابلاً من النيران.
تفاصيل المعركة
في الساعة 9:30 مساء 11 / تموز / 1967 رصد رادار (قاعدة بورسعيد البحرية) هدف متحرك على بعد 18 ميل بحري من (نجمة بورسعيد)، فأصدر (قائد القاعدة) العقيد الركن بحري/ سميح إبراهيم، أمراً برفع درجة الاستعداد سرب لنشات الطوربيد بقيادة النقيب/ عوني عازر، وفي الساعة 10:30 مساء اجتمع قائد القاعدة مع النقيب عوني عازر بحضور (قائد مجموعة لنشات الطوربيد) في (مركز عمليات قاعدة بورسعيد)، وأثناء الاجتماع أوضح قائد القاعدة للنقيب/ عوني تفاصيل المهمة الروتينية المكلف بها وهي الانطلاق بسربه واستطلاع الهدف المشتبه به وفي حالة تأكده من اختراق الهدف للمياه الإقليمية المصرية يقوم باستدراجه إلى داخل مدى مدفعية (المدمرة السويس) الراسية في ميناء بورسعيد، مع العمل على تفادي الاشتباك مع الهدف المعادي (لاحتمال وجود الهدف خارج حدود المياه الإقليمية) إلا في حالة تعرض سربه للاعتداء المباشر.
وفي الساعة 10:45 مساءاً انطلق السرب المكوّن من لنشين طوربيد الأول بقيادة النقيب/ عوني عازر ومساعده الملازم / رجائي حتاتة "، والثاني بقيادة النقيب/ ممدرح شمس ومساعده الملازم أول / صلاح غيث، وفي مسار الانطلاق حدث خلل في جهازي الرادار للنشين مما أدى إلى عدم تمكن سرب اللنشات من رصد الهدف.
وفي الساعة 12:15 صباحاً رأى قائد السرب (النقيب/عوني عازر) أن الهدف المعادي يقترب منه بسرعة " تبين بعد ذلك أنها المدمرة الإسرائيلية إيلات"، وفي الساعة 12:20 ظهرت أهداف معادية " تبين بعد ذلك أنهما لنشي طوربيد إسرائيلية طراز (ملان) "، وقامت بضرب السرب المصري في تحدي سافر للقوانين الدولية، فأبلغ قائد السرب قيادة القاعدة أنه قرّر الاشتباك مع الأهداف المعادية لحقه في الدفاع عن النفس، وفي الساعة 12:46 أبلغ قيادة القاعدة باشتعال الحريق في اللنش رقم 2، وبذلك تم تحييده لعدم قدرته على مشاركة لنش القيادة في المعركة،
وفي الساعة 12:50 أبلغ لنش القيادة القاعدة بأنه أُصيب إصابة بالغة تمنعه من الاشتباك. قامت المدمرة الإسرائيلية بإطلاق طلقات إضاءة لمنع لنش النقيب عوني من الخروج من دائرة الاشتباك، في هذه الأثناء قرر النقيب عوني المناورة بالدخول بِلنش القيادة وسط تشكيل القطع البحرية المعادية حتى يتجنب الإصابة، إلا أن قائد المدمرة الإسرائيلية أدرك خطته وقام بمناورة مضادة وهي الابتعاد عن لنش القيادة.
كانت مدفعية المدمرة إيلات عيار 40 ملم أكثر تأثيراً من مدفعية اللنشات المصرية عيار 25 ملم، وانهالت طلقات المدافع على لنش القيادة وقتل 5 من طاقم اللنش، فأمر النقيب عوني مساعدة الملازم أول/ رجائي حتاته بإخلاء اللنش من الأفراد الذين ما زالوا على قيد الحياة، وقرر القيام بعملية انتحارية وهي التحرك بأقصى سرعة صوب المدمرة الإسرائيلية للاصطدام بها في المنتصف، أدرك قائد المدمرة خطة النقيب/عوني وأمر بتركيز طلقات مدافع المدمرة نحو لنش القيادة وبالفعل تم تفجير اللنش على مسافة 30 مترا من المدمرة وأستشهد النقيب / عوني عازر ومساعده الملازم / رجائي حتاته، كما استشهد طاقم اللنش بالكامل، بينما أصيب ثمانية من طاقم المدمرة «إيلات» من جراء تبادل النيران مع أطقم الدورية المصرية البحرية ـ إضافةً إلى تدمير موتور رادار المدمرة وإصابات مباشرة للجانب الأيمن للسفينة.
تنفيذ عملية ضرب المدمرة إيلات
يوم 21 / تشرين الأول/ 1967 وصل اللواء أحمد إسماعيل علي إلى مركز قيادة الجبهة، ومعه العميد حسن الجريدلي رئيس عمليات الجبهة ليتابعان تحركات المدمرة الإسرائيلية إيلات بالقرب من المياه الإقليمية لمصر في المنطقة شمال بورسعيد. استمرت المدمرة الإسرائيلية إيلات في العربدة داخل المياه الإقليمية المصرية ليلة 21 / تشرين 1 / 1967 في تحد سافر مما تطلب من البحرية المصرية ضبطا بالغاً للنفس إلى أن صدرت توجيهات إلى قيادة القوات البحرية بتدمير المدمرة إيلات. وعلى الفور جهز قائد القاعدة البحرية في بور سعيد لنشين من صواريخ (كومر) السوفيتية والجدير بالذكر أن لنش الصواريخ (كومر) السوفييتي مجهز بصاروخين سطح - سطح، من طراز (ستيكس) الذي تزن رأسه المدمرة واحد طن وكانت إجراءات الاستطلاع والتجهيز بالصواريخ قد تمت في القاعدة البحرية قبل الخروج لتدمير الهدف، وخرج لمهاجمة مدمرة العدو بغرض تدميرها وإغراقها كما أعدت بقية القطع البحرية في القاعدة كاحتياطي، بمجرد أن صدرت أوامر قائد القوات البحرية بتدمير هذه المدمرة عند دخولها المياه الإقليمية، خرج لنشاً صواريخ من قاعدة بورسعيد لتنفيذ المهمة. هجم اللنش الأول بإطلاق صاروخ أصاب جانب المدمرة إصابة مباشرة فأخذت تميل على جانبها، فلاحقها بالصاروخ الثاني فتم إغراق المدمرة الإسرائيلية "إيلات" على مسافة تبعد 11 ميلاً بحرياً شمال شرق بورسعيد بعد الخامسة مساء يوم 21 / تشرين 1 / 1967 وعليها طاقمها الذي يتكون من نحو مائه فرد إضافة إلى دورة من طلبة الكلية البحرية كانت على ظهر المدمرة في رحلة تدريبية. وقد غرقت المدمرة داخل المياه الإقليمية المصرية بحوالي ميل بحري وعاد اللنشان إلى القاعدة لتلتهب مشاعر كل قوات جبهة القناة وكل القوات المسلحة لهذا العمل الذي تم بسرعة وكفاءة. وطلبت إسرائيل من قوات الرقابة الدولية أن تقوم الطائرات الإسرائيلية بعملية الإنقاذ للأفراد الذين نزلوا إلى الماء عند غرق المدمرة. استجابت مصر لطلب قوات الرقابة الدولية بعدم التدخل في عملية الإنقاذ التي تمت على ضوء المشاعل التي تلقيها الطائرات، ولم تنتهز مصر هذه الفرصة للقضاء على الأفراد الذين كان يتم إنقاذهم.
ردود أفعال الجيش المصري والإسرائيلي عقب العملية
كانت توابع تلك كارثة ليس فقط على البحرية الإسرائيلية بل على الشعب الإسرائيلي بأكمله وعلى الجانب الآخر فإن معنويات البحرية المصرية والشعب المصري بأكمله الذي ذاق مرارة الهزيمة في 5 / حزيران / من نفس العام ارتفعت كثيراً، وردت إسرائيل على هذه الحادثة يوم 24 / تشرين 1 / / 1967 بقصف معامل تكرير البترول في الزيتية بالسويس بنيران المدفعية كما حاولت ضرب السفن الحربية المصرية شمالي خليج السويس. وعجل حادث إغراق المدمرة إيلات بانتهاء إسرائيل من بناء 12 زورق صواريخ من نوع (سعر) كانت قد تعاقدت على بنائها في ميناء شربورج بفرنسا.
نتائج العملية
كان إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات بواسطة 4 صواريخ بحرية سطح / سطح، هي الأولى من نوعها في تاريخ الحروب البحرية وبداية مرحلة جديدة من مراحل تطوير الأسلحة البحرية واسترتيجيات القتال البحري في العالم فقد تم في هذه العملية تدمير مدمرة حربية كبيرة بلنش صواريخ للمرة الأولى في التاريخ.
وبعد نجاح المهمة صدر قرار جمهوري بمنح كل الضباط والجنود الذين شاركوا في العملية أوسمه وأنواط وأصبح غرق المدمرة إيلات في 21 / تشرين 1 / 1967م عيد للقوات البحرية المصرية، وأشادت الدوائر العسكرية بالشجاعة النادرة لقادة اللنشات المصرية وتم تسجيل هذه المعركة ضمن أشهر المعارك البحرية في التاريخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر
الموسوعة الألمانية (Wikipedia)
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: