د. حسني إبراهيم عبد العظيم - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4657
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الدكتور نظمي لوقا جرجس، فيلسوف ومفكر مصري مسيحي أرثوذكسي مستنير، كانت الموضوعية والتجرد، وعدم التعصب أهم صفاته، ضرب مثالا رائعا للمسيحي المتسامح القادر على قبول الآخر، لم يمنعه معتقده المسيحي - الذي يعتز به أيما اعتزاز - من التعبير عن الحقائق الناصعة التي رآها في الإسلام وفي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.ولذا فقد أثارت كتاباته عن الإسلام ونبيّه انتباه الناس جميعًا.
والثابت عملا أن الدكتور نظمي لوقا قد وضع نصب عينيه رسالة لم يحد عنها قط طوال حياته وهي محاربة الجهل والتعصب, ليس فقط لأنه عاني ـ علي المستوى الشخصي ـ من هاتين الآفتين, الي حد أنه دخل في دوائر من الاحباط لا تنتهي, ولكن أيضا لقناعته الكاملة بأن خطر التعصب داهم علي مصر وأهلها, وهو أشبه بالنار التي ستأكل الناس والحجارة! لذلك كان يردد دائما علي مسامع المحيطين به أنه نذر نفسه لمحاربة ما كان يسميه بـالتفكير الذاتي الذي لا يثمر غير التعصب الأعمي.. وكانت البداية إعلانه أن مهمته هي التبصير ومحو الأمية الفكرية فيما يخص الإسلام ومحمد صلي الله عليه وسلم, لأنه كان يستشعر أن موجات الجهل المتلاطمة كانت تطمر العقول وتحجب عنها جوهر الأشياء,وكان رائعا الدكتور نظمي لوقا عندما قال( مذكرا الآخرين ممن في قلوبهم زيغ) إنني شديد الإيمان بروح ديانتي المسيحية ومبادئها ومثالياتها, والمحبة التي تعم العدو والصديق هي لباب هذه الديانة, وبدونها تنحط الديانة الي شعائر جوفاء, ويضيف في مقدمة واحد من مؤلفاته قائلا: لئن وجبت علي إذن محاربة التعصب الذميم ومصدره ـ وهو التفكير الذاتي ـ فالمسيح يدعوني صراحة قبل أن أفكر في إخراج القذي من عين سواي, ان أجتهد أولا في اخراج الخشبة التي في عيني أنا.
ومن أقواله التي يجب أن نكتبها بحروف من نور لكونها الترياق الذي يمكنه أن يحمي الأمة ويصون وحدتها:
- لئن كنت أنصفت الإسلام ـ في كتاباتي ـ فليس ذلك من منطلق التخلي عن مسيحيتي بل من منطلق الإخلاص لها والتمسك بجوهرها وأخلاقياتها..
ـ يتعين أن أواصل كفاحي لمحو الأمية الفكرية وإلا كنت مقصرا في حق ضميري, وديني وموضوعيتي الفكرية وانتمائي الوطني والقومي والإنساني.
ولد نظمي لوقا في مدينة دمنهور في عام 1920، وتوفي في القاهرة في عام1987.حصل على شهادة إتمام المرحلة الابتدائية في مسقط رأسه، ثم على شهادة إتمام الدراسة الثانوية من الإسكندرية، ثم التحق بجامعة القاهرة، وحصل على ليسانس الآداب، قسم الفلسفة (1940)، كما حصل على ليسانس مدرسة الحقوق الفرنسية بالقاهرة، ثم واصل دراسته العليا، وحصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة.
عمل مدرسًا بالمدارس الثانوية في مدينتي السويس والإسكندرية، وأستاذًا للفلسفة بكلية المعلمين بالقاهرة، ثم بكلية الآداب، جامعة عين شمس.وكان عضوًا بنادي القلم الدولي، وعضوًا باتحاد كتاب مصر، وعضوًا باتحاد الكتاب العرب.
له ديوانان من الشعر: «أشباح المقبرة» - القاهرة 1939، و«كنت وحدي» - القاهرة 1940 (وهو مطولة ذات طابع ملحمي مكونة من عدة أناشيد)، وله قصائد نشرت في مجلة الثقافة (القاهرة)، منها:«اليتم العميق» - يناير 1974و«أشباح المقبرة» - فبراير 1976.وله عدد من الأعمال القصصية، منها: «الابنة الحائرة »- مطبعة النيل - المنصورة 1981 و«عذراء كفر الشيخ» - دار المعارف - القاهرة 1979، وله عدد من المؤلفات، منها: «محمد: الرسالة والرسول» - مطابع دار الكتب الحديثة - القاهرة 1959، و«محمد في حياته الخاصة» - دار الهلال - القاهرة 1969، و«عمرو بن العاص» - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1970، و«أبوبكر حواري محمد» - دار الهلال - القاهرة 1971، الله: وجوده ووحدانيته بين الفلسفة والدين - مكتبة غريب - القاهرة 1982، و«أنا والإسلام»، و«وا محمداه»،«الله: الإنسان والقيمة»، وله عدد كبير من الترجمات، منها: «الأفق الضائع»: جيمس هيلتون - دار الهلال - القاهرة 1955، و«ثلاثية نجيب محفوظ»: الأب جاك جومييه - مكتبة مصر - القاهرة 1959، و«أهداف التربية»: الفريد نورث هويتهيد - الشركة العربية للطباعة والنشر - القاهرة 1958، و«رحلة في دنيا المستقبل»: أندريه موروا - 1962، و«آلام فرتر: جوته» - دار الهلال - القاهرة 1977، و«الوصول إلى السعادة»: برتراند رسل - كتاب الهلال - عدد 32 - القاهرة 1977، و«سيمفونية الرعاة»: أندريه جيد - دار الهلال - القاهرة 1978، و«الليالي البيضاء»: ديستوفسكي - دار الهلال - القاهرة 1980، و«تفسير الأحلام»: سيجموند فرويد - كتاب الهلال - القاهرة - 1962، و«رقصة الحياة» - البعد الآخر للزمن: إدوارد د.ت. هول - دار كتابي - القاهرة (د.ت)، وله عدد من المقالات نشرت في صحف عصره.
وسوف أقدم في هذه المقالة قراءة سريعة لكتاب الدكتور نظمي لوقا محمد الرسالة والرسول الذي صدرت طبعته الأولى بالقاهرة في عام 1959 عن مطبعة دار الكتب الحديثة
الهدف من تقديم هذا الكتاب – الذي أدعو الجميع لقراءته - هو الدعوة لكل المؤمنين المتدينين – وغير المؤمنين أيضا – بعدم التعصب، والتحلي بالموضوعية والنزاهة في فهم أي رأي أو معتقد أو مذهب مغاير. والإيمان بأن التنوع هو سنة الحياة ، وإن الاختلاف بين البشر هو أمر طبيعي وإيجابي، فليحترم كل منا معتقد الآخر وليختلف معه بشكل متحضر دون الإدعاء بأن أحدنا يمتلك الحقيقة المطلقة. ولست أجد خيرا من القول الإسلامي المأثور: ( لنتعاون في ما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه).
يقع الكتاب في 192 صفحة،وينقسم الى ثمانية عشر عنوانا بالاضافة الى تقديمات لكمال الدين حسين والعلامة الشيخ أمين الخولي والمفكر فتحي رضوان.
من اللافت أن المؤلف يبدأ كتابه بأية كريمة من القرآن الكريم ومقولة مأثورة لأرسطو، ليؤكد من البداية حرصة على الإنصاف والموضوعية، لاتأخذه في ذلك لومة لائم، أما الأية فهي قول الله تعالى في سورة آل عمران:( وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ) وأما مقولة أرسطو فهي: ( أفلاطون حبيب إلى نفسي، بيد أن الحقيقة أحب إلى نفسي من أفلاطون)
في مقدمة الكتاب يوضح الكاتب الأسباب الذى دفعته الى تأليف هذا الكتاب، فيقول:
من يغلق عينيه دون النور يضير عينيه ولا يضير النور، ومن يغلق عقله وضميره دون الحق يضير عقله وضميره ولا يضير الحق، فالنور منفعة للرائي لا للمصباح، والحق منفعة وإحسان للمهتدي به لا إلى الهادي إليه،وما من آفة تهدر العقول البشرية كما يهدرها التعصب الذميم الذي يفرض على أذهان أصحابه وسرائرهم ما هو أسوأ من العمى لذي البصر، ومن الصمم لذي السمع، لأن الأعمى قد يبقى بعد فقد البصر إنسانا، والأصم قد يبقى بعد فقد السمع إنسانا، أما من اختلت موازين عقله أو موازين وجدانه، حتى ما يميز الخبيث من الطيب فذلك ليس بإنسان بالمعنى المقصود من كلمة إنسان.
وبهدي من هذا النهج وجدت من واجبي أن أكتب هذه الصفحات، موقنا أن الإنصاف حلية يكرم بها المنصف نفسه قبل أن يكرم بها من ينصفهم.
وليس الإنصاف مزية لصاحبه إلا حينما يغالب الحوائل، كالعقائد الموروثة، والتقاليد السائدة . . . .أما حين يوافقها فما أهون الإنصاف: ( ولولا المشقة ساد الناس كلهم ) كما يقول أبو الطيب،وأوشك أن أقول على غراره ( لولا العصبية أنصف الناس كلهم).
فما أحوجنا في هذا العالم المضطرب الذي تقسمت فيه الناس معسكرات متقاتلة من المذاهب والعقائد التي صبغت كل منحى من أنحاء الحياة أن نسعى للقضاء على آفة العصبية، ونتعود الإنصاف، إنصاف الخصم وكأنه صديق، فالمنصف إنما يعنو للحق، ويعنو لنوره في العقل، فيشهد لنفسه بالفضل وحسن الرأي حين يؤدي لذي الحق حقهمهما اشتجر الخلاف أو لج الخصام.
وما أرى شريعة أدعى للإنصاف ، ولا شريعة أنفى للإجحاف والعصبية من شريعة تقول:
‘ ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا’ فأي إنسان بعد هذا يكرم نفسه وهو يدينها بمبدأ دون هذا المبدأ، أو يأخذها بديدن أقل منه تساميا واستقامة؟
أجل نعدل ولا نجور، فذلك حق أنفسنا علينا، وحق عقولنا علينا، وحق ضمائرنا علينا، قبل أن يكون حق هذا من الناس أوذاك.
وما أرى الشانئ( الكاره) يضير خصمه حين يجور عليه في الحكم عليه،إلا كما يفقأ امرؤ عين نفسه كي لا يرى من يسوؤه مرآه . . . ولست أحب ذلك لأحد، بل إني أرى مستقبل هذه البشرية منوطا باحترام العقل، وتقصي العدل، وإنصاف الخصم ، حتى يرجع بنو حواء أخوة يختلفون في مودة، ويتباعدون في تقارب، ويفيئون في نهاية كل مطاف إلى نور الله الذي كرمهم به، وهو الحق والعدل.
وإني لأسأل من يستكثر الإنصاف على رسول أتى بغير دينه، أما يستكثر على نفسه أن يظلمهاإذ يحملها على الجحود والجور.
و لست انكر ان بواعث كثيرة فى صباى قربت بينى و بين هذا الرسول ، وليس فى نيتى ان انكر هذا الحب او اتنكر له ، بل انى لاشرف به و احمد له بوادره و عقباه ...
ولعل هذا الحب هو الذي يسر لي شيئا من التفهم، وزين لي من شخص هذا الرسول تلك الصفات المشرقة، وجعلني أعرض بوجداني عن تلك النظرة الجائرة التي نظر بهاكثيرون من المستشرقين وغيرهم إلى الرسول العربي، ولكني حين أحتكم إلى العقل، أرى الخير كل الخير فيما جنحت إليه.
فلخير مَن يشوه المشوهون كل جميل وكريم من مفاخر البشرية المثخنة بالقروح والمخزيات؟ ولخير مًن يثلب الثالبون كل مجيد من هداة هذا الجنس الفقيرإلى المجد ؟ ألا إن كل محب للبشر ينبغي أن يكون شعاره دوما:
مزيدا من النور، ومزيدا من العظمة، ومزيدا من الجمال، ومزيدا من البطولة والقدوة !
وبدافع من حب البشرية أقدمت على تسطير هذه الصفحات، وسيان بعد هذا أن يقول عنها القائلون :إنها شهادة حق، أو رسالة حب، أوتحية توقير وتبجيل، فما كان كآحاد الناس في خلاله(صفاته) ومزاياه، وهو الذي اجتمعت له آلاء الرسل، وهمة البطل، فكان حقا على المنصف أن يكرم فيه المثل، ويحيي فيه الرجل.
يعرض المؤلف في الفصل الأول جانبا من طفولته في مدينة السويس تحت عنوان صبي في المسجد، ويكشف في هذا الجزء مدى التسامح والتعايش المشترك الرائع بين المسلمين والمسيحيين، ومدى انفتاح رجال الدين وسعة أفقهم ، وقبولهم الآخر. يقول المؤلف في ذلك:
(في مدينة السويس الصغيرة سنة 1966، لم يكن أحد من أهليها يجهل من الشيخ سيد البخاري، إمام مسجدها وعالمها وفقيهها، يجلونه ويرهبونه، فإن له لعلما ورأيا. وإن فيه لشجاعة في الحق ، ودراية في المنطق . . . ولم يكن أحد من أهليها يجهل كذلك الصبي الصغير ابن ذلك الموظف النازح إلى السويس، فيه وسامة وأناقة، وفي لسانه عذوبة وذلاقة . . . وإنهم ليعرفونه رجلا قبطيا صليبة يؤم الكنيسة يوم الأحد.
وفي مدينة كالسويس يتساءل الناس عن النازحين إليها والغرباء من الطارئين، وهم يعرفون أن لهذا الموظف والد الصبي أرومة معرقة في صناعة القسوس، فكم له من جد من ذوي الطيالس السود والعمائم السود . . . فلا شك إذن في قبطية هذا الصبي الذي يرونه كل يوم يؤم مسجدهم الحنيف مع الإمام العالم الشيخ .
يتابع المؤلف في مكان آخر قائلا: ( وكان والد الفتى – أكرم الله مثواه – شديد الولوع بالفصاحة والفصحاء. . .وآمن أن ولده البكر ينبغي أن يصيب من ينابيع الضاد وبلاغتها أكبر حظ مستطاع، ورأى هزال ما يتاح لطلاب المدارس من ذلك كله، فعهد بولده إلى ذلك الشيخ الذي التقى به في دكان الحلاق فبهرته منه شخصية مشرقة، وذهن رحب، وسماحة ما كان يتوقعها في أحد الشيوخ فقد سمعه يستشهد أمامه بآيات من الإنجيل).
ويقص المؤلف موقفا رائعا لشيخه الشيخ البخاري يعكس مدى استنارة هذا الشيخ وسمو عقله وفكره، يقول:
(سمع الفتى واعظا مشهورا حضر إلى المدينة واحتشد القبط لسماعه احتشادا مشهودا، فإذا بعظاته كلها تنديد بطائفة البروتستانت، سماهم الذئاب الخاطفة، وحض على اختصامهم، فلا يحل لقبطي أن يصافح منهم أحدا أو يرد عليه السلام!. . .
وصورت المخيلة الناشطة له أولئك الناس ذوي أنياب كاشرة ومخالب كاسرة وذهب إلى شيخه بذلك الحديث فزعا.فاغتم الشيخ وقال أواثق أنت مما سمعت يا بني؟
- كل الثقة يامولاي.
- - أعوذ بالله إن مسيح هذا الواعظ ليس مسيح الناصرة بلا جدال، فالمسيح الناصري يقول أحبوا أعداءكم، وباركو لاعنيكم، . . . كبرت كلمة تخرج من أفواههم، لإقرأ إنجيلك يا بني وافتح له بصيرتك، واصدد عن مفسري السوء ما استطعت. ووعي الفتى درس شيخه، فتزوج بعد عقد ونصف إحدى بنات ((الذئاب الخاطفة)) المزعومين.
ذلك هو الجو الذي عاشه نظمي لوقا، لم تعرف مصر وقتها فرقا أو تمييزا بين المسلم والمسيحي، لم يعرف القاموس المصري في ذلك الوقت مفاهيم التعصب والإنضواء تحت لواء الجماعة أوالطائفة الدينية.
ولقد وضع هذا الفيلسوف يده علي البيئة التي يتفشي فيها هذا الداء العضال, أقصد التعصب, وهي البيئة التي يعيش فيها العامة الذين يراهم أشد خلق الله عبودية لما ألفوا.. وتلك هي الطامة الكبري, فيذكر أنه قد لفت نظره أن( العامة) علي اختلاف أديانهم ومللهم ونحلهم, في كل مكان من أرجاء الدنيا لا ينبيء عن عاميتهم الفكرية شيء مثل غلبة التعصب الأعمي عليهم.. وأن منشأ هذا التعصب هو الجهل بديانات الآخرين دائما, بل جهلهم بدياناتهم أنفسهم ولبابها الخلقي في الوقت نفسه. والحق أنه قد استقر في نفس هذا الفيلسوف أن الاستنارة الفكرية ومعرفة سمات الديانات المخالفة علي حقيقتها لا تضير الإيمان الذاتي, بل تجعله صافيا صفاء النور, لا معتما بدخان الجهل الداكن الذي ينقدح منه الشرر وقد تنشب منه الحرائق.
وبرغم أن مغالطات كثيرة قد عكرت صفو الدكتور نظمي لوقا, فحسبه كل فريق علي هواه, لكنه أعرض عن هذا كله, وتمسك بقناعته التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها وهي أن الذي يثبت علي ديانته وهو جاهل بحقيقة ديانة أخري تعشش في نفسه الأساطير والأراجيف عن الديانة المخالفة, فينزلق الي ازدرائها مهما تظاهر بمجاملة معتنقيها, وذلك ـ حسبما يقول ـ ضرب من الظلم لا يليق بمتدين حقيقي غير مكتف بمظهرياته.. ثم أنه آفة نفسية وفكرية تحدث آثارها البعيدة في حياته كافة.. وبرغم ما لقيه فيلسوف التعبيرية المصرية من عنت شديد في حياته الأكاديمية والحياتية والفكرية, ومن صدود ونكران الي حد أنه اعتقد للحظة أنه إنما يكتب علي الماء! إلا أنه ظل وفيا لبنات أفكاره ومستحضرا ـ طوال الوقت ـ صورة استاذه سقراط الذي كان يعتقد أن( الرذيلة جهل) أي جهل بحقيقة الفضيلة.. وأنه يكفي القضاء علي الجهل بالفضيلة كي تتلاشي الرذيلة.. وأحسب أن الدكتور نظمي لوقا, كان يعلم يقينا أن حاله أشبه بالقابض علي الجمر, وبرغم ذلك لم يضعف أو يلين في مواجهة الجامدين والمتعصبين الذين ملأوا الدنيا ضجيجا( في زمانه), ولايزال أحفادهم يفعلون نفس الصنيع( في زماننا)
ــــــــــــــــــــ
أهم المراجع
سعيد اللاوندي ، ابحثوا معي عن نظمي لوقا في أحداث نجع حمادي، مقال بجريدة الأهرام القاهرية، 26 يناير 2010.
معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين، الصادر عن مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين، الكويت.
نظمي لوقا، محمد الرسالة والرسول، مطبعة دار الكتب الحديثة،القاهرة، 1959.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: