سلوك المرض: بحث مختصر في علم الاجتماع الطبي 2 / النماذج النظرية المفسرة
د - حسني إبراهيم عبد العظيم - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6926
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
النماذج النظرية المفسرة
قدم علماء الاجتماع الطبي العديد من النماذج النظرية لتفسير سلوك المرض، منها على سبيل المثال، نموذج التحليل الوظيفي لبارسونز والنموذج التفاعلي لفريدسون والنموذج الاجتماعي النفسي لسوشمان، والنموذج الثقافي لزولا، بالإضافة إلى النموذج الاقتصادي والنموذج الجغرافي.(Young 2004:2)
ونظرا لتعدد المداخل النظرية وتنوعها، فإنه لا يمكن الاعتماد على نموذج واحد فقط في تفسير سلوك المرض، ولذا فإن الدراسة سوف تعتمد على أربعة نماذج في تفسير الظاهرة، تمثل أبرز النماذج وأكثرها حضوراً في الخطاب السوسيولوجي المتعلق بسلوك المرض، نظرا لتعاطيها مع معظم المتغيرات المرتبطة بظاهرة سلوك المرض، واهتمامها بالأبعاد المنهجية المتعلقة بالتعامل مع الظاهرة، وهذه النماذج هي:
− نموذج ديفيـــد ميكانيك. ـــ نموذج إدوارد سوشمان.
− نموذج بيدل وزملائه.
نموذج ديفيد ميكانيك
قدم "ديفيد ميكانيك" نموذجاً نظرياً متكاملاً حول سلوك المرض، ويمثل هذا النموذج بناءً تأسيسياً شُيدت عليه كل الجهود النظرية التالية، حيث انطلقت كل النماذج الأخرى من الافتراضات التي نهض عليها نموذج "ميكانيك".
ينطلق "ميكانيك" من قضية أساسية وهي أن دراسة سلوك المرض لا تتضمن فقط أولئك الأفراد الذين يبحثون عن الرعاية الصحية، وإنما تتضمن بالإضافة إلى ذلك أولئك الذين لايبحثون عنها، حيث يؤثر سلوك المرض في مدى الاستفادة من الرعاية الصحية، واختيار مسارات العلاج الممكنة، والاستجابة للمرض بوجه عام. (Mechanic 1978:249-250)
ويحدد "ميكانيك" - في البداية - بعض الاعتبارات المنهجية المهمة في تحليـل سلوك المرض، وهي: (Mechanic 1978:252-255
• البحث عن الرعاية الطبية كمتغير سلوكي:
ثمة طريقة مهمة لفهم الأسباب التي تدفع الناس للبحث عن الرعاية الصحية بمختلف أشكالها، وهي عزل السمات السلوكية وفحص ارتباطاتها وتطورها الاجتماعي، ويمكن أن تقاس هذه السمات بصورة مباشرة من خلال الاستجابات اللفظية كمقياس الميل نحو البحث عن المساعدة الطبية لدى الطبيب النفسي، ويمكن أن تقاس بصورة غير مباشرة انطلاقاً من الحقيقة التي مؤداها أن بعض الأفراد يبحثون عن المساعدة الطبية، في حين لايقوم الآخرون بذلك.
• تفاعل المتغيرات المستقلة:
يمثل المسح الوبائي epidemiological survey واحداً من أشهر المداخل في دراسة البحث عن المساعدة الطبية، حيث يمكننا من تحديد الفئات الاجتماعية التي تبحث عن العلاج، ويمكن من خلال ذلك المسح فحص سمات الذين يبحثون عن الرعاية الصحية، والكشف عن اختلاف تلك السمات عن سمات الذين لا يبحثون عنها، ويؤدي ذلك إلى استكشاف المتغيرات المتفاعلة، والنماذج الأكثر تعقيداً في سلوك المرض.
• بناء نسق الخدمة الصحية:
من المداخل المنهجية المهمة في تحليل سلوك المرض فحص بنية المنظمات التي تقدم الرعاية الصحية، والكشف إلى أي مدى تقوم هذه المنظمات إما بتشجيع جماعات معينة على الاستفادة من خدماتها، أو وضع العقبات أمام هذه الجماعات لعدم الاستفادة. وقد تكون العقبات ناتجة عن الموقع الجغرافي للمؤسسة، وعوائق اقتصادية وإدارية، أو وجود مسافة اجتماعية بين المريض والطبيب، وأيضا الوصمة Stigma المرتبطة بالبحث عن بعض أنواع العلاج، وكذلك الطريقة التي تقيّم بها المنظمات والممارسون أعمالهم وتدير بها جهودهم.
• دراسة تفسير المرض:
تمثل دراسة تفسير المرض إحدى الاعتبارات المهمة في تحليل الاستجابة للأعراض المرضية، حيث إن طريقة إحساس الأفراد بالمرض وإعطائهم أهمية له تلعب دورا مهماً في سلوك المرض. وقد كشفت نتائج البحوث المتعلقة بسلوك المرض أن الأفراد يكونون أكثر اتجاهاً نحو طلب الرعاية الطبية عندما يضطرب أداؤهم العضوي الوظيفي المعتاد أكثر من تأثره بطبيعة الأعراض المرضية التي يعانون منها.
وبعد أن يحدد "ميكانيك" تلك الاعتبارات المنهجية المهمة، يتناول بالتحليل أبرز العوامل التي تؤثر في سلوك المرض، والتي توصل إليها من خلال دراساته العديدة لهذه الظاهرة.
يؤكد "ميكانيك" بداءة أن الخبرة المرضية تتشكل من خلال عوامل اجتماعية – ثقافية، وعوامل اجتماعية – نفسية، بغض النظر عن أبعادها الفسيولوجية أو الوراثية أو أية أسـس عضوية أخرى. (Mechanic 1986:1)
ويرصد "ميكانيك" عشـرة متغيرات تؤثر في عملية ســـــلوك المرض، وهي: (Mechanic1978: 276-287)
1- ظهور الأعراض Salience of symptoms
يعتمد إدراك الفرد للأعراض المرضية على مدى ظهورها ووضوحها، فبعض الأعراض تظهر بصورة عنيفة مثل المغص الحاد، والصداع الشديد، والحمى القوية، وبعض الأعراض الأخرى لا تتم ملاحظتها مثل المراحل المبكرة من السرطان، ومرض الدرن، وارتفاع ضغط الدم وتستلزم فحوصاً خاصة للكشف عنها؛ ولذا فإن إدراك الأعراض والاستجابة لها تختلف لدى الأفراد الذين يدركونها بصورة مباشرة عن الأفراد الذين يحتاجون لأدلة قاطعة على وجودها. وقد أكد معظم الدراسات أن ثمة ارتباطاً بين ظهور الأعراض ووضوحها، وسرعة الاستجابة لها.
ويعتمد تدخل المحيطين بالمريض كالأسرة والأصدقاء وبعض الأفراد الآخرين في المجتمع المحلي في حَثِّ المريض على طلب الرعاية – خاصة في بعض الأمراض الموصومة Stigmatized - على تفسيرهم للأعراض وإدراكهم لانحراف المريض عن التوقعات الاجتماعية.
2- إدراك خطورة الأعراض Perceived seriousness
يلعب متغير إدراك خطورة الأعراض دوراً مهماً في سلوك المرض، سواءً من وجهة نظر الآخرين other defined أو من وجهة نظر المريض ذاته self definedويقصد ميكانيك بإدراك خطورة الأعراض تقدير مدى الخطر الناجم عن المرض في الوقت الراهن وفي المستقبل.
ويرى "ميكانيك" أن تقدير خطورة الأعراض يعتمد على رؤية الآخرين وتقديرهم لدرجة الخطر ورد فعلهم تجاهه. فإن العديد من الأعراض قد لا يهتم بها الفرد، لإنها تبدو للآخرين أموراً معتادة وغير مؤذية، بينما يسعى المريض للعلاج إذا أحسٍ أن ثمة تهديداً أو أذى قد يلحق سمعته أو سمعة عائلته، أو يسبب لهم أذى مثل مرض "جنون العظمة"paranoid
3- مدى تعطيل المرض للأنشطة الاجتماعيةExtent of disruption of activities
ثمة ارتباط وثيق بين إدراك خطورة المرض ومدى تعطيل المرض للأنشطة الاجتماعية. ويمثل المرض تعطيلاً لعمل المريض وكافة أنشطته الاجتماعية، ولذلك فهناك علاقة واضحة بين تأثير المرض على الأنشطة الاجتماعية وسرعة الاستجابة للمرض، سواء من جانب المريض أو من جانب الآخرين.
فبالنسبة للمريض فالأعراض التي تعطل الأنشطة المعتادة له، وتسبب له القلق والألم والإزعاج والصعوبات الاجتماعية، فإنه يستجيب لها بطريقة أسرع من الأعراض التي لا تسبب كل هذه المشكلات، وبالنسبة للأفراد الآخرين فإنهم يحُثُّون المريض على الاستجابة للأعراض التي تؤثر على السياق الاجتماعي لهم وتعوق أنشطتهم الروتينية، فالشخص الذي يتناول الخمر بشراهة داخل منزله ولا يسبب إزعاجاً للآخرين لا يهتم به الناس بنفس درجة اهتمامهم برجل آخر يؤدي إدمانه إلى تعطيل النشاط الاجتماعي لهم، ويهدد مصالحهم العامة.
4- تكرار الأعراض واستمرارها Frequency and persistence
يعتمد تعريف المرض والاستجابة له على تكرار الأعراض واستمرارها، فكلما شعر الشخص بالمرض بصورة متكررة الحدوث – مع ثبات العوامل الأخرى السابقة – يستدعي ذلك السعي من أجل الحصول على الرعاية الطبية, إن تكرار الشواهد المرضية يعني أن ثمة خطراً قائما يستدعي التدخل الطبي السريع، والحقيقة أن الفرد يرى أن الأعراض تستحق البحث عن العلاج إذا كانت هذه الأعراض قاسية ومستمرة ولا تخف آلامها.
5- درجة التساهل تجاه الأعراضTolerance threshold
تتباين درجة تساهل (أو تجاهل) الفرد والآخرين نحو الأعراض المرضية تبايناً واضحاً، فالحقيقة أن بعض الأسر عندما تلاحظ أية مؤشرات خفيفة على المرض تسارع في البحث عن العلاج، في حين لا تتجه بعض الأسر الأخرى إلى البحث عن العلاج إلا عندما تظهر أعراض صارخة blatant تؤكد وجود المرض، والأمر كذلك بالنسبة للأفراد، حيث يختلفون فيما بينهم من حيث قدرتهم على الصبر على الألم stoicism .
وتلعب الفروق الثقافية دوراً مؤثراً في مدى التساهل إزاء صور السلوك غير السوي التي تبدو على بعض الأفراد، كما يتأثر التساهل نحو الأعراض المرضية ببعض العوامل الأخرى مثل ارتباط السلوك بالتوقعات العامة المقبولة من الآخرين، والاتجاهات والميول نحو الشخص الذي تبدو عليه الأعراض، ومدى وعي الأفراد واتجاهاتهم نحو البدائل المتاحة للمرض. وهناك حدود للتسامح مع أعراض المرض، فالأعراض التي تتعذر السيطرة عليها، والتي لا يمكن التنبوء بنتائجها عادة ما تضطر الجماعة إلى التصرف السريع تجاهها.
6- أسس التقييمBases of appraisal
تعتمد الاستجابة للمرض (النفسي خاصة) على المعلومات والافتراضات الثقافية للقائم بعملية التقييم، سواء أكان المريض أم الآخرون المحيطون به، فاعتماداً على معلوماتهم يقّيم الأشخاص الأعراض المرضية ويستجيبون لها بطريق متباينة، وقد كشفت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين ينتمون لجماعات اجتماعية عالية المكانة يذهبون للعلاج بنصائح من أسرهم وأصدقائهم، وأحياناً يذهبون من تلقاء أنفسهم، أما الأشخاص المنتمون لجماعات متدنية المكانة والذين يشكلون غالبية مرضى المستشفيات العامة، فإنهم يذهبون للعلاج بطريقة إجبارية عن طريق الشرطة والمحاكم والمؤسسات الاجتماعية الأخرى، وقد كشفت الدراسة عن مدى تأثير الوعي والمعرفة بمؤشرات المرض كعوامل دافعة للبحث عن العلاج، فأبناء الطبقتين العليا والمتوسطة لديهم معلومات ومعرفة أكبر من أبناء الطبقة العاملة فيما يتعلق بتطور المرض، كما أن لديهم وعياً أعلى بأحدث التطورات العلاجية، ويتمتعون بمعرفة جيدة بأعضاء الجسم وآليات عملها.
7- أسباب الإنكارNeeds for denial
ثمة نوعية من الأمراض تدفع أفراد الأسرة إلى إنكارها أو إخفائها عن الآخرين، من هذه الأمراض الاضطرابات النفسية، فالزوجة تخفي حالة الاضطراب النفسي أو العصبي أو العقلي لزوجها، وتحاول أن تظهر للآخرين أنه في حالة جيدة، بسبب نظرة المجتمع للمرض العقلي باعتباره وصمة stigma ولذلك فإن ميكانيزم الإنكار قد يساعد في بعض الأحيان على الاحتفاظ المؤقت بالتوازن، ولكنه في أحيان كثيرة قد يتسبب في تعقيد الحالة، وتأخير فرص الشفاء نتيجة للتأخر في العلاج.
وقد يلجأ أفراد الأسرة إلى إنكار سبب المرض في حالات حدوث مرض أو عجز للطفل نتيجة إهمال والديه، فالإنكار هنا يمنح تبريراً منطقياً لحدوث العجز، كما تحاول الأسرة إخفاء الطفل المعوق عن أنظار الناس، باعتبار أن ذلك يؤثر على الوضع الاجتماعي للأسرة.
8- الحاجات المتناقضة competing needs
تواجه الأسرة متطلبات عديدة تعد الرعاية الصحية إحداها، وفي أحيان كثيرة تقف الأسرة موقف الموازن بين الحاجات التي قد تبدو متناقضة أو متصارعة. وقد تفضل الأسرة بعض الأمور الحياتية على طلب الرعاية الصحية، فالأب على سبيل المثال يفاضل بين الاستمرار في عمله لضمان الدخل الثابت لأسرته على البقاء في المنزل أو الاتجاه نحو طلب الرعاية الصحية التي يحتاجها بقوة، كذلك قد يفضل الأب تلبية حاجات أبنائه الطبية على حاجته هو إليها، وفي أحيان كثيرة قد يفضل المرء تلبية حاجات متعددة عن طلب الرعاية الطبية؛ نظراً للظروف الاقتصادية القاسية التي تمر بها الأسرة، وقد لا يجد الأب المال اللازم للذهاب إلى الطبيب وشراء الدواء.
9- التفسيرات البديلةalternative interpretations
يلجأ الأفراد المحيطون بالمريض – خاصة في حالة المرض النفسي – إلى مجموعة من التفسيرات البديلة للمرض، فعادة ما يفسر الناس هذه الأعراض بأنها لا تنطوي على شئ غير معتاد، وأنها قد تكون نتيجة للعمل الشاق، وقد تستمر هذه التفسيرات فترة من الزمن، ولكن عندما تظهر الأعراض بقوة فإن هذه التفسيرات لا تصمد كثيراً؛ لأنها تبريرات غير منطقية.
والحقيقة أن المعاني التي يضفيها الأشخاص على أعراضهم المرضية تعد نتيجة لمواقفهم الحياتية، فالأفراد الذين يعملون لساعات طويلة، يُتوقع أن يصيبهم الإرهاق، ولذا فمن المحتمل ألا يرون أن الإرهاق مؤشر على المرض، كذلك يعزو الأشخاص الذين يؤدون أعمالاً بدنية شاقة بعض الأعراض مثل آلام الظهر backache إلى طبيعة عملهم، ولا يعتبرونه حالة مرضية.
10 - إمكانية الحصول على العلاج Accessibility of treatment
تعتمد الإفادة من أساليب العلاج والمفاضلة بين التسهيلات الممكنة على مدى توفرها النسبي، وإمكانيات الشخص على الاستفادة منها، فكلما زادت العراقيل أمام الحصول على الخدمة الطبية، كلما قل الاعتماد عليها، والبحث عن مصادر أخرى للعلاج، وتتضمن العراقيل التي تحول دون الحصول على الخدمة الصحية: التكاليف المالية، الوقت، الجهد، الارتباك والحرج، كما أن ضعف التيسير الذي يواجهه المريض، والوصمة والهوات الناتجة عن حالته، ربما تمثل تكاليف باهظة، أو عراقيل تحول دون الوصول للخدمة.
وثمة تأثير للقرب المكاني للمستشفى على معدلات التردد عليها، فالأشخاص القاطنون بالقرب من المستشفى يكونون أكثر استفادة من خدماته من القاطنين في مناطق بعيدة عن المستشفى، ويؤكد ميكانيك على أهمية عامل الاقتناع في الاستفادة من الخدمة الصحية، حيث أوضحت دراسات الصحة العامة حول المناعة والطب الوقائي أن الاقتناع بتأثير العلاج يمثل عاملاً فاعلاً في مدى بحث المرضى عن التطعيمات العلاجية.
وبعد عرض هذه العوامل العشرة يخلص "ميكانيك" إلى القول إن هذه العوامل أو المتغيرات رغم عرضها بصورة منفصلة إلا أنها على المستوى الواقعي مترابطة ومتفاعلة، ومتكاملة في تأثيرها على عملية الاستجابة للمرض.
كانت تلك أهم ملامح النموذج الذي قدمه "ميكانيك" والحقيقة أن ذلك النموذج يعد – كما أشرنا في موضع سابق - بمثابة النموذج المؤسس لكل النماذج اللاحقة، حيث انطلق منه معظم النماذج الأخرى، ورغم تكامل هذا النموذج في تحليل العوامل المؤثرة في سلوك المرض بشكل عام، إلا أن ثمة ملاحظة واضحة وهي أن "ميكانيك" أسرف في التدليل على صدق قضاياه كثيراً بالمرض النفسي، وإن كان ذلك لا ينفي – بطبيعة الحال - قدرة النموذج على تفسير كل أنماط المرض.
نموذج إدوارد سوشمان
ينطلق نموذج"سوشمان" من مفهوم "ميكانيك" عن سلوك المرض بأنه الطريقة التي يدرك بها الفرد أعراض المرض، ويقيّمها ويتصرف حيالها حينما يلاحظ بعض الآلام أو عدم الراحة أو أية مؤشرات أخرى لسوء الأداء العضوي. ويحاول "سوشمان" تحليل سلوك المرض من خلال دراسة الأنماط الاجتماعية المصاحبة للبحث عن الرعاية الطبية والاستفادة منها. (Suchman 1965a:114)
وفي سياق تحليله لسلوك المرض يميز "سوشمان" بين أربعة عناصر مؤثرة في تلك العملية وهي المضمون Content (الســـلوك والأداء) والتتابــع Sequence والتباعد Spacing والتنــــــــــوع Variability(المتعلق بالسلوك) أثناء المراحل المختلفة للاستجابة للمرض. (Suchman 1965a:114)
ويقوم نموذج سوشمان على أساس تحديد مجموعة من المراحل التي يمر بها الشخص أثناء مرضه، حيث يحدد مراحل تفاعل المريض مع المرض ومع الطبيب المعالج وتطورها عبر الزمن، لقد شيد "سوشمان" نموذجه النظري بناءً على فكرة دور المريض sick role التي صاغها بارسونز، وأضاف إليها الخط الزمني time line للعلاقة بين الطبيب والمريض، ورجوع المريض مرة أخرى إلى ممارسة أدواره الاجتماعية. (Young 2004:11)
ويطرح "سوشمان" قبل تحليله لمراحل الاستجابة للمرض بعض المفاهيم المهمة في تحليل المرض والمؤثرة في سياق سلوك المرض، وهي مفاهيم التسوق Shopping ويقصد به قدرة المريض على الاستفادة من المصادر المتنوعة للرعاية الطبية، وتجزئة الرعاية fragmentation of care ويعني تنــوع الممارسـين الطــبيين في المركـز الطــبي الواحد، والمماطلـــة procrastination وهي تأخر المريض في طلب الرعاية الطبية بعد إدراكه لأعراض المرض، والتطبيب الذاتي self medication ويعني محاولات المريض المتكررة للعلاج الذاتي في المنزل، وأخيراً مفهوم الانقطاع discontinuity وهو توقف العلاج والامتناع عن مواصلة تلقي الرعاية الطبية. (Suchman 1965 a:114)
ويقسم "سوشمان" مراحل الاستجابة للمرض إلى خمس مراحل كالتالي: (Suchman 1965 a:114 - 116)
1 – مرحلة إدراك الأعراض:
يلاحظ المريض في هذه المرحلة أن هناك ضرراً ما قد لحق به، وثمة جوانب ثلاثة تؤثر في إدراك المريض لحقيقة مرضه: الجانب العضوي physical وهو الإحساس بالألم وعدم الراحة، وحدوث تغير في بعض المظاهر الجسدية كالإحساس بالضعف، والجانب المعرفي Cognitive ويقصد به فهم الأعراض الموجودة وتفسيرها، والجانب الوجداني Emotional ويقصد به الخوف أو القلق المرتبط بالتغير العضوي والتفسير المعرفي.
2 – بدء الدخول في دور المريض:
في تلك المرحلة يبدأ المريض في البحث عن وسيلة لتخفيف المرض من خلال الرعاية الذاتية أولاً، حيث يبدأ في تعاطي بعض المُسكّنات أو الأدوية، ويلجأ إلى شبكة العلاقات الاجتماعية المحيطة به كأفراد أسرته وأصدقائه لتلقي نصائحهم، ويسعى للحصول على موافقتهم لممارسة دور المريض بصورة مؤقتة.
3 – مرحلة طلب الرعاية الطبية:
يقرر المريض في هذه المرحلة البحث بجدية عن الرعاية الطبية، إنه القرار بالبحث عن الرعاية الطبية (العلمية) وليست الرعاية الطبية العادية lay care فيعرض نفسه على الطبيب الذي يشخص حالته ويقرر العلاج اللازم، ويكتسب الشخص في هذه المرحلة شرعية دور المريض والبحث بعناية عن علاج لمرضه، ومن جهة أخرى قد يرى الطبيب في هذه المرحلة أن حالة المريض لا تتطلب علاجاً يوجب عليه قيامه بدور المريض، فيقرر أنه قادر على ممارسة مهامه المعتادة، وبالتالي لا يكمل باقي مراحل الاستجابة للمرض.
4 – مرحلة دور المريض الفعلي:
ينقل المريض في هذه المرحلة مسئولية العلاج كلية إلى الطبيب، حيث يقوم الطبيب بكافة جوانب الرعاية الطبية، واتخاذ كافة القرارات المتعلقة بالعلاج كنوعية الطعام الذي يجب أن يتناوله، والأمور التي عليه أن يتجنبها.
5 – مرحلة الشفاء او إعادة التأهيل:
يتخلى الفرد في هذه المرحلة عن دور المريض، ويعود لممارسة أدواره الاجتماعية المعتادة، مثل دوره كأب أو زوج أو صديق . .إلخ.
والملاحظ أن هذه المراحل قد كشفت عن التنوع في سلوك المرض، ورصدت التتابع الزمني Chronicity للمرض، وإعادة تأهيل المريض، كما أنها وضعت إطاراً للعلاقة بين الطبيب والمريض، ولاشك أن الفائدة الإمبيريقية لهذا النموذج واضحة، فقد لاحظ "سوشمان" العلاقة بين شدة الأعراض وخطورتها ودرجة العجز الناتجة عنها من جهة، ومدى القلق واللجوء إلى الطبيب من جهة أخرى. فثمة علاقة طردية بين متغيرات شدة الأعراض وخطورتها والعجز المرتبط بها، ودرجة التواصل مع الطبيب لطلب العلاج. وقد ناقش "سوشمان" كذلك العلاقة بين الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والأسرية للمريض، وجوانب الرعاية الطبية المتمثلة في الإقامة في المستشفى واستمرار الرعاية فيه، والكثافة السكانية للمستشفى. (Young 2004:12)
وفي دراسة تالية طبق "سوشمان" نموذجه النظري في مناقشة العلاقة بين الأبعاد الاجتماعية والإثنية وسلوك المرض، حيث يرى سوشمان أن ثمة صراعاً قائماً بين الأطباء والمرضى ناتجاً عن تباين الفريقين في فهم المرض وتفسيره ومدى ثقة كل فريق في نسق الطب الرسمي، وقد درس "سوشمان" ذلك الصراع من زاوية تأثير الجماعة الاجتماعية على سلوك الفرد تجاه المرض، وقد افترض أن ثمة عوامل اجتماعية – ثقافية تجعل الفرد أكثر ميلاً نحو قبول أو رفض نسق الخدمة الطبية المتخصصة، وبناءً عليه تؤثر في مدى تزايد أو تناقص الصراع المحتمل بين الطبيب والمريض، حيث أن سلوك الفرد بشكل عام يتحدد بناءً على توقعات الجماعة التي ينتمي إليها، ويحمل تقديراً خاصا لها. (Suchman 1965 b:2)
إن ما يؤكد عليه "سوشمان" في هذا السياق هو أن قرار البحث عن المساعدة الطبية يختلف باختلاف السمات السوسيو- ديموجرافية، حيث تؤثر الشبكات الاجتماعية التي ينتمي إليها الفرد في سلوك البحث عن الرعاية الطبية. (Young 2004:12)
ونخلص مما سبق إلى أن "سوشمان" قدم نموذجاً لسلوك المرض، استناداً لمفهومي دور المريض لدى بارسونز، وسلوك المرض لدى ميكانيك، وقد تناول فيه المراحل التي يمر بها المريض أثناء عملية البحث عن المساعدة الطبية، كما تناول بعض العوامل الاجتماعية والثقافية المؤثرة في عملية سلوك المرض.
وقد وُجهت عدة انتقادات لنموذج "سوشمان"، حيث يذكر "يونج" (Young 2004:13)أن "سوشمان" قد تصور دور المريض بطريقة جامدة rigid ولم يكشف عن أنماط التنوع والاختلاف داخله، كما أنه لم يأخذ في اعتباره بشكل كافٍ الطبيعة المنفتحة للشبكات الاجتماعية في المجتمع الحديث.
كما أن نموذج "سوشمان" يفترض الشفاء الكامل للمريض، وتجاهل بعض الأمراض التي لا يتم الشفاء منها كالأمراض المزمنة التي يستمر بعضها طوال حياة المريض (كمرض السكر) ويفضي بعضها إلى الموت (كالسرطان)
والواقع أنه رغم هذه الانتقادات، إلا أن نموذج "سوشمان" – ومن قبله نموذج ميكانيك – كانا بمثابة المعين الذي استقت منه كل الدراسات التالية التي تناولت سلوك المرض، إن نظرة سريعة على التراث العلمي المتعلق بهذه الظاهرة تكشف عن عمق التأثير الذي تركه "سوشمان".
نموذج "بيدل" وزملائه:
يهدف هذا النموذج إلى تقديم إطار تفسيري لعملية سلوك المرض المتعلق بالاضطرابات النفسية، فالاضطرابات النفسية تعد أمراً شائعاً بين البالغين، وترتبط تلك الاضطرابات بالعديد من صور القصور، خاصة فيما يتعلق بالعمل والتعليم والتفاعل الاجتماعي، وفي ذات الوقت كشفت البحوث الوبائية Epidemiological Researches عن انخفاض معدلات الباحثين عن المساعدة الطبية بين الشباب المصابين باضطرابات نفسية، حيث اتضح أن أقل من 17% منهم يبحثون عن الرعاية الطبية. وكشفت الدراسات أن ثمة ارتباطاً بين متغير السن والبحث عن المساعدة الطبية لدى المصابين بهذه الاضطرابات، حيث اتضح أن الأفراد في الفئة العمريـــة من 16 - 24 عاما هم الأقل بحثا عن تلك الرعاية. (Biddle, et.al. 2007:983-84)
ويحاول النموذج الحالي طرح إطار تفسيري ديناميكي لعملية سلوك المرض، وذلك من خلال دراسة ميدانية عميقة على مجموعة من مرضى الاضطرابات النفسية، حاولت فهم خيارات البحث عن المساعدة الطبية، ويتضمن ذلك فهم أسباب عدم طلب المساعدة، وتضمنت عينة الدراسة أولئك الذين بحثوا عن المساعدة، وكذلك الذين لم يبحثوا عنها. واعتمد الباحثون على المنهج الكيفي، حيث تم إجراء مقابلات متعمقة in- depth interviews مع 23 بالغاً (عشرة ذكور وثلاث عشرة أنثى) تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً. وقد استعان الباحثون بالمنهج الكيفي للحصول على سرد تفصيلي detailed narratives لعملية سلوك المرض المصاحبة لتطور الحالة المرضية. وتم إجراء المقابلات في معمل صغير حيث يجلس المبحوث في مقعد مزود بأجهزة سمعية وعارضٍ للبيانات، وقد تراوحت مدة المقابلة بين ساعة إلى ساعتين، وتضمن دليل المقابلة الموضوعات التالية: مفهوم المبحوثين عن المرض النفسي ووجهة نظرهم في أسبابه – رؤيتهم لتشخيص المرض ومدى قابليته للشفاءCurability وتفسيرهم للأعراض واستجابتهم نحوها - إدراك المبحوثين لحاجتهم للمساعدة وجدوى البحث عنها – أسباب البحث عن المساعدة أو عدم البحث عنها، ويتضمن ذلك الحوافز والموانع المحتملة للبحث عن المساعدة الطبية – إدراك مصادر المساعدة الرسمية وغير الرسمية – الارتباط بالأسرة والأصدقاء والأقران – خبرات البحث عن المساعدة الطبية. (Biddle, et.al. 2007:986)
وكشفت نتائج الدراسة عن أن ثمة نموذجاً تصورياً يرتبط بسلوك المرض ويفسر عدم طلب الرعاية الصحية لدى المبحوثين، حيث تنقضي فترات طويلة دون البحث عن المساعدة الطبية، أطلق الباحثون على هذا النموذج مصطلح دائرة التحاشي Cycle Of Avoidance (COA)
وبينت نتائج الدراسة أن هذا النموذج يتشكل من العناصر التالية:
1 - إطار فكري framework يشمل رؤى ومعتقدات أفراد العينة حول المرض العقلي:
يصف المبحوثون ما يعتبرونه مرضاً نفسياً، حيث تحدِد رؤاهم وتصوراتهم الأسس التي ترتكز عليها عملية سلوك المرض، ويتشكل هذا الإطار من رؤى البالغين ومعتقداتهم وتصوراتهم حول المرض النفسي، إذ يتم تصنيف المعاناة النفسية، وتحديد نمط الحالة التي تستلزم المساعدة. ويميز المبحوثون عادة بين فئتين من المرض النفسي لكل منهما سمات متباينة، الفئة الأولى الأوسع، وهي الاضطرابات النفسية المعتادة Normal Distress التي يتعرض لها الفرد في سياق أحداث وضغوط حياته اليومية، ولا تعد هذه الاضطرابات مرضاً أو أمراً خطيراً، ولكنها حالات معتادة ومؤقتة يمر بها الفرد. أما الفئة الثانية فهي الاضطراب النفسي الأصلي أو الحقيقي real or proper الذي يعد أمراً غير معتاد، قليل الحدوث، وغالباً ما يكون دائماً، ويدرك المبحوثون أعراض هذه الفئة باعتبارها مرضاً نفسياً mental illness. وتتضمن تلك الفئة الاضطرابات النفسية الشديدة مثل انفصام الشخصية Schizophrenia والذهان psychosis والاكتئاب الشديد manic depression ويعتقد المبحوثون أن تلك الحالات هي فقط التي تحتاج للتدخل الطبي، حيث لا يستطيع المرضى مساعدة أنفسهم أثناء المرض، أما الحالات المعتادة فتحتاج للتوافق معها coping with ويرى الباحثون أن ثمة هوة عميقة بين هذا الفهم لطلب الرعاية وبين الفهم العلمي له. (Biddle, et.al. 2007:989 - 990)
وتمثل الوصمة Stigma عاملا جوهريا في هذا الإطار، حيث تستخدم العديد من النعوت الموصومة Stigmatizing labels لتصف أولئك الذين يعانون من أمراض نفسية خطيرة، من هذه النعوت: أحمق أو معتوه Screwy مريض بالعقل Ill in the head غريب الأطوار Freak مشئوم Weird مختل العقل nutty كثير الهزيان gibbering وهناك تسامحاً ملحوظاً مع أصحاب الأعراض الخفيفة. (Biddle, et.al. 2007:992)
2-عملية تشخيص عادية lay diagnosis تتضمن محاولة تحاشي الحالة المرضية الحقيقية
تتسم عملية التشخيص بأنها دائرية ومتنامية وتتضمن تفاوضاً متكرراً حول معاني الأعراض المرضية من أجل تجاهل الحالة الواقعية للمرض. وقد سٌئل أفراد العينة عما إذا كانوا يعتبرون الحالة المرضية مجرد عَرَض معتاد، ولذلك فإنهم يولونه اعتبارا بسيطاً minor significance أم يعتبرونها أمراً خطيراً يستلزم اتخاذ إجراء طبي. وتبين أن ثمة مجاهدة من جانب المبحوثين على وضع معاناتهم النفسية في دائرة المعاناة الخفيفة، وهذا بالطبع يؤثر في عملية البحث عن المساعدة. (Biddle, et.al. 2007:992)
إن الطبيعة الخاصة لأعراض المرض النفسي تفرض تحدياً، حيث يجاهد العديد من المبحوثين على تقييم أهمية المشاعر الذاتية غير المنظورة التي تمثل مقدمة للمرض، في حين لا يعتبر البعض الآخر هذه المشاعر أعراضاً على الإطلاق. وتدعم هذه النتائج بعض المناقشات النظرية المبكرة حول سلوك المرض التي أكدت أن لهذا التشخيص بعداً أخلاقياً يتمثل في إنكار أو تأجيل البحث عن العلاج وذلك لتحاشي الاستهجان الاجتماعي Social disapproval
3-التوافق مع الحالة المرضية
يستخدم المبحوثون طائفة من الاستراتيجيات للتطبيع والتوافق مع الحالة المرضية لتيسير عملية التحاشي، فغالباً ما يغير المرضى المعاني المرتبطة بأعراضهم من خلال إظهار هذه الأعراض وكأنها أمر طبيعي معتاد في الحياة اليومية. ويتضح ذلك عندما يقرر المريض أنه لايحتاج مساعدة طبية، وأن هذه الحالة مجرد مرحلة عابرة transient phase وأن الزمن كفيل بعلاجها time would heal ووفقاً لما طرحه "ميكانيك" في نموذجه النظري المتعلق بسلوك المرض، فإن المرض النفسي أكثر قابلية للتطبيع amenable to normalization نظراً لبوادره المتدرجة، واستخدام بعض المصطلحات النفسية كالضغط Stress والاكتئاب Depression في الحيلة اليومية. (Biddle, et.al. 2007:992-993)
وكشفت الدراسة عن مجموعة من الآليات أو الاستراتيجيات التي يستخدمها المبحوثون للتوافق مع المرض، منها استخدام تفسيرات بديلة للأعراض المرضية، وبالتالي محاولة تجاهلها، فعلى سبيل المثال عندما يشعر المراهق بأنه ليس سعيداً ولا يريد أن يرى أحداً ولا يريد أن يفعل شيئاً، فإنه يفسر ذلك بأنه من سمات مرحلة المراهقة وليس بالضرورة أعراض لاضطرابات نفسية. ومن الاستراتيجيات كذلك القيام بكل الأنشطة اليومية رغم المعاناة. (Biddle, et.al. 2007:993-994)
4-عتبة متحركة moveable threshold تحدد الحاجة للمساعدة
غالبا ما تؤجل عملية البحث عن المساعدة حتى يدرك المبحوث أن ثمة معاناة حقيقية تواجهه، ويدرك فشل كل التفسيرات البديلة، ويواجه المبحوث صعوبات حقيقية في حياته، والواقع أن سلوك المرض يعد عملية دائرية مستمرة ومطولة من المحاولات المتكررة للتوافق مع المرض، وتزداد ديناميكية مع شدة الأعراض. ويستلزم ذلك وضع الحدود بين المعاناة الحقيقية والمعتادة، ومع كل دائرة تتحرك العتبة نحو المعاناة الأصلية والبحث عن المساعدة (راجع الشكل التخطيطي) ويدفع تكرار الأعراض العتبة نحو مستويات قاسية من المرض مثل السلوك الانتحاري، سماع أصوات معينة، الانهيار العصبي وغير ذلك من الأزمات المرضية. (Biddle, et.al. 2007:996)
5- المعاني المرتبطة بالمساعدة كأسباب تؤدي لعدم البحث عنها:
يرى المبحوثون أن البحث عن المساعدة ينقل معاناتهم من مجرد اضطرابات خفيفة إلى معاناة حقيقية، ويعني ذلك أن المرض ينتقل من كونه شأناً خاصاً بالمريض وحده إلى أمر عام ومعاناة رسمية، أي أن الشخص قد أصبح رسمياً مريضاً نفسياً، وهذا أمر شديد السلبية. ولذلك فإن عدم البحث عن المساعدة يرجع إلى توقع نتائج سلبية، مثل الوصمة والتأثير على الهوية واضطراب السيرة الذاتية، حيث تُسجَّل تقارير الحالة الصحية في سجلات الطبيب. (Biddle, et.al. 2007:997)
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: