د. حسني إبراهيم عبد العظيم - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4076
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ثالثا: البناء المنهجي لكتاب العِبر
جاءت أفكار ابن خلدون، ورؤاه النظرية الاجتماعية والتاريخية في كتابه الشهير المعنون (كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر) وقد اشتهر الكتاب بين الأوساط العلمية بتاريخ ابن خلدون.
وكتاب العبر سِفر ضخم مكون من مقدمة وثلاثة كتب، وذلك على النحو التالي:
- مقدمة في فضل علم التاريخ وتحقيق مذاهبه والإلماع بمغالط المؤرخين .
- الكتاب الأول في العمران وذكر ما يعرض فيه من العوارض الذاتية من الملك والسلطان والكسب والمعاش والصنائع والعلوم وما لذلك من العلل والأسباب.
- الكتاب الثاني في أخبار العرب وأجيالهم ودولهم منذ مبدأ الخليقة إلى هذا العهد وفيه من الإلماع ببعض من عاصرهم من الأمم المشاهير ودولهم مثل النبط والسريانيين والفرس وبني إسرائيل والقبط واليونان والروم والترك والإفرنجة.
- الكتاب الثالث في أخبار البربر ومواليهم من زناتة وذكر أوليتهم وأجيالهم وما كان بديار المغرب خاصة من المُلك والدول.
وتشتهر المقدمة والكتاب الأول بين الناس بمقدمة ابن خلدون، حيث وضع في هذا الكتاب أسس علم العمران وفلسفة التاريخ، وقد تضمن الكتاب ستة أبواب يتضمن كل باب عددا من الفصول ترتيبها كالتالي:
- الباب الأول: في العمران البشري على الجملة وأصنافه وقسطه من الأرض، وفيه ست مقدمات: الأولى في أن الاجتماع الإنساني ضروري، والثانية والثالثة والرابعة والخامسة في قسط العمران من الأرض، وفي الأقاليم، وتأثير الهواء في ألوان البشر وأخلاقهم، وشؤون معاشهم، والسادسة في الوحي والرؤيا، وفي أصناف المدركين للغيب من البشر بالفطرة أو الرياضة، وفي حقيقة النبوة والكهانة والعرافة.
- الباب الثاني: في العمران البدوي وذكر القبائل والأمم الوحشية، وما يعرض في ذلك من الأحوال. (ويتضمن 29 فصلا)
- الباب الثالث: في الدول والخلافــة والملك وذكر المراتب السلطانية، وما يعرض في ذلك من الأحوال. ( ويتكون من 54 فصلا)
- الباب الرابع: في العمران الحضري والبلدان والأمصار، وما يعرض في ذلك من الأحوال. ( ويتشكل من 22 فصلا)
- الباب الخامس: في الصنائع والمعاش والكسب ووجوهه، وما يعرض في ذلك من الأحوال. (ويحتوي على 33 فصلا)
- الباب السادس: في العلوم وأصنافها، والتعليم وطرقه، وسائر وجوهه، وما يعرض في ذلك كله من الأحوال. (ويشتمل على 60فصلا)
والحقيقة أن كل من طالع مقدمة ابن خلدون أعجب بترتيب موضوعاتها، وتسلسل معانيها، وسهولة أسلوبها، واعتماد مؤلفها على الحس والتجربة في تعليل مسائلها، فهو كلما ذكر ظاهرة اجتماعية حاول البحث عن أسبابها، وأيد ذلك بالمشاهدات والأمثلة الحسية، ويدل تفسيره التجريبي للظواهر الاجتماعية على اعتقاده أن المجتمع الإنساني يخضع لنظام طبيعي، وأن لكل حالة من أحواله عوارض ذاتية، أو أسبابا طبيعية، فليست طريقته إذن طريقة عقلية مجردة، وإنما هي طريقة استقرائية تجريبية تحاول استخراج القوانين العامة من ملاحظة الظواهر الحسية. (جميل صليبا559:1989)
نعم إن بعض المسائل التي تناولها بالبحث لم تُفَسر تفسيرا وضعيا كافيا، كمسألة الوحي، والرؤيا، والخوارق، وحقيقة النبوة، والصفات الإلهية ، إلا أنه لم يسلك في تفسيره منهجا نظريا، إلا لاعتقاده أن الإنسان لا يستطيع أن يدرك بطبيعة فكره الحقائق الإيمانية دون الاستناد إلى الخبر من الواضع الشرعي، فموضوع الدين عنده معرفة الحقائق التي أوحى الله بها، أما موضوع العلم فهو معرفة الحقائق التي يستطيع الإنسان أن يُحَصلها بعقله، دون معونة خارجية، وعلم العمران كغيره من العلوم العقلية يدخل في عداد الأمور التي يستطيع الإنسان أن يدركها بطبيعة فكره. (جميل صليبا559:1989)
تُرى ماهي أهم إسهامات وجهود ابن خلدون في تأسيس علم الاجتماع، هذا موضوع المقال التالي إن شاء الله
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: